متلازمة الجوع الليلي (NES) أو الأكل الليلي هي اضطراب في الأكل يحدث مع تقطع النوم المتكرر حين يشعر الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة أنهم لن يتمكنوا من العودة إلى النوم دون تناول الطعام، وقد يستيقظون عدة مرات في الليلة الواحدة، وقد يشعرون بالخجل أو الاكتئاب بسبب هذه الحالة، فما هي متلازمة الجوع الليلي وما أعراضها وكيف يمكن علاجها؟ تعرَّف معنا على ذلك من خلال هذا المقال.
ما هي متلازمة الجوع الليلي ؟
متلازمة الجوع الليلي (الأكل الليلي) هي اضطراب في الأكل يحدث مع النوم المتقطع (الأرق)، ويتسبب في استيقاظ الأشخاص أثناء الليل لتناول الطعام، وعادة ما يحدث ذلك عدة مرات طوال الليل، وإذا تُركت هذه الحالة دون العلاج فقد يكون من الصعب الحفاظ على وزن صحي، كما أنها قد تزيد من خطر المشكلات الصحية مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
ما مدى شيوع متلازمة الجوع الليلي ؟
يعاني حوالي واحد من كل 100 شخص من متلازمة الجوع الليلي، وتعد هذه المتلازمة أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين يعانون من:
- وزن زائد أو من السمنة.
- الإصابة بالاكتئاب أو القلق.
- تعاطي المخدرات أو الكحول.
- اضطراب آخر مثل الشره المَرَضي العصبي أو اضطراب الشراهة عند تناول الطعام.
ما هي أعراض متلازمة الجوع الليلي؟
إذا كنت مصاباً بمتلازمة الجوع الليلي فإنك تأكل بعد وجبة العشاء خلال الليل ما لا يقل عن ربع السعرات الحرارية التي تحتاجها يومياً، فإذا كنت تمر بهذه الحالة وتستيقظ لتناول الطعام ليلاً مرتين على الأقل خلال الأسبوع فأنت مصاب بهذه المتلازمة، وعادة ما تستمر الأعراض لعدة أسابيع أو أشهر، وتشمل هذه الأعراض ما يلي:
-
الاستيقاظ لتناول الطعام
عادة ما يعاني الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة (NES) من الأرق أكثر من أربع مرات في الأسبوع، ويستيقظون لتناول الطعام أحياناً عدة مرات في الليلة الواحدة لعدة أسابيع أو أشهر، ويشعرون أنهم بحاجة للشعور بالشبع والحصول على معدة ممتلئة للعودة إلى النوم.
-
تناول سعرات حرارية كثيرة في الليل
يتناول الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب زيادة عن تناولهم الطبيعي للطعام في الليل بنسبة 25%، وقد يتناولون الطعام في وقت متأخر من الليل قبل الذهاب إلى السرير أو أثناء الليل أو كليهما، فبدلاً من تناول وجبة واحدة كبيرة، يتناول العديد من الأشخاص المصابين بهده المتلازمة وجبات أصغر أو وجبات خفيفة طوال الليل، وعادة ما يشتهون الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية أو الكربوهيدرات أو السكريات.
-
انخفاض الشهية أثناء النهار
يحدث الجوع الشديد والإفراط في تناول الطعام في وقت لاحق في المساء وأثناء الليل، وقد لا يشعر الأشخاص المصابون بمتلازمة الجوع الليلي بالجوع عند تناول وجبة الإفطار، وبعض هؤلاء الأشخاص لا يشعرون بالجوع إلا في وقت لاحق بعد الظهر.
-
الاكتئاب والقلق
غالباً ما تحدث بعض حالات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق جنباً إلى جنب مع متلازمة الجوع الليلي، إذ يميل الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة إلى الشعور بأنه ليس لديهم سيطرة على تناول الطعام، وهذا قد يُشعِرهم بالخجل أو الحزن أو الإحراج.
