يعد الكافيين أكثر المواد المؤثرة في العالم شيوعاً، فهو يعمل كمنشط للجهاز العصبي المركزي، مما يعني أنه يؤثر على النشاط العصبي في المخ ويزيد اليقظة ويقلل التعب، لكن إذا أصبح الجسم يعتمد ويعتاد على الكافيين، فإن التخلص منه من النظام الغذائي يمكن أن يسبب أعراض سحب الكافيين، والتي تبدأ عادة من 12 إلى 24 ساعة بعد التوقف عن تناول الكافيين.
لكن، ما هي أهم أعراض سحب الكافيين بالنسبة لأي شخص يستهلك الكافيين بانتظام؟ وكيف نحد من آثار هذه الأعراض؟ هذا ما سنحاول معرفته في هذا المقال.
اقــرأ أيضاً
* آثار الكافيين
تجعل آثار الكافيين المنشطة منه جرعة رائعة تحسن الأداء، فهو الشراب المفضل لأي شخص يحتاج إلى مزيد من التركيز في فترة ما بعد الظهيرة، لكن تناوله بجرعات عالية بما فيه الكفاية، وبالأخص عندما يدخل في تركيبة مع أدوية أخرى، فإنه يمكن أن يؤذي الناس، أو حتى يقتلهم، وفي عام 2011، زار ما يقرب من 21000 شخص في الولايات المتحدة غرفة الطوارئ لتلقي العلاج في ما يتعلق بمشروبات الطاقة المليئة بالكافيين، وفي حوالي 60 في المائة من هذه الحالات، كان الكافيين هو الوحيد المعني.
* تصنيف سحب الكافيين
يتم تصنيف سحب الكافيين حالياً على أنه (اضطراب نفسي) في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM)، وهو الكتاب المرجعي الأول للاضطرابات النفسية، لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها الكافيين في قائمة الاضطرابات العقلية التي تم تشخيصها، فقد سبق وأن تم تصنيف تسمم الكافيين (الذي يسبب الأرق، والعصبية، والإثارة، واضطراب المعدة، والكلام السريع، ونبض القلب السريع، وعددا من الأعراض الجسدية والسلوكية الأخرى) في الإصدار الرابع من الدليل (DSM-IV)، على أنه اضطراب نفسي أيضاً.
وقد سخرت معظم العناوين الرئيسية التي تناقش الإضافات إلى دليل (DSM) من فكرة تضمين التسمم بالكافيين وسحب الكافيين كاضطرابات نفسية فعلية، لأن ذلك يوحي بأن القهوة تدفعك إلى الجنون أو التساؤل عما إذا كان شرب القهوة يُعادل شرب الخمر أم لا.
حتى علماء النفس والأطباء النفسيون وجدوا صعوبة في أخذ التشخيصات الجديدة على محمل الجد، وهم لا يفهمون لماذا يتم تضمين التسمم بالكافيين أو سحب الكافيين في دليل DSM أصلاً، ويثيرون الجدل في ذلك.
اقــرأ أيضاً
* أعراض سحب الكافيين
رصد الباحثون حتى الآن ثمانية أعراض لدى البدء بسحب الكافيين من الجسم، نوردها في ما يأتي:
1- صداع
الصداع من بين أكثر الأعراض شيوعاً لدى سحب الكافيين؛ لأن الكافيين يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية في الدماغ، مما يؤدي إلى إبطاء تدفق الدم، وقد وجدت إحدى الدراسات أن 250 ملغ فقط (أقل من ثلاثة أكواب من القهوة) يمكن أن تقلل من تدفق الدم في الدماغ بنسبة تصل إلى 27٪، ونظراً لأن استهلاك الكافيين يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية، فإن تقليل أو إيقاف المدخول يسمح بفتح الأوعية الدموية، وزيادة تدفق الدم إلى المخ.
يمكن لهذا التغير المفاجئ في تدفق الدم أن يسبب صداعاً مؤلماً للسحب، يختلف في الطول والشدة حسب تكيف الدماغ مع الزيادة في الدم.
وعندما يتكيف الدماغ مع عملية السحب سوف يهدأ الصداع مع هذه الزيادة في تدفق الدم، وعلى الرغم من أن سحب الكافيين يمكن أن يسبب الصداع، إلا أن الكافيين يستخدم لعلاج أنواع معينة من الصداع مثل الصداع النصفي؛ إذْ يساعد الكافيين في تعزيز قوة الأدوية التي تخفف الألم ويقلل من آلام الصداع عند تناولها بمفردها.
اقــرأ أيضاً
2- التعب
يعتمد الكثير من الناس على فنجان من القهوة يومياً لمنحهم دفعة من الطاقة؛ حيث يساعد الكافيين على زيادة اليقظة وتقليل التعب عن طريق منع مستقبلات الأدينوساين، وهو ناقل عصبي يمكن أن يجعلك تشعر بالنعاس، وهذا هو السبب أيضاً في إثبات أنه يعزز الأداء الرياضي، ويحسن الطاقة، ويقلل من التعب المزمن.
ومع ذلك، فإن التخلص من الكافيين من نظامك الغذائي يمكن أن يكون له تأثير معاكس، مما يسبب النعاس والتعب.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت على 213 مستهلكاً معتاداً على الكافيين أن الامتناع عن تناول الكافيين لمدة 16 ساعة يسبب زيادة الشعور بالتعب، والأكثر من ذلك، أن أولئك الذين تناولوا الكافيين يومياً لديهم أعراض سحب أكثر حدة، بما في ذلك التعب، أكثر من أولئك الذين تناولوه فقط عدة مرات في الأسبوع.
بالإضافة إلى ذلك، تستمر آثاره المنشطة في نظامك لمدة تتراوح بين أربع وست ساعات فقط، مما قد يؤدي بك لتناول أكواب متعددة من القهوة أو مشروبات الطاقة للبقاء مستيقظاً طوال اليوم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في تناول الكافيين والاعتماد عليه، وجعل أعراض السحب أسوأ بكثير.
اقــرأ أيضاً
3- القلق
الكافيين هو منبه يزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم وهرمونات الإجهاد الكورتيزول والإيبينيفرين، وبالنسبة للأشخاص الذين لديهم حساسية من الكافيين، يمكن أن يؤدي تناول فنجان واحد من القهوة إلى الشعور بالقلق.
في حين أن تناول الكافيين يمكن أن يسبب مشاعر القلق، إلا أن الاستغناء عنها يمكن أن يسبب هذا التأثير الجانبي أيضاً.
القلق هو أحد الأعراض الشائعة لدى الأشخاص الذين ينسحبون من تناول الكافيين بانتظام، ويمكن أن يصبح الجسم معتمداً عليه عقلياً وفسيولوجياً، مما يسبب مشاعر القلق.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت تستهلك غالبية الكافيين على شكل صودا أو قهوة محلاة بالسكر، فقد يؤدي الانخفاض المفاجئ في السكر إلى زيادة القلق الناجم عن سحب الكافيين.
تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن إزالة السكر فجأة من النظام الغذائي، بعد فترة طويلة من استهلاك السكر، يمكن أن تسبب أعراض القلق.
اقــرأ أيضاً
4- صعوبة التركيز
أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يختارون تناول الكافيين، على شكل مشروبات القهوة أو الشاي أو الطاقة، هو زيادة التركيز.
يتم تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين بشكل شائع قبل الاختبارات أو الأحداث الرياضية أو العروض التقديمية لتحسين التركيز.
يزيد الكافيين من مستويات الأدرينالين، وهو هرمون ينتج من الغدد الكظرية كجزء من رد فعل الجسم الطبيعي تجاه الإجهاد؛ كما أنه يعزز نشاط الناقلات العصبية المثيرة مثل الدوبامين والنور أدرينالين.
هذا المزيج من ردود الفعل يرفع معدل ضربات القلب وضغط الدم ويحفز الدماغ، مما يتسبب في زيادة اليقظة وتحسين التركيز.
التخلص التدريجي من الكافيين يمكن أن يؤثر سلباً على التركيز حيث يكافح جسمك لتصبح معتاداً على العمل بدونه.
5- مزاج مكتئب
الكافيين معروف بقدرته على رفع المزاج، حيث إن قدرته على منع الأدينوساين لا تزيد من اليقظة فحسب، بل وجد أيضاً أنها تحسّن الحالة المزاجية.
وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على الأشخاص الذين تناولوا الكافيين بانتظام أن استهلاك (1.5 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم) أدى إلى مزاج أكثر إيجابية، مقارنةً بالعلاج الوهمي (البلاسيبو)، بالإضافة إلى ذلك، ربطت العديد من الدراسات بين استهلاك الكافيين بانتظام وتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.
على سبيل المثال، وجدت دراسة كبيرة أجريت على أكثر من 50000 امرأة أن النساء اللائي شربن أربعة أكواب أو أكثر من القهوة في اليوم كان لديهن خطر الاكتئاب بنسبة 20٪ أقل من النساء اللواتي شربن القليل من القهوة أو لم يشربن.
يمكن أن تؤدي التأثيرات المنشطة للكافيين إلى الشعور بالانبساط وزيادة الطاقة، والتي تزول عندما ينتهي تأثير الكافيين. لهذا السبب، قد تتعكر حالتك المزاجية إذا قررت ترك الكافيين.
اقــرأ أيضاً
6- التهيج
قد يكون الكافيين في القهوة هو السبب وراء هذا الشعور بالتهيج؛ نظراً لاستمرار تناول القهوة في النظام لمدة أربع إلى ست ساعات فقط، ويمكن أن تحدث أعراض السحب مثل التهيج بعد قضاء ليلة مريحة.
يشار إلى أن محبي القهوة معتادون على تأثيرات الكافيين المعززة للحالة المزاجية، فضلاً عن قلة الطاقة التي يتلقونها، وبالنسبة للبعض، فإن التخلص من المشروبات المحتوية على الكافيين مثل القهوة يجعلهم يشعرون بالاضطراب المزاجي.
في الواقع، قد يكون من الصعب على مستهلكي الكافيين الثقيل تقليص الكمية المعتادين عليها دون التأثير سلباً على مزاجهم.
في دراسة أجريت على 94 بالغاً يعتمدون على الكافيين، ذكر 89٪ من المشاركين أنهم على الرغم من رغبتهم في تقليل الكافيين، إلا أنهم لم ينجحوا في جهودهم بسبب أعراض السحب، بما في ذلك التهيج والغضب.
اقــرأ أيضاً
7- الرجفات
وإن لم تكن الرجفات شائعة مثل الأعراض الأخرى، فإن أولئك الذين لديهم اعتماد خطير على الكافيين يمكن أن يتعرضوا للارتعاش في حالات سحب الكافيين.
نظراً لأن الكافيين منبه للجهاز العصبي المركزي، فإن الآثار الجانبية الشائعة للشرب تتضمن الكثير من الشعور بالقلق واليدين المهتزة.
في الواقع، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق بعدم تناول الكافيين لتجنب تفاقم مشاعر القلق.
ومع ذلك، بالنسبة للأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الكافيين يومياً، فإن ترك القهوة قد يؤدي أيضاً إلى حدوث رجفات، وقد تحدث الرجفات المرتبطة بسحب الكافيين عادة في اليدين، ويمكن أن تستمر من يومين إلى تسعة أيام فقط.
إذا كنت تعاني من رجفات يد تستمر لأكثر من تسعة أيام، فاستشر طبيبك لاستبعاد الأسباب الأخرى.
8- انخفاض الطاقة
يبحث كل شخص يستهلك المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين عن طريقة لتحسين مستويات الطاقة المختلفة عنده، ويمكن أن تستنزف عوامل نمط الحياة مثل قلة النوم والوظائف الشاقة والوجبات الغذائية غير الصحية الطاقة؛ مما يتسبب في وصول كثير من الناس إلى مصادر الطاقة الخارجية مثل القهوة ومشروبات الطاقة لإنعاشهم.
غالباً ما يتم استخدام المشروبات التي تحتوي على الكافيين كعكاز نتكئ عليها لتوفير الطاقة اللازمة خلال اليوم، أو للتعويض عن قلة النوم.
إن تناول كوب من القهوة أو مشروب الطاقة يعزز التركيز، ويزيد من معدل ضربات القلب، ويزيد من نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى زيادة الطاقة البدنية والعقلية، لكن يمكن أن تؤدي هذه التأثيرات المرغوبة إلى الاعتماد على الكافيين، مما يتسبب في الحاجة إلى المزيد والمزيد من الكافيين لإنتاج المزيد من الطاقة.
هذا هو السبب في أن انخفاض الطاقة هو شكوى شائعة للأشخاص الذين يخفضون أو يزيلون الكافيين من نظامهم الغذائي اليومي.
اقــرأ أيضاً
* كيفية الحد من أعراض سحب الكافيين
يجب أن تستمر أعراض سحب الكافيين فقط بين يومين وتسعة أيام، مع حدوث شدة في ذروة الأعراض بعد مرور 24 إلى 51 ساعة من تناول الكافيين.
في حين أن هذه الأعراض عادة ما تكون قصيرة الأجل، إلا أنها قد تكون غير مريحة وتجعل الحياة صعبة، ولحسن الحظ، هناك طرق لتقليل فرص تجربة هذه الآثار الجانبية غير السارة.
جرب النصائح الآتية لتقليل أعراض سحب الكافيين أو حتى تجنبها تماماً:
1- خفّض ببطء
إن ترك القهوة يمكن أن يصدم الجسم، ويجعل أعراض السحب أسوأ، ويمكن أن يقلل الفطام التدريجي من الكافيين من فرص التعرض لآثار جانبية غير سارة.
2- قلل من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين
إذا كنت معتاداً على شرب القهوة بكامل قوتها من الكافيين، كأن تبدأ في تناول نصف كوب قهوة منزوعة الكافيين، أو نصف الكمية لتقليل الاعتماد عليه ببطء، والأفضل من ذلك، قم بتبديل القهوة بشاي عشبي منزوع الكافيين.
3- ابق رطباً
حيث إنّ شرب كمية كافية من الماء أمر بالغ الأهمية عند التخلص من الكافيين، ويمكن أن يؤدي الجفاف إلى تفاقم أعراض السحب، مثل الصداع والتعب.
اقــرأ أيضاً
4- احصل على قسط كافٍ من النوم
لمحاربة التعب، حاول الحصول على ساعات النوم الموصى بها من سبع إلى تسع ساعات في الليلة.
5- زيادة الطاقة بشكل طبيعي
إذا كانت مستويات الطاقة لديك قد تأثرت بعد التخلي عن الكافيين، فحاول دمج المصادر الطبيعية للطاقة مثل التمارين الرياضية، والأطعمة الغنية بالمغذيات، وتقنيات الحد من التوتر في روتينك.
* ولكن هل يعني ذلك أنه يجب ترك شرب القهوة نهائياً؟
لا يزال الخبراء يقولون: كلا، لأنه مجرد أن يتم سحب الكافيين والتسبب بظهور الأعراض السابقة لا يعني أنه أمر خطير، إذْ لا يمكن وصف تناول الكافيين بأنه حالة "إدمان"، فالإدمان له علاقة بعدم القدرة على التوقف أو السيطرة على السلوك لدى نقصان شيء (مثل حالة الشخص الذي يدمن المخدرات مثلاً)، إذْ يمكن لمعظم الناس التوقف عن شرب القهوة، حتى لو كانت لديهم أعراض عندما يرغبون بذلك، وإنما الهدف الحقيقي لنتائج الأبحاث في هذا المجال التنبيه على ضرورة أن يدرك الناس احتمال أن يكون سحب الكافيين مسؤولاً عن بعض الأعراض التي تزعجهم بشكل مؤقت.
اقــرأ أيضاً
* خلاصة القول
يعتبر الكافيين منبها واسع الاستهلاك، ويمكن أن يسبب بعض الأعراض الصحية لدى البدء بسحبه من الجسم، ويمكن أن تحدث أعراض سحب الكافيين لدى أي شخص يستهلك الكافيين بانتظام ثم يتوقف عن استخدامه فجأة.
تشمل الأعراض الشائعة الصداع والتعب وانخفاض الطاقة والتهيج والقلق وضعف التركيز والمزاج المكتئب والرجفات، والتي يمكن أن تستمر في أي مكان من الجسم لمدة تتراوح من يومين إلى تسعة أيام.
لكن لحسن الحظ، هناك طرق لتقليل هذه الأعراض، بما في ذلك تقليل الكافيين تدريجياً، والبقاء رطباً بشرب الماء، والحصول على الكثير من النوم، وإيجاد طرق لزيادة طاقتك بشكل طبيعي.
على الرغم من أن سحب الكافيين قد يبدو غير محتمل في البداية، إلا أن رد الفعل المؤقت هذا مجرد عثرة سهلة العبور في طريق الحد من الاعتماد عليه.
لكن، ما هي أهم أعراض سحب الكافيين بالنسبة لأي شخص يستهلك الكافيين بانتظام؟ وكيف نحد من آثار هذه الأعراض؟ هذا ما سنحاول معرفته في هذا المقال.
* آثار الكافيين
تجعل آثار الكافيين المنشطة منه جرعة رائعة تحسن الأداء، فهو الشراب المفضل لأي شخص يحتاج إلى مزيد من التركيز في فترة ما بعد الظهيرة، لكن تناوله بجرعات عالية بما فيه الكفاية، وبالأخص عندما يدخل في تركيبة مع أدوية أخرى، فإنه يمكن أن يؤذي الناس، أو حتى يقتلهم، وفي عام 2011، زار ما يقرب من 21000 شخص في الولايات المتحدة غرفة الطوارئ لتلقي العلاج في ما يتعلق بمشروبات الطاقة المليئة بالكافيين، وفي حوالي 60 في المائة من هذه الحالات، كان الكافيين هو الوحيد المعني.
* تصنيف سحب الكافيين
يتم تصنيف سحب الكافيين حالياً على أنه (اضطراب نفسي) في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM)، وهو الكتاب المرجعي الأول للاضطرابات النفسية، لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها الكافيين في قائمة الاضطرابات العقلية التي تم تشخيصها، فقد سبق وأن تم تصنيف تسمم الكافيين (الذي يسبب الأرق، والعصبية، والإثارة، واضطراب المعدة، والكلام السريع، ونبض القلب السريع، وعددا من الأعراض الجسدية والسلوكية الأخرى) في الإصدار الرابع من الدليل (DSM-IV)، على أنه اضطراب نفسي أيضاً.
وقد سخرت معظم العناوين الرئيسية التي تناقش الإضافات إلى دليل (DSM) من فكرة تضمين التسمم بالكافيين وسحب الكافيين كاضطرابات نفسية فعلية، لأن ذلك يوحي بأن القهوة تدفعك إلى الجنون أو التساؤل عما إذا كان شرب القهوة يُعادل شرب الخمر أم لا.
حتى علماء النفس والأطباء النفسيون وجدوا صعوبة في أخذ التشخيصات الجديدة على محمل الجد، وهم لا يفهمون لماذا يتم تضمين التسمم بالكافيين أو سحب الكافيين في دليل DSM أصلاً، ويثيرون الجدل في ذلك.
* أعراض سحب الكافيين
رصد الباحثون حتى الآن ثمانية أعراض لدى البدء بسحب الكافيين من الجسم، نوردها في ما يأتي:
1- صداع
الصداع من بين أكثر الأعراض شيوعاً لدى سحب الكافيين؛ لأن الكافيين يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية في الدماغ، مما يؤدي إلى إبطاء تدفق الدم، وقد وجدت إحدى الدراسات أن 250 ملغ فقط (أقل من ثلاثة أكواب من القهوة) يمكن أن تقلل من تدفق الدم في الدماغ بنسبة تصل إلى 27٪، ونظراً لأن استهلاك الكافيين يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية، فإن تقليل أو إيقاف المدخول يسمح بفتح الأوعية الدموية، وزيادة تدفق الدم إلى المخ.
يمكن لهذا التغير المفاجئ في تدفق الدم أن يسبب صداعاً مؤلماً للسحب، يختلف في الطول والشدة حسب تكيف الدماغ مع الزيادة في الدم.
وعندما يتكيف الدماغ مع عملية السحب سوف يهدأ الصداع مع هذه الزيادة في تدفق الدم، وعلى الرغم من أن سحب الكافيين يمكن أن يسبب الصداع، إلا أن الكافيين يستخدم لعلاج أنواع معينة من الصداع مثل الصداع النصفي؛ إذْ يساعد الكافيين في تعزيز قوة الأدوية التي تخفف الألم ويقلل من آلام الصداع عند تناولها بمفردها.
2- التعب
يعتمد الكثير من الناس على فنجان من القهوة يومياً لمنحهم دفعة من الطاقة؛ حيث يساعد الكافيين على زيادة اليقظة وتقليل التعب عن طريق منع مستقبلات الأدينوساين، وهو ناقل عصبي يمكن أن يجعلك تشعر بالنعاس، وهذا هو السبب أيضاً في إثبات أنه يعزز الأداء الرياضي، ويحسن الطاقة، ويقلل من التعب المزمن.
ومع ذلك، فإن التخلص من الكافيين من نظامك الغذائي يمكن أن يكون له تأثير معاكس، مما يسبب النعاس والتعب.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت على 213 مستهلكاً معتاداً على الكافيين أن الامتناع عن تناول الكافيين لمدة 16 ساعة يسبب زيادة الشعور بالتعب، والأكثر من ذلك، أن أولئك الذين تناولوا الكافيين يومياً لديهم أعراض سحب أكثر حدة، بما في ذلك التعب، أكثر من أولئك الذين تناولوه فقط عدة مرات في الأسبوع.
بالإضافة إلى ذلك، تستمر آثاره المنشطة في نظامك لمدة تتراوح بين أربع وست ساعات فقط، مما قد يؤدي بك لتناول أكواب متعددة من القهوة أو مشروبات الطاقة للبقاء مستيقظاً طوال اليوم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في تناول الكافيين والاعتماد عليه، وجعل أعراض السحب أسوأ بكثير.
3- القلق
الكافيين هو منبه يزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم وهرمونات الإجهاد الكورتيزول والإيبينيفرين، وبالنسبة للأشخاص الذين لديهم حساسية من الكافيين، يمكن أن يؤدي تناول فنجان واحد من القهوة إلى الشعور بالقلق.
في حين أن تناول الكافيين يمكن أن يسبب مشاعر القلق، إلا أن الاستغناء عنها يمكن أن يسبب هذا التأثير الجانبي أيضاً.
القلق هو أحد الأعراض الشائعة لدى الأشخاص الذين ينسحبون من تناول الكافيين بانتظام، ويمكن أن يصبح الجسم معتمداً عليه عقلياً وفسيولوجياً، مما يسبب مشاعر القلق.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت تستهلك غالبية الكافيين على شكل صودا أو قهوة محلاة بالسكر، فقد يؤدي الانخفاض المفاجئ في السكر إلى زيادة القلق الناجم عن سحب الكافيين.
تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن إزالة السكر فجأة من النظام الغذائي، بعد فترة طويلة من استهلاك السكر، يمكن أن تسبب أعراض القلق.
4- صعوبة التركيز
أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يختارون تناول الكافيين، على شكل مشروبات القهوة أو الشاي أو الطاقة، هو زيادة التركيز.
يتم تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين بشكل شائع قبل الاختبارات أو الأحداث الرياضية أو العروض التقديمية لتحسين التركيز.
يزيد الكافيين من مستويات الأدرينالين، وهو هرمون ينتج من الغدد الكظرية كجزء من رد فعل الجسم الطبيعي تجاه الإجهاد؛ كما أنه يعزز نشاط الناقلات العصبية المثيرة مثل الدوبامين والنور أدرينالين.
هذا المزيج من ردود الفعل يرفع معدل ضربات القلب وضغط الدم ويحفز الدماغ، مما يتسبب في زيادة اليقظة وتحسين التركيز.
التخلص التدريجي من الكافيين يمكن أن يؤثر سلباً على التركيز حيث يكافح جسمك لتصبح معتاداً على العمل بدونه.
5- مزاج مكتئب
الكافيين معروف بقدرته على رفع المزاج، حيث إن قدرته على منع الأدينوساين لا تزيد من اليقظة فحسب، بل وجد أيضاً أنها تحسّن الحالة المزاجية.
وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على الأشخاص الذين تناولوا الكافيين بانتظام أن استهلاك (1.5 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم) أدى إلى مزاج أكثر إيجابية، مقارنةً بالعلاج الوهمي (البلاسيبو)، بالإضافة إلى ذلك، ربطت العديد من الدراسات بين استهلاك الكافيين بانتظام وتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.
