يُعرَف اشتهاء أصنافٍ معيَّنة من الطعام بأنه الحاجة الشديدة لتناول هذا النوع من الطعام، ولا يقتصر هذا على الرغبة في تناول الطعام الذي يشتهيه المرء، بل يتعدى ذلك ليصبح شعورًا قويًا بالحاجة إليه.
لا يمكن التحكم باشتهاء الطعام في معظم الأحيان، ولا يشعر الكثيرون بالراحة إلا بعد تناول الطعام الذي يشتهونه، والمشكلة أنه في معظم الأحيان التي نشتهي فيها الطعام يكون الطعام غير صحيٍ كالحلويات، إلا أن البعض قد يشتهون الأطعمة الصحية، فهل يرتبط اشتهاء الطعام بنقص العناصر الغذائية في الجسم؟ لنتعرَّف على هذا فيما يلي.
هل من علاقة بين نقص العناصر الغذائية واشتهاء الطعام؟
يرى عديد من الخبراء أن اشتهاء أنواع محددة من الطعام هو طريقة غير مباشرة يُعْلِمك بها الجسمُ بوجود نقص في أحد العناصر الغذائية الأساسية في الجسم، فعندما يكون هناك نقص في عنصر غذائي مهم، يُحفِّز الدماغُ الشعورَ بالرغبة الشديدة لتناول أطعمة غنية بهذا العنصر.
ما الأمثلة على هذه العلاقة؟
- قد يُسبب نقص الماغنيسيوم رغبة شديدة في تناول الشوكولاتة الغنية بهذا العنصر الغذائي.
- قد ترتبط الرغبة المُلحّة في تناول اللحوم أو مشتقات الحليب بنقص الحديد أو الكالسيوم.
- يُعد الصوديوم عنصراً مهماً في الجسم للحفاظ على توازن السوائل، وقد تشير الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الغنية بالملح إلى وجود نقص في مستويات الصوديوم في الجسم، وقد لاحظ الخبراء أن الأشخاص الذين تنخفض مستويات الصوديوم لديهم بشكل مقصود من خلال الأدوية المدرَّة للبول مثلاً، يُفضِّلون تناول الأطعمة المالحة. يجدر بالذكر هنا أن حالات نقص الصوديوم نادرة جداً، وذلك لأنه موجود في معظم الأطعمة التي نتناولها، بل إن فرط الحصول على الصوديوم أكثر شيوعاً بكثير من حالات نقصه.
- .
ماذا عن الرغبة بتناول مواد غريبة؟
قد يشتهي البعض تناول بعض المواد الغريبة مثل الثلج، ونشا الذرة، وقد لا تكون هذه المواد غذائية في بعض الأحيان، مثل التراب، وحتى الصابون ومسحوق الغسيل أحياناً، وبالرغم من أن سبب الرغبة في تناول هذه الأمور غير معلوم في الوقت الحالي، يُعتقَد أن اشتهاء تناول مواد غريبة كهذه ربما يُعدّ دليلاً على نقص غذائي، وتحدث هذه الحالة على نحو أكثر لدى الحوامل والأطفال.
لكن، لا يمكن القول بوجود علاقة متينة بين هذه الرغبات ووجود نقص حقيقي في بعض العناصر الغذائية، وذلك لأنه بالرغم من وجود دراسات تُظهِر نقص الحديد والزنك والكالسيوم لدى من يشتهون مواد غير مألوفة، فإن هناك دراسات أخرى وجدت حالات لا تعاني من أي نقص غذائي.
هل العلاقة حقاً موجودة بين نقص العناصر الغذائية واشتهاء الطعام؟
توجد العديد من الأدلة العلمية على عدم وجود علاقة بين الأمرَين، ومن هذه الأدلة أن الكثير من حالات اشتهاء الأطعمة ومدى تكرار هذه الرغبة يرتبط بالجنس، إذْ تشعر النساء بهذه الرغبة مرتين أكثر من الرجال، كما أن النساء يشتهين أطعمة حلوة، مثل الشوكولاتة، أكثر من الرجال، بينما يشتهي الرجال الأطعمة المالحة أكثر، ولا يوجد مبرر لهذا الفرق بين الجنسين، فمثلاً لا توجد أدلة تُبيِّن أن الرجال يعانون من نقص في أحد العناصر الموجودة في الأطعمة المالحة على نحو أكبر من النساء.
من الأدلة الأخرى على عدم دقة العلاقة هي أن اشتهاء الطعام ينحصر أحياناً في أطعمة غير صحية لا قيمة غذائية لها، بل لا يمكن اعتبارها مصدراً جيداً للعنصر الغذائي المطلوب، فمثلاً يُعتَقد أن اشتهاء الجبنة يشير لنقص الكالسيوم، ولكن التوفو يحتوي على ضِعفَيْ كمية الكالسيوم الموجودة في الكالسيوم، لذا من الأولى أن يشتهيه الجسم في هذه الحالة، ولكن الجسم لا يعرف التركيب الكيميائي للمواد الغذائية، أليس كذلك؟!
المصدر:
https://www.verywellmind.com/cravings-definition-traits-causes-treatment-5324023
https://www.healthline.com/nutrition/nutrient-deficiencies-cravings