ما أسباب حدوث متلازمة الجوع الليلي ؟
لا يعرف مقدمو الرعاية الصحية بالضبط الأسباب وراء حدوث متلازمة الجوع الليلي (NES)، ولكنهم يعتقدون أن الأمر قد يكون مرتبطاً بمشكلات في دورة النوم والاستيقاظ، وبعض الهرمونات، ورجّحوا أيضاً أن ذلك يمكن أن ينتج عن عدة عوامل، منها:
- اضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية: تتحكم الساعة البيولوجية الطبيعية للجسم بنشاط الجسم في الأوقات المختلفة من النهار والليل، وإذا كنت تعاني من الجوع الليلي فإن ساعتك البيولوجية لا تعمل كما ينبغي، إذ يفرز جسمك الهرمونات التي تجعلك تشعر بالجوع واليقظة في الليل وليس أثناء النهار.
- الوراثة والجينات: يمكن أن تنتشر متلازمة الجوع الليلي في بعض العائلات، لذلك يعتقد مقدمو الرعاية الصحية أن الوراثة والجينات قد تلعب دورًا في تحديد مَن يصاب بهذا الاضطراب.
- الصحة العقلية: يعاني الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة أيضاً من اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق.
- اتباع نظام غذائي أثناء النهار: يمكن أن ينشأ الجوع الليلي أحياناً عند عدم الحصول على سعرات حرارية كافية خلال اليوم، فقد يكون الأشخاص الذين يقيدون تناولهم للطعام أثناء النهار أكثر عرضة للإسراف في الطعام خلال الليل.
- اضطرابات أخرى: الأشخاص الذين يعانون من NES هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الأكل الأخرى، واضطرابات تعاطي المخدرات، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة، لكن العلاقة بين هذه الاضطرابات والجوع الليلي ليست واضحة.
التشخيص والاختبارات
سوف يسألك طبيبك عن الأعراض مثل عدد المرات التي تستيقظ فيها في الليل، وما الذي يساعدك على العودة إلى النوم، وسيقوم بالفحص للتحقق من صحتك البدنية، ويطرح أسئلة حول حالتك المزاجية والعاطفية وصحتك العقلية.
وقد يطلب منك مقدم الرعاية الصحية بأن تحتفظ بمذكرات للنوم، وأن تقوم بتسجيل وتتبع موعد استيقاظك، وما تأكله في الليل، وبالتالي يمكن أن يساعدك ذلك في التخطيط للعلاج.
التعامل مع متلازمة الجوع الليلي وعلاجها
لعلاج متلازمة الجوع الليلي قد يوصي طبيبك بعلاج عدة أمور يمكن أن تشمل ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو نوع من العلاج بالمحادثة الذي يمكن أن يساعدك على تغيير السلوكيات المزعجة وتبني عادات صحية، فقد يساعدك العلاج السلوكي المعرفي على تناول المزيد من الطعام أثناء النهار، والتحكم في الجوع أثناء الليل.
- الأدوية المضادة للاكتئاب: مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، لتحسين مزاجك وتنظيم عواطفك.
- تمارين العقل والجسم: مثل استرخاء العضلات التدريجي، لمساعدتك على الهدوء والنوم مرة أخرى.
- العلاج بالضوء (phototherapy)، باستخدام ضوء خاص لمدة 15 إلى 30 دقيقة كل يوم، إذ يساعد ضوء المصباح على تغيير إيقاع الساعة البيولوجية لديك، لذلك ستشعر بالنعاس أثناء الليل، ويساعدك على النوم المتواصل.
- برنامج ضبط الوزن، حتى تتمكن من الحفاظ على وزن صحي واختيار الأطعمة المغذية والشعور بالتحسن.
الوقاية من الجوع الليلي
قد لا تتمكن من منع حدوث اضطراب الجوع الليلي، لكن يمكنك اتخاذ خطوات لتحسين صحتك والحصول على نوم مريح، فإذا كنت تشك في أنك أو أي شخص تعرفه قد يعاني من اضطرابات النوم المتكررة وتناول الطعام أثناء الليل، فهناك بعض الاستراتيجيات لمحاولة تحسين أنماط النوم والأكل من خلال اتباع الخطوات الآتية:
- اختيار الأطعمة الصحية: تأكد من تناول الأطعمة الصحية في المنزل.
- التخلص من بعض الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكريات، فهذا قد يساعدك على تجنب تناولها في الليل.
- تهيئة جو مناسب للنوم: حافظ على غرفة نومك في درجة حرارة مريحة، وحاول النوم في نفس الوقت كل يوم، وتجنب تناول الكافيين واستخدام الإلكترونيات قبل النوم.
- مراقبة صحتك العقلية: حاول إدارة التوتر من خلال التأمل والتنفس العميق، فإذا كنت تشعر بالحزن أو القلق، تحدث إلى مقدم الخدمة، ويمكن أن تساعدك الاستشارة والعلاج في إدارة مشاعرك وتحسين حالتك المزاجية.
- البقاء نشيطًا أثناء النهار: ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والنشاط البدني أثناء النهار قد يساعدك على النوم بشكل أفضل أثناء الليل.
الأسئلة الأكثر شيوعاً
ما هي أسباب الجوع في الليل؟
يرتبط عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم بضعف التحكم في نسبة السكر في الدم، لأن قضاء بضع ليالٍ بلا نوم يمكن أن تؤثر على مستويات السكر في الدم، وتم ربط قلة النوم بمستويات أعلى من هرمون الجريلين، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالجوع، وبالتالي فإن الأرق خلال الليل عدة مرات يمكن أن يزيد من إفراز هذا الهرمون مسبباً متلازمة الجوع الليلي، لذا عليك الحرص على النوم لمدة ست إلى ثماني ساعات كل ليلة لمنع حدوث هذه المشكلة.
هل النوم على جوع ينقص الوزن؟
تناول الطعام الصحي وعدم التخلي عن وجبات الطعام الأساسية خلال اليوم يؤدي إلى فقدان الوزن، فمثلاً إذا تخطيت وجبة العشاء فسوف تستيقظ في الصباح جائعاً وتتناول كمية مضاعفة من الطعام، مما يؤدي إلى تخزين الدهون في جسمك، فلا تفوّت وجبة العشاء، ولا تنَم على معدة فارغة أبداً.
هل الضغط النفسي يسبب الجوع؟
ارتفاع مستويات الكورتيزول الناتج عن التوتر يمكن أن يزيد من الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة السكرية والدهنية، ويرتبط التوتر أيضاً بزيادة هرمون الجوع، مما قد يساهم أيضاً في الرغبة الشديدة في تناول الطعام.
كيف نميز بين الجوع الحقيقي والجوع النفسي؟
هناك بعض العوامل المميزة بينهما، إذ يتطور الجوع الحقيقي مع مرور الوقت، وستكون لديك رغبة في تناول مجموعات غذائية مختلفة، كما أن الجوع الحقيقي يسمح لك بالشعور بالشبع، مما سيدفعك بعد ذلك إلى التوقف عن الأكل، ولن تكون هناك أي مشاعر سلبية تجاه الأكل، بينما الجوع العاطفي أو النفسي يأتي فجأة، ولن تشتهي سوى أطعمة معينة، وسوف تفرط أيضاً في تناول الطعام ولكنك لن تشعر بالشبع، بل وسيكون لديك شعور بالذنب أو الخجل المرتبط بتناول الطعام.
ختاماً، إذا لم يتم علاج متلازمة الجوع الليلي فيمكن أن يسبب على المدى البعيد مشكلات صحية وتحديات عاطفية، ويمكن أن يؤدي إلى مرض السكري أو ارتفاع الكوليسترول، وغيرها من المشكلات التي قد تنتج عن الوزن الزائد.
لكن يمكن لمقدمي الرعاية الصحية علاج الجوع الليلي بمزيج من العلاج والأدوية وتغيير نمط الحياة، إذ يجد العديد من الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة راحة من الأعراض من خلال الالتزام بخطة علاجية شاملة.