على سبيل المثال، وجدت دراسة كبيرة أجريت على أكثر من 50000 امرأة أن النساء اللائي شربن أربعة أكواب أو أكثر من القهوة في اليوم كان لديهن خطر الاكتئاب بنسبة 20٪ أقل من النساء اللواتي شربن القليل من القهوة أو لم يشربن.
يمكن أن تؤدي التأثيرات المنشطة للكافيين إلى الشعور بالانبساط وزيادة الطاقة، والتي تزول عندما ينتهي تأثير الكافيين. لهذا السبب، قد تتعكر حالتك المزاجية إذا قررت ترك الكافيين.
6- التهيج
قد يكون الكافيين في القهوة هو السبب وراء هذا الشعور بالتهيج؛ نظراً لاستمرار تناول القهوة في النظام لمدة أربع إلى ست ساعات فقط، ويمكن أن تحدث أعراض السحب مثل التهيج بعد قضاء ليلة مريحة.
يشار إلى أن محبي القهوة معتادون على تأثيرات الكافيين المعززة للحالة المزاجية، فضلاً عن قلة الطاقة التي يتلقونها، وبالنسبة للبعض، فإن التخلص من المشروبات المحتوية على الكافيين مثل القهوة يجعلهم يشعرون بالاضطراب المزاجي.
في الواقع، قد يكون من الصعب على مستهلكي الكافيين الثقيل تقليص الكمية المعتادين عليها دون التأثير سلباً على مزاجهم.
في دراسة أجريت على 94 بالغاً يعتمدون على الكافيين، ذكر 89٪ من المشاركين أنهم على الرغم من رغبتهم في تقليل الكافيين، إلا أنهم لم ينجحوا في جهودهم بسبب أعراض السحب، بما في ذلك التهيج والغضب.
7- الرجفات
وإن لم تكن الرجفات شائعة مثل الأعراض الأخرى، فإن أولئك الذين لديهم اعتماد خطير على الكافيين يمكن أن يتعرضوا للارتعاش في حالات سحب الكافيين.
نظراً لأن الكافيين منبه للجهاز العصبي المركزي، فإن الآثار الجانبية الشائعة للشرب تتضمن الكثير من الشعور بالقلق واليدين المهتزة.
في الواقع، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق بعدم تناول الكافيين لتجنب تفاقم مشاعر القلق.
ومع ذلك، بالنسبة للأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الكافيين يومياً، فإن ترك القهوة قد يؤدي أيضاً إلى حدوث رجفات، وقد تحدث الرجفات المرتبطة بسحب الكافيين عادة في اليدين، ويمكن أن تستمر من يومين إلى تسعة أيام فقط.
إذا كنت تعاني من رجفات يد تستمر لأكثر من تسعة أيام، فاستشر طبيبك لاستبعاد الأسباب الأخرى.
8- انخفاض الطاقة
يبحث كل شخص يستهلك المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين عن طريقة لتحسين مستويات الطاقة المختلفة عنده، ويمكن أن تستنزف عوامل نمط الحياة مثل قلة النوم والوظائف الشاقة والوجبات الغذائية غير الصحية الطاقة؛ مما يتسبب في وصول كثير من الناس إلى مصادر الطاقة الخارجية مثل القهوة ومشروبات الطاقة لإنعاشهم.
غالباً ما يتم استخدام المشروبات التي تحتوي على الكافيين كعكاز نتكئ عليها لتوفير الطاقة اللازمة خلال اليوم، أو للتعويض عن قلة النوم.
إن تناول كوب من القهوة أو مشروب الطاقة يعزز التركيز، ويزيد من معدل ضربات القلب، ويزيد من نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى زيادة الطاقة البدنية والعقلية، لكن يمكن أن تؤدي هذه التأثيرات المرغوبة إلى الاعتماد على الكافيين، مما يتسبب في الحاجة إلى المزيد والمزيد من الكافيين لإنتاج المزيد من الطاقة.
هذا هو السبب في أن انخفاض الطاقة هو شكوى شائعة للأشخاص الذين يخفضون أو يزيلون الكافيين من نظامهم الغذائي اليومي.
