حتى وقت قريب، كان العلاج النفسي وصمة كبيرة في عالمنا العربي. ولكن، في الآونة الأخيرة ومع ازدياد الوعي بالمشكلات النفسية ومع ازدياد الضغوط، زاد الإقبال على الخدمات النفسية. ولكن ما زال الكثيرون يجهلون ما الذي يحدث في غرفة العلاج؟ هل دور الطبيب أن يصف العلاج الدوائي فقط؟ أم أن دوره أن يستمع لطالب المساعدة ويترك له مساحة للفضفضة ثم يواسيه. إذاً ما الفارق بينه وبين الصديق؟ أم أن واجبه أن يوجه العميل ويرشده ويختار له.. يختار له العمل الذي يناسبه أو شريك الحياة.. يختار له أن يستمر في الزواج أم ينفصل؟ في هذه المقالات سأقدم لك دليلا عمليا لكيفية الحصول على خدمة العلاج النفسي.
* العلاج النفسي.. علاج بالكلام
عيني رأت مولود على كتف أمّه
يصرخ.. تهنن فيه
يصرخ.. تضمه
يصرخ.. تقول يبني ما تنطق كلام
ده اللي ما يتكلمش يكتر همّه
وعجبي
هكذا يراها صلاح چاهين
وقبله في القرن التاسع عشر كانت هناك محاولات لمعالجة الاضطرابات النفسية التي لا يظهر لها أساس عضوي، وأشهرها كانت حالات الهستيريا. محاولات تلقّفها فرويد، وانتبه إلى أن هناك عنصرا جوهريا يمكنه أن يُحدث فرقاً في هذه الاضطرابات، وهو وجود شخص يُحسِن الاستماع، ويسهّل عملية التنفيس والكلام بدون تأثير فيه، عملية أطلق عليها العلاج الكلامي Talk therapy.
اقــرأ أيضاً
* الأمر أكبر من الكلام.. إنه العلاقة العلاجية
بعدها بفترة قريبة، اتضح لفرويد أن هناك عوامل أخرى تؤثر بالأساس، خارج مجرد الكلام، عوامل ترجع للعلاقة التي تنشأ بين المعالج وطالب المساعدة، وهو ما سماه بالطرح والطرح المضاد.
حيث يمثل الطرح ما يطرحه طالب المساعدة على المعالج، والطرح المضاد هو ما يطرح من المعالج نحو طالب المساعدة داخل غرفة العلاج.
وفي الطرح يحدث أن يستعيد طالب المساعدة مشاعر وخبرات مع أشخاص معتبرين في حياته داخل غرفة العلاج، فيمكن أن يجد مشاعره تجاه والده/ أو صديقه/ أو زوجته، موجهة إلى شخص المعالج.. سواء كانت حبا أو كرها أو غضبا أو رغبة.. إلخ. ويعتبر چاك لاكان أن العلاج النفسي يتم أساساً من خلال علاقة الطرح. ولأن الأمر هنا أصبح أكبر من مجرد كلام، تم استبدال مصطلح العلاج الكلامي بالعلاج النفسي.
ويمكن تعريف العلاقة العلاجية بأنها "خبرة مصححة"، فهي علاقة تعيد تعريف العلاقات الأخرى، ولذلك لا يتم بناء العلاقة العلاجية بشكلها الأمثل بين فردين تربطهما علاقة أخرى كالصداقة مثلاً.
* مدارس العلاج النفسي
ويشمل العلاج النفسي العشرات من المدارس العلاجية منها هذه الموجات الهامة وهي:
اقــرأ أيضاً
* حركية العلاج النفسي
في كل مدرسة هناك دور يقوم به المعالج، ودور يقوم به المتعالج، ويتم توزيع المساحات في العلاقة تبعاً لمنظور المدرسة العلاجية. في المدرسة التحليلية، يقع الدور الأكبر على المعالج (المحلل)، حيث يقوم بضبط إيقاع العملية العلاجية من خلال صمت المعالج وكلامه والتدخل التفسيري أو العلاجي، وهي أقل المدارس انتشاراً في الوقت الحالي، بالرغم من كونها العباءة الأم التي خرجت عنها بقية المدارس.
