يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة في الصيف أن تجعل أي شخص، حتى ولو كان في صحة جيدة، يشعر بالانزعاج وعدم الارتياح في بعض الأحيان، فما بالكم إذا كان هذا الشخص يعاني من أحد الأمراض المزمنة، فارتفاع حرارة الطقس قد يفاقِم من وَضعه ومن أعراض مرَضه ومن معاناته، ومن الصعوبات التي تواجِهه على صعيد حياته اليومية ومتابعة العلاج، ما يجعل حالته أسوأ.
مخاطر ارتفاع درجات الحرارة على أصحاب الأمراض المزمنة
لماذا يكون الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة أكثر عرضة لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة؟
- لأنهم يكونون أقلّ عُرضة للشعور بالتغيرات الطارئة في درجة الحرارة، وكيفية الاستجابة لها.
- أو لأنهم يتناولون أدوية يمكن أن تجعلهم أكثر تأثّرا بدرجات الحرارة المرتفعة.
- أو لأنهم يعانون من أمراض تجعل تأثير ارتفاع الحرارة أشد وطأة عليهم.
- تؤثّر حرارة الطقس العالية على المصابين بأمراض مزمنة، خاصة معشر كبار السنّ، فيصعب عليهم تبريد أجسامهم بما فيه الكفاية، وتجعلهم أقل قدرة على التعامل والتأقلم معها، الأمر الذي قد يتسبب في حدوث عدد من المضاعفات.
الأمراض المزمنة التي قد يتسبّب بها ارتفاع درجات الحرارة
قد يتفاقم مسار بعض الأمراض المزمنة في ظروف الحرارة العالية، حتى ولو كان مسيطَرًا عليها بشكل جيد، تعالوا نُلقِي نظرة على عددٍ من أهم تلك الأمراض:
1. أمراض الجهاز التنفسي
إذا كنت تعاني من مرض ما في الجهاز التنفسي، مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة، فقد تظهَر مزيد من الأعراض والعلامات جراء الحرارة العالية والرطوبة الشديدة، كما يمكن لتلوث الهواء أن يلعَب دَورًا في تفاقم الأعراض.
ما يجب أن تفعله:
- تجنّب البقاء في الهواء الطلق خلال الساعات التي تكون فيها الحرارة على أشدّها، واحرص على البقاء في الظل عندما تكون في الخارج.
- محاولة القيام بالأنشطة الرياضية في ساعات الصباح الباكر، أو في ساعات المساء المتأخرة عندما يكون الهواء أكثر برودة.
- العمل على أن تكون الأدوية المناسبة في متناول اليد في حال التعرض إلى نوبة الربو أو الانسداد الرئوي المزمن.
- تجنّب البقاء في الخارج في حال الإعلان عن تحذيرات بشأن جودة الهواء أو التلوث.
- إذا كنت تستخدِم الأوكسجين، فتواصَل مع طبيبك لمعرفة إن كنت في حاجة إلى تعديل كمية الأوكسجين التي تأخذها.
2. أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم
قد يَخلق ارتفاع درجة الحرارة عبئًا إضافيًا على المصابين بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض ترتبط بالحرارة أو التعرض لضربة الشمس، علاوة على هذا، فإن عددًا من الأدوية الشائعة التي يتناولها أولئك المرضى يمكن أن تؤثّر على استجابة الجسم للحرارة، بما في ذلك حاصرات بيتا ومدرّات البول.
ما يجب أن تفعله:
- ابق رَطِبًا بقدر ما تستطيع.
- ابتعِد عن الأشياء التي تثير الجسم أو ترفع ضغط الدم مثل المشروبات المنبّهة، وتجنّب القيام بأعمال شاقة عندما يكون الطقس حارًا في الخارج.
- تناوَلْ نظامًا غذائيًا أكثر صحة للقلب والأوعية الدموية.
- تحدَّث مع الطبيب عند اشتداد المعاناة من أجل تغيير بعض الأدوية أو تعديل جرعاتها تماشيًا من الوضع المناخي.
3. داء السكري
وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن مرض السكري ومضاعفاته يمكن أن يتداخَل في عمل الغدد العَرَقية، وهذا ما يؤثّر على قدرة الجسم على تبريد نفسه، يمكن أن يؤدي مرض السكري إلى الإصابة بالجفاف الذي يزداد سوءًا في أشهر الصيف الحارة، كما يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة أن تغيّر من كيفية استخدام الجسم لهرمون الأنسولين.
ما يجب أن تفعله:
- مراقبة مستوى السكّر في الدم عن كثَب.
- تجنَّب التعرض للشمس، وحاوِل البقاء في بيئة باردة.
- الحفاظ على رطوبة الجسم.
- تطبيق وسائل الحماية من أشعة الشمس.
- تجنّب الكحول والمشروبات المنبهة في الأيام الحارة.
4. التهاب المفاصل
يمكن للحرارة المرتفعة أن تجعل أعراض التهاب المفاصل أكثر سوءًا، وقد عَزا البعض هذا الأمر إلى التبدلات في الضغط الجوي، وإلى تمدّد وتقلص الأنسجة داخل المفاصل نفسها.
ما يجب أن تفعله:
- محاولة البقاء في الداخل في بيئة مكيفة إن كان ذلك ممكنًا.
- ترطيب الجسم لمنع حدوث الجفاف الذي يؤدي إلى تفاقم آلام المفاصل.
- استعمال مزيل رطوبة الهواء للحصول على بيئة أكثر إنعاشًا في البيت.
5. أمراض المناعة الذاتية
قد يُشعِل التعرض للشمس والحرارة المرتفعة أعراضَ أمراض المناعة الذاتية بشكل مباغِت، فيعاني المصاب من الاحمرار والألم والتورم في المفاصل والعضلات، والضَعف والجفاف، وزيادة التعب.
تنشأ أمراض المناعة الذاتية عن خلل في الجهاز المناعي يدفعه إلى مهاجَمة أنسجة الجسم نفسها، وتتبايَن أعراض المرض وفقًا لنوع النسيج أو العضو المصاب.
ما يجب أن تفعله:
- البقاء في بيئة باردة للحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية.
- الحماية من أشعة الشمس.
- البقاء رَطبًا من أجل تليين المفاصل.
- ارتداء الملابس الخفيفة التي تسمح بالتهوية الجيدة.
6. الألم العضلي الليفي (الفيبرومايلجيا)
تجعَل الحرارة المرتفعة حالة المصابين بمرض الألم العضلي الليفي أكثر تعقيدًا، فلا يقدرون على تبريد أجسامهم كما يجب، وتصبح أعراض المرض أكثر حدّة وشدّة، خاصة الصداع، والألم، والتيبّس حول العضلات والمفاصل، والتعب، والإحساس بالحرقان، واضطرابات النوم، وقد يكون للرطوبة الزائدة في الهواء دَورًا لا يستهان به في تأجيج الأعراض.
ما يجب أن تفعله:
- الراحة في بيئة باردة.
- شُرب الماء والسوائل كل نصف ساعة أو كل ساعة حتى ولو لم يكن هناك شعور بالعطش.
- تفادي شرب الكحوليات.
- ارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة.
- يوصَى بالسباحة من أجل ترطيب الجسم.
- ممارسة تمارين الاسترخاء للتخفيف من تشنّج العضلات.
- ممارسة تمارين تقوية العضلات من دون بذل الكثير من الجهد.
7. الصداع النصفي
ارتفاع درجة الحرارة التي يشهدها الطقس في فصل الصيف، إلى جانب الرطوبة والجفاف والشمس الساطعة، هي عوامل محفّزة لنوبات الصداع النصفي عند بعض الأشخاص، ما يقد يجعلهم يصابون بالإحباط.
ما يجب أن تفعله:
- ترطيب الجسم بتناول ما يكفي من الماء والسوائل.
- تطبيق وسائل الحماية من الشمس الساطعة.
- تجنّب التعرض للحرارة المرتفعة والضوء الساطع.
- إذا حدثَت نوبة الصداع النصفي، يُنصح بالذهاب إلى مكان مظلِم في أسرع وقت.
8. مرض التصلب المتعدِّد
قد يكون الصيف وما يحمل معه من حرارة عالية عبئًا على المصابين بمرض التصلب المتعدِّد، لأنهم قد يمرّون بأوقات صعبة نتيجة للأعراض المنغِّصَة، مثل الضَعف والألم والارتباك الذهني، إلى جانب مشكلات على صعيد الرؤية وغيرها.
ما يجب فعله:
- اللجوء إلى بيئة باردة، لأن الأعراض تخفّ أو تتلاشى بمجرد القيام بذلك.
- تفادي الذهاب إلى الخارج في الأوقات الأكثر حرارة في اليوم.
- ارتداء ملابس خفيفة تؤمّن التهوية الجيدة.
9. العدّ الوردي
قد يؤدي قضاء الوقت في أجواء مشمِسة ورطبة وحارة إلى جفاف بشرة الوَجه، وإلى اندلاع وتفاقم أعراض مرض العدّ الوردي، مثل الحكة واحمرار الوجنتَين، والشعور بالحرقان اللاذع والمؤلم في البشرة، وتهيّج العين وتورّمها، وانتشار بثور حمراء على الوَجه تشبه حَبّ الشباب.
