مرضى كرون وصيام رمضان.. صيام رمضان هو جزء من العبادات الدينية عند المسلمين، وفيه يتم الامتناع عن الأكل والشرب نهارًا، من طلوع الفجر حتى غروب الشمس كل يوم طيلة شهر رمضان. يتم تناول وجبتين إلى ثلاث وجبات مساء ما بين الفطور والسحور، وقد تؤدي هذه التغيرات في نمط الحياة إلى مشكلات هضمية وغذائية ونفسية. هناك بعض الأدلة التي تشير إلى تأثير صيام رمضان على وظيفة الجهاز الهضمي، فما مدى تأثيره على داء كرون؟
مرضى كرون وصيام رمضان.. نبذة عن مرض كرون
داء كرون هو مرض التهابي مزمن يؤثر على أي جزء من الأنبوب الهضمي من المريء إلى فتحة الشرج، إلا أن هوايته المفضلة ضرب الجزء النهائي من الأمعاء الدقيقة، وإصابة القولون والمستقيم أحيانًا، فيعاني المصاب من زوبعة من الأعراض المزعجة، أبرزها ألم البطن، والغثيان، والتقيؤات، والحمى الخفيفة، والإسهال الشديد، والمغص، والتعب الشديد، وخروج دم ومخاط مع الغائط، ونقص الوزن، وسوء التغذية، وفي بعض الأحيان قد يسبب مضاعفات مهددة للحياة.
ما زالت الأسباب الدقيقة التي تقف خلف داء كرون تغطّ في بحر المجهول، ولكن توجد معطيات تفيد بأن هناك بعض العوامل التي تتداخل مع بعضها البعض لتكون بمثابة الشرارة التي تُشعِل الإصابة بالمرض مثل الوراثة، والتدخين، والنشاط المفرط للقناة الهضمية، وميكروبيوم الأمعاء.
مرضى كرون وصيام رمضان
أظهرت الأبحاث أن الصيام المتقطع المقيَّد بالوقت يمكن أن يفيد الأشخاص بشكل عام، فيحسّن الصحة العامة ويساعد على التحكم في الوزن، ويقلل من الالتهاب، ويحسّن ميكروبيوم الأمعاء، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل صيام رمضان مناسب لمرضى داء كرون؟
من أجل معرفة تأثير صيام رمضان على مرضى داء كرون قام باحثون من جامعة محمد الخامس المغربية، بدراسة وصفية ذات تأثير رجعي شملت 44 رجلًا و56 امرأة صاموا شهر رمضان في عام 2011، خضع فيها جميع المرضى لتقييم سريري في اليوم السابق للصيام (اليوم صفر)، وبعد أسبوعين (اليوم 14)، وفي نهاية الشهر (اليوم 30). وتم تقييم تحمل الصيام لدى المشاركين في الدراسة بناء على شدة الأعراض في اليوم صفر، واليوم 14، واليوم 30، فماذا كانت النتائج؟ أسفرت الدراسة عن المعطيات الآتية:
- تم تحمل الصيام بشكل جيد من قِبل 94% من المشاركين في الدراسة مع تحسن واضح في الأعراض السريرية خلال النهار.
- فقط 6% من المرضى لم يتمكَّنوا من المثابرة على الصيام، ما اضطرهم إلى التوقف عنه، أما عن الأسباب فلم يكن لها علاقة لها بداء كرون، مثل النزيف الرحمي الناجم عن خلل وظيفي أدى إلى فقر الدم الشديد، والألم الشرسوفي الناجم عن تناول عقاقير الستيروئيديات القشرية.
مرضى كرون وصيام رمضان.. قراءة في الأدبيات الطبية
تفيد المعلومات المستقاة من الأدبيات الطبية إلى ما يلي:
- كشفت الأبحاث التي درست نماذج حيوانية عن معلومات مثيرة للاهتمام حول فوائد الصيام في أمراض الأمعاء الالتهابية، إلا أن الدراسات عند البشر ما زالت قليلة، خاصة فيما يتعلق بداء كرون وأمراض الأمعاء الالتهابية الأخرى.
- تقول بحوث ذات أثر رجعي عند البشر، إن الأشخاص المصابين بمرض التهاب الأمعاء، الذين تم إدخالهم إلى المستشفى وصاموا وتلقوا الطعام، أن الصيام لم يكن فعالًا في تقليل نشاط المرض.
- في دراسة سابقة قام بها تراكولي ورفاقه على 60 مريضًا يعانون من مرض التهاب الأمعاء، خضعوا خلالها إلى تقييمات نوعية الحياة والحالة النفسية وشدة الأعراض قبل وبعد رمضان، نوهت نتائجها بوجود صلة بين الظروف المعيشية التي تسبب الضائقة الفيزيولوجية والمظاهر السريرية لمرض التهاب الأمعاء، وأكدت أن الضغط النفسي والاجتماعي، يؤثر على المسار السريري للمرض. أما عن التفسير؛ فقد أرجعه الباحثون إلى عدة عوامل منها، تغير الساعة البيولوجية للصائمين، وإلى بقائهم مستيقظين أثناء الليل، وإلى نومهم لوقت أطول نهارًا مقارنة بالأشهر الأخرى، وإلى شربهم كميات أقل من الكافيئين، وإلى تدخينهم بشكل أقل، وإلى تعرضهم إلى انقباضات أقل في الأمعاء أثناء الصيام، إضافة إلى انخفاض إفرازات المعدة.
- أفادت إحدى الدراسات بوجود زيادة في مستوى التهيج الذاتي والموضوعي خلال فترة الصيام، ولكن لم يكن لها تأثير سلبي على سير المرض ولا على نوعية الحياة بعد شهر رمضان.
مرضى كرون وصيام رمضان.. الخلاصة
أظهر غالبية مرضى كرون قدرة على تحمل صيام رمضان، وأن الانقطاع عنه لم يكن سببه المرض بحد ذاته، بل عوامل أخرى. يمكن لمرضى كرون الذين يُصرّون على الصيام، والذين هم في حالة هدوء في أعراض المرض، ويخضعون للعلاج، أن يصوموا كما يحلو لهم، لأن الصيام لن يغير من شدة المرض أو من نوعية الحياة. مهلًا، إذا كنت مصابًا بداء كرون، فربما يتوجب عليك العلم بأن الصيام لن يكون آمنًا لك في الحالات الآتية:
- إذا كنت تعاني من سوء التغذية، أو تجد صعوبة في الحصول على العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك.
- إذا كنت تحتاج إلى تناول أي دواء أو مكمل غذائي خلال اليوم، وأنه من الضروري أخذه مع الطعام.
- إذا كانت أعراض المرض لديك نشطة، بما في ذلك الحمى والتقيؤات والإسهال وآلام البطن.
- إذا كنت تعاني من فقدان كبير في السوائل بسبب نوبات الإسهال العنيفة.
المصدر:
