من منا لم يضطر ولو لمرة واحدة في حياته مكرهًا إلى حبس بوله، بسبب ضيق الوقت أو لظروف العمل، أو جراء التواجد في مكان لا يوجد فيه ما يسهّل إفراغ المثانة. وهناك من يحبس البول عنوة متجاهلًا نداء الرغبة في التبول.
لمحة خاطفة عن المثانة
تقع المثانة في الحوض أسفل البطن، وهي عضو عضلي مجوف مرن قابل للتمدد بشكل مذهل. تشبه المثانة إلى حد كبير الكمثرى عندما تكون فارغة، وتشبه البالون عندما تكون ممتلئة. تستطيع المثانة السليمة أن تستوعب من 20 إلى 30 أونصة من البول القادم من الكليتين عبر الحالبين.
العواقب الصحية المحتملة لحبس البول لفترة طويلة
إذا كان الجهاز البولي سليمًا فإنه، وبشكل عام، يمكن القول أن حبس البول ليس خطيرًا ريثما يتم قضاء الحاجة. لا توجد إرشادات محددة حول المدة الآمنة لحبس البول، إلا أنه ينصح بشدة بإفراغ البول عندما تكون المثانة ممتلئة، فتكرار عملية الحبس بانتظام، والامتناع عن التبول لفترة طويلة قد يترتب عنهما عواقب صحية خطيرة نذكر من بينها:
1. التهاب المجاري البولية
يحدث التهاب المجاري البولية جراء ركود البول في المثانة، فعدم إفراغ المثانة بشكل منتظم يفسح المجال أمام البكتيريا الموجودة فيها للنمو والتكاثر بالطول والعرض، ما يؤدي إلى الإصابة بالعدوى التي تتسبب في اندلاع مجموعة من الأعراض، مثل الحاجة الملحة للتبول، وحرقة البول، ورائحة البول القوية، وتعكر البول، وآلام في الحوض، وظهور الدم في البول. على الشخص الذي يعاني من واحد أو أكثر من هذه الأعراض أن يضرب موعدًا عاجلًا مع طبيبه.
2. الارتداد البولي
إذا تم الاحتفاظ بالبول لفترة طويلة فإن البول لا يجد أمامه مفرًا سوى الصعود إلى الأعلى، أي إلى الحالبين والكليتين، وهنا تكمن الطامة الكبرى، فعودة البول إلى الكلى سيعرضها إلى الالتهاب، وتَشَكّل الحصيات، وربما إلى التلف.
3. تسرب البول
إن حبس البول لمدة طويلة يجبر المثانة على القيام بالتصرف الطبيعي ألا وهو دفع البول إلى الخارج للتفريج عن كربها، فيحدث ما يسمى في قاموس الطب: السلس البولي، الذي يظهر على شكل بلل صغير في الملابس الداخلية، أو إلى بلل كبير محرج في الملابس الداخلية والخارجية.
4. فقدان الرغبة في التبول
إن الحاجة إلى التبول هي عملية معقدة تشارك فيها العديد من الأعصاب والعضلات والأعضاء التي تعمل بالتناغم فيما بينها من أجل ارسال إشارة الى الشخص بأن الوقت قد حان للذهاب إلى المرحاض لقضاء الحاجة.
عندما تكون المثانة نصف ممتلئة تقريبًا تنشط الأعصاب في المثانة لتبعث إشارة إلى الدماغ من أجل إعطاء الرغبة في التبول، ولكن الدماغ يبعث ردًا إلى المثانة يقول فيه بضرورة التريث إلى أن يحين الوقت. إن ترك البول يحتبس لفترة طويلة وتجاهل إشارات المثانة مرارًا وتكرارًا سيقود عاجلًا أم آجلًا إلى فقدان القدرة في التعرف على تلك الإشارات، ما يجعل من الصعب حقًا معرفة متى يجب الذهاب إلى افراغ مثانته.
5. الإلحاح البولي المستمر
إن السماح للمثانة بالامتلاء بشدة وفي شكل مستمر يمكن أن يقضي على الشعور الدائم بالحاجة إلى الذهاب إلى الحمام، وهذا ما قد يفضي إلى إتلاف أعصاب المثانة.
