قصة فيلم سولي
لتعرف العلاقة بين صحتك النفسية وفيلم سولي تابع معي أحداث الفيلم كما أسردها لك فيما يلي: شاهدت هذا الأسبوع فيلماً سينمائياً بعنوان (سولي)، وسولي هو اسم طيار أميركي قام بعمل بطولي عام 2009 سجله التاريخ، وسيذكره الكثيرون لعشرات وربما مئات السنين القادمة، إذ بعد أن أقلع سولي بطائرته المدنية من مطار نيويورك، اصطدم بها فجأة سرب سريع من الطيور وأصاب محركيها إصابات بالغة أدت إلى عطبهما فوراً.
ولم يكن أمامه في الثواني الباقية قبل تحطم الطائرة سوى خيارين لا ثالث لهما، إما العودة السريعة إلى مطار نيويورك، أو التوجه بكل طاقته المتبقية إلى أقرب مطار من موقعه والهبوط فيه بشكل اضطراري، لكن سولي كان موقناً بما لا يدع مجالاً للشك أن كلا الأمرين مستحيل بناء على تقديره لحالة الطائرة والمسافة إلى أي من تلك المطارات.
وقرر سولي أن يقوم بالهبوط بالطائرة فوق نهر (هدسون) رغم ما يشكّله ذلك من مخاطرة عارمة قد تودي بحياته وحياة جميع الركاب، وبشكل خارق لكل القواعد، وبطولي إلى أقصى حد، قام سولي بالهبوط فوق النهر، وإخراج جميع الركاب ليقفوا على جناحي الطائرة لمدة دقائق قبل أن تتوالى إليهم مراكب وطائرات الإنقاذ، مما يؤدي لنجاة جميع ركاب الطائرة من كارثة محققة.
في الحقيقة ليست هذه هي قصة الفيلم، وهي قصة حقيقية بالمناسبة، لكنها فقط قصة الدقائق الأولى من الفيلم، أما باقي الفيلم فهو عن التحقيقات الهائلة التي قامت بها السلطات المختصة بالطيران وأمن وسلامة الركاب وشركات التأمين مع سولي لمحاسبته على اختياره القيام بتلك المخاطرة رغم وجود بدائل أخرى أقل خطورة، وأكثر أمناً بالنسبة لحياة من كانوا معه على الطائرة.
قام المحققون بجمع كل المعلومات التي كانت متاحة له، وإدخالها للعديد من الحاسبات الآلية، وعمل نماذج محاكاة إلكترونية، ثم بشرية لنفس الموقف الذى كان فيه الرجل، ليستنتجوا أخيراً وبشكل مطمئن أن اختيار سولي كان هو الاختيار الوحيد الناجح في ظل كل الظروف والمفارقات والضغط العصبي وحالة الطائرة ومسافتها عن المطارات الأخرى، والمهلة الزمنية المتبقية بعد حساباته العقلية والذهنية للخروج من الأزمة.
الفيلم في آخره يضعك أمام حقيقة واضحة لا تقبل الشك أو اللبس، وهي أن المنقذ الحقيقي لركاب تلك الطائرة كان قيام كل شخص بعمله في موقعه كما يجب، وبأفضل ما يمكن، وبمنتهى الإخلاص والتفاني والحب، سولي قام بعمله بمنتهى الإخلاص والبطولة وجازف بعمره ومستقبله المهني في سبيل إنقاذ كل حياة كانت على طائرته.
وموظف برج المراقبة قام في ثوان معدودة بالتواصل مع كل المطارات المحيطة وتجهيزها لاستقبال هبوط اضطراري للطائرة في أي لحظة إذا قرر قائدها ذلك، رغم أنه لم يفعل، وقرر مدير برج المراقبة تنحية الموظف واستبداله بآخر بعدها بدقائق، حينما لاحظ عليه علامات القلق والانفعال النفسي الشديد مع الموقف، وأرسله للفريق الصحي للبرج للكشف الطبي عليه وعمل الفحوصات اللازمة.
سائق أحد مراكب نهر هدسون (الترفيهية)، وبمجرد رؤيته للطائرة وركابها وسط النهر، قام في أقل من ثانية بتجهيز فريق الإنقاذ الموجود على المركب بشكل طبيعي، والاتصال بخدمة الطوارئ والتوجه نحو الطائرة، والبدء في انتشال الركاب وصعودهم على مركبه، كما توافد عمال وموظفو خدمة الطوارئ البرية والمائية والجوية إلى موقع الطائرة في النهر خلال أقل من خمس دقائق، ما بين مراكب إنقاذ وطائرات مروحية وغواصين وفرق إسعاف طبية جاهزة، ليتم سحب وفحص وعلاج وإنقاذ جميع ركاب الطائرة وطاقمها بمنتهى السرعة والدقة والمهنية.
مارس طاقم الطائرة كل ما تدربوا عليه في حالات الطوارئ بكل سرعة، ووضعوا حياة وسلامة الناس قبل حياتهم وسلامتهم الشخصية، ونفذوا ذلك بتفان لا مثيل له، وما هو أكثر إدهاشاً من كل ما سبق هم موظفو سلطات الطيران والسلامة وتأمين الركاب، الذين قاموا أيضاً بما يمليه عليه عملهم وواجبهم في التحقيق والتحقق بكل السبل والوسائل الممكنة، للتأكد من عدم وجود أي بدائل متاحة وقت الحادث قد تضمن بشكل أفضل سلامة الركاب وأمانهم وتعفيهم من التعرض لما عايشوه من خوف ورعب وبعض الإصابات واحتمالات عدم النجاة.
صحتك النفسية وفيلم سولي
ما علاقة صحتك النفسية وفيلم سولي ومفهومها ومعناها؟ وكيف نصل بأنفسنا إلى أفضل درجات الصحة النفسية؟ وكيف لنا ذلك في ظل الظروف والضغوط الحياتية اليومية؟ والإجابة نجدها في تعريف سيغموند فرويد للصحة النفسية على أنها: أن تعمل وأن تحب، وفي هذا تمام وكمال ومبتغى كل الوسائل والطرق الحديثة والقديمة في العلاج النفسي والعلاج الدوائي لكل الأمراض النفسية، وهو كذلك لب ومغزى كل الكتب والمراجع والمحاضرات وورش العمل والدورات التدريبية النفسية.
صديقي القارئ:
صحتك النفسية لا تعني خلوك من أي أعراض أو أمراض نفسية، ولا تعني الشعور الدائم بالسعادة والبهجة، ولا تعني خلو حياتك من بعض المشكلات والمنغصات والآلام، بل إن صحتك النفسية تكمن في أن تعمل، وأن تقوم بعملك كما يجب، وبأفضل ما يمكنك، بالرغم من كل شيء، كما أن صحتك النفسية تكمن في أن تحب، أن تحب نفسك، وتحب عملك، وتحب الآخرين من حولك، بالرغم من أي شيء، تريدون أن تصبحوا أصحاء نفسياً اعملوا وأحبوا، وفي هذا نجد العلاقة بين صحتك النفسية وفيلم سولي الذي وضح ذلك بطريقة سلسة وبمثال رائع.