تثير الفيتامينات والمعادن كثيرًا من الاهتمام، لدرجة أنه من الصعب أحيانًا أن تَجِدَ طريقك لتمييز الصواب من الخطأ فيما يتعلق بها.
على مَرِّ عقود من الزمن، لاقت مكمّلات الفيتامينات والمعادن نجاحًا عالميًا منقطع النظير، إلا أن النظرة إليها تبدَّلت في السنوات الأخيرة، إذْ أظهرت الدراسات المتتالية أن معظم تلك المكمّلات ليس لها فوائد صحية حقيقية على أرض الواقع، بل مع إمكانية حصول مشكلات صحية محتَملة جراء الإفراط في تناولها، وإذا تزامن الإفراط في تناول عدة مكمّلات إلى جانب تناول مأكولات مدعمة بفيتامينات ومعادن إضافية، فإن أعراضًا غير متوقَّعة قد تلوح في الأفق بسبب تراكم المزيد منها في الجسم.
الأعراض المحتملة التي قد تشير إلى تناول الكثير من الفيتامينات والمعادن
تشتمل أهم الأعراض المحتملة التي قد تشير إلى تناول الكثير من الفيتامينات والمعادن على الآتي:
قد تنشأ حصيات الكلية بسبب تناول الكثير من الفيتامين سي
الفيتامين سي هو عنصر غذائي أَشْهَرُ من نار على عَلَم، وهو مهم وحيوي للجسم، ويساعد على امتصاص الحديد، ويُعَدّ تأمين الفيتامين سي من الطعام أساسيًا، لأن الجسم لا يستطيع صنعه.
عندما تَهُبُّ رياح نزلات البرد على الجسم، فإن البعض يتناول ما هبَّ ودبَّ من عصائر البرتقال والليمون وحبوب الفيتامين سي والمكمِّلات الغنية به، ويؤدي هذا السلوك إلى شحن الجسم بكميات هائلة منه، قد تكون سببًا في حدوث الغثيان والإسهال والقيء والحرقة المَعِدية، وتشنجات المعدة، وإلى زيادة مخاطر الإصابة بحصيات الكلية.
يمكن أن يَنتُج الدوار بسبب الإفراط في تناول الفيتامين أ
إذا حصل جسمك على الكثير من الفيتامين أ، فإن أعراضًا كثيرة قد تكون في انتظارك، أبرزها الغثيان والقيء، وفقدان الشهية، وآلام البطن، والدوار والهيجان، والنعاس والصداع، والتبدّلات في الرؤية، والطفح الجلدي، وفقدان الشَّعر، والحساسية تجاه الشمس، وزيادة الضغط داخل الجمجمة، والارتباك، والغيبوبة.
إذا تناوَلَت الأم الحامل كميات فائضة من الفيتامين أ فقد تُشكّل خطرًا على جنينها، لهذا يجب عليها طلب المشورة الطبية قبل تناول أي مكمِّل يحتوي على الفيتامين المذكور.
قد تضيع الثروة العظمية من كثرة الفيتامين د
تناول الفيتامين د أو المكمِّلات الغنية به بكميات زائدة، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن، يؤدي إلى تراكمه في الجسم، وإلى حدوث ما يُعرَف بِسُمِّيَّة الفيتامين د، التي يكون من أشد عواقبها تراكم الكالسيوم في الدم، فيتسبب هذا الأمر في اندلاع مجموعة واسعة من الأعراض، مثل ألم المعدة، والإسهال، والإمساك، وقلة الشهية، والغثيان، والقيء، وآلام في العظام، ومشكلات على صعيد الكلى. وتتمثل خطورة سُمِّيَّة الفيتامين د في ضياع الثروة العظمية، لأن الكالسيوم يبقى في الدم بدل ذهابه إلى العظام التي هي في أمس الحاجة إليه.
قد يسبّب تناول الكثيرُ من الفيتامين ب6 حرقةَ في المعدة وحساسية للضوء
يمكن للمكمِّلات الغذائية أن تحمل الكثير من الفيتامين ب6 إلى الجسم، ما قد يَنتُج عنه مشكلات صحية عديدة، مثل الغثيان وحرقة المعدة، والحساسية من أشعة الشمس.
أيضًا، يمكن للمستويات العالية من الفيتامين ب6 أن تجعل الشخص أقل حساسية للألم والحرارة الشديدة والبرودة، وربما يصاب بالخدر. هناك تقارير تفيد بأن ارتفاع الفيتامين المشار إليه في الجسم، قد يكون له علاقة بحدوث آفات جلدية مؤلمة ومتندبة، والإصابة بالرنح، أي ضعف التحكّم في العضلات.
قد يكون الطفحُ الجلدي المزعج ناجمًا عن زيادة الفيتامين ب3
الفيتامبن ب3 هو فيتامين ذوَّاب في الماء، والجسم يتخلص من الكمية الفائضة منه عن طريق البول، وعلى الرغم من أن هذه الكلام صحيح، فإنه يتعيَّن على الجسم التعامل مع الكمية الفائضة منه، فعندما تَشُقّ هذه طريقها من المعدة لتنتقل إلى الكُلْيَة، فإن بعض الآثار الجانبية قد تظهر مثل الطَفح الجلدي، وارتفاع نسبة السكر في الدم، والقرحة الهضمية، وتلف الكبد.
قد ينجم الإسهال عن تناول الكثير من الفيتامين ب5
الفيتامين ب5 المعروف تحت مسمى حمض البانتوتنيك، هو أحد الفيتامينات المهمة لصنع خلايا الدم، وتحويل الطعام إلى طاقة بمؤازرة فيتامينات ب الأخرى. قد يُسفِر عن أخذ الفيتامين ب5 بجرعات عالية جدًا آثارٌ جانبية نموذجية، مثل الإسهال، وزيادة خطر التعرض للنزف، واختلال التوازن.
قد يؤدي تناول الكثير من حامض الفوليك إلى التدهور العقلي
قد يكون من الضروري أحيانًا تناول مكملات حامض الفوليك للحفاظ على مستويات كافية منه في الجسم، ومع ذلك فإن هناك معطيات أولية بحاجة إلى إثباتها تشير إلى أن تناول الكثير من حامض الفوليك قد يسبب العديد من الآثار الجانبية، أبرزها تباطؤ نمو الدماغ عند الأطفال، والتدهور العقلي المتسارع عند كبار السن.
قد يسبب تناول الكثير من الفيتامين E نزفًا مميتًا
الفيتامين E مهم جدًا للجسم، خاصة أنه يوسِّع الأوعية الدموية، ويمنع حدوث الجلطات، ويعتبر الفيتامين E من الفيتامينات الذوَّابة في الدهن، لهذا فإن الجسم يستطيع تخزينه.
إذا تناولت كميات مرتفعة جدًا من الفيتامين E، فإنها قد تسبب التسمم الذي تتراوح أعراضه ما بين خفيفة، كالغثيان والصداع والإسهال والمغص والإرهاق، وخطيرة للغاية كالنزف المُفْرِط والسكتة الدماغية النزفية المميتة، ويزداد احتمال وقوع السناريو الأخير في حال وجود السيولة في الدم.
قد تحصل تغيرات في السلوك جراء تناول الكثير من النحاس
يحتاج الجسم إلى النحاس من أجل القيام بوظائف أساسية عديدة، وللحفاظ أيضًا على صحة الجهاز العصبي والجهاز المناعي والدماغ. تختلف كمية النحاس التي يحتاجها الشخص وفقًا للعمر، ولكن على أولئك الذين يُفْرِطون في تناول مكملات النحاس أن يحسبوا احتمال سُمّيّته، وأن يتَنَبَّهوا إلى هذه السُّمّية التي تتظاهر بأعراض شتى، جسدية وعقلية وسلوكية.
قد يكون أذى الكبد علامة على وجود الكثير من الحديد
الحديد معدن أساسي في تركيب خضاب الدم (هيموغلوبين الدم) في كريات الدم الحمراء، وهو يلعب دورًا جوهريًا في نقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم.
يمكن لِتناوُل جرعات عالية من مكملات الحديد وعلى مدى فترات طويلة من الزمن، أو حتى تناول جرعة عالية واحدة من الحديد، أن يطلق العنان لحدوث سُمّيّة الحديد التي تتظاهر بأعراض شتى، مثل الغثيان والقيء والإسهال وآلام المعدة. بمرور الوقت، يتراكَم الحديد في كثير من الأعضاء، مسببًا في حدوث أذيات فيها، خاصة في الكبد.