ما يجب أن تفعله:
- تفادي فَرك أو لَمس الوجه.
- تجنّب استعمال منظّفات البشرة المُقشِّرة، خاصة في الصيف.
- عدم استعمال مستحضرات البشرة التي تحتوي على الكحول.
- حماية الوجه جيدًا من الشمس عند الذهاب إلى الخارج بوضع النظارات الشمسية، وارتداء قبعة واسعة الحواف، واستعمال واقٍ شمسيٍ ذي عامل حماية لا يقل عن 30.
- إذا استمرت أعراض العدّ الوردي ولم تهدأ، فإن طلب المشورة الطبية ضروري.
10. الأمراض العقلية
وفقًا للجمعية الأميركية للطب النفسي، فإن الحرارة الشديدة يمكن أن تؤثّر على المصابين بأمراض عقلية بعدة أساليب، إما أن تجعلهم يشعرون بالمزيد من الانفعال والإرهاق والقلق والتهيج، أو أن الأدوية التي يتناولونها لتحسين المزاج والسلوك قد تزيد من مخاطر تعرُّضهم للأمراض المرتبطة بالحرارة، أو بكل بساطة، فإنه يمكن للحرارة المرتفعة أن تؤثّر على جودة النوم وجودة الهواء.
ما يجب أن تفعله:
- ترطيب الجسم جيدًا.
- البقاء في الظلّ أو في بيئة باردة.
- عدم الذهاب إلى خارج المنزل في الأيام الشديدة الحرارة إلا للضرورة القصوى.
- إذا كنت تتناول أدوية نفسية وتشعر باليأس والإحباط، أو كنت تعاني من مشاعر غير سارة، فإنه عليك أن تطلب المساعدة الطبية.
12. تناول الأدوية لمعالجة الأمراض المزمنة
يمكن لبعض الأدوية التي تُستعمل لعلاج بعض الأمراض المزمنة أن تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، وذلك بسبب آلية عمل تلك الأدوية:
- بعض الأدوية قد تسبّب الجفاف، مثل مدرّات البول.
- بعض الأدوية قد تقلل من وظائف الكلى أو القلب، مثل مضادات الالتهاب، وحاصرات بيتا.
- قد تتداخل بعض الأدوية مع آلية التعرق، مثل مضادات الكولين، ومضادات الاكتئاب.
- قد تكون بعض الأدوية أقل فعالية عند التعرض للطقس الحار، مثل الأنسولين.
تضم هذه اللائحة الأدوية التي يمكن أن تزيد من مخاطر الأمراض المرتبطة بالحرارة الشديدة، من هنا فإنه يجب مناقشة هذا الموضوع مع مقدم الرعاية لوضع النقاط على الحروف.
نصائح عامة لتحمي نفسك من آثار ارتفاع درجات الحرارة
- اختَر الأماكن تتوفّر فيها بيئة باردة.
- اشرب الماء بانتظام حتى ولو لم تكن تشعر بالعطش.
- الزم البيت في الأيام الشديدة الحرارة.
- إذا لم تكن البيئة الموجود فيها مكيَّفة، فإنه يمكن اللجوء إلى وسائل بسيطة لتبريد الجسم، مثل منشفة مبللة بالماء البارد، أو أخْذ حمّام بارد، أو استعمال مروحة هواء.
- تجنّب شرْب الكحوليات والمشروبات المنبّهة التي يمكنها أن تزيد الوضع سوءًا.
- اجعل الخضراوات والفواكه تحتل مركز الصدارة في نظامك الغذائي.
- ارتدِ ملابس خفيفة جيدة التهوية مناسبة لدرجات الحرارة المرتفعة.
- الحدّ من الأنشطة البدنية في الأيام شديدة الحرارة.
أخيرًا، إن تخطّي درجات الحرارة للمعدلات الموسمية ووصولها إلى مستويات عالية قد يقتل، وإذا لم يقتل فإنه قد يضر، ما يدفع بالمزيد من الناس إلى قِسم الطوارئ، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض صحية مزمنة، مثل أمراض الجهاز التنفسي، والأمراض القلبية الوعائية، وضغط الدم، والداء السكري، والتهاب المفاصل، وأمراض المناعة الذاتية، ومرض الألم العضلي الليفي، والصداع النصفي، ومرض التصلب المتعدّد، ومرض العدّ الوردي، والأمراض النفسية، فهذه كلها قد تشتعل لتعطي أعراضًا تُشكِل كابوسًا على أصحابها، من هنا تأتي أهمية اتخاذ بعض الاحتياطات الإضافية للتخفيف من وَقْع الحرارة الشديدة على الجسم؛ لتجنّب الوقوع في مطبات صحية لا حاجة لها.
المصادر
Heat and People with Chronic Medical Conditions - CDC