ما هو مفهوم طب الأسرة وهل له دور مهم في حياتنا؟ هذا ما يتحدث عنه طبيب الأسرة الدكتور محسن سفيان في هذا الحوار.
حدثنا عن مسيرتك المهنية
لقد بدأت مسيرتي الطبية في الولايات المتحدة، حيث أكملت تعليمي وتدريبي الطبي كطبيب عظام (DO) متخصص في طب الأسرة. كطبيب عظام، نحن أطباء مرخصون بالكامل، وقد أمضينا ساعات لا تُحصى في تعلم علم وفن العلاج العظمي، مما يمكننا من علاج العديد من الحالات العضلية الهيكلية بالعلاج اليدوي وتجنب استخدام الأدوية.
لذلك أوصي دائمًا مرضاي برؤية طبيب عظام، ستحصل على طبيب ومختص بالعظام في آن واحد. على مر السنين، طورت اهتمامًا عميقًا في الطب التجديدي وعلاجات مكافحة الشيخوخة، مما دفعني إلى تعزيز خبرتي في هذه المجالات. كنت متعبًا من رؤية كيف فشل الطب التقليدي في تلبية احتياجات مرضاي بشكل صحيح، خاصة فيما يتعلق بالشيخوخة والأمراض المزمنة. مؤخرًا، اتخذت قرارًا بالانتقال إلى دبي لجلب مهاراتي إلى عيادة "هورتمان كلينيك" ومعرفتي إلى بيئة جديدة وديناميكية. هنا، أهدف إلى تقديم رعاية شاملة تجمع بين طب الأسرة التقليدي والعلاجات التجديدية المتقدمة لتحسين الصحة والعافية لمرضاي.
ما هو مفهوم طب الأسرة؟
طب الأسرة هو تخصص طبي يوفر رعاية صحية مستمرة وشاملة للأفراد والعائلات عبر جميع الأعمار والأجناس والأمراض وأعضاء الجسم. إنه التخصص الأكثر شمولاً، إذ يقوم أطباء الأسرة بمعالجة جميع الأعمار من المرضى، من الرضع إلى المرضى المسنين. يدمج هذا التخصص الطيف الكامل للتخصصات الطبية، والعلوم السريرية، والسلوكيات لعلاج الشخص بالكامل. هدفنا هو بناء علاقات دائمة مع المرضى، وفهم تاريخهم الصحي، وتقديم رعاية شخصية تركز على الوقاية والعافية.
ما هو دور طبيب الأسرة وما مدى أهميته؟
طبيب الأسرة هو مقدم الرعاية الأولية الذي يدير مجموعة واسعة من القضايا الصحية وينسق الرعاية للمرضى. أطباء الأسرة ضروريون لأنهم يعملون كنقطة الاتصال الأولى للمرضى، ويقدمون الرعاية الوقائية، ويشخصون ويعالجون الأمراض الحادة والمزمنة، ويوفرون الإحالات إلى المتخصصين عند الحاجة.
دورهم حيوي في الحفاظ على الصحة العامة للأفراد والعائلات من خلال تعزيز أنماط الحياة الصحية، والتعامل مع الأمراض المزمنة، وتقديم التدخل المبكر لمشكلات الصحة. نحن قادرون على رؤية المرضى منذ أن يكونوا رُضعاً، ونشاهدهم يكبرون خلال سنوات مراهقتهم، ويتخرجون من الجامعة، ثم يصبحون بالغين، لذلك من المجزي للغاية أن تشاهد حياة مرضاك تتطور أمام عينيك، وأنك تساعدهم في كل خطوة على الطريق.
ما هي أهم المخاطر التي تواجه الأسر في دول العربية والخليج عموماً، وكيف يجدر مواجهتها؟
تشمل المخاطر الصحية الرئيسية في الدول العربية ودول الخليج مرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسِمنة، وارتفاع ضغط الدم، وهي من القضايا الصحية العالمية الرئيسية التي تواجه الناس اليوم. غالباً ما تتفاقم هذه الحالات بسبب نمط الحياة مثل النظام الغذائي السيئ، وقلة النشاط البدني، والتدخين.
يتطلب التعامل مع هذه المخاطر نهجاً متعدد الأوجه يتضمن تشجيع المرضى على تناول الطعام الصحي، والانخراط في النشاط البدني، وإجراء الفحوصات الصحية المنتظمة للكشف المبكر، وتقديم التثقيف حول التعامل مع الأمراض المزمنة والوقاية منها. أكبر توصياتي لمرضاي هي البقاء نشيطين قدر الإمكان، وتناول نظام غذائي منخفض السعرات ومتوازن، ويُعتبر النظام الغذائي المتوسطي الأكثر فائدة.
