لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم في حين أن البعض الآخر يستمتع بقضاء الوقت في الهواء الطلق في يوم شتوي بارد؟ على الرغم من أن فئة الناس التي تستمتع بشعور البرد تعتبر قليلة فإنها موجودة، وتعتبر قدرتنا على الإحساس بتغيرات درجات الحرارة ضرورية لبقائنا، ويمكن أن يكون للتغيرات الصغيرة في درجة حرارة أجسامنا آثار ضارة، مما يعرِّضنا لخطر الإصابة بضربة الشمس في الصيف أو انخفاض حرارة الجسم في الشتاء.
إحساس الجسم بالتغير في درجات الحرارة
من أجل الحفاظ على درجة حرارة الجسم ثابتة؛ طورت أجسامنا آليات متطورة للإحساس بالتقلبات في درجات الحرارة والاستجابة لها، والأعصاب الموجودة في الجلد هي خط الدفاع الأول فهي تلتقط التغيرات في درجات الحرارة وتنقل هذه المعلومات إلى الدماغ. ومع ذلك، فإن إدراكنا للبرد يعتبر شعورا ذاتيا شخصيا، لكن لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم فتجد بعض الأشخاص يبدؤون في الارتعاش بمجرد التفكير في انخفاض درجة الحرارة بينما يرتدي الآخرون طبقات من الملابس الدافئة على مضض؟
لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم ؟
بمجرد أن يتم إشعار الدماغ بانخفاض درجة الحرارة فإنه يرسل إشارات إلى القلب والأوعية الدموية لتقييد تدفق الدم إلى سطح الجسم. يشرح جون كاستيلاني، وأندرو يونج، الحاصلَين على درجة الدكتوراه، وكلاهما من قسم الطب الحراري والجبلي في معهد أبحاث الطب البيئي التابع للجيش الأمريكي في ناتيك ماساتشوستس، أن عملية انقباض الأوعية الدموية في الجلد تمنع المزيد من فقدان الحرارة وتحمي الجسم من الداخل.
انقباض الأوعية الدموية في الجلد وفي الأجزاء الطرفية في الجسم مثل أصابع اليدين والقدمين يؤدي إلى الشعور ببرودة الأطراف، وهذا ما يجعل كثيرين يحاولون ارتداء القفازات والجوارب السميكة في الطقس البارد، وبالإضافة إلى آلية الحد من تدفق الدم إلى الجلد يبدأ الجسم أيضاً بالارتعاش وهذه الانقباضات العضلية اللاإرادية والإيقاعية تجعل الجسم ينتج المزيد من الحرارة لتدفئته، وجميع هذه الاستجابات الفسيولوجية موجودة بشكل طبيعي في الجسم ولكنها تختلف من شخص لآخر، إذاً ما الذي يؤثر على كيفية استجابتنا للبرد؟ ولماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم ؟
-
شكل الجسم
عندما يتعلق الأمر بالشعور بالبرد فإن حجم الجسم مهم جداً، فكلما كانت مساحة سطح الجسم أكبر زاد فقد المزيد من الحرارة، ويرتبط هذا ارتباطاً وثيقاً بحجم الأنسجة الدهنية تحت الجلد، فالدهون تعتبر مادة عازلة رائعة وكلما زادت الدهون تحت الجلد لدى الشخص كان عزله الحراري أفضل ويمنع فقدان الحرارة بدرجة كبيرة، فيحتفظ الجسم بدرجة حرارته في الداخل.
الفرق في كيفية استجابة الرجال والنساء للبرد يرجع جزئياً إلى شكل الجسم، فإذا قمنا بأخذ رجل وامرأة بنفس كتلة الجسم ومساحة سطح متشابهة فقد تكون المرأة أقل إحساساً بشعور البرد نظراً لأن لديها المزيد من الدهون تحت الجلد، وإذا قارنا هذا السيناريو برجل وامرأة بنفس كمية الدهون تحت الجلد فمن المرجح أن تكون مساحة سطح جسم المرأة أكبر ولكن كتلة الجسم أصغر وستفقد الحرارة بشكل أسرع، وهذا يجيب على سؤال لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم فيما يخص الفروقات بين الرجال والنساء.
-
الجنس والعمر
يلعب الجنس دوراً عندما يتعلق الأمر ببرودة الأطراف، إذ يكون انقباض الأوعية الدموية أكثر وضوحاً لدى النساء، وفي الواقع هناك أدلة من دراسة كبيرة شملت توائم تشير إلى أن برودة أصابع اليدين والقدمين تحددها الجينات، وتساهم التقلبات في الهرمونات أيضاً في كيفية شعورنا بالبرد، وتختلف استجابة النساء للبرد أثناء الدورة الشهرية، وعند الرجال قد تقلل مستويات هرمون التستوستيرون المرتفعة من الإحساس بالبرد عن طريق إزالة حساسية أحد مستقبلات البرد الرئيسية TRPM8 في الجلد.
كما أن النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بمرض رينود. يحدث هذا المرض عندما تنخفض درجات الحرارة فيؤدي إلى حدوث انقباض شديد في الأوعية الدموية في الأطراف، خاصة أصابع اليدين والقدمين، مما يؤدي إلى شعورنا بالبرودة والخدر والتنميل وتغير لون الجلد بسبب نقص التروية الدموية فيها، ولكن الأسباب الدقيقة لمرض رينود غير واضحة وغير معروفة.
أما فيما يخص العمر وعند بلوغ سن الستين تقريباً تبدأ قدرة الجسم في الحفاظ على الحرارة والشعور بالبرد في الانخفاض، كما أن كبار السن لا يبدؤون بالارتعاش إلا عندما تصبح درجة حرارة أجسادهم أقل بكثير مقارنة بنظرائهم الأصغر سناً، كما يواجهون صعوبة في إحماء الجسم والشعور بالدفء بسبب نقص العضلات وضعف تقلصاتها ونشاطها العام.
لماذا تشعر الحامل بالبرد بشكل أكبر؟
في المراحل المبكرة من الحمل من المرجح أن تشعر الحامل بالدفء، أما إذا شعرت بالبرد فهذا قد يدل على عدم حصولها على ما يكفي من السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمها، ففي الحمل يحتاج الجسم إلى 340 سعرة حرارية إضافية في الثلث الثاني من الحمل، وإلى 450 سعرة حرارية في الثلث الثالث من الحمل، وقد يكون الشعور بالبرد أثناء الحمل أيضاً أحد أعراض حالة كامنة بما في ذلك:
- غثيان الصباح.
- فقر الدم.
- قصور الغدة الدرقية.
- مشاكل الأوعية الدموية.
- نقص الفيتامين ب12.
- مرض السكري.
كيف تعتاد على شعور البرد؟
عندما تتعرض أجسامنا بشكل متكرر لدرجات حرارة منخفضة فإنها تتكيف وتتأقلم في حال لم تكن مصاباً بمرض رينود، لكننا لا نتحدث عن الخروج لمدة 5 دقائق مرة واحدة يومياً بينما نقضي بقية وقتنا متجمعين بجوار المدفأة، ويوضح الباحثان كاستيلاني ويونج أن العديد من السكان الذين يعيشون في المناطق القطبية لديهم استجابة أقل وضوحاً للبرد، وهؤلاء الأشخاص لا يزالون يُظهرون استجابة للبرد مثل الارتعاش وانخفاض تدفق الدم إلى الجلد ولكن بدرجة أقل.
وهناك طريقتان أخريان يمكن للجسم من خلالهما التكيف مع درجات الحرارة المنخفضة، إما عند طريق زيادة توليد الحرارة الأيضية (زيادة معدل عملية التمثيل الغذائي) أو الحفاظ على الحرارة، ومن المحتمل أن يكون رد فعل الفرد على البرد المتكرر عائداً إلى مدى فقدان الحرارة من الجسم، ولكن لا يزال هناك الكثير مما لا يعرفه الباحثون عن كيفية شعور أجسامنا بدرجات الحرارة الباردة والتكيف معها.
لذا إذا كنت تميل إلى الشعور بالبرد فيمكنك محاولة قضاء بعض الوقت في الخارج لبناء القدرة على التحمل، أو يمكنك استخدام قفازات وارتداء طبقات من الملابس للتغلب على الشعور بالبرد والحصول على الدفء، ومهما كانت الطريقة التي اخترتها لقضاء الوقت في الشتاء فإننا نأمل أن تستمع بوقتك في الهواء الطلق.
الأسئلة الشائعة
لماذا يشعر الأشخاص النحيفون بالبرد في الشتاء أكثر من الأشخاص البدينين؟
يتمتع الأشخاص النحيفون بمساحة سطحية للجلد أكبر بالنسبة لكتلة أجسامهم مقارنة بالأشخاص الأكثر بدانة، وهذا يعني أنهم يفقدون الحرارة ويشعرون بالبرد بسهولة أكبر من الأشخاص الأكثر بدانة، هذا بالإضافة إلى انخفاض كمية الدهون تحت الجلد لدى النحيفين.
كيف تجعل جسمك لا يشعر بالبرد؟
إذا كنت تشعر بالبرد دائماً فإليك بعض الطرق للتدفئة: تدفئة الملابس قبل لبسها، وحساب السعرات الحرارية التي تتناولها، وارتداء الجوارب قبل الذهاب إلى السرير، وارتداء طبقات دافئة من الملابس، واحصل على الحديد والفيتامين ب12، وقم بتدفئة الفراش قبل النوم، وأضف بعض البهارات إلى طعامك.
ما هو نقص الفيتامين الذي يسبب البرد؟
نقص بعض الفيتامينات مثل الفيتامين ب 12 قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى الشعور بالقشعريرة والبرد، لأن هذا الفيتامين مهم في إنتاج خلايا الدم الحمراء ونقل الأكسجين، وإن نقصه يؤدي إلى فقر الدم ويؤدي إلى زيادة الشعور بالبرد.
نصيحة من موقع صحتك
في هذا المقال أجبنا بشكل موجز على سؤال لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم ؟ فيمكن القول بالمختصر إذا كنت تشعر بالبرد باستمرار وبشكل أكبر من الآخرين فقد يعود ذلك إلى عدة عوامل، مثل الجنس والعمر ومساحة سطح الجلد والكتلة الدهنية الموجودة تحت الجلد وغيرها، فإذا كنت تنزعج من شعورك بالبرد فننصحك بالخروج بشكل متكرر في الهواء الطلق لتمنح جسمك الفرصة للتأقلم والتعود على درجات الحرارة المنخفضة، ويمكنك ارتداء القفازات وطبقات الملابس المتعددة للحصول على الدفء.
المصادر: