علاقة الطبيب بمريضه علاقة خاصة، تتداخل فيها العوامل النفسية والأخلاقية وحتى القانونية، ولا يمكن أن نشبهها من قريب أو بعيد بالتعامل الذي يجري بين صاحب محل تجاري وأحد زبائنه. لإن العلاقة بين المريض وطبيبه علاقة حيوية وهامة للمريض، إذ تعتمد عليها صحته وربما حياته، ومن الجدير به أن يركز على تقويتها وإخلائها من الشوائب، سواء منها الظاهرة أو المخفية، ليكسب ثقة الطبيب، وليحقق المصلحة لكليهما معاً.
اقــرأ أيضاً
ونسرد في ما يلي أهم الملاحظات التي يجب أن يأخذها المريض في حسبانه خلال تعامله مع طبيبه.
1- لا تكذب على طبيبك
قد لا يكون سبب الكذب أكثر من الخوف من امتعاض الطبيب، أو تجنب الوقوع معه في موقف محرج، لكن الطبيب قد يبني على تصريح المريض الكاذب تشخيصه لحالته وخطته في علاجها، والتي قد لا تكون عندها في مصلحة المريض، وإليك هذه الأمثلة:
- كثيراً ما ينكر المصابون بالسمنة أنهم يتناولون كميات كبيرة من الطعام، أو أنهم يبالغون في أكل الحلويات والأطعمة الغنية بالدهون، لكن التصريح بالحقيقة من ناحية النظام الغذائي المتبع ضروري، حتى يتمكن الطبيب من تحديد الحمية المناسبة للمريض، ويصف ما يلزمه من أدوية.
- قد يخجل المريض من التصريح بأنه نسي أخذ حبة أو أكثر من دوائه، أو أن الدواء انتهى في صيدلية البيت ولم يتح له أن يجدده إلا قبل أيام قليلة من موعده مع الطبيب، ما قد يترتب عليه تغيير الدواء من قبل الطبيب أو زيادة جرعته، إذا كانت نتائج العلاج أو كانت التحاليل غير جيدة مثلاً.
- قد ينكر المريض أنه يتناول أعشاباً طبيعية أوصاه بها بعض أصحابه للتخلص من شكواه، لكن بات معروفاً اليوم أن الأعشاب كثيراً ما يتداخل تأثيرها مع تأثير العقاقير، الأمر الذي لا يمكن تقديره إلا من خلال الطبيب.
2- لا تخفِ عن الطبيب أموراً قد تهمه في تقييم مرضك أو علاجك
قد يخفي المريض معلومة لا يرغب بالتصريح بها، مثلاً علاقة جنسية مشبوهة، أو تناول بعض الكحول أو المخدرات، أو (بالنسبة للسيدات) إجراء عملية تجميل. لكن كل هذه الأمور لا بد من أخذها بعين الاعتبار عندما يدرس الطبيب حالتك أو يقرر الخطة العلاجية لها.
فقد تكون أصبت بمرض تناسلي من علاقتك المشبوهة، ما نتج عنه بعض أو جميع الأعراض التي تشكو منها، أو قد يكون الكحول الذي تتناوله مانعاً لتناولك علاجاً كان مخططاً وصفه لك، أو قد تكونين سيدتي قد تعرضت لرد فعل تحسسي أثناء تخديرك لعملية التجميل، ما يجعل هذه المعلومة ضرورية لطبيبك وطبيب التخدير، إن كان طبيبك يخطط لعملية جراحية ضرورية لمرضك الحالي، وهكذا.
3- اتبع تعاليم طبيبك بدقة
فهذه الطريقة الوحيدة التي تضمن نجاح خطة المعالجة التي يقدّر الطبيب أنها الأنسب لك، وقد يطلب طبيبك مشاركتك الفعالة في العلاج، كما قد يطلب أن تطلع على بعض ما جاء في الأدب الطبي عن حالتك. كذلك لا بد من احترامك لمواعيد الزيارات الطبية، والوفاء بتعهداتك المالية، ما لم تكن تشكو من ضيق الحال، الأمر الذي يجب عليك كشفه للطبيب دون خجل، لتتوصلا لحل مناسب.
4- لا تنتظر المعجزات
تأكد أن رغبة الطبيب في شفائك أو تحسين وضعك الصحي لا تعادلها رغبة، وأن سعادته لا توصف عند نجاحه في القضاء على المرض والتخلص من الشكوى. لكن الطبيب يبقى مقيّداً بما لديه من وسائل علاجية، وبقدرة بعض الأمراض على تحدي كل ما في جعبة الطب من أسلحة، لذلك لا تلمه إذا بدا أن الأمور لا تسير على ما تحب وترضى، ولك كل الحق - إن تعثرت وسائل المعالجة - أن تلجأ لمشورة طبية ثانية، وثالثة، لكن لا تنتظر من طبيبك أن يكون صانعاً للأعاجيب.
5- لا تستشر أكثر من طبيب (من الاختصاص نفسه) في الوقت ذاته
يحلو لبعض المرضى أن يلعبوا دور المحقق، فيقومون باستشارة أكثر من طبيب من الاختصاص نفسه في الوقت ذاته (وقد يخفون عن أحدهم بعض نتائج فحوصاتهم) ليتوصلوا (بقناعتهم) إلى التشخيص أو العلاج الصحيح لحالتهم المرضية، وأقل ما يقال عن هذا التصرف إنه لعبة خطرة قد تعود عليهم بأسوأ العواقب، فلكل طبيب طريقته للوصول إلى سبب علة المريض، ولكلٍّ أسلوبه الخاص في المعالجة تبعاً للمدرسة الطبية التي ينتمي إليها.
ولا يعني هذا أن مدرسة علاجية أفضل من غيرها، فهناك دوماً أكثر من طريق للوصول إلى المطلوب. أما إن أردت أن تتّبع طرق "شرلوك هولمز" للوصول بنفسك إلى الطريق الأصح، فهذا من شأنه أن يجعلك تتخبّط في تدبير حالتك، ولن تخلص في مساعيك على الأغلب إلا إلى الفشل الذريع، وحينها لا تلوم إلا نفسك.
6- لا تتدعِ المعرفة
قد تتيح لك الظروف الاطلاع على الكثير من الثقافة الطبية، أو قد تكون قريباً من أحد العاملين في المجال الصحي، ما يجعلك تتخيل أن باستطاعتك أن تخبر الطبيب برأيك في سبب حالتك الصحية، أو تشير عليه بعمل كذا وكذا.
إنك في هذه الحال لا تختلف عن الذي تعطلت سيارته، فطلب مختصاً في إصلاح السيارات لكنه عندما وصل الميكانيكي المختص، راح يخبره عن مصدر العطل (كما يراه)، وما يلزم لإصلاحه، ما يجعل المختص إما أن يعتذر عن القيام بالمهمة برمتها، أو أنه سيطلب منه ألا يتدخل بما لا يعنيه.
وتذكر أن الطبيب قضى جزءاً كبيراً من حياته في دراسة اختصاصه وممارسته، وأنه، مهما بلغت معلوماتك الصحية والطبية، فلن تجعلك هذه المعلومات طبيباً، وأفضل ما يمكنك عمله هو تسليم زمام أمورك للطبيب الذي اخترته ومنحته ثقتك.
7- لا تحط من قدر زملاء طبيبك
يعتقد بعض المرضى - مخطئين - أنهم سيكسبون ولاء الطبيب وثقته إن هم انتقدوا فلاناً وفلاناً من غيره من الأطباء الذين أشرفوا عليهم قبل زيارتهم الحالية، لكن الواقع أن معظم الأطباء سيحتقرون هؤلاء المرضى، ويعتبرون انتقاداتهم موجهة إلى مهنة الطب ككل، وسيتوجسون شراً منهم، لأنهم يعرفون أنهم لن يرتدعوا في المستقبل عن تناولهم بالسوء أمام زملائهم إن وجدوا الفرصة مناسبة.
8- انتخب طبيبك بعناية، ثم أعطه الفرصة
اسأل عدة مصادر عن الطبيب الأصلح لدراسة شكواك ومعالجتها (خذ كل ما تحتاجه من وقت تسمح به حالتك، واعتمد المؤهلات الجيدة، والسمعة الحسنة)، فإذا توصلت إلى نتيجة، الزم الطبيب الذي انتخبته، وضع كامل ثقتك به، ونفذ كل تعليماته، واتبع نصائحه، وأعطه الوقت الكافي لدراسة حالتك والإشراف على علاجك.
فإذا كنت راضياً عن النتيجة، فلا داعي للتبديل، وابق على تواصل مع طبيبك طالما أن حالتك تستدعي ذلك. أما إذا تعثرت الأمور، سواء في التشخيص أو العلاج، فأعد الكرّة، وانتخب طبيباً آخر معروفاً بخبرته وحسن سيرته، والزمه لفترة كافية كما لزمت الطبيب الأول، فإذا وجدت أن النتيجة واحدة، انتخب من ترتاح له من الطبيبين لمتابعة حالتك. وبإمكانك دوماً - بالطبع - أن تلجأ إلى مركز متخصص معروف عالمياً إذا استدعى الأمر، وبمعرفة وموافقة أحد طبيبيك أو كليهما.