قد يقوم زميلك في العمل بإلقاء نكتة عفوية عن الاكتئاب، أو قد يخبرك صديق -بحسن نية- أن العلاج النفسي هو مضيعة للوقت، وقد يُقلِّل مَن حولك مِن أهمية القلق، ما يحثّك على تصَنُّع القوة، وكلها أمثلة على وصمة العار الاجتماعية التي يعاني منها كثيرون كلَّ يوم.
في حين أن هذه المواقف قد تبدو غير ضارة، فإن الحقيقة هي أنها أمثلة على وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالصحة النفسية، فعندما لا تؤخذ الصحة النفسية على محمل الجدّ، فإنها تضر المجتمع والأفراد على حد سواء.
ما هي وصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية؟
الوصمة هي عندما يحمل الناس معتقدات سلبية عن الآخرين بسبب اختلافاتهم، ووصمة العار المتعلقة بالصحة النفسية -على وجه التحديد- هي موقف سلبي تجاه شخص يعاني من مرض نفسي أو مشكلة تتعلق بالصحة النفسية، ويمكن أن تأتي هذه المواقف من أشخاص آخرين، أو من أولئك الذين يتعاملون مع قضايا الصحة النفسية، أو مجتمعاتهم.
أنواع وصمة العار
تَظهر وصمة العار بشكل مختلف حسب السياق، نُورِد لك فيما يلي الأنواعَ الستة الأكثر شيوعاً لوصمة العار:
- وصمة العار العامة: تحدث الوصمة العامة أو الاجتماعية عندما تعتقد مجموعات من الناس أن الصحة النفسية سلبية بطريقة ما، وغالباً ما تَظهر على أنها صورة نمطية منتشرة في مجتمع ما.
- وصمة العار الذاتية: وهي وصمة عار داخلية، فقد يتعامل الفرد مع مواقف الصحة النفسية السلبية للمجتمع أو أسرته أو ثقافته ويُلقيها على نفسه.
- الوصمة المؤسسية: وتتمثل بالسياسات والإجراءات التي تؤثّر بشكل غير متناسب على الأشخاص الذين يعانون من حالات الصحة النفسية، بحيث تؤثّر بشكل منهجي على المجتمع. يمكن أن تحدث على مستوى الشركة أو المدرسة أو القطاعات الحكومية، مثل نقص الرعاية الصحية النفسية التي يمكن الوصول إليها.
- وصمة العار المتصوَّرة: تعتمد هذه الوصمة على افتراض أن الآخرين ينظرون إلى مشكلة الصحة النفسية بشكل سلبي، بهذه الطريقة، يكون الخوف من آراء الآخرين أمراً عظيماً، لدرجة أن الشخص يتجنب تلبية احتياجات صحته النفسية.
- الوصمة الترابطية: تتعلق هذه الوصمة بالاقتراب أو الارتباط بشخص تم تشخيصه بحالة نفسية، ويمكن أن يَعُوق هذا النوع من وصمة العار أفرادَ الأسرة من التحدث بصراحة عن التحديات، أو الحصول على مساعدة مهنية لأحبائهم.
- وصمة تجنب الصور النمطية: يتجنب عديد من الأشخاص طلب الدعم لأنهم يخشون من وصمة العار وما يرتبط بها من صورة نمطية، ويمكن أن يؤدي عدم فهم عامة الناس لهذا الأمر إلى إعاقة فرصهم في العمل والعلاقات الصحية وغيرها من الأنشطة.
كيف تتعامل مع وصمة العار؟
لستَ مضطرًا لمواجهة معاناتك المتعلقة بالصحة النفسية بمفردك، دعنا نُلقي نظرة على بعض الوسائل التي يمكنك من خلالها التعامل مع الوصمة بشكل فعال:
- اطلب الدعم من ذوي الاختصاص: كلما تأخرت في التواصل، زادت مشكلات الصحة النفسية التي يمكن أن تؤثّر على جودة حياتك، لكن بمساعدة اختصاصي صحة نفسية مدرَّب، يمكنك اتخاذ خطوات نحو فهم ما تعاني منه، وما يمكنك فعله للتغلب عليه.
- احذر من الحديث الذاتي السلبي: انتبه للطريقة التي تتحدث بها إلى نفسك، فالأشياء التي نقولها لأنفسنا قد تتحول لتصبح واقعًا حول ما نفكّر فيه عن أنفسنا. إذا كنت تحكم على نفسك وتنتقد نفسك باستمرار، فمن المرجح أن تصدّق الرسائل التي تخبرها لنفسك.
- ابتعد عن العزلة: تزدهر وصمة العار والمرض النفسي في فترات الوحدة المظلمة والهادئة لأذهاننا، فبينما قد يكون من المُغْري تجنّب التفاعل مع الآخرين، تَحَدَّ نفسك للتواصل مع شخص ما، حتى لو كان أي شخص.
- تذكَّر أن مرضك لا يُحدِّد هويتك: من السهل أن تتأثر طريقة تفكيرك بالحالة النفسية التي تعاني منها، لكنّ فَصْلَها قليلاً عن ذاتك يمكن أن يمنحها تأثيرًا أقل، لذا أَعِد توجيه أنماط تفكيرك، وتذكَّر أنك لم تنكسر، ولكن قد تكون تعاني من نوبة من تدني الصحة النفسية.
- حارِبْ وصمة العار: تحدَّثْ وعبِّرْ عن رأيك عندما ترى موقفاً فيه صورة نمطية عن المرض النفسي، واحرص على أن يكون هدفك زيادة وعي الأشخاص مِن حولك، بعيداً عن الغضب أو الاندفاعية.
المصدر:
