نجاح أول تجربة لاستخدام كبد خنزير لعلاج فشل الكبد عند الإنسان.. في 18 يناير 2024، أعلنت جامعة بنسيلفانيا في أمريكا أنها نجحت في استخدام كبد خنزير معدَّل وراثيًّا لعلاج حالة متقدمة من فشل الكبد عند الإنسان. تلك هي التجربة الأولى التي تم فيها تطبيق هذه الطريقة في العلاج، وقد تم تطبيقها على مريض متوفى دماغيًّا بعد إصابته بفشل تام في الكبد. تم وَصل كبد الخنزير المعدَّل وراثيًّا خارج الجسم إلى شريان ووريد مريض متوفّى دماغيًّا، واشتغلت الكبد جيدًا في تصفية الدم لمدة 72 ساعة، تم بعدها وَقف التجربة..
هل هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها أعضاء خنزير عند الإنسان؟
منذ الستينات، تم استخدام أجزاء من جسم الخنزير في علاج بعض الأمراض عند الإنسان، فقد استُخدم جلد الخنزير في تغطية الحروق الشديدة بمثابة ضماد حيوي مؤقت، كما استُخدمت صمامات قلب الخنزير في عمليات استبدال صمامات القلب المريضة عند الإنسان بعد معالجتها لمنع أو تأخير رفضها المناعي. وقد عرفنا في السنة الفائتة عن محاولتَين لزرع كلية خنزير معدَّل وراثيًّا في علاج مريضَين مصابَين بالفشل الكلوي، وما زالت هذه التجارب مستمرة.
تمت أيضًا محاولات للحصول على خلايا من بعض أعضاء الخنزير، مثل الكبد والكلية، وزرعها وتطويرها لكي تُستخدم كشرائح من الخلايا الحية في علاج فشل بعض الأعضاء عند الإنسان، خاصة الكلية والكبد.
كبد خنزير لعلاج فشل الكبد.. كيف ومتى؟
أُجريت هذه التجربة في جامعة بنسيلفانيا منذ نحو شهر، وحسب تصريح الجامعة، فقد نجح كبد الخنزير المعدَّل وراثيًّا، والذي وصِل إلى أوعية دموية في جسم مريض متوفّى دماغيًّا بموافقة الأهل، وتُرك الكبد خارج جسم المريض، وسَجّلت التحاليل الدموية نجاح كبد الخنزير في القيام بعمله طوال فترة الدراسة (72 ساعة)، ولم تُسجّل إشارات رَفض مناعيّ في جسم المريض أو في كبد الخنزير.
كبد خنزير لعلاج فشل الكبد..هل الاستفادة فعلية؟
لا يوجد حتى الآن علاج ناجح لفشل الكبد التام عند الإنسان، ولم تنجح محاولات صنع كبد صناعية، مثلما نجحت في صنع كلية صناعية منذ خمسينات القرن العشرين، وهناك محاولات مستمرة لتصميم كبد صناعية ربما تنجح في المستقبل في المحافظة على حياة المصابين بفشل الكبد التام. ريثما يتوفّر متبرع مناسب لإجراء عملية زرع الكبد من إنسان إلى إنسان، فما زال زرع الكبد حتى الآن هو العلاج الوحيد المتاح للمرضى المصابين بفشل الكبد، ولكن هناك صعوبات كبيرة في الحصول على متبرعين، ويقدَّر وجود أكثر من 10،000 مريض كبد في لائحة الانتظار للحصول على كبد مناسبة لعملية الزرع.
هناك تجارب مستمرة لزرع أعضاء من الخنازير المعدَّلة وراثيًّا، بحيث لا تثير رفضًا مناعيًّا قويًّا عند الإنسان، أو تؤخّر ذلك إلى أطول فترة ممكِنة، ريثما يتوفّر عضو مناسب لعملية الزرع من إنسان إلى إنسان، وهي ما زالت الطريقة الوحيدة الناجحة حاليًّا في علاج الحالات المتقدّمة من فشل الكبد.
إذا نجحت مثل هذه التجربة الأولى، ربما يصبح زرع كبد الخنزير المعدَّل وراثيًّا عملية مناسبة تتيح للمرضى فرصة تحسّن حالتهم المرَضية ريثما تتوفّر الكبد البشرية المناسبة. وربما أمكَن أيضًا استخدام شرائح أو صفحات من خلايا كبد الخنزير المعدَّل وراثيًّا في صنع كبد صناعية تمنح المرضى فرصة للبقاء على قيد الحياة ريثما يتوفّر المتبرع بالكبد المناسبة لعملية الزرع.
تدرس الهيئة الأمريكية لمراقبة الأغذية والأدوية الآن فكرة السماح بإجراء عدد صغير من عمليات زرع الكبد أو القلب من خنزير معدَّل وراثيًّا إلى الإنسان، مثلما سمحت بإجراء عدد قليل من عمليات زرع الكلية من الخنزير إلى الإنسان.