حدثنا عن مخاطر السُّمنة
السمنة هي عامل خطر كبير للعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان. تم ربطها بتدهور العظام والمفاصل، والأمراض المناعية الذاتية، وحتى الاكتئاب. وللأسف، هي منتشرة في دول الخليج بسبب العادات الغذائية وأنماط الحياة المستقرة.
التعامل مع السمنة من خلال تعديلات نمط الحياة، وتعديل النظام الغذائي، وعند الضرورة، التدخلات الطبية مثل أدوية GLP-1 (Ozempic/Mounjaro) هو أمر بالغ الأهمية لتحسين صحتنا. من خلال معالجة السُّمنة في وقت مبكر وإعادة المريض إلى وزن صحي، يمكننا تحسين صحتهم بشكل كبير وتغيير مسار مستقبلهم تمامًا.
ما هي الأمراض التي يعالجها طب الأسرة؟
يمكن لطبيب طب الأسرة علاج أي حالة صحية تقريبًا، نحن خطوتك الأولى نحو صحة جيدة ومستقبل جيد. يعالج طب الأسرة مجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك الحالات الحادة مثل العدوى والإصابات، والأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والربو والتهاب المفاصل.
يتعامل أطباء الأسرة أيضًا مع حالات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق، ويوفرون الرعاية الوقائية، ويقومون بإجراء الفحوصات الروتينية والتطعيمات. كما ترى، يمكن للمرضى الاستفادة بشكل كبير من زيارة طبيب طب الأسرة.
ما الفرق بين الطب العام وطب الأسرة؟
عادةً ما يشير الطب العام إلى الطب الباطني الذي يركز على المرضى البالغين ويتعامل مع الحالات الطبية المعقدة. من ناحية أخرى، يوفر طب الأسرة رعاية شاملة للمرضى من جميع الأعمار، من حديثي الولادة إلى كبار السن، ويتعامل مع مجموعة واسعة من القضايا الصحية. يؤكد طب الأسرة على استمرارية الرعاية وعلاقة الطبيب بالمريض على مدار الحياة.
متى يجب الذهاب إلى طبيب الأسرة؟
يجب زيارة طبيب الأسرة من أجل إجراء الفحوصات الروتينية والتطعيمات والفحوصات والرعاية الوقائية. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب أي مشكلات صحية جديدة أو مستمرة، مثل الأمراض أو الإصابات أو التعامل مع الأمراض المزمنة، زيارة الطبيب.
تساعد الزيارات المنتظمة في الكشف المبكر وضبط المشكلات الصحية المحتملة. في عيادة هورتمان، نركز على تقديم أفضل ما في الطب الحديث وأحدث العلاجات المضادة للشيخوخة لرفع مستوى حياتك حتى تتمكن من العيش بسعادة وصحة ورضا تام.
ما هي أهمية طب الأسرة للأطفال والمراهقين؟
يُعد طب الأسرة أمرًا حيويًا للأطفال والمراهقين لأنه يوفر رعاية شاملة تتناول الاحتياجات الجسدية والعاطفية والتطورية. يراقب أطباء الأسرة النمو والتطور، ويقومون بإعطاء التطعيمات، ويتعاملون مع الأمراض الشائعة في الطفولة، ويقدمون التوجيه بشأن التغذية والسلوك.
كما يدعمون الانتقال إلى مرحلة البلوغ من خلال معالجة القضايا الصحية المتعلقة بالمراهقة. تستفيد العائلات والآباء والأطفال بشكل كبير لأن طبيب الأسرة قد تابع الطفل لسنوات عديدة، وفهم احتياجات وأهداف الآباء، ويمكنه المساعدة في تجاوز صعوبات الانتقال من الطفولة إلى البلوغ.
ما هو الدور الذي يلعبه طب الأسرة فيما يخص طب الشيخوخة ورعاية المسنين؟
يلعب طب الأسرة دورًا حيويًا في رعاية المسنين من خلال التعامل مع الحالات المزمنة، والتنسيق مع المتخصصين، ومعالجة الاحتياجات الصحية الفريدة لكبار السن. عادةً ما يكون لدى المرضى الأكبر سنًا أمراض مزمنة مرتبطة بالشيخوخة، ويفضل هؤلاء المرضى رؤية مزود صحي واحد يتعرف عليهم جيدًا ويفهم احتياجاتهم الصحية الفريدة.
تشمل هذه الاحتياجات الرعاية الوقائية، وضبط الأدوية، وصحة الإدراك، والدعم للحفاظ على الاستقلالية وجودة الحياة.
ما أهمية الرعاية الوقائية والتشخيص المبكر للمرض؟
الرعاية الوقائية والتشخيص المبكر هما الأساس لتقليل عبء الأمراض المزمنة، وتحسين نتائج الصحة، وخفض تكاليف الرعاية الصحية. يتيح الكشف المبكر من خلال الفحوصات والفحوصات الروتينية التدخلات في الوقت المناسب التي يمكن أن تمنع تقدم الأمراض وتقليل خطر المضاعفات.
من خلال القدرة على اكتشاف مشكلة عندما تكون صغيرة وعلاجها بشكل صحيح، نكون أكثر نجاحًا بكثير من المريض الذي يتجاهل العناية بحالة صحية تدهورت مع الزمن وأثرت بشكل كبير على حياته.
ما هي أفضل طريقة للتعامل مع الأمراض المزمنة؟
أفضل عدم "التعامل مع الأمراض المزمنة" بل "معالجتها"، لأنني أريد لمرضاي أن يعيشوا في حالة من الصحة المثلى. بالنسبة لأمراض مثل السكري من النوع 2، يجب علينا النظر إلى السبب الجذري، والذي يكون عادة تناول كمية كبيرة من الطعام وعدم ممارسة النشاط البدني بشكل كافٍ.
عندما نتعامل مع السبب الجذري، يمكننا القضاء على هذه الأمراض المزمنة ورفع صحة المصابين إلى مستويات جديدة. خطة الرعاية الشخصية التي تشمل نظامًا غذائيًا متوازنًا، وممارسة الرياضة بانتظام، وتقليل التوتر، والالتزام بالعلاجات الموصوفة، هي الأساس. تضمن المتابعات المنتظمة مع مقدمي الرعاية الصحية إدارة فعالة وتعديل خطة العلاج حسب الحاجة.
ما هي العلاقة بين طب الأسرة وطب النوم؟
طب الأسرة وطب النوم مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، حيث إن النوم هو جانب أساسي من الصحة العامة. لدينا جميعًا 24 ساعة في اليوم، فإذا نمنا 8 ساعات موصى بها في الليل، فإننا نقضي أكثر من 30 عامًا من حياتنا في النوم على مدى فترة حياة تقدر بـ 90 عامًا! لهذا السبب، يعتبر الحصول على نوم جيد أمرًا في غاية الأهمية، لأن النوم السيئ المزمن قد ارتبط بالعديد من الحالات الصحية المهددة للحياة، مثل السِمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.
يمكن لأطباء الأسرة تحديد وضبط اضطرابات النوم، مثل الأرق، وتوقف التنفس أثناء النوم، ومتلازمة الساقين المتململة. نحن نقدم التعليم والتثقيف حول نظافة النوم الجيدة، وعند الضرورة، نحيل المرضى إلى أخصائيين في النوم لمزيد من التقييم والعلاج.
ما هو الدور الذي يلعبه طب الأسرة فيما يخص الطب الرياضي؟
غالبًا ما يدير أطباء طب الأسرة (وخاصة أطباء العظام مثلي) الإصابات والحالات المتعلقة بالرياضة، ويقومون بإجراء الفحوصات الطبية قبل المشاركة، ويقدمون التوجيه حول الوقاية من الإصابات، والتغذية، وروتين التمارين الرياضية.
لدي العديد من المرضى الذين هم رياضيون، لذا فإن شغفي هو مساعدتهم في الحفاظ على أدائهم العالي والقدرة على المنافسة بأفضل ما لديهم. نحن نساعد الرياضيين من جميع المستويات على الحفاظ على الأداء الأمثل والتعافي من الإصابات بشكل آمن وفعّال.
هل يهتم طب الأسرة بالصحة النفسية كما الصحة البدنية؟
بالتأكيد، الصحة النفسية مهمة بقدر الصحة الجسدية. الجسم يبدو صحيًا لكنه ربما يعاني من حالة نفسية مضطربة، وقد يتحول في النهاية إلى مرض جسدي، لذا أنا أعتبر الصحة النفسية أمرًا بالغ الأهمية، وسأبذل قصارى جهدي لدعم رفاهية مرضاي النفسية.
يتم تدريب أطباء الأسرة على تحديد وتشخيص وضبط الحالات النفسية مثل الاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. نحن نقدم الاستشارات والدعم، وعند الحاجة، إحالات إلى أخصائيين في الصحة النفسية، لضمان رعاية شاملة لمرضانا.
ما هي مميزات وعيوب طب الأسرة؟
تشمل مزايا طب الأسرة الرعاية الشاملة والمستمرة للأفراد والعائلات، والتركيز على الوقاية، والقدرة على التعامل مع مجموعة واسعة من القضايا الصحية. العلاقة القوية بين الطبيب والمريض تعزز الثقة وتحسن نتائج الصحة، مما يوجه المريض نحو غدٍ صحي أفضل على مر السنين.
بينما نبذل قصارى جهدنا للعناية بمرضانا، قد يكون من التحديات المحتملة أن يحتاج أطباء الأسرة إلى إحالة المرضى إلى متخصصين للحالات المعقدة التي تتجاوز نطاقهم، مما قد يتطلب تنسيقًا إضافيًا، وتواصلًا، ووقتًا.