قد يؤدي تناول الكثير من اليود إلى التهاب الغدة الدرقية وسرطان الغدة الدرقية
يوجد اليود الذي يحتاجه الجسم من أجل إنتاج هرمونات الغدة الدرقية التي تقوم بوظائف عديدة، بكميات قليلة في الجسم. يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول اليود إلى التهاب الغدة الدرقية، وسرطان الغدة الدرقية. تشمل الآثار الجانبية النادرة لمستويات اليود العالية جدًا: الحمى، والإسهال، والقيء، وضَعف النبض، والغيبوبة.
قد يكون الصداع المتكرر بسبب تناول الكثير من الزنك
يوجد معدن الزنك بشكل شائع في المكملات والفيتامينات المتعددة والعلاجات المضادة لنزلات البرد، من هنا فمن السهل أخذ الكثير منه من دون أن ندري، ما يجعلنا عرضة للإصابة بالتسمم الذي يعطي أعراضًا كثيرة، أشهرها الصداع المتكرر. إلى جانب هذا، قد يؤدي التسمم المزمن بالزنك إلى خفض مستوى الكوليسترول الجيد الذي يحمي الشرايين، وربما إلى نقص مستوى النحاس في الجسم، وإلى تدهور وظيفة الجهاز المناعي.
قد يكون تساقط الشَّعر بسبب تناول الكثير من السيلينيوم
السيلينيوم معدن حيوي وضروري لصحة ووظيفة الغدة الدرقية والجهاز التناسلي وإنتاج الحمض النووي، كما أنه يساعد في حماية الجسم من الأضرار التي تسببها العدوى والجذور الكيميائية الحرة. يحتاج الجسم إلى كميات صغيرة منه للحصول على فوائده، إلا أن أخذ الكثير منه قد يُوقِع الجسم في ورطة، فيكون سببًا في حدوث مشكلات في الكبد والكلى والقلب والجلد. قد يؤدي الاستخدام طويل الأمد للسيلينيوم إلى الإرهاق، وتساقط الشَّعر، ورائحة الفم الكريهة، والطعم المعدني في الفم، ومشكلات في الأظافر، وإلى زيادة مخاطر الإصابة بالداء السكري.
قد تكون الحالة الشبيهة بمرض باركنسون ناتجة عن تناول الكثير من المنغنيز
يلعب معدن المنغنيز دورًا مهمًا في العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك الحفاظ على صحة العظام، وتنظيم مستوى السكر في الدم.
يحصل الناس على كمّيات كافية من المنغنيز من نظامهم الغذائي المعتاد، ولكن قد يصدف أن يحصل البعض على كميات عالية منه عن طريق استهلاك الفيتامينات المتعددة والمكمّلات، بحيث تتجاوز الجرعة الموصى بها يوميًا، وإذا استمر الحال على هذا المنوال، ولفترات طويلة قد تمتد لسنوات، فإن مشكلات صحية قد تندلع، أبرزها ظهور حالة شبيهة بمرض باركنسون، خاصة عند الأشخاص الذين يعملون في مهن يَكثُر فيها استنشاق الغبار المشبع بالمنغنيز، كاللحام والصهر المعدني.
خلاصة القول
أنت لا تحتاج إلى تناول أي نوع من الفيتامينات والمعادن طالما أنك تتبع نظامًا غذائيًا متوازنًا ومتنوعًا، يضم الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبذور والمكسرات والبقوليات. إذا كنت من أنصار أولئك الذين يتناولون الفيتامينات والمعادن بحجة أنها "إذا لم تنفع فلن تضر"؛ فإن هذا الكلام غير مسؤول، وليس صحيحاً البتة، لأنه يمكن أن تأخذ جرعات زائدة تفوق احتياجاتك، وهذا يُعَدّ سلوكًا محفوفًا بالمخاطر، إن لم يكن قاتلًا، لهذا، فمن الجيد أن تستشير مقدم الرعاية الصحية الخاص بك قبل تناول أي نوع من الفيتامينات والمعادن.
المصادر
You're Taking Too Many Vitamins If This Happens To Your Body
4 Potential Side Effects of Too Much Folic Acid - Healthline