وفي المدارس المعرفية والسلوكية يلعب المعالج دوراً قريباً من دور المرشد الذي يقوم بتوجيه المسترشد عن طريق كشف الأخطاء السلوكية أو المعرفية وتعليمه مهارات جديدة لتغيير الأنماط المعيبة.
اقــرأ أيضاً
أما المدرسة الإنسانية فترفض التدخل بكافة صوره، ويلعب المعالج فيها دور الميسر لعملية النمو والإصلاح الذاتي التي ترى أن الفرد يميل إليها بفطرته عند توافر الظروف المناسبة.
والمهم في الموضوع - والذي يجب أن يدركه طالب المساعدة العربي - أن العملية العلاجية ليست محطة بل رحلة، فلا ينبغي توقع نتيجة تشابه نتائج العمليات الجراحية تنتهي بعدها الأعراض، بل هي رحلة من الانتصارات الصغيرة، والسقطات الجانبية، يمكننا أن نتقدم خطوتين للأمام ثم خطوة للخلف، وتكون المحصلة خطوة للأمام.
أعني بكل ذلك، أن الخدمة النفسية ليست "دردشة" ولا مواساة، بل عملية مهنية يتم التأهيل لها والتدريب عليها ثم تخضع للإشراف لسنين، إن لم تكن خاضعة للإشراف مدى الحياة. وهذا ما ينقلنا إلى النقطة التالية.
* بنية العلاقة العلاجية
هناك بنية يجب مراعاتها في العلاقة العلاجية، وتشمل مدة الجلسة ومكانها وعملية توثيقها، وخصوصية ما يتم داخل الغرفة العلاجية. فمن حيث المدة، هناك شبه اتفاق على أن يكون متوسط الجلسة 45 دقيقة، تزيد أو تنقص قليلاً حسب مجريات الجلسة. أما مكانها فينبغي أن تتم في مكان مهني يضمن خصوصية طالب الخدمة وأمان العملية العلاجية.
لقرابة قرنين من الزمان، هناك جهود في مختلف أنحاء العالم لوضع تصور عن مسببات الاضطرابات، وتطوير آليات وتدخلات نفسية وعلاجية لاستعادة السلام والسكينة لحياة الأفراد، هذه الرحلة هي رحلة العلاج النفسي. يقول ريتشارد كوهين: إن كنت مقدماً على طلب المساعدة فتنبه جيداً، أنت على وشك مشاركة قلبك وروحك مع شخص آخر، من المهم مراعاة التوافق والخلفية والمرجعية وكذلك مدرسته المتبعة.
في المقال القادم سنتكلم حول ما ينبغي توقعه من المعالج، وما لا يدخل ضمن دور المعالج.
* الأمر أكبر من الكلام.. إنه العلاقة العلاجية
بعدها بفترة قريبة، اتضح لفرويد أن هناك عوامل أخرى تؤثر بالأساس، خارج مجرد الكلام، عوامل ترجع للعلاقة التي تنشأ بين المعالج وطالب المساعدة، وهو ما سماه بالطرح والطرح المضاد.
حيث يمثل الطرح ما يطرحه طالب المساعدة على المعالج، والطرح المضاد هو ما يطرح من المعالج نحو طالب المساعدة داخل غرفة العلاج.
وفي الطرح يحدث أن يستعيد طالب المساعدة مشاعر وخبرات مع أشخاص معتبرين في حياته داخل غرفة العلاج، فيمكن أن يجد مشاعره تجاه والده/ أو صديقه/ أو زوجته، موجهة إلى شخص المعالج.. سواء كانت حبا أو كرها أو غضبا أو رغبة.. إلخ. ويعتبر چاك لاكان أن العلاج النفسي يتم أساساً من خلال علاقة الطرح. ولأن الأمر هنا أصبح أكبر من مجرد كلام، تم استبدال مصطلح العلاج الكلامي بالعلاج النفسي.
ويمكن تعريف العلاقة العلاجية بأنها "خبرة مصححة"، فهي علاقة تعيد تعريف العلاقات الأخرى، ولذلك لا يتم بناء العلاقة العلاجية بشكلها الأمثل بين فردين تربطهما علاقة أخرى كالصداقة مثلاً.
* مدارس العلاج النفسي
ويشمل العلاج النفسي العشرات من المدارس العلاجية منها هذه الموجات الهامة وهي:
- موجة العلاج التحليلي والدينامي.
- موجة العلاج المعرفي والسلوكي.
