كثيرا ما نسمع عن مركب السيروتونين ودوره في الشعور بالسعادة، مما جعل البعض يسميه "هرمون السعادة"، وبرغم ذلك تظل هناك العديد من الأسئلة المتعلقة بذلك المركب عن ماهيته، والدور الذي يقوم به داخل الجسم، بجانب علاقته بالاكتئاب؛ وهذا ما تتناوله تلك المقالة حول أهم ما تجب معرفته عن السيروتونين.
* ما هو السيروتونين؟
يعد السيروتونين أحد المركبات الكيميائية الموجودة بجسم الإنسان بشكل طبيعي، والتي يتم إنتاجها بالأمعاء وبالمخ والصفيحات الدموية، حيث يتم تكوين ذلك المركب داخل الجسم من خلال بعض العمليات الحيوية التي تتم على حمض أميني يدعى تريبتوفان، والذي يحصل عليه الجسم عبر تناول الأطعمة الغنية به مثل المكسرات والجبن واللحوم الحمراء.
يعتبر السيروتونين أحد النواقل العصبية وفق غالبية العلماء، فيما يعتقد البعض بأن هذا المركب عبارة عن هرمون.
* ما هي وظائف السيروتونين؟
يمتلك السيروتونين العديد من الوظائف داخل الجسم خاصة بالجهازين العصبي المركزي والهضمي، وعلى رأسها أنه يلعب دوراً أساسياً في الشعور بالسعادة.
1- الحالة المزاجية
يؤثر السيروتونين الذي يتم إنتاجه في المخ على الحالة المزاجية حيث إنه يشارك في تنظيم الشعور بالقلق والسعادة، كما أن انخفاض نسبة السيروتونين يرتبط بشكل كبير بالاكتئاب.
2- حركة الجهاز الهضمي
كما أسلفنا فإنه يتم إفراز السيروتونين بالأمعاء، حيث إنه يساعد على التحكم في حركة الجهاز الهضمي وأدائه لوظائفه الحيوية، كما أنه يلعب دوراً في تقليل الشهية أثناء تناول الطعام.
3- تجلط الدم
يمكن للصفيحات الدموية إنتاج السيروتونين، الذي يساعد في تكوين الجلطات الدموية عبر تضييق الأوعية الدموية الصغيرة، وبالتالي يساعد في التئام الجروح وشفائها.
4- الغثيان
عند تناول طعام فاسد تقوم الأمعاء بإفراز المزيد من السيروتونين لتقليل وقت بقاء ذلك الطعام بالجهاز الهضمي وطرده بسرعة من الجسم عبر الإسهال، ويمكن لذلك المستوى المرتفع من السيروتونين أن يؤثر على المنطقة المسؤولة عن الغثيان بالمخ متسبباً بذلك الشعور بالغثيان.
5- الوظيفة الجنسية
يرتبط انخفاض مستويات السيروتونين بالجسم بزيادة الشهوة الجنسية، فيما يرتبط ارتفاع مستويات ذلك المركب الكيميائي بانخفاض تلك الشهوة.
6- النوم
يعد السيروتونين مسؤولا عن تحفيز أجزاء معينة بالمخ، تتحكم في النوم والاستيقاظ.
* مستويات السيروتونين داخل الجسم
بشكل عام، تقدر المستويات الطبيعية لمركب السيروتونين بالدم بما يتراوح بين 102 و283 نانوغرام لكل ميليليتر.
* أعراض انخفاض السيروتونين
في حالة انخفاض مستويات السيروتونين بالدم فإن ذلك يرتبط بما يلي:
- مشاكل الذاكرة.
- انخفاض الحالة المزاجية.
- صعوبات بالنوم.
- فقد الثقة بالنفس والقلق.
الأمر الذي يتم علاجه غالباً باستخدام العديد من الأدوية التي يمكنها زيادة مستوى السيروتونين.
