صحــــتك
06 أكتوبر 2018

أحب صاحبتي ومتعلقة بها جداً

لو سمحت صاحبتي بحبها جدا واتعلقت بيها قوي.. بقيت عاوزة أكلمها دايما.. يومي بيتقفل ومبعرفش أعمل حاجه لو مكلمتهاش.. وحتى مبعرفش أزعل منها مهما عملت معايا، ولما بكون معاها دايما عاوزة أكون ماسكة إيديها بحس بأمان وإني مرتاحة، ولما أسلم عليها أحب أحضنها جدا وأبقى نايمة على كتفها.. لو قاعدين عاوزاها دايما معايا وجنبي.. هو ده طبيعي؟ عاوزاها ف يومي كله، حاولت مكلمهاش لو مكلمتنيش معرفتش.. وبروح أكلمها.. أنا تعبت.. إيه تفسير طريقتي معاها لأني بحس دايما إني محتاجة أحضنها جداً وأفضل ماسكة إيديها، مش قادرة أبعد عنها.
بحب صاحبتي ومتعلقة بيها جداً
أهلا بك يا سما/ سمر أي منهما؛
أنا سعيدة بأنك تلاحظين أن علاقتك بها تدعو للتساؤل، والحقيقة أن علاقتك بها إن استمرت هكذا ستكون علاقة "مرضية"، ولقد تعلمنا يا ابنتي أن العلاقات هي التي تسبب الشروخ والتشوهات والارتباكات النفسية، وكذلك هي التي تشفي كل تلك الجروح النفسية، لذا علينا جميعا أن "نتدرب" على ممارسة العلاقات الصحية التي بها نتغير، ونحصل على ما نحتاج لنكمل مسيرة الحياة بنضوج وسواء.

والعلاقات الصحية هي علاقات فيها تساو بين الطرفين، فكلاهما حاضر في العلاقة وموجود، وكلاهما يعطي ويأخذ، وكلاهما يقبل الآخر بصدق، وكلاهما يسمح بوجود مسافات صحية بينهما تمنع التعلق المرضي، وتحافظ في الوقت نفسه على بقاء واستمرار العلاقة، وفيها لا يحكم أحدهما على الآخر، ويطمئن على نفسه فيها، وتحمل العلاقة بينهما "براح" يكون في كل منهما نفسه كما هي دون تجميل أو "قص ولزق"، فيها تعبير عن المشاعر بكل أطيافها دون أن يمس ذلك جوهر حقيقية العلاقة؛ فقد يحدث فيها غضب ومراجعات وقرب وونس واختلاف.. إلخ، وتبقى العلاقة موجودة بثبات؛ لأنها علاقة صحية.. لم تعد تحمل الشوائب التي تعكر العلاقات من التعلق، أو الأنانية، أو السيطرة، أو الرفض، أو الإيذاء النفسي بأي شكل.

والآن بعد أن تكلمنا عن العلاقة الحقيقية، هل عرفت لماذا قلت لك إنك إن ظللت هكذا ستكون علاقة مرضية تؤذيكِ؟ الحقيقة أن علاقتك بصديقتك هي علاقة فيها تعلق شديد، بسبب حرمانك الكبير من الحميمية في حياتك يا ابنتي، ودون أن تدري تلعبين في تلك العلاقة دور الطفلة الصغيرة التي تتعلق بأمها؛ فالعلاقة إذن هكذا تحمل ما لا ينطبق عليها؛ فأنتما صديقتان كل منكما مثل الأخرى تماما لا أحد فيها يلعب أي دور، فانظري ماذا ستبدئين في فعله مع نفسك.



لقد بدأت تتحملين ردود فعلها التي لا ترضينها معك - أعود لها مهما فعلت معي - وتتنازلين عن نفسك الحقيقية في تلك العلاقة مقابل احتياجك الشديد للأمان، والذي هو بالمناسبة أمان متوهم مزيف؛ فالأمان لا يولد في مناخ عدم الندية ولا التهديد ولا الأذى ولا السيطرة، وبمرور الوقت ستزهد هي في تلك العلاقة للسبب نفسه: عدم الندية والتعلق؛ فستلهو بك عمدا، أو بدون عمد لتشبع السيطرة والتحكم بداخلها إن كانت كذلك، أو لأنها طبيعية، والشخص السوي لا يتعلق في علاقاته ولا يقبلها مهما طالت سنوات وجودها.

وكلما زاد بقاء هذا الوضع، كلما تعايشت أكثر مع دور أخطر يعرف علميا بدور "الضحية" وفيه يظل الشخص في البدايات يقبل هدر حقوقه في العلاقات بداية من حقه في الوجود فيها، والتعبير عن نفسه كما هو، مرورا بهدر حقه في قول "لا" لكل ما لا يحبه، أو لا يقبله، وانتهاء بالرضى بهدر حقوقه مع دوام الشكوى المستمر والنحيب والحديث عن الحظ العاثر في تلك الحياة الظالمة.


لقد شهدت عياداتنا كمَّ الزوجات اللاتي يتقنَّ دور الضحية بجدارة دون أن يعين ذلك، ويشكين من مرارة علاقتهن بالزوج المهين المتحكم الظالم، وبأمهاتهن وآبائهن الذين يكبتون حقوقهن، وحين نعود للوراء في تاريخهن يكتشفن هن بأنفسهن أنهن كن يتدربن على هذا الدور من فترة المراهقة وما بعدها بقليل في "علاقات تعلق" فيها هدر للوجود والحقوق، وتكون الصدمة مؤلمة؛ لأنهن لم يكن يتصورن أبدأ أنهن هن الذين فعلن ذلك في أنفسهن، وأن تلك المرارة والشكوى لسنوات كانت ستنتهي فقط بدرجة إفاقة وجهد ليتحررن من عبودية هذا الدور الخبيث الذي من خلاله تم أخذ قرارات مهمة جدا مثل الزواج، والإنجاب، والعمل، وغيره.

أعلم أني كنت واضحة جدا معك يا ابنتي، ولكن هكذا تكون الحقيقة.. موجعة، ولكن يكفي أنها تنير لنا ظلاما لم نكن ندري بتسربه داخل أنفسنا ليبتلعها، وواجبك الآن أن تنتبهي لهذا الدور المؤذي في علاقتك تلك، والعودة لأصل المشكلة التي أدت لذلك، وتعودي لتصحيح علاقتك الأساسية التي تبحثين عنها في علاقاتك بشكل خطأ وغالبا ستكون علاقتك بأمك، أو عموما بسبب فقدان الحميمية في بيتك الاصلي، وهذا يحتاج لجهد ووعي قد لا تطيقينه أو تتمكنين منه وحدك، فإن أردت المزيد من المراسلة لمساعدتك قدر الإمكان فأهلا بك وسهلا، وإن تمكنت من التواصل مع متخصص نفسي فسيكون أفضل كثيرا.. هيا يا ابنتي ابدئي ووفقك الله.
آخر تعديل بتاريخ
06 أكتوبر 2018
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.