يظن كثير من الآباء والأمهات المهتمين بتجنيب أطفالهم السمنة، أو العاملين منهم على تخفيض أوزان أطفالهم الزائدة عن المعدل الطبيعي، أن استخدام المُحليات الصناعية هو الحل السحري الذي يسمح للطفل بأن يتناول ما يشاء من الأطعمة حلوة المذاق بدون الخوف من السمنة، وكأن العامل الرئيس في إحداث السمنة هو السكر، أو أن تجنب الوزن الزائد أو تخفيضه يصبح في متناول أيدي الأهل، إذا ما تم استعمال المحليات الصناعية بديلا عن السكر في تحضير أغذية الأطفال.
اقــرأ أيضاً
* إقبال الأطفال على الطعم الحلو
يميل أغلب الأطفال والناشئة، بطبيعة حس الذوق النامي عندهم، إلى الطعم الحلو، أكثر من الطعوم الأخرى. لذا يغدو التحكم في الرغبة عندهم في تناول الأطعمة حلوة المذاق صعباً بعض الشيء، ومن هنا كان اكتشاف وتصنيع المحليات الصناعية بمثابة فكرة إنقاذية للأهل الراغبين في عدم إعطاء أطفالهم الأطعمة المحتوية على السكر.
* أمثلة للمحليات الصناعية
تعتبر المحليات الصناعية الموجودة في الأسواق، ومنها الأسبارتام، ونيوتام، والسكرين، وسوكرالوز، ونبات ستيفيا، من أكثر المحليات المستخدمة في الصناعة أو مطبخ المنزل، وبغض النظر عن المواصفات الكيميائية التركيبية لهذه المحليات، وبعيداً عن كل نتائج الدراسات المتناقضة حول تأثيرات تلك المحليات المَرَضية القريبة منها أو البعيدة، والمتعلقة بالتركيب الكيميائي لكل مادة على حدة، فإننا سنتناول الموضوع من وجهة النظر السلوكية الغذائية.
* المحليات الصناعية تجعل السيطرة على تغذية الأطفال أصعب
في الحقيقة وجدت دراسات عديدة، في السنوات العشر الأخيرة، أن الأطفال الذين تم تعويدهم على الطعم الحلو في فترات متباينة من عملية التغذية في الطفولة، متصلة كانت أو متقطعة، يكون من الصعوبة بمكان جعلهم يتجنبون الأطعمة السكرية في مراحل عمرية أكبر عندما، تكون الرقابة الكاملة مستحيلة على عملية التغذية، خاصة في مرحلة المراهقة، لذا فإن استخدام المحليات يعتبر حلاً مؤقتاً منخفض السعرات، ولكن ليس صالحاً، لتأسيس سلوك غذائي متوازن ودائم.
* المحليات الصناعية.. هل تؤدي إلى خفض الوزن؟
من ناحية أخرى وفي دراسات أخرى، لم يكن هناك تأثير ملحوظ ومن خلال العديد من الدراسات على خفض الوزن أو تجنب زيادة الوزن من دون تضافر العوامل الأخرى كالتغذية المتوازنة والنشاط الرياضي، خاصة أن استخدام المحليات يؤدي بالطفل والأهل إلى استهلاك كميات أكبر من الأطعمة المحلاة صناعياً، على أمل أنها قليلة السعرات الحرارية، وأنه لا مشكلة من الإكثار منها، ناسين أو متناسين أن تلك الأطعمة تحتوي على سعرات حرارية آتية من المكونات الأخرى كالزبد والطحين وخلافهما، مما يؤدي إلى نتائج عكس ما كان الأهل يرغبون.
* الرأي العلمي الطبي في المحليات الصناعية
لذا، فإن الرأي العلمي الطبي يقول حالياً إنه لا توجد مشكلة من استخدام المحليات لتحضير بعض الأطعمة، في بعض الأحيان، ولكن مع الانتباه إلى عدم الإكثار من كمية الأطعمة وتكرارها فوق الحد المسموح، لأن ذلك وبكل بساطة يؤدي إلى "خداع الجسم".
* ما المقصود بخداع الجسم؟
هذا ما حددته دراسات حديثة، وجدت أن دخول كميات كبيرة من الأطعمة المحلاة إلى الجسم – حتى الاثنى عشر مروراً باللسان - يؤدي وبشكل منعكس لا إراديا إلى إفراج غدة البنكرياس عن كميات كبيرة من مادة أو هرمون الإنسولين، ظناً منها أن الداخل هو سكر حقيقي، مع ما سيرافق ذلك تلقائياً وبشكل فوري من شعور بجوع أكبر (بسبب انخفاض مباشر في مستوى سكر الدم وتحرر إشارات الجوع إلى الدماغ)، وبالتالي الاضطرار إلى تناول كميات أكبر من الطعام، وبالتالي نتائج عكسية لما كنا نخطط له أو نرغب به.
* إذاً ما هو الحل لمشاكل تغذية الأطفال؟
الحل المجدي لمشاكل التغذية عند أطفالنا والمتداخلة مع الرغبة المتزايدة للأطعمة حلوة المذاق يمر عبر إعادة هيكلة نظام غذائي متوازن ومشكل من جميع الأطعمة بأنواعها، تبعاً للهرم الغذائي بمكوناته، وتبعاً للمتطلبات العمرية التي تقتضيها مراحل النمو المختلفة، وليس عبر إطلاق حرية الطفل بتناول الأطعمة المحلاة بالمحليات الصناعية.