بعد مرور 22 يومًا على الأقل من القصف الدموي والحصار الشديد على غزة، بدأت الآثار الكارثية على السكان تظهر بوضوح. واحدة من هذه الآثار هي ما يُعرف بـ "تخشّب الموتى"، والذي يشير إلى الظروف الصعبة التي تتعرض لها جثث الأشخاص الذين فارقوا الحياة تحت أنقاض المباني المدمرة. يُعتقد أن هذا الأمر يؤثر على العديد من الجوانب الصحية والإنسانية، وسنستعرض في هذا المقال تفصيلًا لما يحدث في هذا السياق.
مراحل تخشّب الموتى
تعتبر مراحل تخشّب الموتى، والتي تبدأ على مدى ساعتين من الوفاة وتصل إلى ذروتها بعد 12 ساعة بعد الوفاة من الأمور المهمة التي تُساعد في تحديد الفترة الزمنية التي مضت على الوفاة. يمر الجسم بست مراحل رئيسية من تخشّب الموتى:
- مرحلة الغياب: تكون العضلات ما تزال قادرة على الحصول على كميات صغيرة من الأكسجين بشكل لا هوائي، والعضلات لا تزال طرية وقابلة للحركة.
- مرحلة الحد الأدنى: تبدأ العضلات في الجسم في التصلب تدريجياً، وعادةً ما تكون عضلات الوجه الأولى التي تتأثر.
- المرحلة المتوسطة: تبدأ المزيد من العضلات في الجسم في التحجّر (التخشّب)، ويصبح من الواضح أن الجسم لم يعد مرنًا.
- المرحلة المتقدمة: تصبح معظم العضلات في الجسم الآن صلبة ولا تنثني.
- مرحلة الاكتمال: تصبح جميع العضلات في الجسم صلبة وغير قابلة للانحناء.
- مرحلة الانتقال: تنتهي مرحلة تخشّب الموتى، وتنتقل الجثة الآن إلى مراحل التحلل.
يحدث تخشّب الموتى نتيجة لنفاد الطاقة اللازمة لعضلات الجسم بسبب نفاد مركّب الأدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) الذي يمد العضلات بالطاقة. بعد الوفاة، تَضعُف العضلات بسبب عدم قدرة الدماغ على تحفيز العضلات للانقباض أو الاسترخاء. تحتفظ العضلات بمخزون طاقة يمكن استخدامه، ولكن هذا المخزون يبدأ في النفاد بعد بضع ساعات حتى ينفد بالكامل، وبدون نشاط تنفسي أو تناول أي طعام لا يتم إنتاج ATP. وبالتالي، تتجمّد العضلات في الوضع الذي تكون فيه. وعلى الرغم من أن هذا الأمر يبدأ في التأثير على الجسم بأكمله في نفس الوقت، فإن العضلات الصغيرة، مثل تلك التي في الجفون والوجه والأصابع تصبح متحجّرة أو متخشّبة أولاً.
تغيّرات أخرى بعد الوفاة
بالإضافة إلى تخشّب الموتى، تشهَد الجثث تحت الأنقاض تغيّرات أخرى خلال هذه الفترة. من بالغ الأهمية معرفة مراحل الوفاة الأخرى لفهم الظروف التي يتعرض لها الأشخاص الذين يفارقون الحياة تحت الأنقاض.
- مرحلة تغيّر اللون (Pallor Mortis): تتمثل في زيادة الشحوب بسبب توقف الدورة الدموية، وهذه هي العلامة الأولى التي تظهر بسرعة بعد الوفاة.
- مرحلة برودة الجسم (Algor Mortis): بعد الوفاة، تبدأ درجة حرارة الجسم في الانخفاض إلى أن تتوافق مع درجة حرارة البيئة الخارجية.
- مرحلة التغير في العضلات (Rigor Mortis): العضلات تصبح صلبة بعد عدة ساعات من الوفاة.
- مرحلة انحباس الدم (Livor Mortis): يتجمع الدم في أماكن معينة بحسب وضعية الجسم، مما يؤدي إلى تغيير لون الجلد في تلك المناطق.
- مرحلة التحلل (Decomposition): تتضمن هذه المرحلة عمليتين: تحلُّل الخلايا (autolysis) والتعفّن (putrefaction). تحدث هاتان العمليتان بعد وفاة الخلايا نتيجة نقص الأكسجين.
بشكل عام، تخشّب الموتى ومراحل الوفاة الأخرى تكون تجربة مروعة للأهالي في غزة بعد مرور 22 يومًا على الأقل من القَصف والحصار. هذه الظروف القاسية تجعل التعامل مع الجثث والقضايا الصحية المتعلقة بالجثث أمرًا صعبًا جدًا، خاصة في مرحلة التحلل والتعفّن، بعد أن تغزو الجراثيم والطفيليات الجثث المتحللة، فتصبح مَصدرًا للأمراض والأوبئة. ويجب أن تكون هناك جهود دولية لدعم السكان، والمساعدة في تقديم الرعاية الصحية والإغاثة لهم خلال هذه الأوقات الصعبة.
المصدر:
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
