الفيتامينات الذائبة في الدهون .. مصادرها وآثار نقصها

تُعتبر الفيتامينات الذائبة في الدهون من العناصر الغذائية الأساسية التي تلعب دورًا حيويًا في وظائف الجسم المختلفة، وتعتمد سلامة صحتنا على توازن الفيتامينات الذائبة في الدهون، ومن المهم معرفة مصادرها الطبيعية وتناولها بكميات كافية لتجنب آثار نقصها المحتملة التي قد تؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة.

الفيتامينات

"عندك نقص فيتامينات".. تتردد هذه الجملة كثيرًا على ألسنتنا كلما وجدنا أحدًا يعاني من الأنيميا (فقر الدم) أو تشقق الجلد والشفتين، أو نزف من اللثة، أو لين (هشاشة) العظام، أو غيرها من الأعراض والأمراض المشهور عنها أنها تَنتج من نقص الفيتامين أو عدد من الفيتامينات. فما هي الفيتامينات؟ وما أهميتها في الجسم؟ وما أنواعها؟

هل تختلف الفيتامينات الذائبة في الدهون عن تلك الذائبة في الماء؟ وما الأعراض الناتجة عن نقص الفيتامينات الذائبة في الدهون في الجسم؟ وكيف نعالج هذا النقص؟ الفيتامينات هي مركّبات عضوية ضرورية للنمو الطبيعي للجسم ولكثير من العمليات الحيوية الضرورية للحياة، ويحتاج الجسم كميات ضئيلة جدًا من الفيتامينات، وأغلبها لا يستطيع الجسم تصنيعه، لذلك فنحن نحصل عليها جاهزة من الطعام أو من مصادر أخرى.

أنواع الفيتامينات 

توجد أسباب عديدة لنقص الفيتامينات في الجسم، أهمها النقص أو عدم التوازن في الغذاء لفترات طويلة، أو عند ازدياد الحاجة إليها، كما يحدث في فترات النمو والحمل والإرضاع، وعدد الفيتامينات المعترف بها عالميًا ثلاثة عشر نوعًا، ويتم تصنيفها في مجموعتين حسب قابليتها للذوبان في الدهون أو في الماء: المجموعة الأولى هي مجموعة الفيتامينات الذائبة في الدهون، وتشمل أربعة فيتامينات، هي (أ A – د D – هـ E – ك K)، والمجموعة الثانية هي مجموعة الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، وتشمل (ب المركّب B complex - ج أو C).

لا يستطيع الجسم أن يخزن مجموعة الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء لأن زيادتها تفرز بسهولة مع البول، لذا فإنه يعتمد على الغذاء بالأساس لتزويده بالكميات الضرورية منها باستمرار، والزيادة في التناول منها غير ضارة بسبب سهولة التخلص منها في البول.

الفيتامينات الذائبة في الدهون

بالنسبة لمجموعة الفيتامينات الذائبة في الدهون فإن الجسم يستطيع تخزين كميات كبيرة منها في الأنسجة الدهنية تكفيه لعدة أشهر، وفي حين أن الزيادة في الفيتامينات الذائبة في الماء يستطيع الجسم طردها بسهولة مع البول، فإن ذلك لا يحدث مع الفيتامينات الذائبة في الدهون، ولذا فإن تناول كميات كبيرة منها قد يؤدي إلى تراكمها واحتمال إلحاق الضرر بصحة الإنسان، وقد تؤدي إلى نوع من التسمّم.

1- الفيتامين (أ) أو (A) 

يعد الفيتامين (أ) من الفيتامينات الذائبة في الدهون ، وله دور مهم في الرؤية ونمو العظام ونمو الأسنان وانقسام الخلايا، وزيادة مناعة الجسم وصحة الجلد والأغشية المخاطية. كما يعد الفيتامين (أ) من مضادات الأكسدة القوية، ما يجعل له دورًا مهمّاً في القدرة على مكافحة السرطان.
تشمل آثار نقص الفيتامين (أ) حدوث ضعف النظر والعشى الليلي وجفاف والتهاب العين، وتأخر وضعف نمو العظام والأسنان عند الأطفال، وجفاف الجلد وتقشفه، وضعف قدرة الجسم على مكافحة العدوى، ما يؤدي إلى العديد من الأمراض. ومن أفضل المصادر للفيتامين (أ) هي:

• الكبدة.
• زيت السمك.
• الزبدة.
• صفار البيض.
• الحليب الكامل الدسم.
• وتعتبر الخضراوات ذات الألوان الداكنة كالجزر والطماطم والسبانخ من المصادر المهمة لبروفايتمين (أ) الكاروتيني الذي يتحوّل في الجسم إلى الفيتامين (أ).

2- الفيتامين (د) أو (D)

يقوم الجسم بتصنيع الفيتامين (د) من الكوليسترول عند التعرّض لكمية كافية من أشعة الشمس، وإذا لم يستطع الجسم تصنيعه بكمية كافية؛ يجب الحصول عليه من الغذاء. ومن أهم وظائف الفيتامين (د) في الجسم أنه يحافظ على مستوى الكالسيوم والفوسفور في الدم، وهي العناصر الرئيسية المكوّنة للعظام، وبذلك فإن له دوراً مهمّاً في نمو العظام وتقويتها، كما وجِد أيضًا أن الفيتامين (د) له دور مهم في تشكيل خلايا الدم وتنظيم المناعة.
وأثبتت الدراسات أن إمداد الجسم بكمية كافية من الفيتامين (د) يزيد من إفراز الإنسولين في الدم، ويحدّ ‫من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وربما تقليل خطر الإصابة بالسرطان.

اقرأ أيضاً

أعراض نقص فيتامين د في الجسم

ويؤدي نقص الفيتامين (د) والذي من أهم أسبابه عدم التعرّض الكافي لأشعة الشمس، إلى هشاشة العظام عند الكبار والكساح عند الأطفال، وتشمل أعراضه تأخر النمو الطبيعي، وتأخر ظهور الأسنان والهزال. ونظرًا لأن طبيعة الحياة المعاصرة، خاصة في المدن، أدت إلى قلّة التعرّض لأشعة الشمس بسبب نظام المباني التي تمنع دخول أشعة الشمس والمكث فترة طويلة بالعمل في المنازل والمكاتب، فقد أصبح من الضروري الحصول على الفيتامين (د) من المصادر الغذائية، والتي أهمها:

• الأسماك، وخاصة السلمون والسردين.
• زيت السمك.
• الكبدة.
• صفار البيض.

3- الفيتامين هـ (H)

يعد الفيتامين (هـ) من الفيتامينات الذائبة في الدهون التي تمتلك خصائص مضادة للأكسدة، ولذلك فهو يحمي الجسم من أمراض كثيرة كالسرطان وأمراض القلب وتصلّب الشرايين، والمصادر الغذائية له هي:

• المكسرات، كاللوز.
• الزيوت النباتية.
• الخضراوات الورقية.

4- الفيتامين ك (k)

يعد الفيتامين (ك) من الفيتامينات الذائبة في الدهون ، وهو ضروري لعملية تخثر الدم اللازمة لمنع النزف من الجروح، فهو يساعد على صنع وتنشيط عوامل تخثر الدم، وعلى توازن عملية تخثر الدم بصورة صحية.
كما أنه مهم أيضًا في بناء العظام، ويؤدي نقص الفيتامين (ك) إلى عدم إتمام عملية تخثر الدم بشكل فعال، وبالتالي حدوث سيولة (ميوعة) الدم وسهولة النزف من الجروح، ونزيف الأنف أو اللثة. والمصادر الغذائية للفيتامين ك هي:

• يوجد الفيتامين (ك) بكميات كبيرة في الخضراوات الورقية الخضراء، وخاصةً البروكلي والسبانخ والكرنب وأوراق اللفت والخس.
• ويحتوي الكبد والبيض ومنتجات الألبان على كمية متوسطة منه.
• كما يتكوّن الفيتامين (ك) في أجسامنا بواسطة البكتيريا النافعة في الأمعاء.

لذلك، فإن تناول المضادات الحيوية لمدة طويلة من أهم أسباب نقص الفيتامين (ك) في الجسم، لأن هذا يؤدي إلى القضاء على البكتيريا النافعة في الأمعاء، وبالتالي فقدان الجسم لمصدر مهم للفيتامين (ك).

الأسئلة الأكثر شيوعًا حول الفيتامينات

هناك العديد من الأسئلة الأكثر شيوعًا حول الفيتامينات التي يتم طرحها عبر شبكات التواصل والمواقع الطبية، وأردنا أن نضعها هنا لتسهيل الإجابة عليها: 

كيف تذوب الفيتامينات في الدهون؟

يمتص الجسم الفيتامينات الذائبة في الدهون من الأمعاء الدقيقة عن طريق دمجها في مجموعات دهنية صغيرة تسمى المذيلات (Micelles). تحتوي هذه المذيلات على أسطح محِبّة للماء (hydrophilic) ومراكز محِبّة للدهون (hydrophobic)، وتتطلب عملية الامتصاص هذه وجود عصارة الصفراء (bile) وإنزيمات البنكرياس.

هل الفيتامين سي يذوب في الدهون؟

لا، لا يعد فيتامين سي من الفيتامينات الذائبة في الدهون، الفيتامين سي هو فيتامين قابل للذوبان في الماء فقط، وهو من أهم الفيتامينات، وله أدوار في العديد من العمليات الفسيولوجية، بما في ذلك الاستجابة المناعية وامتصاص الحديد .

هل الفيتامين د يذوب في الدهون؟

نعم، الفيتامين د هو جزيء قائم على الكوليسترول، وهو من الفيتامينات الذائبة في الدهون

ما الفرق بين الفيتامينات الذائبة في الماء والفيتامينات الذائبة في الدهون ؟

تذوب الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء في البلازما والماء في جسمك، ويتم طرحها بسهولة عن طريق البول، وتحتاج إلى تجديدها بشكل متكرر. أما بالنسبة للفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون (الفيتامينات D وA وE وK) فهي تذوب في الدهون التي تتناولها، وقد يؤدي استهلاك كميات كبيرة منها لحدوث نوع من التسمم الغذائي بسبب عدم مقدرة الجسم التخلص منها بسهولة.

ما هو الفيتامين المسؤول عن الحرق في الجسم؟

تلعب الفيتامينات ب العديد من الأدوار الأساسية في عمليات الأيض في الجسم، وتشمل مجموعة الفيتامينات ب: الفيتامين ب-12 والبيوتين.

هل يساعد b12 على حرق الدهون؟

نعم، يساعد الفيتامين B12 على عملية التمثيل الغذائي والدهون في الجسم. وأظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن نقص الفيتامين ب12 يسبب زيادة في الوزن والكوليسترول، ووجَدت دراسة أخرى أن الفيتامينات ب يمكن أن تقلل من زيادة الوزن، وتعزز فقدان الوزن عن طريق تعزيز عملية التمثيل الغذائي لديك.

هل الزنك يذوب في الماء أم الدهون؟

في حين أن الزنك نفسه هو عنصر غير قابل للذوبان بطبيعته، سواء في الماء أو الدهون، فإن الجمع بين الزنك وحمض الستريك لصنع سترات الزنك يجعل هذا العنصر قابلاً للذوبان في الماء إلى حد ما. ولذلك، يمتص جسمك سترات الزنك بسرعة نسبية، كما يتم إخراج هذه المادة بسرعة أيضًا.

هل الحديد يذوب في الدهون؟

يوجد الحديد بشكل رئيسي في الماء في شكلَين: إما الحديد القابل للذوبان (soluble ferrous iron)، أو الحديد غير القابل للذوبان (insoluble ferric iron).

في الختام، تعد الفيتامينات الذائبة في الدهون من العناصر الغذائية الأساسية التي تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة الجسم. تتنوع مصادر هذه الفيتامينات بين الأطعمة النباتية والحيوانية، مما يجعل من الضروري تضمين نظام غذائي متوازن يضمن الحصول على الكميات الكافية منها. على الرغم من أن الجسم يحتاج إلى كميات صغيرة من هذه الفيتامينات، فإن نقصها يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، مثل ضعف النظر وهشاشة العظام واضطرابات النزيف، كما أن زيادتها تؤدي إلى بعض الأعراض.

ومن هنا؛ تأتي أهمية الوعي الغذائي والتغذية السليمة لضمان توفير هذه الفيتامينات الحيوية. ينبغي الحرص على تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات الذائبة في الدهون مثل الزيوت النباتية والأسماك الدهنية والخضراوات الورقية والمنتجات الحيوانية، بالإضافة إلى ضرورة استشارة أخصائيي التغذية عند الحاجة لضمان الحصول على جميع الفيتامينات بكميات كافية وغير زائدة.