6. ضعف المثانة
إن الاعتياد على حبس البول بكميات كبيرة ولفترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى تمدد عضلة المثانة، ما يعرض الأخيرة إلى الإصابة بالضعف فلا تعمل بشكل جيد، وقد ينتج عن هذا الأمر الشعور بعدم القدرة على الاحتفاظ بالبول، وإلى مشكلات بولية أخرى.
7. آلام في أسفل البطن
إن حبس البول باستمرار ولأوقات طويلة قد يتسبب في حدوث تشنجات مؤلمة في عضلة المثانة، تتموضع أسفل البطن خلف عظم العانة، وقد تترافق هذه الآلام مع تسرب البول والشعور بعدم الراحة.
ظروف يكون فيها حبس البول أمرًا في غاية الخطورة
في حالات معينة، يمكن أن يكون حبس البول ولو لأي فترة أمرًا خطيرًا جدًا، لأنه يشجع على الإصابة بالعدوى وأمراض الكلى، وتضم هذه الحالات:
- المثانة العصبية.
- التهاب المثانة الخلالي.
- ضخامة البروستاتة.
- احتباس البول.
- الاضطرابات الكلوية.
- الحمل.
سؤال مهم للغاية
رب سائل قد يسأل، أنا غير قادر على الذهاب إلى دورة المياه ومضطر إلى حبس البول، فماذا أفعل؟ قد يرغب الشخص في التبول ولكن الظروف التي هو فيها لا تسمح له في الوصول إلى الحمام لتلبية الرغبة، وفي هذه الحالة، ينصح بالقيام ببعض الأشياء من أجل تشتيت العقل ومنعه مؤقتًا من إرسال أوامره المتعلقة بالرغبة في التبول، وتضم هذه الأشياء ما يلي:
- الاستماع إلى الموسيقى.
- الدردشة مع الأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- البقاء في وضعية الجلوس.
- القيام بأشياء تشغل العقل، مثل حل كلمات متقاطعة أو قراءة كتاب.
- الحفاظ على الدفء، لأن البرودة تحرض على التبول.
- تجنب الضحك، لأنه يضغط على المثانة.
- تجنب الانحناء أو دفع الحوض إلى الأمام، لتفادي تقلصات عضلات البطن التي يمكن أن تخلق ضغطًا على المثانة.
كيف تحافظ على صحة المثانة؟
هناك مجموعة من الخطوات التي يمكن اتخاذها من أجل الحفاظ على صحة المثانة هي:
- إفراغ البول عند الحاجة.
- أخذ الوقت اللازم لإفراغ المثانة بالكامل.
- اتخاذ وضع مريح أثناء التبول.
- التبول عقب ممارسة النشاط الجنسي لتقليل أخطار الإصابة بالعدوى.
- تقوية عضلات قاع الحوض بالتمارين المناسبة، لعل من أهمها تمارين كيجل.
- شرب كميات كافية من السوائل.
- اتخاذ خيارات صحية تتعلق بالأكل والوزن.
- ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام.
- التقليل من تناول المشروبات المنبهة.
- تجنب المشروبات الكحولية.
- الإقلاع عن التدخين.
- تفادي الإصابة بالإمساك.
مسك الختام
ننهي مقالنا هذا بطرح سؤال قد يخطر على البال: هل يؤدي حبس البول مطولًا إلى انفجار المثانة؟
يعتقد كثيرون أن المثانة يمكن أن تنفجر إذا قام الشخص باحتجاز البول لفترة طويلة، ولكن هذا الأمر غير وارد، لأن المثانة قوية ومرنة للغاية، من هنا فمن غير المرجح أن تنفجر لمجرد الحرمان من إفراغها. في المقابل يمكن للمثانة أن تنفجر في ظل ظروف معينة، مثل التعرض لصدمة كبيرة على الحوض، أو عقب العمل الجراحي على منطقة أسفل البطن، أو جراء وجود ورم في المثانة ينخر في جدرانها، أو نتيجة تلف المثانة بسبب الأشعة. في كل الأحوال، فإن حبس البول من حين إلى آخر لا ضير منه على الصحة، أما حبسه بطريقة ممنهجة ومقصودة ومطولة وبانتظام، قد يترتب عنه أخطار لا يحمد عقباها، وقد أعذر من أنذر.
المصادر:
Holding Your Pee: Is It Safe? - Healthline
This Is What Happens If You Hold Your Pee Too Long | The Healthy
15 Tips To Keep Your Bladder Healthy | National Institute on Aging
You don't say? Can your bladder burst from "holding it" too long?