تعد كتابة اليوميات شكلاً من أشكال اليقظة الذهنية، فهي تسلط الضوء على الأشياء المهمة في حياتك التي قد لا تدركها دائمًا، وقد تجعلك أكثر إدراكاً لذاتك وللأحداث التي تدور من حولك. وفي دراسة متابعة بعد 12 إلى 18 شهرًا، أفاد 85 بالمئة من المشاركين أن تمرين الكتابة كان مفيدًا، وواصل 59 بالمئة منهم استخدام كتابة اليوميات للتغلب على التوتر. فما هي فوائد التدوين وكتابة اليوميات؟
ما هي فوائد كتابة اليوميات على الصحة النفسية؟
فيما يلي ست فوائد واسعة النطاق لوضع القلم على الورق، أو الأصابع على لوحة المفاتيح، إلى جانب كيفية بدء هذه العادة المفيدة والحفاظ عليها بالفعل.
-
تساعد كتابة اليوميات على تقليل التوتر
يمكن أن يكون تدوين اليوميات صمامًا رائعًا لتخفيف الضغط والتوتر عندما نشعر بالإرهاق، أو عندما يكون لدينا الكثير من الأمور الداخلية، وتؤيد بعض الأبحاث ذلك. على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، أفاد المرضى والعائلات وممارسو الرعاية الصحية في مستشفى للأطفال بانخفاض مستويات التوتر بعد إكمال تمرين تدوين اليوميات الذي شمل ما يلي:
- كتابة ثلاثة أشياء أنت ممتن لها.
- كتابة قصة حياتك في ست كلمات.
- كتابة ثلاث أمنيات لديك.
-
قد يؤدي تدوين اليوميات إلى تعزيز الصحة والعافية
تشير مراجعة بحثية أُجريت عام 2018 إلى أن الكتابة عن أعمق أفكارك ومشاعرك قد تساهم في:
- عدد أقل من زيارات الطبيب المتعلقة بالتوتر النفسي.
- انخفاض ضغط الدم.
- تحسن المزاج.
- ارتفاع الشعور بالعافية.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة أجريت على 70 شخصا بالغًا يعانون من حالات مرَضية وقلق وتوتر أن الكتابة عن التجارب الإيجابية، مثل الامتنان، لمدة 12 أسبوعًا ارتبطت بتقليل الضيق وزيادة الرفاهية النفسية. في نفس الدراسة، بعد مرور شهر، أبلغ المشاركون عن انخفاض أعراض الاكتئاب والقلق، وبعد الشهرين الأول والثاني، أبلغ المشاركون عن مرونة أكبر.
-
تشجع كتابة اليوميات على الابتعاد عن الأفكار السلبية
عندما تَظهر الأفكار السلبية أو المثيرة للقلق، من السهل أن تنشغل بقصصها الكارثية. ومع ذلك، فإن تدوين أفكارك يخلق مساحة ومسافة للتفكير فيها بطريقة أكثر موضوعية. يُطلق على هذه المسافة رسميًا اسم ”الإبعاد المَعرفي“، وهو مفهوم مفيد من العلاج بالقبول والالتزام. والفكرة هي أنك لست أفكارك أو مشاعرك أو أعراضك الجسدية، بل أنت السياق الذي تحدث فيه. وبعبارة أخرى، إذا كانت أفكارك لا تخدمك، فليس عليك تصديقها. بدلاً من ذلك، يمكنك استخدام تدوين يومياتك لترى أفكارك منفصلة عنك.
-
يوفر تدوين اليوميات وسيلة لمعالجة المشاعر
يمضي كثير من الناس أيامهم إما في أنهم لا يلاحظون مشاعرهم، أو بأنهم يتجاهلونها. والمشكلة أن مشاعرك ما تزال تطفو على السطح وتؤثر على تصرفاتك، سواء بوعي منك أم بدونه. لكن تمنحك كتابة اليوميات الفرصة لمعالجة مشاعرك في مساحة آمنة. إن تسمية المشاعر المحددة التي تمر بها وتقبلها يقلل من قوتها وتأثيرها، وبهذه الطريقة، تصبح المشاعر الصعبة أقل إرباكًا وأسهل في التعامل معها.
-
يمكن أن يساعدك تدوين اليوميات في معرفة خطوتك التالية
تدوين أفكارك ومشاعرك حول موقف ما هو الخطوة الأولى في فهمِ أفضل السبل للمضي قدمًا، فبمجرد أن تهدأ قليلاً، قد تجد أن مشاعرك تحاول أن تخبرك بشيء ما. فربما يكون غضبك علامة على أنك بحاجة إلى وضع حدود أقوى مع شخص ما، أو أن حزنك يحثك على التواصل وتقوية علاقاتك. وتمنحك رؤية مخاوفك وأسئلتك ومشاعرك صورة أوضح لاحتياجاتك. حتى إن قائمة بسيطة من الإيجابيات والسلبيات يمكن أن توفر لك رؤية أعمق لرغباتك، وبالتأكيد أوضح من خليط الأفكار التي تدور في رأسك.
-
كتابة اليوميات يعمق اكتشاف الذات
انظر إلى نفسك وكأنك أحجية "Puzzle" عليك اكتشاف قطعة منها أو نمط مختلف فيها كل يوم. يوفر لنا تدوين اليوميات وقفة نحن في أمسّ الحاجة إليها لمساعدتنا على إعادة التواصل مع أنفسنا وإعادة اكتشاف هويتنا، فعندما نكتب، نتعرف على تفضيلاتنا ونقاط ألمنا ومخاوفنا وأحلامنا. نحن نتطور باستمرار، ويساعدنا تدوين اليوميات على الإصغاء إلى هذه التغييرات، والشهادة عليها، والتعرف على أنفسنا بشكل أفضل بكثير.
كيف تبدأ رحلتك في كتابة اليوميات ؟
سواء كنت جديدًا تمامًا على تدوين اليوميات أم كنت عائدًا إليها بعد توقف طويل، جرب هذه النصائح لبناء عادة مفيدة مستدامة.
-
اتخذ خطوات صغيرة
في البداية، حاول ألا تضغط على نفسك، فالخطوات الصغيرة أقل عرضة للرفض من قِبل الدماغ، في حين أن التغييرات الكبيرة الشاملة قد تشعرنا بعدم الأمان، وقد نستسلم بسرعة. فمثلاً، اضبط مؤقّتًا لدقيقة أو دقيقتين فقط في اليوم لجلسة تدوين يومياتك.
-
اختر أبسط الأدوات
نظرًا لأن كل شخص يختلف عن الآخر، ابدأ بأي طريقة يسهل عليك دمجها في روتينك اليومي، مثل:
- الكتابة في مستند فارغ على حاسوبك المحمول.
- استخدام تطبيق تدوين الملاحظات على هاتفك.
- وضع القلم على الورق.
-
جرب الكتابة الحرة
ابدأ بأخذ عدة أنفاس عميقة، وملاحظة محيطك المباشر، وكتابة كل ما يتبادر إلى ذهنك. إذا لم تستطع كتابة أي شيء، فقم بوصف تلك التجربة حتى يأتيك شيء آخر في يومياتك.
-
أخرج كل ما في جعبتك
اكتب كل ما يخطر ببالك من أفكار ومشاعر دون فرض رقابة على نفسك. إنها دفتر يومياتك، لذا يمكنك أن تكون تافهًا وصريحًا وصادقًا كما تشاء. ولمقاومة الرغبة بالتعديل على ما كتبته، حاول الكتابة بأسرع ما يمكن.
-
اربط يومياتك بعضها ببعض
إذا كنت تحب التنظيم، اكتب يومياتك في نفس الوقت كل يوم. على سبيل المثال، اكتب أفكارك عندما تستيقظ صباحاً، أو اكتب يومياتك قبل النوم. يمكنك أيضًا ربط تدوين يومياتك بعادة راسخة لتزيد من احتمالية التزامك بها. على سبيل المثال، دوّن يومياتك قبل أو بعد الصلاة، أو في وقت الاستراحة في العمل.
-
اربط الأحداث
لشحذ وعيك الذاتي، يمكنك تدوين مشاعرك حول موقف معين، يومًا بعد يوم. على سبيل المثال، يمكنك ببساطة أن تكتب:
- هذا ما حدث اليوم.
- أنا أعيش هذه المشاعر حيال ذلك.
- أنا أفكر بهذه الأفكار.
-
تجنب إعادة قراءة الأحداث المؤلمة
يُنصح بعدم إعادة النظر في تفاصيل المواقف الصعبة، وإذا شعرت بأنك لم تنتهِِ من موقف ما، فيمكنك إعادة التركيز على ما أنت ممتنٌّ له في هذا الموقف، أو كيف ستطبق ما تعلمته.
-
اكتشف المحفّز الذاتي
تعدّ المحفزات طريقة قوية للتعرف على نفسك بشكل أفضل، كما أنها رائعة أيضًا عندما لا تكون متأكدًا مما ستكتب عنه في دفتر يومياتك. ويمكنك الاستعانة بما يلي:
- اكتب ذكرياتك المفضلة من الطفولة أو من حياة أطفالك.
- اخرج إلى الطبيعة واكتب عن هذه التجربة.
- صف شيئاً تخشى القيام به ولماذا.
- صف شيئاً تحب القيام به ولماذا.
- صف نفسك، بما في ذلك شخصيتك وأدوارك في العمل والمنزل. ثم صف نفسك من وجهة نظر صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة.
- إذا استيقظت غداً ولديك كل ما تريده، كيف يبدو لك هذا؟ أين أنت؟ مع من أنت؟ ماذا تفعل بوقتك؟
تدوين اليوميات له مجموعة من الفوائد، فمجرد الكتابة لبضع دقائق يوميًا قد يساعدك على تقليل التوتر النفسي وعلى تعزيز رفاهيتك وراحتك النفسية، وفهم احتياجاتك بشكل أفضل. يوفر تدوين اليوميات طريقة ملموسة لمعرفة مَن نحن وتحديد ما نحتاج إليه. فمتى ستبدأ رحلتك في كتابة اليوميات وكتابة يومياتك؟