الشعور بالضيق والخوف فترة الخطوبة عند الفتيات
أنا انخطبت قبل فترة وحصلت النظرة الشرعية وشعرت براحة وهو كذلك، ومشت الأمور، وحددنا تحاليل الزواج، وأنا من وقتها ضائعة، تفكير زائد، خوف وهمّ وضيقة صدر، خائفة، وأفكار سوداء، حاولت أني أصلي وأقرأ القرآن، ولكن كان هذا الشعور أقوى مني؟
ابنتي العزيزة:
الحمد لله أنك تشعرين بهذه الراحة وهو كذلك، ولعلها فرصة جيدة لتستكشفي فيها هذا القلق الذي يزداد عن طبيعته الآن لديك، فأرى تلك المخاوف تزداد عن حجمها الطبيعي، وهي ما يجعل إحساسك بالضياع وما عبّرتِ عنه بالسواد هو ما تغرقين فيه.
وما يمكنني أن أقترحه عليكِ أولاً هو أن تلاحظي أن هذه المخاوف والتي تحمل هذه المشاعر الصعبة أنها مجرد "جانب" منك وليس أنتِ كلك، فهو جانب مهم ويحتاج منكِ لتعهد ومتابعة، ولكن ليس كلك هذا الخوف والقلق، وهذا ما سيجعلك تتمكّنين من الإنصات بهدوء و"طيبة" لهذا الجانب منك؛ لتستكشفي مخاوفه، فربما يصلك منه ما تعرفيه وما قد لا تعرفيه من مخاوف، فقط اسمحي لهذا الجانب أن يُخْرِج ما فيه دون أن يغمرك، فلعل لديه ذكريات أو معتقدات أو مشاعر تجعله يقلق كل هذا القلق كذكريات مررتِ بها سابقاً، أو خبرات حولك تؤثر في معتقدات حول الزواج أو الرجل أو الزوجة، أو ربما تتعلق بالمسؤوليات، أو فقدان حرية، أو أشياء أخرى؛ فكلما كنتِ منفتحة بطيبة تجاه ما سيُحَدِّثِك به؛ تعرفتِ أكثر على ما يحدث في هذا الجانب منك، وجعلك هذا الحوار أكثر قدرة على مناقشة هذه المخاوف إحداها تلو الأخرى بصدق وواقعية، وهذا الحوار الداخلي سيجعل تواصلكِ مع مخاوفكِ أفضل كثيراً مما تتخيلي، وأفضل كثيراً من صدّها، أو الاستسلام لها، فكلا الطريقتين أثبتتا أنهما غير فعَّالتين، فأدعوكِ لاستخدام طريقة صحية أكثر في التعامل مع هذه المخاوف كما أوضحت، وهذه الطريقة ليست بسهولة كتابتها، ولكن بالممارسة؛ تحدث فعلاً، وتسبب أثراً مختلفاً بداخلك.
وأدعوكِ كذلك بالتواصل مع خطيبك بصدق وشفافية إن وجَدتِ ذلك مناسباً في وقت مناسب من علاقتكما؛ وفيها تكونين نفسك كما أنتِ؛ فتحدثيه عن مخاوفك ومشاعرك؛ فهذا التواصل الشجاع والصادق يُحْدِث فارقاً جيداً بين الطرفين، "ما داموا" على درجة من الانفتاح والاطمئنان لهذه المشاركات، فلا تفعلي ذلك قبل إحساسك بهذا بشكل متبادَل بينكما وبدرجة مقبولة؛ فهذا التواصل مثل الدائرة أحدهما يوصِل للآخر، فالبوح يزيد الأمان والبراح، والأمان والبراح يزيدان من الأمان في العلاقة، ولعل هذا التواصل يصلك منه اطمئنان في أمور تحتاجين فيها لهذا الاطمئنان منه، ودمت بخير.