غالباً ما تنسج الروايات قصصًا من الخيال المبالغ فيه أحياناً، خاصة عندما تتحدث عن الأمراض النفسية. وإذا لم نكن من الاختصاصيين النفسيين، أو لم نكن نعرف شخصًا ما يعاني من أحد الاضطرابات النفسية، فقد نسيئ فهم بعض هذه الأمراض التي يتم تصويرها أحياناً بشكل خاطئ.
تصور بعض الروايات والأفلام الأمراض النفسية بطريقة تجعلنا نمتلك مشاعر مختلفة تجاهها مثل الخوف أو الصدمة أو حتى الضحك، مما قد يصعب من القدرة على فهم المعاناة الحقيقية التي يعاني منها البعض ممن يواجهون أي شكل من أشكال الاضطرابات النفسية.
إليكم بعض الخرافات والتصورات الخاطئة حول الأمراض النفسية في الروايات والأفلام.
الخرافة (1): فقدان الذاكرة يجعل صاحبه غير قادر على تذكر هويته
فقدان الذاكرة ليس شائعاً كما تعتقد عند مشاهدة أفلام الجريمة وقراءة رواياتها، فعلى الرغم من أن "مات ديمون" يأخذنا في مغامرات مليئة بالإثارة في أفلام بورن، ومشاهدة ليام نيسون في "غير معروف" تجعل قلوبنا تخفق بسرعة، فإن فقدان الذاكرة ليس في الوصف الوظيفي لعملاء وكالة المخابرات المركزية أو القتلة. علاوة على ذلك، فإن فقدان الذاكرة لا يعمل بهذه الطريقة، فقد يكون فقدان الذاكرة نفسياً أو عصبياً، لكن فقدان الذاكرة ما بعد الصدمة الذي يشاهد في هذه الأفلام مع فقدان تذكر الهوية لا يحدث هكذا بدون مجموعة كبيرة من المشكلات الأخرى.
الخرافة (2): اضطراب الشخصية المتعددة هو مرض عقلي شائع
اضطراب الشخصية المتعددة هو مرض غير شائع أيضاً، على الرغم مما قد يجعلنا فيلم "نادي القتال" أو "الخوف البدائي" نفكر فيه. في الواقع، يشك العديد من الأطباء النفسيين بوجود اضطراب تعدد الشخصيات بالفعل، مع اعتبار البعض أنه تم إنشاء هذه الحالة في مخيلة الثقافة الشعبية، وحتى لو كانت هذه الحالة موجودًة بالفعل، فقد تم تمثيلها بشكل مبالغ فيه على أنه عملية تحوّل مفاجئة بين شخصية أو أخرى مثل كبسة زر، وفي الواقع، الأمراض العقلية ليست مثل هذه القصص التي يتم تصويرها، ولكنها تشخيصات خطيرة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى إعاقات يحتاج الناس إلى البحث عن علاج لها.
الخرافة (3): إذا تغير سلوك شخص ما كثيراً على مدار ساعة، فمن المحتمل أن يكون لديه اضطراب ثنائي القطب
لا يقتصر الاضطراب ثنائي القطب على تغيير سلوكك على مدار اليوم، إذ يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب الثنائي القطب من تأرجح حالات بين السعادة المفرطة أو الحزن العميق، ولكنها تكون على فترة أيام أو أسابيع، ولا يجعل المصاب به يقوم بسلوكيات غير متوقعة بين الحين والآخر في غضون لحظات.
الخرافة (4): من السهل الإقدام على ارتكاب جريمة إذا كان لديك أي من أعراض المرض النفسي
لا يعد مجرد الصمت تشخيصاً للمرض النفسي، كما تم تصويره في فيلم "The Silent Patient”، وفي حين أن هناك حالة عقلية نادرة تسمى كاتاتونيا، فإن المصابين بهذه الحالة يمتلكون مجموعة من الأعراض الأخرى أيضاً، مثل فقدان القدرة على الحركة، والبقاء في نفس الوضعية لفترات طويلة مع تصلب عضلي وعدم الاستجابة للتحفيز الخارجي، بالإضافة إلى العبوس. علاوة على ذلك، فإن الصمت وحده لن يؤدي بالتأكيد إلى نتيجة كارثية تودي بصاحبها إلى ارتكاب الجرائم.
الخرافة (5): يمكن علاج المرض العقلي عن طريق عزل الأشخاص
تُظهر البيانات أن الحبس الانفرادي بحد ذاته يمكن أن يؤدي إلى المرض النفسي والبارانويا والتشوهات الإدراكية والغضب. وفي فيلم "Jane Eyre”، لم يكن السيد روتشستر شاباً رومانسياً، فقد حبس زوجته الأولى في غرفة لكونها مريضة نفسياً. "جين" ترتكب خطأ فادحاً في الوقوع في غرامه على الرغم من كونه رجلاً غنياً ومحبوباً، لأنه تصرف مع حالتها النفسية بطريقة غير إنسانية، وهذا أمر لا يغتفر.
الخرافة (6): يعني المرض النفسي أن الناس دائماً ما يكونون عنيفين ولا يمكن توقع تصرفاتهم
نادراً ما يجعل المرض النفسي الشخص عنيفاً بشكل غير متوقع، فالأشخاص المصابون بمرض نفسي هم في الواقع من الناحية الإحصائية أكثر عرضة لأن يكونوا ضحايا من كونهم جناة، وهو أمر تم تصويره بشكل صحيح في مشهد بداية فيلم "Joker".
سيعاني معظمنا من أعراض حالة نفسية أو أخرى خلال فترة حياتنا، لكن عدداً أقل منا سيلجأ إلى العلاج. تمتلك قصص الجريمة في الأفلام أو الروايات فرصة لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الجمهور حول المرض النفسي بدلاً من تأجيجها، وهذا ما نتمناه في المستقبل.
المصدر:
