ابني يسرق ويكذب يا دكتور، ويحمل سلاحا ويلعب بالنار...
ابني غير مقتنع أني أبوه، ويقول إني خطفته وهو صغير...
وغير ذلك الكثير من المشكلات التي نواجهها، ويكون التفسير غالبا: قلة إيمان أو قلة أدب أو سحر وجن...
* الاحتياج لمتخصص لإصلاح الأجهزة المعقدة
لو كنت تركب سيارة حديثة تعمل بالكمبيوتر ستشعر بالسعادة، ولكنك قد تتمنى لو كانت سيارتك قديمة إذا أصابها عطل في مكان ما لا تستطيع فيه الوصول إلى محل صيانة حديث، وقتها ستضطر لسحبها مسافة قد تطول أو تقصر لهذا المحل، ولو كنت على طريق سفر لكان الوضع أسوأ، لأنه لا مجال أن يفتي أحد عليك بكيفية إصلاحها إلا إهل العلم أو الخبراء، أما لو كنت تمتلك سيارة قديمة فستجد لها ألف من يصلحها.
نفس القصة تحدث لو واجهتك مشكلة في جهازك اللوحي أو هاتفك النقال، فكلما كان جهازك أحدث وأغلى وأكثر تعقيداً، كلما كان إصلاحه أصعب، ويحتاج خبرة متخصص.
* اكتشاف الأخطاء وإصلاحها مبكراً أفضل طريقة للعلاج
في حياتنا إصلاح الأخطاء في بدايتها أسهل بكثير، فالخطأ درجة واحدة في زاوية إطلاق الصاروخ قد تؤدي إلى إصابته هدفاً يبعد مئات الكيلومترات عن هدفه المرسوم له، والخطأ في فكرة وسلوك عند الطفولة قد تكلف الأسرة الكثير، والخطأ في تأخير علاج مرض يحوله لمرض مزمن صعب العلاج.
مما سبق نصل إلى أن الطريقة الأفضل في الحياة هي:
1. تجنب الأخطاء.
2. اكتشافها مبكراً إن حدثت.
3. التدخل مباشرة عند اكتشافها.
4. علاج المشكلة عند المختصين لا عند المجتهدين فقط.
* أعراض الأمراض العضوية أكثر وضوحاً
ننتقل الآن من الأجهزة إلى أجسادنا وصحتنا، فعندما ترتفع درجة حرارة الطفل مع رشح، فإن الأم تدرك من البداية أن طفلها مريض، ويحتاج إلى علاج، حتى لو لم تلجأ لأهل الاختصاص، وكذلك إذا أصيب أحدهم بكسر أو إصابة في العظام فإنه يتوجه مباشرة لطبيب العظام لعمل اللازم، وذلك لأن العيب معلوم، وصاحب العلم والخبرة معروف.
* أعراض الأمراض النفسية أكثر خفاء
على العكس تماماً في الحالات التالية، نجد أحدهم يشكو من هذه الشكاوى:
1. زوجتي بتشك في وفي إخواتها وبتقول إننا بنحاول نؤذيها ومضطهدينها.
2. ابني يسرق ويكذب يا دكتور، وممكن يشيل سلاح، ويحب يلعب بالنار.
3. ابني مش مقتنع إني أبوه، وبيقول إني خطفته من أبوه وهو صغير.
4. أنا يا دكتور بييجي عليا أيام أبقى رايق ومشعشع وبصرف كتير وما حدش قدي، وأيام بتكون سواد السواد، وما ليش نفس في أي حاجة لدرجة أني بفكر أموت نفسي.
5. أنا بغسل إيدي في الساعة 10 مرات.
6. أنا وزني زاد كتير جداً من غير أي سبب، وباكل زي المفجوعة ولفيت على دكاترة كتير ما فيش حل.
7. أنا مش قادر أركز في أي حاجة ودايماً مشتت الانتباه وجهدي قليل خالص.
8. ابني زي القرد يا دكتور ما بيقعدش دقيقتين على بعض، والمدرسين كلهم بيشتكوا منه عشان مستواه وحش.
لا نجد في هذه الحالات تفسيرات منطقية طبية، وتسود التفسيرات الأخرى حتى يتبناها بعض الأطباء غير المتخصصين.
* لماذا لا نطلب مشورة المتخصص في المشكلات النفسية؟
السؤال المهم هنا لماذا يلجأ الكثير منا لطلب المعونة والاستشارة في حال كانت المشكلة في سيارته أو جهازه المحمول، ولا يهتم كثيراً إن كانت في سلوك ابنه أو مزاجه، أو شهية زوجته ومزاجها.
* مشكلة المرض النفسي في مجتمعاتنا
مشكلة الطب النفسي وخاصة في مجتمعنا أنه من المجالات الغامضة سواء لعموم الناس أو حتى للأطباء غير المتخصصين، وذلك لأن أعراض الأمراض النفسية مختلفة عن المعتاد من بقية الأمراض، ويفسرها الكثير بأسباب مختلفة آخرها المرض النفسي.
فمثلاً نجد أنها تفسر على
• أنها بعد عن الله أو (قلة ايمان).
• أنها سوء في التربية (الولد قليل الأدب ومش متربي يا دكتور).
• أنه حدث نتيجة مس أو سحر أو فعل من الجن.
• أن المريض يدعي المرض ولا يعاني من شيء أصلاً (بيستهبل).
• أنه مجنون ولا علاج له.
وعلى أساس هذا يكون التدخل بالترتيب:
• يذهب للمشايخ أو القساوسة بحسب دينه.
• يوصي الأب المدرسين بعقابه أو يعاقبه الأب بالضرب والتعدي اللفظي.
• يذهب للسحرة والدجالين.
• يُترك هائماً على وجهه يتسول أو ينام في الشارع حتى يقضي الناس في أمره.
وكل هذا راجع لغياب الوعي بالأمراض النفسية وكيفية علاجها، وكذلك بسبب الوصمة التي تلاحق المريض النفسي، وفقد الثقة في المعالجين النفسيين.
* كيف نساعد المريض النفسي؟
هذه الإجراءات ستساعد كثيراً في السيطرة على الأمراض النفسية، وستجعلنا كمجتمعات نتعامل مع المرض والمريض النفسي بشكل أكثر فعالية.
• معرفة ما هي أعراض الأمراض النفسية، ومتى نحتاج الإحالة إلى متخصص؟ وهذا دور الطبيب غير المتخصص.
• المعرفة العامة عن الأمراض النفسية، وتعريف المجتمع بها، وهذا هو دور المثقفين والإعلام.
• الثقافة العامة والاطلاع وهذا دور كل واحد على حدة.
ومن أجل هذا خصصنا في موقع صحتك قسماً متكاملاً للحديث عن المشكلات النفسية.
اقرأ أيضاً:
العلاج النفسي.. رحلة نمو (ملف)
العلاج الأسري.. كيف ولماذا؟ (ملف)