جنون العظمة أو البارانويا (بالإنجليزية: paranoia)، هو مصطلح تاريخي مشتق من الكلمة الإغريقية ميغالومانيا (بالإنجليزية: Megalomania)، ويعرف أيضاً بأسماء أخرى مثل الاضطراب الوهمي، وجنون الارتياب. وهو أحد أمراض الذّهان التي تتضمن مشاعر عدم الثقة والشك تجاه الآخرين دون سبب وجيه، ودائماً ما تدور في عقل المريض أفكار بأن الآخرين يخططون لإيذائه أو إلحاق الضرر به بطريقة ما.
وتختلف درجة البارانويا من حيث الشدة، ويمكن أن تكون مؤقتة أو طويلة الأمد، والبارانويا أو مرض جنون العظمة هي من أكثر أنواع الذهان شيوعاً، إذ يعاني 70% من الأشخاص المصابين بالذّهان من البارانويا، ويمكن أن تكون لديك تصرفات الشخصية البارانوية (شخصية تميل إلى البارانويا)، أو قلق بارانائي خفيف (القلق الشبيه بالبارانويا) دون أن تصاب بمرض الذهان نفسه، ويعتبر القلق البارانائي الخفيف شائعاً جداً في المجتمع العام.
أنواع جنون العظمة
هناك العديد من أنواع الشك والارتياب التي تحدث نتيجة الإصابة باضطراب جنون العظمة أو جنون الارتياب أو الاضطراب الوهمي، وتتمثل هذه الأنواع بأربعة أنواع فرعية تشمل ما يلي:
- عدم الثقة: يكون المريض مفرط الشك في نوايا الآخرين، ويجد صعوبة في الوثوق بهم ولو لم يكن لديه دليل كاف يبرر عدم الوثوق بهم، بل يكون ذلك دون سبب وجيه.
- الحساسية الاجتماعية: يميل المريض إلى تفسير لغة الآخرين غير اللفظية بشكل سلبي، ويقوم بتفسير معانٍ سلبية لكلامهم وملاحظاتهم.
- الأفكار المرجعية: يظن المريض أن جميع الأحداث العشوائية أو غير ذات الصلة به تتعلق به بشكل مباشر، وأن جميع ما يدور في الكون يدور حوله هو فقط.
- الاضطهاد: يشعر المصاب بالاضطهاد، ويعتقد أن كل من حوله وما حوله يتآمر ضده، ويعتقد أن شخصًا ما يعامله بشكل سيء أو يتجسس عليه أو يحاول إيذاءه، وقد يقوم بتقديم شكاوى متكررة ضده إلى السلطات القانونية، ويسمى هذا النوع من جنون العظمة بالاضطراب الوهمي.
- وتعتمد مدى شدة جنون الارتياب على ما يلي:
- مدى إيمان المريض بالأفكار الارتيابية.
- مدى تفكيره بالأفكار الارتيابية.
- الأفكار الارتيابية تسبب له الضيق والحزن.
- الأفكار الارتيابية تتداخل مع حياته اليومية وتعطلها.
وقد يعاني العديد من الأشخاص من جنون العظمة الخفيف في مرحلة ما من حياتهم، ولكنه مؤقت ولا يسبب الإزعاج، ولا يؤثر على حياة المريض اليومية بشكل كبير، ويستطيع الشخص التفكير بشكل عقلاني في هذا النوع من جنون العظمة، أما مرض جنون العظمة الشديد فهو نادر، ويطلق الأطباء على الأوهام الاضطهادية اسم جنون العظمة الشديد.
أعراض جنون العظمة
يمكن أن يَظهر جنون الارتياب أو مرض جنون العظمة بعدة أشكال وأعراض مختلفة، وقد تكون جميع الأعراض ظاهرة أو يظهر بعض منها فقط، ويتم التشخيص بشكل أولي من خلال ظهور هذه الأعراض والتصرفات. تشكل هذه العلامات والأعراض ما يلي:
- صعوبة الثقة بالآخرين.
- الشك المفرط في نوايا الآخرين.
- افتراض أن الناس يقولون أشياء سلبية عنه من وراء ظهره.
- الشعور بأنه يتعرض للاستغلال.
- التمسك بالضغائن والكراهية تجاه الآخرين.
- الاعتقاد بأن جميع الناس حتى الغرباء منهم يتربصون به.
- صعوبة تعامله مع أي نوع من الانتقادات.
- يكون دائماً في موقف دفاعي عن نفسه.
- يكون عدائياً ومجادلاً.
- الإيمان بنظريات المؤامرة التي لا أساس لها.
- اعتبار أن العالم مكان للتهديد المستمر.
أسباب جنون العظمة
لا يعرف الباحثون السبب الدقيق وراء الإصابة بجنون العظمة أو جنون الارتياب، ولكن هناك اعتقاد بأن بعض العوامل يمكن أن تساهم في حدوث هذا المرض العقلي. تشمل هذه العوامل ما يلي:
- صدمات الطفولة، خاصة التنمر أو الوقوع ضحية لذلك.
- العوامل البيئية مثل انخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي والعزلة الاجتماعية.
- التوتر النفسي الشديد أو المزمن.
- يعتبر جنون العظمة جزءًا شائعًا من أمراض الذهان، وهو حالة من الانفصال عن الواقع، فقد يكون لدى المصابين أيضاً معتقدات خاطئة حول أشياء غير حقيقية، والذهان لا يعتبر حالة، وإنما مصطلح يصف مجموعة من الأمراض، ويمكن أن يكون مرض جنون العظمة أو جنون الارتياب المتوسط إلى الشديد أحد أعراض بعض الحالات الصحة العقلية بما في ذلك:
- اضطراب الشخصية البارانوية (PPD): هو حالة صحية عقلية تتميز بالشك وعدم الثقة بالآخرين دون سبب كافٍ للشك، ودائماً يعتقد المصاب أن الآخرين يحاولون إهانته أو إيذاءه أو تهديده.
- اضطراب الوهم: هو نوع من الاضطرابات الذهانية، وأحد أعراضه الأساسية هو التوهم بشيء واحد أو أكثر، والتوهم هو اعتقاد راسخ بوجود شيء غير صحيح ويعلم الجميع أن هذا الشيء خاطئ.
- الفصام: الفصام هو حالة عقلية تؤثر بشدة على طريقة تفكير المريض وشعوره وتصرفاته، وغالباً ما تظهر لديه تصرفات الشخصية البارانوية
هل البارانويا شكل من أشكال الفصام؟
هناك مصطلح يسمى "الفصام البارانويدي"، وهو اسم قديم لنوع فرعيّ من الفصام، ولكن لم يعد هذا المصطلح مستخدمًا أو معترفًا به، بل أصبح الفصام مرضًا محددًا منفصلًا، وهو حالة من حالات الذّهان، وغالباً ما يكون جنون العظمة جزءًا من الفصام، ولكن يمكن أن يصاب المريض بالبارانويا دون أن يكون مريضًا بالفصام.
هل البارانويا شكل من أشكال القلق؟
القلق والبارانويا مرضان مختلفان، فالقلق يكون هو الخوف والهم والشعور المستمر بالإرهاق تجاه المهام والحياة اليومية، مثل مسؤوليات العمل أو الصحة أو الأعمال المنزلية، بينما البارانويا هي مشاعر عدم الثقة أو الشك في الآخرين دون وجود أدلة كافية تدعم أو تبرر مخاوف المريض.
كما أن القلق يمكن أن يكون حالة صحية عقلية واعية يمكن تشخيصها مثل اضطراب القلق العام، ولكن البارانويا ليس من الضروري أن يكون حالة صحية عقلية منفصلة، ولكنه قد يكون سمة من سمات أحد الأمراض العقلية.
علاج جنون العظمة
إذا كان المريض يعاني من مرض جنون العظمة الخفيف إلى المتوسط وغير المصاحب لحالة عقلية كامنة؛ فقد يساعد العلاج النفسي (العلاج بالكلام) في علاج الحالة بتوجيه من الطبيب النفسي الذي يستطيع تحديد المشاعر والأفكار والسلوكيات غير الصحية وتغييرها.
أما إذا كان المريض يعاني من حالة مرَضية عقلية كامنة هي التي تسبب جنون العظمة؛ فالعلاج يتضمن عادة مزيجًا من العلاج النفسي والأدوية، مثل مضادات القلق ومضادات الذهان، أما إذا كانت حالة جنون الارتياب شديدة وتظهر معها أعراض أخرى للذهان (مثل الهلوسة)، فقد يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى حتى تستقر الأعراض ويمكن ضبطها.
