صحــــتك

الإسقاط.. عندما نلقي ما بداخلنا على الآخر

الإسقاط.. عندما نلقى مابداخلنا على الآخر
هل حدث أن كنتَ في خلاف أو مشادة مع شريك حياتك أو زميلك في العمل، وفي أثناء المشادة وجدتَه يقول لك: توقّف عن إسقاط مشاعرك أو سلوكياتك عليّ؟ وهل حدث ووجدت أحدهم يتهمك بما ليس فيك، ويلقي عليك سلوكا أو مشاعر تخصه هو. نحن نتحدث عن ميكانيزم الإسقاط الذي يسبب الكثير من المشاكل النفسية.

* ما هو الإسقاط؟
معنى الإسقاط هو أن تسقط العواطف أو السمات والصفات غير المرغوب فيها التي لا تحبها عن نفسك، وتنسبها إلى شخص آخر. والمثال الشائع هو شريك الحياة الخائن الذي يشك طول الوقت في أن شريكه غير مخلص، وبدلاً من الاعتراف بالخيانة الخاصة به، يقوم باتهام شريكه.


* لماذا نمارس هذا الميكانيزم؟
مثل الكثير من جوانب السلوك البشري، فإن الإسقاط هو آلية من آليات الدفاع عن النفس، حيث إن إلقاء الأشياء التي لا نحبها عن أنفسنا على أشخاص آخرين يحمينا من ألم الاعتراف بوجود هذه الأجزاء التي لا نحبها بداخلنا، فالبشر يميلون إلى الشعور براحة أكبر عند رؤية الصفات السلبية في الآخرين وليس في أنفسهم.

* من يفعل ذلك؟
نحن نستخدم آليات الدفاع لحماية أنفسنا من الألم، ويقوم الإسقاط بما يجب أن تفعله كل آليات الدفاع، حيث يقوم بحمايتنا، وذلك بأن يحفظ مشاعر عدم ارتياحنا حول أنفسنا في مكان خارج نطاق وعينا، والأشخاص الأكثر عرضة للإسقاط هم أولئك الذين لا يعرفون أنفسهم جيدًا، حتى ولو اعتقدوا عكس ذلك.

الأشخاص الذين يشعرون بالنقص وفقد الثقة بالنفس يمكن أيضاً أن يقعوا في الإسقاط، من خلال إظهار مشاعرهم بأنهم ليسوا جيدين بما يكفي للآخرين على أنها مشاعر الآخرين، فمن يشعر أنه متضهد عنصرياً مثلا سيبدأ في الشعور بأن كل ذوي البشرة البيضاء يرفضونه، ومن تشعر أنها غير جميلة أو بدينة سترى نظرات وتعبيرات الآخرين على أنها اتهام لها حتى لو كانوا لا يقصدون.

ومن ناحية أخرى، فإن الأشخاص القادرين على قبول إخفاقاتهم وضعفهم - والذين يشعرون بالراحة بالتفكير في الأمور الجيدة والسيئة والقبيحة - لا يميلون إلى ممارسة الإسقاط، لأنهم ليست لديهم حاجة إلى ممارسته، ويمكنهم أن يتسامحوا مع وجود سلبيات بداخل أنفسهم.



* أمثلة أخرى من الإسقاط؟
غالباً ما يبدو الإسقاط مختلفاً لكل شخص، وهذه بعض الأمثلة التي تهدف إلى مساعدتك على فهم أفضل لكيفية تأثير الإسقاط في سيناريوهات مختلفة:
- إذا كنت مع شخص آخر تتناولان العشاء، وهذا الشخص يتحدث طوال الوقت وينتقل من موضوع إلى آخر، فإذا حاولت التحدث اتهمك بأنك مستمع غير جيد وتريد أن تكون محط الأنظار.

- إذا كنت تدافع بقوة عن فكرة ما في العمل، فقد تجد زميلك يتهمك بأنك دائمًا ما تريد أن تنفذ أفكارك وأن يسير الكل حسب طريقتك، وذلك على الرغم من أنك تميل إلى مواكبة أفكاره هو في معظم الأوقات.

- يصر رئيسك في العمل على أنك تكذب بشأن العدد الكبير من الساعات التي وضعتها في إنجاز مشروع معين، رغم أنه هو شخصيا من ينصرف من المكتب مبكرًا، ولا يلتزم بالمواعيد النهائية.

* هل هناك طرق لوقف الإسقاط؟
إذا وجدت أنك تمارس الإسقاط وتلقي ما بداخلك على الآخرين، فلا تحاول مقاومة هذا الأمر؛ لأن المقاومة ستؤدي إلى مزيد من الإسقاط، وما يمكنك فعله هو أن تحاول التركيز على السبب الذي يجعلك تمارس هذا الميكانيزم، وهناك عدة طرق لمعرفة ذلك:
1. ابحث بداخل نفسك
نقطة البداية الجيدة هي التحقق من مدى شعورك حيال نفسك، خاصة نقاط الضعف لديك.. ما هي؟ هل هناك أشياء تفعلها للمساهمة في نقاط الضعف هذه؟.. إنه التأمل الذاتي.. التأمل في نفسك ودواخلها بانفصال عنها وبفضول من غير حكم على نفسك أو على أجزاء منك.

انظر إلى سلوكك واكتشف ما إذا كنت تميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين بسبب الأشياء التي تقوم أنت بها، أو هل تقوم بوصف صفات سلبية بشكل غير صحيح عن الآخرين.. فإذا كنت تقوم بذلك.. اعرف ذلك عن نفسك.. وسجل ملاحظاتك بدون الحكم على نفسك بقسوة.



2. اسأل شخصا يفهم
قد يكون هذا الأمر بالغ الصعوبة، ولكن قد يكون أيسر إذا فعلت هذا مع شخص تثق فيه وتشعر بالراحة أثناء التحدث إليه، اشرح لهذا الشخص أنك تحاول فهم كيفية رؤيتك لنفسك والآخرين بشكل أفضل، وتأكد أنك على استعداد لسماع أشياء قد لا ترغب في سماعها إذا قررت فعل ذلك، وتذكّر أن هذه المعلومات يمكن أن تساعدك على وقف الإسقاط.

3. ابحث عن معالج
يمكن أن يكون المعالج الجيد من أفضل الأدوات للتغلب على الإسقاط، حيث يمكن أن يساعدك في تحديد الأسباب التي تجعلك تفعل ذلك، كما يمكنه تزويدك بأدوات تساعدك على التوقف.

وإذا كان الإسقاط قد أضر بعلاقة وثيقة، يمكن أن يساعدك المعالج في إعادة بناء تلك العلاقة أو منعها من الحدوث في المستقبل.

*** وختاماً نقول إنه من الطبيعي أن ترغب في حماية نفسك من المشاعر والخبرات المؤلمة أو السلبية، ولكن عندما تتحول هذه الحماية إلى إسقاط، فقد يكون الوقت قد حان لإلقاء نظرة على سبب قيامك بذلك، ومراجعة هذا الأمر لن تؤدي فقط إلى تحسين احترامك لذاتك، ولكن أيضًا ستساعدك على تحسين علاقاتك مع الآخرين، سواء كانوا زملاء عمل أو زوجًا أو أصدقاء مقربين.
آخر تعديل بتاريخ
07 أكتوبر 2018
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.