في عصرنا الحالي، أصبح استخدام الأطفال للشاشات جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، إذ يقضي الكثير منهم ساعات طويلة أمام الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، وأجهزة الحاسوب بدلًا من ممارسة الأنشطة البدنية والتفاعل مع محيطهم الاجتماعي. لا شك بأن هذه الأجهزة توفر فرصًا للتواصل والتعلم والترفيه، ولكن استخدامها المفرط قد أثار قلق الأهالي والخبراء بسبب تأثيراتها على الصحة بشكل عام، وخصوصًا على الصحة النفسية. توصل الباحثون في دراسة دنماركية حديثة إلى أن تقليل وقت استخدام الأطفال للشاشات إلى ثلاث ساعات فقط في الأسبوع يمكن أن يُحسِّن صحتهم العقلية ويعزز سلوكهم ومهاراتهم الاجتماعية.
الحد من وقت استخدام الأطفال للشاشات إلى ثلاث ساعات أسبوعيًا يحسن صحتهم العقلية
أجرى فريق من الباحثين من علماء النفس والمتخصصين في الصحة العقلية من عدة مؤسسات دنماركية تجربة سريرية عشوائية شملت 89 عائلة درسوا فيها تأثير تقليل وقت استخدام شاشات الأجهزة الإلكترونية، وتوصلوا فيها إلى أن تقليل وقت استخدام الأطفال للشاشات إلى ثلاث ساعات فقط في الأسبوع يمكن أن يؤدي إلى تحسينات كبيرة في صحتهم العقلية. نُشرت الدراسة في مجلة جاما الطبية (JAMA Network Open) في 12 تموز/يوليو 2024.
الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية وتأثيره على سلوك الأطفال وصحتهم العقلية
أظهرت دراسات سابقة أن استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة، سواء لمشاهدة الأفلام أو مقاطع الفيديو، أو المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي، أو لعب الألعاب الإلكترونية، يؤدي إلى مشكلات في الصحة العقلية، وتشمل هذه المشكلات السلوك غير الاجتماعي وصعوبات في التعامل مع المشاعر.
وأشار بعض العلماء في هذا المجال إلى أن مثل هذه التأثيرات تصبح مشكلة عندما تصبح مزمنة، كما توصلت دراسات سابقة إلى أن الأطفال في الدنمارك يقضون في المتوسط من 7 إلى 8 ساعات يوميًا في استخدام أجهزتهم الإلكترونية الشخصية، ما يشير إلى أن معظم الأطفال يقضون معظم أوقاتهم بين المدرسة واللعب على الهواتف المحمولة أو أجهزة الحاسوب.
وفي هذه الدراسة الجديدة، تساءل الباحثون عما إذا كان التقليل من مثل هذه الأنشطة سيؤدي إلى تحسين الصحة العقلية، وإذا كان الأمر كذلك، فكم من الوقت قد يستغرق ذلك. ولمعرفة ذلك، أجرى الباحثون تجربة سريرية شملت 89 عائلة تضم 181 طفلًا من 10 مدن دنماركية.
تقليل وقت استخدام الأطفال للشاشات يحسن مهاراتهم الاجتماعية وصحتهم العقلية
شملت الدراسة اختبار جميع الأطفال المشاركين فيها باستخدام استبيان لاكتشاف مواطن القوة والصعوبات، وذلك لمعرفة المزيد عن مهاراتهم الاجتماعية، وسلوكهم العام، واستقرارهم العاطفي، وصحتهم العقلية بشكل عام.
وبعد ذلك، طلب الباحثون من جميع الأطفال في 45 عائلة تقليل وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية إلى ثلاث ساعات فقط في الأسبوع لمدة أسبوعين باستثناء استخداماتهم المدرسية، وتم تركيب أجهزة المراقبة عبر الفيديو في منازل المشاركين لضمان امتثالهم لذلك.
ثم طلبوا من جميع الأطفال ملء نفس الاستبيان مرة أخرى لمعرفة ما إذا كانت هناك أي اختلافات، ووجد فريق البحث تحسنًا كبيرًا في المهارات الاجتماعية للأطفال، بما في ذلك تقليل المشكلات السلوكية وتحسن التعامل مع المشكلات العاطفية والنفسية.
في الختام، لا يمكننا أن نتجاهل التأثير السلبي المباشر للاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية وتأثيره على سلوك الأطفال وصحتهم العقلية ومهاراتهم الاجتماعية، ومن خلال تقليل وقت استخدام الأطفال للشاشات وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة البدنية والتفاعلات الاجتماعية، يمكننا أن نساهم في بناء جيل أكثر صحة وسعادة.
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