- الموجة الثالثة متمثلة في العلاج الجدلي والقبول والالتزام.
- بجانب المدرسة الإنسانية والعلاج الداعم.
بينما يشمل العلاج الحركي مدارس العلاج الدرامي والدراما النفسية والعلاجات المتمركزة حول الجسد أو المشاعر أو كليهما، ويمكن أن يكون المعالج محدداً بمدرسة واحدة، أو انتقائياً يفصّل خطة العلاج طبقاً لاحتياج العميل.
- موجة العلاج المعرفي والسلوكي.
- الموجة الثالثة متمثلة في العلاج الجدلي والقبول والالتزام.
- بجانب المدرسة الإنسانية والعلاج الداعم.
بينما يشمل العلاج الحركي مدارس العلاج الدرامي والدراما النفسية والعلاجات المتمركزة حول الجسد أو المشاعر أو كليهما، ويمكن أن يكون المعالج محدداً بمدرسة واحدة، أو انتقائياً يفصّل خطة العلاج طبقاً لاحتياج العميل.
* حركية العلاج النفسي
في كل مدرسة هناك دور يقوم به المعالج، ودور يقوم به المتعالج، ويتم توزيع المساحات في العلاقة تبعاً لمنظور المدرسة العلاجية. في المدرسة التحليلية، يقع الدور الأكبر على المعالج (المحلل)، حيث يقوم بضبط إيقاع العملية العلاجية من خلال صمت المعالج وكلامه والتدخل التفسيري أو العلاجي، وهي أقل المدارس انتشاراً في الوقت الحالي، بالرغم من كونها العباءة الأم التي خرجت عنها بقية المدارس.
وفي المدارس المعرفية والسلوكية يلعب المعالج دوراً قريباً من دور المرشد الذي يقوم بتوجيه المسترشد عن طريق كشف الأخطاء السلوكية أو المعرفية وتعليمه مهارات جديدة لتغيير الأنماط المعيبة.
أما المدرسة الإنسانية فترفض التدخل بكافة صوره، ويلعب المعالج فيها دور الميسر لعملية النمو والإصلاح الذاتي التي ترى أن الفرد يميل إليها بفطرته عند توافر الظروف المناسبة.
والمهم في الموضوع - والذي يجب أن يدركه طالب المساعدة العربي - أن العملية العلاجية ليست محطة بل رحلة، فلا ينبغي توقع نتيجة تشابه نتائج العمليات الجراحية تنتهي بعدها الأعراض، بل هي رحلة من الانتصارات الصغيرة، والسقطات الجانبية، يمكننا أن نتقدم خطوتين للأمام ثم خطوة للخلف، وتكون المحصلة خطوة للأمام.
أعني بكل ذلك، أن الخدمة النفسية ليست "دردشة" ولا مواساة، بل عملية مهنية يتم التأهيل لها والتدريب عليها ثم تخضع للإشراف لسنين، إن لم تكن خاضعة للإشراف مدى الحياة. وهذا ما ينقلنا إلى النقطة التالية.
* بنية العلاقة العلاجية
هناك بنية يجب مراعاتها في العلاقة العلاجية، وتشمل مدة الجلسة ومكانها وعملية توثيقها، وخصوصية ما يتم داخل الغرفة العلاجية. فمن حيث المدة، هناك شبه اتفاق على أن يكون متوسط الجلسة 45 دقيقة، تزيد أو تنقص قليلاً حسب مجريات الجلسة. أما مكانها فينبغي أن تتم في مكان مهني يضمن خصوصية طالب الخدمة وأمان العملية العلاجية.
لقرابة قرنين من الزمان، هناك جهود في مختلف أنحاء العالم لوضع تصور عن مسببات الاضطرابات، وتطوير آليات وتدخلات نفسية وعلاجية لاستعادة السلام والسكينة لحياة الأفراد، هذه الرحلة هي رحلة العلاج النفسي. يقول ريتشارد كوهين: إن كنت مقدماً على طلب المساعدة فتنبه جيداً، أنت على وشك مشاركة قلبك وروحك مع شخص آخر، من المهم مراعاة التوافق والخلفية والمرجعية وكذلك مدرسته المتبعة.
في المقال القادم سنتكلم حول ما ينبغي توقعه من المعالج، وما لا يدخل ضمن دور المعالج.