على الرغم من صغر حجم الكليتين، فالكلية الواحدة لا تتجاوز حجم قبضة اليد، إلا أن دورهما بالغ الأهمية في الحفاظ على صحة الجسم، وذلك بحفظ التوازن بين المياه والمواد الأخرى.
تتسلل معظم أمراض الكلى بخفة غير ملحوظة، ولا تسبب أعراضاً واضحة إلا بعد تفاقم المشكلة بصورة خطيرة وغير قابلة للعلاج، ومن هنا تأتي أهمية الاكتشاف المبكر للأمراض التي تهددها قبل الدخول في مرحلة اللاعودة، واكتشاف هذه الأمراض مبكراً ممكن من خلال التعرف إلى مجموعة من العلامات التي تنذر بوجود خطر يهدد الكليتين ويدمرهما.
* وظائف الكليتين
تقع الكليتان على جانبي العمود الفقري في منتصف الظهر، وكلتاهما على شكل حبة الفاصولياء، ووظيفتهما الأساسية ترشيح (أو فلترة) الدم.تحتوي كل كلية على نحو مليون مرشح متناهي الصغر، تسمى النيفرون (nephron)، وهذه المرشحات يمكنها ترشيح نحو 40 غالون يومياً من السوائل، وهي كمية كافية لملء سخان المياه المنزلي.
تحفظ هذه الفلاتر المواد التي يحتاجها الجسم، مثل المواد الغذائية وكميات كبيرة من المياه، ويجري التخلص من النفايات الضارة والمياه والأغذية الزائدة بمرورها إلى المثانة، وخروجها في شكل بول.
وللكليتين وظائف أخرى، منها إنتاج هرمونات متنوعة، بعضها يساعد في ضبط ضغط الدم، وبعض آخر يحفز صناعة خلايا الدم الحمراء، أو ينشط فيتامين د الذي يحافظ على قوة العظام.
* اعتلال وظائف الكليتين
من الطبيعي أن تتأثر الكليتان تأثراً طفيفاً مع التقدم في العمر، ولكننا لا نلمس أثراً ملحوظاً لهذا الاختلال، لأن الله حبانا بما هو أكثر من احتياجاتنا. فالإنسان يمكن أن يعيش حياة طبيعية تماماً بكلية واحدة إذا غيبت الأخرى بسبب عيب خلقي أو تبرع لصديق أو قريب.حدوث خلل في وظائف الكلى يؤثر في الجسم تأثيراً سلبياً، ويؤدي إلى العديد من المشاكل نتيجةً لارتفاع نسب السموم والماء في الجسم، وهبوط مستوى الهرمونات المنتجة من الكلى.
ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد المصابين باختلال وظائف الكلى في الوطن العربي، وتشير بعض الدراسات إلى نسب إصابة تراوح بين 100 إلى 140 شخصاً في المليون.
أمراض الكلى متعددة، ومعظمها تصيب الكليتين معاً، وذلك بإفساد عمل المرشحات الدقيقة والتقليل من قدرتها على الترشيح.
يطلق "لفظ الاختلال الحاد" لوظائف الكلى عندما تتضرر المرشحات سريعاً بسبب إصابة أو سموم.
بينما تحدث "أمراض الكلى المزمنة"، وهي الأكثر شيوعاً، كنتيجة لتضرر هذه المرشحات بشكل بطيء وغير ملحوظ على مدار سنوات أو عقود، وبحسب د. أندرو نارفا، اختصاصي الكلى في المعهد القومي للصحة في أميركا، فإن معظم المصابين لا يعانون مطلقاً أو يعانون من أعراض طفيفة جداً حتى المراحل المتقدمة، ويمكن أن يفقد الإنسان ثلاثة أرباع وظائف الكلى من دون أن يعاني من أي أعراض.
* عوامل الخطر لحدوث الفشل الكلوي
تصيب أمراض الكلى المزمنة أي إنسان، وأهم عوامل الخطر هي التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة هي:- داء السكري.
- ضغط الدم المرتفع.
- أمراض القلب.
- التاريخ العائلي للفشل الكلوي.
* الفحوصات المعملية لكشف اعتلال وظائف الكلى
- تحليل بول للبحث عن مؤشرات تضرر الكلى.
- فحوصات الدم لقياس وظائف الكلى.
بينما يهدف فحص الدم لقياس معدل الترشيح الكبيبي (Glomerular filtration rate)، الذي يقيس قدرة الكلى على الترشيح، وهبوط هذا المعدل لأقل من 60 يشير إلى وجود مرض مزمن في الكلى، والمستويات الأقل من 15 تعني حدوث الفشل الكلوي.
ويشير الدكتور "جيفري ب. كوب"، اختصاصي الكلى في المعهد الصحي القومي الأميركي، إلى أهمية هذه الفحوصات البسيطة، فالاكتشاف المبكر هو الأمل الوحيد لخفض معدل التدهور، وإهمال المشكلات يؤدي إلى الفشل الكلوي المزمن، وفي هذه الحالة يشعر المصاب بالإرهاق والضعف مع ميل إلى القيء والحكة.
* علاج الفشل الكلوي المزمن
لا يوجد علاج دوائي للفشل الكلوي المزمن، واستمرار حياة المصاب بهذا الداء تتطلب إما عملية زرع كلى أو غسيلاً بشكل دوري مدى الحياة.وفهم هذه العلاجات والمفاضلة بينها يتطلبان وقتاً، وعلى الطبيب المعالج أن يساعد مرضاه ويوجههم لبتّ هذا الأمر مبكراً.
زرع الكلى هو العلاج الأفضل للفشل الكلوي، ولكنه لا يصلح لكل المرضى بحسب "كوب"، ومعوِّقات عمليات الزرع تشمل قوائم الانتظار الطويلة للحصول على كلية سليمة، وتوافر متبرع ذي أنسجة متطابقة.
أما الغسل الكلوي، فهو علاج يهدف إلى فلترة الشوائب والمياه من الدم، بحيث يجعل مريض الفشل الكلوي أفضل، وتتيح له ممارسة حياته اليومية بشكل أقرب إلى الطبيعي، ويقود الدكتور "بول كيميل"، اختصاصي الكلى في المعاهد الوطنية للصحة في أميركا، برنامجاً لتحسين حياة مرضى الغسيل، فعلى الرغم من أنه يعتبر علاجاً لإنقاذ الحياة، إلا أنه يمثل تحدياً للمريض وعائلته، ومن هنا تأتي أهمية الأبحاث التي تستكشف طرقاً مبتكرة لتحسين حياة هؤلاء المرضى وذويهم.
* إجراءات لمنع تدهور وظائف الكلى
هناك العديد من الإجراءات التي تمنع أو على الأقل تؤخر الوصول إلى مرحلة الفشل الكلوي، ومنها:- ضبط ضغط وسكر الدم، وهذا الإجراء هو واحد من أهم الإجراءات فعالية.
- الحفاظ على نمط الحياة الصحي، بممارسة النشاط الجسدي، وتناول الأغذية الصحية، ما يُسهم في ضبط ضغط الدم وإبطاء تدهور أحوال الكلى.
- التقليل من الصوديوم وزيادة الخضروات والفاكهة والحبوب الكاملة.
- تخفيض نسبة الدهون من طريق تناول اللحوم الخالية من الدهون، ومنتجات الألبان الخالية من الدهون، أو الأقل دهوناً.
- وينصح الطبيب بنظام غذائي خاص في الحالات الأخطر، ويمكن أن يصف العلاج الدوائي لضبط ضغط الدم، ونسبة السكر، وخفض نسبة الكوليسترول.
- مراجعة الطبيب والاستفسار منه عن الفحوصات المطلوبة، وكذلك التغييرات المطلوبة في نمط الحياة والتغذية، وذلك لوقف تدهور وظائف الكلى، وتجنب الوصول إلى مرحلة الفشل الكلوي.
* هذه المادة بالتعاون مع "المعاهد الوطنية الأمريكية الصحية"