صحــــتك

الموسيقى والأصوات الصاخبة تهدد حاسة السمع

الصورة
أنور نعمة
الموسيقى الصاخبة وفقدان السمع

أفادت دراسة جديدة نشرت في المجلة الطبية البريطانية BMJ، أن حوالى مليار مراهق وشاب قد يفقدون السمع جراء سماعهم لضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية التي تنساب إلى آذانهم عبر الهواتف الذكية أو أجهزة الاستماع الشخصية أو الأجهزة اللوحية أو لوجودهم في أماكن ترفيهية تعجّ بالضوضاء مثل الحانات والنوادي الليلية. أما إذا عرفنا السبب، فإنه يبطل العجب، فتعالوا نكتشف معاً ماهية هذا السبب.

كيف نسمع؟

لكي نتعرف إلى ماهية السبب الذي يجعل معزوفة الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية تلحق أشد الضرر بحاسة السمع، لا بد أن نروي لكم قصة السمع من الباب إلى المحراب، كما يقول المثل الشعبي. ويظن الكثير من الناس أن السمع مجرد أصوات تصل إلى الأذن الخارجية، ولكن هذا ليس إلا جزءاً بسيطاً من قصة السمع.

وتبدأ قصة السمع بوصول الصوت إلى هضبات الأذن الخارجية وثنياتها، فتعمل هذه الأخيرة على تجميعه وتوجيهه إلى القناة السمعية، ليرتطم بعد ذلك بغشاء الطبلة الذي يهتز طرباً بدوره، لينقل الصوت إلى سلسلة العظيمات الثلاث القابعة في الأذن الوسطى، وبعد ذلك يتابع الصوت رحلته إلى الأذن الداخلية المليئة بالسوائل.

وفي الأذن الداخلية يوجد كيان مهم للغاية اسمه القوقعة، يحتوي على خلايا شعرية دقيقة تهتز على وقع الذبذبات الصوتية القادمة من الأذن الوسطى، فتعمل على تحويلها إلى نبضات كهربائية تُشحَن بواسطة العصب السمعي إلى الدماغ الذي يترجمها ويفسّرها على أنها أصوات يمكننا أن نتعرف إليها وأن نفهمها بسهولة.

تشريح الأذن

ضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات والخلايا الشعرية

تحتوي قوقعة الأذن الداخلية على حوالى 20000 خلية شعرية هي التي تسهل علينا اكتشاف الأصوات، وتتأثر هذه الخلايا الشعرية أشد التأثير بضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية، حتى لو استمرت هذه لفترة وجيزة، كذلك تتأثر تلك الخلايا بضوضاء الموسيقى والأصوات العالية، ولو لم تكن وتيرتها عالية في حال الإنصات إليها لفترة طويلة. وفي كلتا الحالتين تصاب الخلايا الشعرية بالإنهاك، وقد تتعرض للتلف، فلا تقدر على حمل الترددات الصوتية إلى المخ، ما قد يؤدي مع مرور الوقت إلى حدوث نقص تدريجي في السمع، وقد ينتهي الأمر بفقدان السمع كلياً في حال المثابرة على تعريض الخلايا الشعرية لضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية. وفي الوقت الذي يُلاحَظ فيه ضعف السمع، ليس مستبعداً أن يكون قد دُمِّر العديد من الخلايا الشعرية التي لا يمكن إصلاحها.

وحتى العصب السمعي، الذي ينقل الرسائل الصوتية إلى العقل، لا يسلم هو الآخر من شر الضوضاء والموسيقى الصاخبة والأصوات العالية. فقد يتعرض للتلف، فتقل قدرته على نقل المعلومات المتعلقة بالأصوات إلى المخ، ما يسفر عنه حدوث نقص خفي في السمع قد لا تظهر ملامحه في البداية عند إجراء اختبار السمع الخاص بالشخص، ولكن نقص السمع هنا قد يتظاهر في المراحل المبكرة منه بصعوبة فهم الكلام في الأماكن الصاخبة.

أعراض ضعف السمع الناجم عن ضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية

قد تكون أعراض ضعف السمع فورية، أو تظهر بمرور الوقت، وفي شكل عام يمكن القول إنها تتضمن ما يأتي:

  • الشعور بالامتلاء أو حسّ الضغط في الأذن.
  • الطنين.
  • سماع كلام مشوه أو مكتوم.
  • عدم القدرة على سماع الأصوات العالية النبرة.

قد تستمر أعراض ضعف السمع الناجم عن ضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية لدقائق أو ساعات أو أيام بعد التعرض لها، ولكن حتى لو عاد السمع إلى طبيعته، فقد يستمر تدمير الخلايا الشعرية في قوقعة الأذن الداخلية في حال تكرار التعرض للضوضاء التي ستدمر المزيد من الخلايا الشعرية، وقد ينتهي الأمر بأن يصبح ضعف السمع دائماً.

وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي التعرض لمرة واحدة لضوضاء عالية إلى فقدان السمع على الفور. في حالات أخرى، قد تتراكم الأعراض على مدى سنوات عديدة. تشير البحوث إلى أن ضعف السمع الناجم عن الضوضاء يحصل عادة بعد عشر سنوات أو أكثر من التعرض للضوضاء.

ما مدى شيوع ضعف السمع الناجم عن ضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية؟

وفقاً للدراسات البحثية، إن فقدان السمع الناجم عن الضوضاء الصاخبة أمر شائع بين معشر الصغار والكبار. وكل الشرائح العمرية معرضة لضعف السمع الناجم عن ضوضاء الموسيقى والأصوات العالية، بمن فيها الأطفال، والمراهقون، والشباب، والبالغون، وكبار السن. وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض في بلاد العم سام، فإن الفئات الآتية هي الأكثر تعرضاً للخطر:

  • العاملون في البناء.
  • أفراد الجيش والقوات المسلحة.
  • العاملون في استخراج النفط والغاز.
  • المزارعون.
  • النجارون.
  • الموسيقيون.
  • مستخدمو أجهزة الموسيقى المحمولة مع سماعات الأذن أو الرأس.
  • العاملون في الملاهي الليلية.
  • الذين يحضرون الحفلات الموسيقية الصاخبة.
  • العاملون في صناعة التعدين.

كيف يُشخَّص ويُعالَج ضعف السمع الناجم عن الضوضاء؟

يكون التشخيص بناءً على الأعراض التي يشكو منها المصاب، والاختبارات السمعية التي يجريها مقدم الرعاية الصحية المؤهل. على كل شخص يعاني من فقدان سمع مفاجئ أو سريع التقدم، أن يحدد موعداً مع مقدم الرعاية الصحية في أقرب وقت ممكن للاستشارة والاستفسار. أما علاج ضعف السمع، فباستخدام السماعات الطبية. إذا كان فقدان السمع تاماً، فعندها لا جدوى من استخدام السماعات، وفي هذه الحال قد يوصي الطبيب بخيارات أخرى، مثل غرس القوقعة الصناعية.

مضاعفات أخرى لضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية

إن فقدان السمع من أخطر المضاعفات الناجمة عن الضوضاء. إلا أن الإقامة الدائمة في بيئات تعجّ بالضوضاء، من شأنها أن تؤدي إلى مضاعفات أخرى، مثل:

  • زيادة دقات القلب.
  • ارتفاع أرقام ضغط الدم.
  • مشاكل على صعيد النوم.
  • الطنين في الأذنين.
  • التهيج.
  • زيادة الشعور بالتعب.
  • اضطراب المعدة.

متى تستشير الطبيب؟

إذا كنت تعاني من طنين في الأذن، أو كان سمعك مكتوماً بعد التعرض لضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية، فإنه يتحتم عليك مراجعة مقدم الرعاية الطبية. وإذا لمست ما يأتي:

  • كان بعض الأصوات يبدو أعلى مما ينبغي.
  • واجهت مشكلة في تمييز الأصوات عالية النبرة.
  • كان من الأسهل سماع صوت الرجال أكثر من أصوات الأناث.
  • كنت تحتاج إلى رفع صوت المذياع أو التلفاز.
  • كان لدين طنين أو حسّ امتلاء في الأذن.
  • بدت أصوات الآخرين مشوشة.
  • كنت تطلب مراراً وتكراراً من محدثيك إعادة ما قالوه.

هل يمكن الوقاية من ضعف السمع الناتج من الضوضاء؟

قد تنفع التعليمات الآتية في منع حدوث فقدان السمع الناجم عن الضوضاء، مثل:

  1. ارتداء سدادات الأذن عند المشاركة في أنشطة تعجّ بضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية.
  2. تفادي تشغيل الموسيقى بأصوات عالية.
  3. الابتعاد قدر المستطاع عن الأماكن التي تصدح بالضوضاء الصاخبة، والبحث عن أماكن أكثر هدوءاً.
  4. محاولة فهم طبيعة الضوضاء التي يمكن أن تلحق الضرر بحاسة السمع، وبالتالي اتخاذ الإجراء المناسب لمنع خطرها على خلايا السمع.
  5. مساعدة الأطفال على حماية آذانهم حتى يبلغوا من العمر ما يكفي ليقوموا بذلك بأنفسهم.
  6. منع الآخرين من الصراخ في أذنيك.
  7. الجلوس بعيداً عن مكبرات الصوت.

خير الكلام..

إن الأصوات موجودة في كل مكان، فمنها الآمن الذي لن يؤثر عادة بحاسة السمع، ومنها الضارّ الذي يمكن أن يتلف حاسة السمع مع مرور الوقت. إن السمع الجيد والآمن جزء مهم من نوعية حياتنا الشخصية، لأنه يؤمّن لنا المزيد من الراحة، ويجعلنا أكثر ثقة بالنفس، ويسمح لنا بالتواصل مع الأصدقاء والأقرباء والغرباء. هناك الآلاف من الخلايا الشعرية في أذننا الداخلية هي التي تسهل وتؤمن لنا السمع الجيد للأصوات التي تدور من حولنا، ولكن يمكن هذه الخلايا أن تتعرض للتلف جراء التعرض المتكرر والمنتظم لضوضاء الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية. من هنا، حريٌّ بنا، شيباً وشباباً، أن نتفاداها قدر المستطاع لنحمي خلايا السمع في قوقعة الأذن الداخلية من الدمار، فدمارها يعني ضياع النعمة التي تقدمها لنا أهم حاسة من حواسنا الخمس.

 

المصادر:

Hearing Loss - Ear, Nose, and Throat Disorders - MSD Manuals

NoiseInduced Hearing Loss | Johns Hopkins Medicine

How Does Loud Noise Cause Hearing Loss? | NCEH - CDC

Hearing loss and music: MedlinePlus Medical Encyclopedia

 

 

آخر تعديل بتاريخ
02 ديسمبر 2022
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.