الروحانيات تعني أشياء مختلفة. فبالنسبة للبعض، يتعلق الأمر في المقام الأول بالإيمان بالله والمشاركة الفعالة في الدين المنظم. وبالنسبة للآخرين، يتعلق الأمر بالتجارب غير الدينية التي تساعدهم على الاتصال بأنفسهم الروحية من خلال التفكير الهادئ، أو قضاء الوقت في الطبيعة، أو الصلاة الخاصة، أو اليوغا، أو التأمل.
يعرّف العديد من الأشخاص على أنهم روحانيون وليسوا متدينين، ومع استثناءات قليلة، فإن النسبة المئوية للبالغين الذين يعتبرون متدينين في العديد من البلدان الصناعية آخذة في الانخفاض، بينما تظل مرتفعة بشكل عام في الدول الأقل تقدمًا. حتى مع انخفاض الانتماء الديني، يمكن أن يظل الشعور بالتماهي الروحي ثابتًا أو حتى يزداد.
فوائد الحياة الروحية
لم يتم تحديد أي صلة سببية مباشرة، ولكن الأبحاث وجدت باستمرار أن المشاركة الدينية مرتبطة بصحة بدنية وعقلية أفضل، بما في ذلك النوم الأفضل، وانخفاض ضغط الدم، وانخفاض معدل الوفيات بشكل عام. كما تم ربط المستويات الأعلى من الروحانية بزيادة التعاطف وتقوية العلاقات وتحسين احترام الذات.
قد يكون هناك جانب سلبي للأشخاص الذين يتجنبون الدين والروحانية تمامًا: أشارت بعض الأبحاث إلى أن تجنب "التفكير السحري" وعدم القدرة على تحديد الأنماط في العالم المحيط قد يكونان مرتبطين بالاكتئاب أو انعدام التلذذ، وعدم القدرة على تجربة المتعة.
هل الدين جيد لك؟
بشكل عام، تشير مجموعة كبيرة من الأبحاث إلى أن الارتباط الديني مفيد بشكل عام للناس. يرتبط بالعادات الصحية الأفضل مثل تقليل التدخين والشرب، وتعزيز القدرة على التعامل مع الإجهاد، وزيادة الدعم الاجتماعي.
وجدت الأبحاث أيضًا بعض الجوانب السلبية، مثل زيادة مستويات الذنب والعار في المجتمعات الدينية الأكثر صرامة.
هل الناس الروحيون أكثر كرمًا؟
وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين عانوا من اضطرابات نفسية شديدة، غالبًا ما يظهرون أكثر روحانية وإيثارًا مما كانوا عليه من قبل - على سبيل المثال، من المرجح أن يتبرعوا بكليتهم لشخص غريب. ما قد يسميه البعض صحوة روحية يقود هؤلاء الناس إلى أن يصبحوا أقل مادية وأكثر تعاطفًا وأكثر كرمًا.
هل الناس الروحيون أقل اكتئابا؟
في دراسة متعددة الأجيال للاكتئاب، سجل الأشخاص الذين سجلوا أعلى الدرجات في مقاييس التدين والروحانية معدل انتشار أقل للاكتئاب في نهاية المطاف. تشير دراسة أخرى إلى أن هذه السمات قد تنتج في الواقع تغييرات في الدماغ، مثل زيادة مستويات السيروتونين، وربما انخفاض ترقق القشرة الدماغية.
هل المتدينون أقل عرضة للانتحار؟
توصلت الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يحضرون الشعائر الدينية يظهرون بشكل ملحوظ أقل عرضة "لموت اليأس" مثل الانتحار أو تعاطي المخدرات أو التسمم بالكحول. الأسباب غير واضحة ولكنها يمكن أن تشمل زيادة الاتصال الاجتماعي والدعم، وإحساس أكبر بالهدف، والوقت الذي يقضيه المرء في التعرف إلى قيمة الحياة ومسؤولية الفرد في رعاية نفسه.
البحث عن المعنى
يبدو أن الغريزة تجاه الروحانية متأصلة بعمق في البشر. لا يسعنا إلا أن نطرح أسئلة كبيرة: وجدت الأبحاث أن حتى المتشككين الدينيين المعلنين لا يمكنهم خنق الشعور بأن هناك شيئًا أكبر من العالم المادي الذي يرونه.
بينما يعالج الدماغ التجارب الحسية، فإنه يبحث بشكل طبيعي عن الأنماط - وغالبًا ما تبحث أنفسنا الواعية عن معنى في تلك الأنماط. يمكن أن يؤدي هذا إلى الظاهرة المعروفة باسم "التنافر المعرفي" ، والتي تصف كيف أنه بمجرد أن يؤمن المرء بشيء ما، يميل بقوة لمحاولة تفسير أي شيء يتعارض معه. لا يقتصر التنافر المعرفي على الدين أو الروحانية، ولكنه يحدث غالبًا في سياق هذه المعتقدات.
كيف أجد معنى في الحياة؟
حتى تجد معنى لحياتك، ينصحك الطبيب النفسي فيكتور فرانكل بألا تبحث عنه، وفيكتور فرانكل هو أحد الناجين من الهولوكوست، والذي يعتبر أن نجاته كانت بكيفية تمسكه بالمعنى كمقابل للمعاناة. ومع ذلك، فهو ينصح بعدم البحث بنشاط عن المعنى، وبدلاً من ذلك اقترح أن المعنى يسيأتي كأثر جانبي لمتابعة أهداف أخرى. يدعم البحث هذه الفكرة.. فأولئك الذين يبالغون في البحث بنشاط عن معنى في الحياة يعانون من انخفاض الرضا عن الحياة والسعادة.
هل التجارب الروحية تؤثر على المخ؟
تشير الدراسات إلى أن الدماغ قد يتفاعل بطرق متشابهة مع التجارب الروحية المتنوعة. عندما وصف الناس الأوقات التي شعروا فيها بالوحدة أو اللانهاية أو الارتباط بقوة أعلى، كان لديهم نشاط أقل في الفص الجداري السفلي، وعادة ما يكون نشطًا أثناء تمثيل الذات في المكان أو الزمان، مما يشير إلى أن الناس قد يفقدون إحساسهم بالذات مؤقتًا أثناء التجارب الروحية .
المصادر: