فرك العينين هي أحد الأمور أو العادات غير الإرادية التي لا نستطيع مقاومتها عند شعورنا بالحاجة لها، وقد نفعل هذا لسبب ما، مثل دخول الغبار إلى العينين، أو بسبب الحساسية، أو بكل بساطة بسبب التعب، ولكن كثيراً ما نقوم بفرك العين من دون أن ندرك ذلك، خاصة عند الاستيقاظ من النوم أو عند العمل أمام الحاسوب.
إذا كنت معتاداً على فرك عينيك مراراً وتكراراً، فإنه يجب عليك التوقف عن هذه العادة السيئة سريعاً، فهذه قد تبدو في ظاهرها غير ضارة، إلا أنها يمكن تعرّض العينين إلى مخاطر صحية، فما هي هذه المخاطر؟
هل هناك مخاطر صحية جراء فرك العينين؟
إن فرك العينين بحد ذاته ليس بالأمر السيئ على الإطلاق، فهو يحرض على إفراز المزيد من الدموع من أجل ترطيب العين، ويجلب نوعاً من الراحة والشعور اللطيف، ولكن المشكلة تكمن في القيام بفرك العينين، بقصد أو عن غير قصد، باستمرار على مدار اليوم، ما قد يؤدي إلى المخاطر الصحية التالية التي نعددها تباعاً:
٠1 القرنية المخروطية
تلعب القرنية القابعة في مقدمة العين دوراً محورياً في عملية الرؤية، فهي شفافة، وتسمح بانتقال أشعة الضوء إلى عدسة العين، ومن ثم إلى الخلط المائي لتسقط بعدها على الشبكية للحصول على صورة واضحة.
في الحالة الطبيعية تكون القرنية دائرية الشكل، إلا أن فرك العين باستمرار يمكن أن يؤدي إلى ضعف وتشويه القرنية، وإلى انتفاخها إلى الخارج، ما يجعلها تأخذ شكلاً مخروطياً لا يمكن ملاحظته في البداية، ولكن مع المثابرة في عملية فرك العين، فإن الإصابة بالقرنية المخروطية تصبح أمراً واقعاً مع مرور الوقت، وعندها يعاني المصاب من عدد من الشكاوى هي:
- صعوبة إغلاق الجفن.
- عدم وضوح الرؤية.
- الحساسية تجاه الضوء.
- الإصابة بقصر النظر أو الاستيغمات.
- إذا كان تشوه القرنية شديداً جداً فهناك احتمال أن تتعرض القرنية للتمزق.
وعندما تصاب القرنية بالضعف وتصبح مخروطية الشكل، فإنها ستؤدي إلى انكسار خاطئ في أشعة الضوء، فتصبح الرؤية مشوشة، ولا يمكن إصلاحها بالنظارات الطبية، بل تحتاج إلى استعمال عدسات لاصقة خاصة للحصول على الرؤية الصحيحة، وهناك حالات من القرنية المخروطية لا ينفع معها إلا العمل الجراحي.
٠2 الأجسام الغريبة في العين
يمكن لدخول الأجسام الغريبة إلى العين أن يسبب خدوشاً في القرنية تدفع المصاب بها إلى فرك العين، إلا أن هذا الفرك الذي يهدف إلى إزالة الجسم الغريب، يمكن أن يزيد الطين بلة، لأنه قد يتسبب في حدوث القرحة القرنية، وهي إصابة خطيرة قد تجعل الوضع أكثر سوءاً.
ويمكن لخدوش القرنية الصغيرة أن تسبب الشعور بالألم، وعدم وضوح الرؤية، والحساسية على الضوء.
تشفى خدوش العين الصغيرة عادة من تلقاء ذاتها في 24 إلى 48 ساعة، أما الخدوش الكبيرة فإنها تحتاج إلى العلاج الجراحي.
٠3 احمرار العينين
قد يؤدي فرك العينين إلى إضعاف وانفجار الشعيرات الدموية الصغيرة القابعة في الملتحمة فتصاب العين بالاحمرار، وينتشر الدم إلى الأنسجة المحيطة ما يسبب ظهور الهالات السوداء تحت العينين.
٠4 التهاب الملتحمة الميكروبي
تعتبر اليد ناقلًا ممتازًا للميكروبات على اختلاف مشاربها، سواء كانت فيروسية أم بكتيرية، من هنا، فعندما نفرك أعيننا فإن تلك الميكروبات تجد طريقها بسهولة إلى العين، خاصة إلى الملتحمة، فتصاب هذه بالالتهاب، وفي بعض الأحيان قد تعبر الميكروبات إلى باطن العين فنكون في شيء لنصبح في شيء آخر قد يكون بالغ الخطورة، لهذا ينصح بعدم فرك العينين للحد من مخاطر العدوى الميكروبية، وإذا كان لا بد من الفرك، فإنه ينصح بغسل اليدين جيداً قبل لمس العينين.
٠5 التهاب الملتحمة التحسسي
قد يحدث التهاب الملتحمة التحسسي نتيجة مثيرات للحساسية توجد في البيئة التي نعيش فيها أو في الطعام الذي نأكله، ويؤدي التهاب الملتحمة التحسسي إلى حدوث حكة تجبر الشخص المصاب على فرك عينيه، وقد كشفت إحدى الدراسات أنه كلما تم فرك العينين عند التعرض لمسببات الحساسية، كلما قام الشخص المصاب بفرك عينيه أكثر فأكثر.
٠6 جفاف العينين
إن جفاف العين يعد أحد أهم الأسباب التي تحرض على فرك العين، وعندما يعاني الشخص من جفاف العين، فهذا يعني أن العين لا تنتج ما يكفي من الدموع من أجل ترطيبها وحمايتها، ولهذا تحدث الحكة التي تدفع إلى فرك العين مراراً وتكراراً. وإن استعمال القطرات الصناعية العالية الجودة التي تصرف بوصفة طبية أو من دون وصفة، هي خيار جيد لعلاج جفاف العين والحفاظ على رطوبتها.
أهم النصائح لتجنب فرك العينين
إن التوقف عن فرك العينين يقوم بالدرجة الأولى على تحييد الأسباب الكامنة التي تقف خلفه، إلى جانب التقيد بالنصائح التالية التي من شأنها أن تساعد على تجنب فرك العينين:
- غسل اليدين بالماء والصابون قبل لمس العين أو القيام بأي مناورة عليها، مع الحرص على الضغط على العين برفق وتؤدة.
- استخدام الأدوية الموصوفة طبياً لعلاج الحالات الكامنة مثل الحساسية والعدوى وجفاف العين وما شابه ذلك.
- استخدام المصل الفيزيولوجي أو الدموع الصناعية أو قطرات العين لطرد الأجسام الغريبة التي يمكنها أن تسبب الحكة والتهيج في العين. لا يجوز بأي حال من الأحوال محاولة إخراج الأجسام الغريبة من العين باستعمال الأصابع.
- يجب استخدام العدسات اللاصقة بشكل صحيح من حيث كيفية وسلامة وضعها، واتباع التعليمات المتعلقة بها، خاصة من جهة النظافة. لا يجوز النوم بالعدسات اللاصقة، لأنها قد تسبب مشكلات لا لزوم لها.
- الحصول على فترات راحة منتظمة عند العمل على شاشة الحاسوب للتقليل من إجهاد العين الرقمي، وحبذا لو تم ارتداء النظارات التي تحجب الضوء الأزرق.
إذا لم تنفع هذه النصائح في وضع حد للرغبة في فرك العينين، فإن استشارة مقدم الرعاية الصحية يصبح أمراً ضرورياً للمساعدة على إيجاد السبل الكفيلة للتوقف عن تلك العادة السيئة.
عادة فرك العينين عند الأطفال
لا تقتصر عادة فرك العينين على البالغين وحسب، فالأطفال أيضاً يفركون عيونهم، من دون علمهم بالعواقب التي يمكن أن تسببها عادة الفرك، خاصة أنهم يقومون بفعل الفرك بواسطة مفاصل الأصابع المدببة أو بقبضاتهم المضمومة.
ويعتبر فرك العين عند الأطفال سمة مميزة لحساسية العين التي تثير الحكة وتدفع إلى فرك العين، فعند الأطفال يكون الجهاز المناعي لديهم نشطاً للغاية، وفي طور ما يزال يتعلم كيفية التمييز بين العوامل الضارة مثل الفيروسات والبكتيريا، وبين العوامل غير الضارة المثيرة للحساسية مثل حبوب اللقاح ووبر الحيوانات وعث الغبار. وتؤدي ردة الفعل المفرطة للجهاز المناعي على العوامل المذكورة، إلى أمراض العين التحسسية التي توجد عدة أشكال منها، يمكنها أن تؤثر على المكونات المختلفة للعين، بدءاً بالجفون ومروراً بالقرنية وانتهاء بالملتحمة.
قد تسأل الأم: كيف يمكنني مساعدة طفلي على منع فرك عينيه؟
يمكن لبعض التدابير المنزلية البسيطة أن تفيد في علاج الحكة التي تجبر الطفل على حك عينيه، مثل استعمال الضمادات الباردة، وقطرات الدموع الصناعية، أو القطرات المضادة للهيستامين، واتخاذ التدابير المناسبة للحيلولة دون تعرض الطفل للعوامل المثيرة للحساسية، سواء كانت بيئية أم منزلية.
إذا لم تجد التدابير المشار إليها نفعاً، فإنه ينصح بالمشورة الطبية من قبل الاختصاصي في طب العيون، من أجل إجراء تقييم شامل لصحة العينين عند الطفل، وبالتالي الحصول على الطرق الكفيلة لوضع حد لفرك العينين خاصة تلك الناتجة عن حساسية العين والتهاباتها.
نصيحة من موقع صحتك
إن فرك العينين أمر شائع ومغرٍ لدرجة أننا نقوم بذلك عفوياً، ربما لوجود سبب ما، أو بقصد جلب بعض الشعور بالراحة، ولكنها تبقى راحة مؤقتة، فكلنا، بلا استثناء، مررنا بهذه اللحظة. لا شك أن فرك العين يسبب إفراز الدمع، ويرطب العين، ويقلل من التهيج، شرط أن يتم ذلك بشكل عابر ومن دون إفراط ولا تفريط. في المقابل، إذا كان فرك العين يتم بشكل مفرط ومستمر، فإن عواقب وخيمة قد تلوح في الأفق، لعل من أخطرها الإصابة بالقرنية المخروطية التي تؤدي إلى تشويه الرؤية، وربما الحاجة إلى العدسات اللاصقة المتخصصة وأحيانا إلى زرع القرنية.
