لا يشك اثنان في أن التفاؤل يدعو لنبذ الكرب والتعاسة، والتطلع للحياة بوجه أكثر إشراقاً وسعادة، والحصول على علاقات عائلية واجتماعية أكثر قوة ونجاحاً، ولكن، هل يؤدي التفاؤل كذلك لصحة أفضل؟
هذا ما حاول الأطباء معرفته مؤخراً، والجواب على ما يبدو هو بالإيجاب، فجميع الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع في أوروبا والولايات المتحدة، والتي تراوح طولها بين 15 و40 سنة، أجمعت على أن النظرة التفاؤلية في الحياة من شأنها أن تمنح صاحبها وقاية من عدد من الأمراض الخطرة، وتخفض من احتمالات تعرضه لمضاعفات العمليات الجراحية، وحتى من احتمالات وفاته!
ولكن حتى يتمكن الخبراء من إجراء هذه الدراسات، كان لا بد لهم من إيجاد وسيلة لتعيير وقياس هذا الموقف الذهني الذي ندعوه "بالتفاؤل"، وتوصل الاختصاصايون إلى هذه الوسيلة عن طريقتين كانتا تستخدمان من قبل علماء النفس:
- الأولى: تحدد توقعات الشخص الإيجابية حول مختلف نواحي حياته، وتطبق باستجواب رسمي يتألف من 12 سؤالاً.
- الثانية: تعتمد كيفية تفسير الشخص للنبأ الجيد أو السيئ (المتشائم يميل إلى لوم نفسه على الأحداث السيئة، ويعتقد أن ضررها سيصيب كل ما يقوم به من أعمال، ولفترة طويلة من الزمن، بعكس المتفائل الذي يجد في كل حدث وجها إيجابيا، ويفترض أن الخير سيبقى ويطاول كل جوانب حياته).
وباستخدام إحدى الطريقتين، تمكن الاختصاصيون من توثيق تأثيرات التفاؤل الحميدة في كثير من الزوايا الصحية..
* التفاؤل ومرض القلب
أخضع علماء من جامعتي هارفارد وبوسطن 1,360 رجلاً من متوسطي الأعمار لم يصب واحد منهم سابقا بمرض القلب، أخضعوهم للمتابعة الطبية الدقيقة (بما فيها قياس الضغط، والوزن، والكولسترول، والتدخين، واستهلاك الكحول)، كما أعطوا علامات لدرجة تفاؤل كل منهم، وبعد عشرة أعوام وجدوا أن كثيري التشاؤم كان احتمال تولد الأمراض القلبية لديهم خلال فترة الدراسة يعادل ضعف احتمال المتفائلين، وذلك بعد استبعاد كل عوامل الخطورة الأخرى.
وفِي دراسة ثانية، توبع 298 مريضا أجروا عمليات توسيع لشرايين القلب عن طريق القثطرة لمدة 6 أشهر، فتبين أن المتشائمين منهم أصيبوا باحتشاءات قلبية أو اضطروا لإعادة التوسيع أو لإجراء عملية قلبية، بمعدل ثلاثة أضعاف المتفائلين والواثقين من أنفسهم!
ومن طريف ما يذكر في هذا المجال أن إحصاءات الوفاة الناتجة عن نوبات قلبية في فرنسا أبدت الرقم الأكثر انخفاضاً لها بين تاريخي 7 و17 تموز/يوليو عام 1988، وذلك بعد ربح فرنسا لعبة الفوتبول العالمية ضد البرازيل للمرة الأولى!!
* التفاؤل وضغط الدم
في دراسة مشهورة أجريت في فنلندا، تابع الأطباء 616 رجلا ذوي ضغط دم طبيعي لمدة 4 سنوات، فوجدوا أن كثيري التشاؤم منهم كانوا أكثر عرضة من المتفائلين لتولد ارتفاع ضغط دم جديد لديهم خلال هذه الفترة، وبمعدل ثلاثة أضعاف، وذلك بعد أخذ كل عوامل ارتفاع الضغط الأخرى (مثل الوزن والتدخين وإدمان الكحول) بالحسبان.
وفِي دراسة أميركية شبيهة، توبع 2,564 رجلاً وامرأة فوق عمر 65 عاما لعدة أعوام، فوجد أن الذين يتحلون منهم بنفسيات متفائلة كانوا أقل احتمالا للإصابة بارتفاع الضغط من الذين كانوا يتطلعون إلى الحياة بنظرة سلبية، وأن احتمال ارتفاع الضغط كان أعلى كلما كانت توقعات الحياة أكثر سلبية.
* التفاؤل والصحة العامة
في الستينيات من القرن المنصرم، وضع 447 متبرعاً لا يشكون أي مرض تحت المراقبة الطبية، والتي شملت كل نواحي الصحة الجسمية والنفسية، ومن ضمنها درجة التفاؤل، ولمدة 30 عاماً، فتبين أن الذين كانوا يتمتعون بنظرة إيجابية ومتفائلة أنهوا الدراسة وهم أفضل حالا، حسب 8 معايير وضعت لقياس الصحة الجسمية والنفسية، ووجد من هذه الدراسة وغيرها أن التفاؤل يقوي مناعة الجسم، ويحسن من القدرة على تحمل الألم، ويزيد من احتمال الولادات الطبيعية، حتى إنه ينقص من فرص الإصابة بالسرطان.
* التفاؤل وطول العمر
من البديهي أن تؤدي الحياة الصحية لأعمار أطول، وقد ثبت هذا إحصائيا في دراسات أجريت في الولايات المتحدة، وفي هولندا.
ففي أحدث دراسة عن هذا الموضوع في أميركا درس الخبراء شخصيات 6,959 تلميذا التحقوا بجامعة كارولاينا الشمالية في منتصف الستينيات من كل زواياها، وبعد مرور 40 عاما، تبين أن نسبة الوفيات بين المتشائمين منهم كانت أعلى من شديدي التفاؤل بمعدل 42 %.
وفِي واحدة من دراستين واسعتين أجريتا في هولندا توبع 941 رجلا وامرأة بين عمري 65 و85 مدة 9 سنوات، فوجد أن نسبة المتوفين من المتفائلين خلال هذه الفترة كانت أقل من المعدل بنحو 45 %.
اقرأ أيضا:
5 مفاتيح تفتح لك أبواب السعادة
احذر أن يصيبك "عسر المزاج"
12 نصيحة لحياة صحية مديدة
المصادر:
Optimism and your health
The Benefits of Looking on the Bright Side: 10 Reasons to Think Like an Optimist
هذا ما حاول الأطباء معرفته مؤخراً، والجواب على ما يبدو هو بالإيجاب، فجميع الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع في أوروبا والولايات المتحدة، والتي تراوح طولها بين 15 و40 سنة، أجمعت على أن النظرة التفاؤلية في الحياة من شأنها أن تمنح صاحبها وقاية من عدد من الأمراض الخطرة، وتخفض من احتمالات تعرضه لمضاعفات العمليات الجراحية، وحتى من احتمالات وفاته!
ولكن حتى يتمكن الخبراء من إجراء هذه الدراسات، كان لا بد لهم من إيجاد وسيلة لتعيير وقياس هذا الموقف الذهني الذي ندعوه "بالتفاؤل"، وتوصل الاختصاصايون إلى هذه الوسيلة عن طريقتين كانتا تستخدمان من قبل علماء النفس:
- الأولى: تحدد توقعات الشخص الإيجابية حول مختلف نواحي حياته، وتطبق باستجواب رسمي يتألف من 12 سؤالاً.
- الثانية: تعتمد كيفية تفسير الشخص للنبأ الجيد أو السيئ (المتشائم يميل إلى لوم نفسه على الأحداث السيئة، ويعتقد أن ضررها سيصيب كل ما يقوم به من أعمال، ولفترة طويلة من الزمن، بعكس المتفائل الذي يجد في كل حدث وجها إيجابيا، ويفترض أن الخير سيبقى ويطاول كل جوانب حياته).
وباستخدام إحدى الطريقتين، تمكن الاختصاصيون من توثيق تأثيرات التفاؤل الحميدة في كثير من الزوايا الصحية..
* التفاؤل ومرض القلب
أخضع علماء من جامعتي هارفارد وبوسطن 1,360 رجلاً من متوسطي الأعمار لم يصب واحد منهم سابقا بمرض القلب، أخضعوهم للمتابعة الطبية الدقيقة (بما فيها قياس الضغط، والوزن، والكولسترول، والتدخين، واستهلاك الكحول)، كما أعطوا علامات لدرجة تفاؤل كل منهم، وبعد عشرة أعوام وجدوا أن كثيري التشاؤم كان احتمال تولد الأمراض القلبية لديهم خلال فترة الدراسة يعادل ضعف احتمال المتفائلين، وذلك بعد استبعاد كل عوامل الخطورة الأخرى.
وفِي دراسة ثانية، توبع 298 مريضا أجروا عمليات توسيع لشرايين القلب عن طريق القثطرة لمدة 6 أشهر، فتبين أن المتشائمين منهم أصيبوا باحتشاءات قلبية أو اضطروا لإعادة التوسيع أو لإجراء عملية قلبية، بمعدل ثلاثة أضعاف المتفائلين والواثقين من أنفسهم!
ومن طريف ما يذكر في هذا المجال أن إحصاءات الوفاة الناتجة عن نوبات قلبية في فرنسا أبدت الرقم الأكثر انخفاضاً لها بين تاريخي 7 و17 تموز/يوليو عام 1988، وذلك بعد ربح فرنسا لعبة الفوتبول العالمية ضد البرازيل للمرة الأولى!!
* التفاؤل وضغط الدم
في دراسة مشهورة أجريت في فنلندا، تابع الأطباء 616 رجلا ذوي ضغط دم طبيعي لمدة 4 سنوات، فوجدوا أن كثيري التشاؤم منهم كانوا أكثر عرضة من المتفائلين لتولد ارتفاع ضغط دم جديد لديهم خلال هذه الفترة، وبمعدل ثلاثة أضعاف، وذلك بعد أخذ كل عوامل ارتفاع الضغط الأخرى (مثل الوزن والتدخين وإدمان الكحول) بالحسبان.
وفِي دراسة أميركية شبيهة، توبع 2,564 رجلاً وامرأة فوق عمر 65 عاما لعدة أعوام، فوجد أن الذين يتحلون منهم بنفسيات متفائلة كانوا أقل احتمالا للإصابة بارتفاع الضغط من الذين كانوا يتطلعون إلى الحياة بنظرة سلبية، وأن احتمال ارتفاع الضغط كان أعلى كلما كانت توقعات الحياة أكثر سلبية.
* التفاؤل والصحة العامة
في الستينيات من القرن المنصرم، وضع 447 متبرعاً لا يشكون أي مرض تحت المراقبة الطبية، والتي شملت كل نواحي الصحة الجسمية والنفسية، ومن ضمنها درجة التفاؤل، ولمدة 30 عاماً، فتبين أن الذين كانوا يتمتعون بنظرة إيجابية ومتفائلة أنهوا الدراسة وهم أفضل حالا، حسب 8 معايير وضعت لقياس الصحة الجسمية والنفسية، ووجد من هذه الدراسة وغيرها أن التفاؤل يقوي مناعة الجسم، ويحسن من القدرة على تحمل الألم، ويزيد من احتمال الولادات الطبيعية، حتى إنه ينقص من فرص الإصابة بالسرطان.
* التفاؤل وطول العمر
من البديهي أن تؤدي الحياة الصحية لأعمار أطول، وقد ثبت هذا إحصائيا في دراسات أجريت في الولايات المتحدة، وفي هولندا.
ففي أحدث دراسة عن هذا الموضوع في أميركا درس الخبراء شخصيات 6,959 تلميذا التحقوا بجامعة كارولاينا الشمالية في منتصف الستينيات من كل زواياها، وبعد مرور 40 عاما، تبين أن نسبة الوفيات بين المتشائمين منهم كانت أعلى من شديدي التفاؤل بمعدل 42 %.
وفِي واحدة من دراستين واسعتين أجريتا في هولندا توبع 941 رجلا وامرأة بين عمري 65 و85 مدة 9 سنوات، فوجد أن نسبة المتوفين من المتفائلين خلال هذه الفترة كانت أقل من المعدل بنحو 45 %.
اقرأ أيضا:
5 مفاتيح تفتح لك أبواب السعادة
احذر أن يصيبك "عسر المزاج"
12 نصيحة لحياة صحية مديدة
المصادر:
Optimism and your health
The Benefits of Looking on the Bright Side: 10 Reasons to Think Like an Optimist