* أعراض ارتفاع السيروتونين
أما في حالة ارتفاع مستويات السيروتونين بالجسم عن مستوياتها الطبيعية بشكل ملحوظ فإن هذا يعني الإصابة بمرض يعرف بـ "متلازمة السيروتونين" أو "تسمم السيروتونين"، وتتضمن أعراض هذا المرض:
- الارتعاش.
- الإسهال.
- الصداع.
- التحير.
- اتساع حدقة العين.
- وفي الحالات الشديدة تتفاقم الأعراض لتشمل ارتعاش العضلات، وتصلبها، والحمى المرتفعة، والتشنجات.
ويتم علاج ذلك المرض عبر التحكم في الأعراض، ومحاولة استعادة المستويات الطبيعية للسيروتونين بالجسم، وفي حال لم يتم علاج تلك الحالة فإنها قد تكون مهددة للحياة.
* السيروتونين والاكتئاب
كما أوضحنا فإن السيروتونين يؤثر بشكل إيجابي على الحالة المزاجية، فحينما تكون مستويات ذلك المركب داخل الجسم طبيعية فإن هذا يؤدى إلى الشعور بالسعادة والهدوء والتركيز والبعد عن القلق، ومن ثم استقرار الحالة النفسية.
وعلى الرغم من عدم معرفة كيفية حدوث الاكتئاب على وجه دقيق، إلا أن التفسير العلمي الشائع خلال الخمسين عاماً الأخيرة يتضمن حدوث عدم توازن بين النواقل العصبية والهرمونات بالجسم ومن بينها السيروتونين، وقد لوحظ في العديد من الدراسات أن المصابين بالاكتئاب عادة ما تنخفض مستويات السيروتونين لديهم، إلا أن هذا لا يعني أن انخفاض مستويات ذلك المركب تتسبب بالإصابة بالاكتئاب.
مع ذلك تستخدم العديد من الأدوية التي تقوم بزيادة نسبة السيروتونين بالجسم في علاج الاكتئاب، وفي مقدمتها مثبطات إعادة استرداد السيروتونين الانتقائية مثل فلوكسيتين، وسيتالوبرام، وسيرترالين.
* طرق طبيعية لزيادة مستويات السيروتونين
بخلاف الأدوية التي يمكنها زيادة نسبة السيروتونين بالجسم لعلاج الاكتئاب، هناك العديد من الطرق والوسائل الطبيعية التي يمكنها تحقيق الهدف ذاته.
1- تناول الأطعمة الغنية بالتريبتوفان
كما أوضحنا يعتمد تكوين السيروتونين داخل الجسم على الحمض الأميني تريبتوفان، وبالتالي فإن تناول الأطعمة الغنية بالتريبتوفان تساعد في زيادة نسبة السيروتونين، ومن ثم تحسين الحالة المزاجية، وتتضمن الأغذية الغنية بذلك الحمض الأميني الأطعمة الغنية بالبروتين مثل الحبش (الديك الرومي) والبيض والجبن والسلمون، بالإضافة إلى أنواع معينة من الفاكهة مثل الموز.
2- التعرض للضوء
يعد التعرض للضوء سواء كان طبيعياً كأشعة الشمس أو صناعياً كالضوء العلاجي من العلاجات الموصى بها في حالات الاكتئاب الموسمي.
3- ممارسة التمارين الرياضية
يمكن لممارسة الرياضة أو التمارين الرياضية بشكل منتظم أن تحسن من الحالة المزاجية بشكل كبير، ولها تأثير مضاد للاكتئاب، وقد بينت بعض الدراسات أنها تلعب دوراً في زيادة وظيفة السيروتونين بالمخ.
4- ممارسة التأمل
تساعد ممارسة تمارين التأمل وتقنيات الاسترخاء في التقليل من الشعور بالقلق والضغوطات؛ مما يحفز من مستويات السيروتونين بالجسم.
المصادر:
What is serotonin and what does it do?
Serotonin: What You Need to Know