* كيفية الحد من أعراض سحب الكافيين
يجب أن تستمر أعراض سحب الكافيين فقط بين يومين وتسعة أيام، مع حدوث شدة في ذروة الأعراض بعد مرور 24 إلى 51 ساعة من تناول الكافيين.
في حين أن هذه الأعراض عادة ما تكون قصيرة الأجل، إلا أنها قد تكون غير مريحة وتجعل الحياة صعبة، ولحسن الحظ، هناك طرق لتقليل فرص تجربة هذه الآثار الجانبية غير السارة.
جرب النصائح الآتية لتقليل أعراض سحب الكافيين أو حتى تجنبها تماماً:
1- خفّض ببطء
إن ترك القهوة يمكن أن يصدم الجسم، ويجعل أعراض السحب أسوأ، ويمكن أن يقلل الفطام التدريجي من الكافيين من فرص التعرض لآثار جانبية غير سارة.
2- قلل من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين
إذا كنت معتاداً على شرب القهوة بكامل قوتها من الكافيين، كأن تبدأ في تناول نصف كوب قهوة منزوعة الكافيين، أو نصف الكمية لتقليل الاعتماد عليه ببطء، والأفضل من ذلك، قم بتبديل القهوة بشاي عشبي منزوع الكافيين.
3- ابق رطباً
حيث إنّ شرب كمية كافية من الماء أمر بالغ الأهمية عند التخلص من الكافيين، ويمكن أن يؤدي الجفاف إلى تفاقم أعراض السحب، مثل الصداع والتعب.
4- احصل على قسط كافٍ من النوم
لمحاربة التعب، حاول الحصول على ساعات النوم الموصى بها من سبع إلى تسع ساعات في الليلة.
5- زيادة الطاقة بشكل طبيعي
إذا كانت مستويات الطاقة لديك قد تأثرت بعد التخلي عن الكافيين، فحاول دمج المصادر الطبيعية للطاقة مثل التمارين الرياضية، والأطعمة الغنية بالمغذيات، وتقنيات الحد من التوتر في روتينك.
* ولكن هل يعني ذلك أنه يجب ترك شرب القهوة نهائياً؟
لا يزال الخبراء يقولون: كلا، لأنه مجرد أن يتم سحب الكافيين والتسبب بظهور الأعراض السابقة لا يعني أنه أمر خطير، إذْ لا يمكن وصف تناول الكافيين بأنه حالة "إدمان"، فالإدمان له علاقة بعدم القدرة على التوقف أو السيطرة على السلوك لدى نقصان شيء (مثل حالة الشخص الذي يدمن المخدرات مثلاً)، إذْ يمكن لمعظم الناس التوقف عن شرب القهوة، حتى لو كانت لديهم أعراض عندما يرغبون بذلك، وإنما الهدف الحقيقي لنتائج الأبحاث في هذا المجال التنبيه على ضرورة أن يدرك الناس احتمال أن يكون سحب الكافيين مسؤولاً عن بعض الأعراض التي تزعجهم بشكل مؤقت.
* خلاصة القول
يعتبر الكافيين منبها واسع الاستهلاك، ويمكن أن يسبب بعض الأعراض الصحية لدى البدء بسحبه من الجسم، ويمكن أن تحدث أعراض سحب الكافيين لدى أي شخص يستهلك الكافيين بانتظام ثم يتوقف عن استخدامه فجأة.
تشمل الأعراض الشائعة الصداع والتعب وانخفاض الطاقة والتهيج والقلق وضعف التركيز والمزاج المكتئب والرجفات، والتي يمكن أن تستمر في أي مكان من الجسم لمدة تتراوح من يومين إلى تسعة أيام.
لكن لحسن الحظ، هناك طرق لتقليل هذه الأعراض، بما في ذلك تقليل الكافيين تدريجياً، والبقاء رطباً بشرب الماء، والحصول على الكثير من النوم، وإيجاد طرق لزيادة طاقتك بشكل طبيعي.
على الرغم من أن سحب الكافيين قد يبدو غير محتمل في البداية، إلا أن رد الفعل المؤقت هذا مجرد عثرة سهلة العبور في طريق الحد من الاعتماد عليه.