ما هي المضاعفات والمخاطر المحتملة لعدم علاج جنون الارتياب؟
إذا لم يتم علاج مرض جنون العظمة على المدى الطويل وأصبح أكثر حدة، فقد يسبب الإزعاج والضيق الكبير للمريض ويؤدي إلى مشكلات كثيرة، ومن هذه المشكلات المحتملة ما يلي:
- صعوبة الحفاظ على العلاقات الاجتماعية.
- فقدان الوظيفة.
- العزلة.
- القلق والاكتئاب.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا كان جنون الارتياب يسيطر على أفكارك أو يؤثر على حياتك بشكل سلبي؛ فمن الضروري استشارة الطبيب النفسي أو متخصص الصحة العقلية، وقد لا يرغب الأشخاص المصابون بجنون العظمة الشديد بزيارة متخصص الأمراض العقلية بسبب مشاعر الشك وعدم الثقة لديهم. لذا؛ إذا كان قريب لك أو أحد أصدقائك يعاني من هذا المرض، فحاول تشجيعه بلطف على زيارة الطبيب، أو اسأل متخصص الرعاية الصحية عن كيفية مساعدته على تلقي العلاج.
شخصيات جنون العظمة
هناك شخصيات شهيرة على صعيد الفن والعلم والسياسة تم تشخيصهم أو تصنيفهم من قبل الأطباء النفسيين أنهم عانوا في حياتهم أو يعانون من مرض جنون العظمة وذلك بناء على سيرتهم الذاتية أو تصرفاتهم أو أعراض ظهرت عليهم خلال حياتهم، أو تم تشخيصهم بشكل رسمي في مراكز طبية، ومن هؤلاء المشاهير الأسماء الآتية:
- كاني ويست، المغني الأمريكي وزوج النجمة الشهيرة كيم كاردشيان.
- دكتور جون ناش، عالم الرياضيات الشهير والفائز بجائزة نوبل عام 1994.
- الممثلة الأمريكية الجميلة بريتاني ميرفي.
- صدام حسين، الرئيس العراقي الراحل.
- ريتشارد نيسكون، الرئيس الـ 37 للولايات المتحدة الأمريكية.
- نابليون بونابرت.
- وربما معظم المستبدين والطغاة في التاريخ.
الأسئلة الأكثر شيوعاً
كيف تعرف أنك مصاب بجنون العظمة؟
هناك بعض المعتقدات والسلوكيات التي يقوم بها الأشخاص الذين يعانون من مرض جنون العظمة مثل عدم الثقة بأحد، والشك غير المبرر، والتوهم بوجود تهديدات حولهم، وعدم التسامح وعدم القدرة على التعامل مع الانتقادات، والموقف الدفاعي الدائم، والخوف من التعرض للخداع أو الاستغلال، وصعوبة الشعور بالراحة.
هل جنون العظمة مرض وراثي؟
أسباب البارانويا غير واضحة، وتشير بعض الدراسات إلى وجود صلة وراثية، بينما دراسات أخرى لا تشير أو تؤكد ذلك، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان الاستعداد الوراثي للبارانويا وراثياً أم لا، لأن خلايا الدماغ تشكل مواد كيميائية في المخ (الناقلات العصبية) هي أساس الأفكار والمشاعر، وقد يكون أساس بعض الأمراض النفسية هو اضطراب في تشكل بعض المواد الكيميائية في الدماغ.
هل يشفى مريض جنون العظمة؟
على الرغم من أنه لا يوجد علاج مطلق ونهائي للمرضى المصابين بجنون العظمة؛ فإن العلاج الدوائي، مثل الأدوية المضادة للذهان أو مضادات الاكتئاب، والعلاج بالكلام يمكن أن تساعد الشخص على التحكم بالأعراض وعيش الحياة بطريقة أكثر راحة وسعادة، والتعايش مع المرض بشكل جيد.
نصيحة من موقع صحتك
من الطبيعي أن يعاني البعض من جنون العظمة الخفيف والقصير المدى من حين لآخر، أو في مرحلة ما من حياتهم، لكن إذا أصبحت هذه الحالة تتداخل مع حياتهم اليومية أو تسبب لهم وللآخرين الضيق والإزعاج، فيجب استشارة الطبيب النفسي الذي يساعدهم في توجيه أفكارهم لمعرفة ما إذا كان جنون الارتياب ناتجاً عن حالة مرَضية عقلية كامنة أم لا.