دور الغذاء والرياضة في الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني

يعد مرض السكري من النوع الثاني مشكلة صحية عالمية، ووفقًا لإحصائيات الاتحاد الدولي للسكري (IDF)، فإن شخصًا واحدًا من كل 11 شخصًا بالغًا في العالم مصاب بداء السكري، ويُشكِّل مرض السكري من النوع الثاني 90% من هذه الحالات. وفي دراسة حديثة تُعد الأولى من نوعها في العالم، وجد الباحثون أن الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني ممكنة عبر تبني نمط حياة صحي يشمل نظامًا غذائيًا صحيًا وممارسة التمارين الرياضية، وهذا ينطبق أيضًا على الأشخاص الذين يحملون مخاطر وراثية عالية للإصابة بهذا المرض. نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism المتخصصة بعلم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي في 18 حزيران/يونيو 2024.

هل يمكن الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني ؟

أثبتت دراسات سابقة فعالية إجراء تغييرات صحية في نمط الحياة في الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني ، إنما لم يتم استكشاف ما إذا كانت هذه التغييرات يمكن أن تقي أيضًا الأشخاص الذين يحملون العديد من المتغيرات الوراثية التي تعرّضهم إلى خطر أكبر للإصابة بهذا المرض.

وحتى يومنا هذا، تمكّن الباحثون من تحديد أكثر من 500 متغير وراثي تُعرِّض الأشخاص إلى خطر وراثي أكبر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ومع ذلك، فإن العوامل المتعلقة بأسلوب الحياة تزيد أيضًا خطر الإصابة بالمرض. وتشمل عوامل الخطر المهمة المرتبطة بنمط الحياة ما يلي:

• زيادة الوزن.
• قلة تناول الألياف الغذائية.
• زيادة استهلاك الدهون المشبعة.
• قلة ممارسة الرياضة.

اقرأ أيضاً

كل ما يهمك عن داء السكري من النوع الثاني

ماذا عن الأشخاص ذوي المخاطر الوراثية العالية؟

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة شرق فنلندا أن اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام يقللان من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني حتى لدى الأشخاص الذين لديهم مخاطر وراثية عالية للإصابة بهذا المرض. بعبارة أخرى، يمكن أن يستفيد الجميع من إجراء تغييرات صحية في أسلوب حياتهم بغض النظر عن المخاطر الوراثية.

كانت الدراسة عبارة عن تدخل في نمط حياة المشاركين لمدة ثلاث سنوات، وشارك فيها ما يقرب من 1000 رجل تتراوح أعمارهم بين 50 و75 عامًا. في بداية الدراسة، كان جميع المشاركين يعانون من ارتفاع مستويات السكر في الدم أثناء الصيام (على معدة فارغة)، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين:

• المجموعة الأولى: شملت أكثر من 600 رجل تلقوا إرشادات وتوجيهات صحية حول نمط الحياة الصحي، وذلك في اجتماعات مشتركة، وتم تقديم الدعم لهم من خلال بوابة إلكترونية مصممة خصيصًا للدراسة.
• المجموعة الثانية: شملت باقي المشاركين الذين لم يتم التدخل لتشجيعهم على تغيير أنماط حياتهم.

كان المشاركون في الدراسة إما ضمن الفئة الأدنى أو الأعلى من حيث المخاطر الوراثية، أي أن لديهم إما مخاطر وراثية عالية أو منخفضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وتلقى جميع المشاركين في المجموعة الأولى نفس الإرشادات الصحية المتعلقة بنمط الحياة.

وتم تحديد المخاطر الوراثية بناءً على 76 متغيرًا جينيًا معروفًا، وتُعرف هذه المتغيرات بأنها تُعرِّض حامليها إلى خطر أكبر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وخلال فترة الدراسة، لم يكن المشاركون ولا الباحثون يعرفون أي مجموعة من المخاطر الوراثية التي ينتمي إليها المشاركون.

اقرأ أيضاً

هل الوقاية من داء السكري ممكنة؟

الغذاء الصحي والرياضة من أجل الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني 

تمكّن الرجال المشاركون في المجموعة الأولى من تحسين جودة نظامهم الغذائي بشكل كبير، فقد زادوا من استهلاكهم للألياف الغذائية، وحسّنوا نوعية الدهون في نظامهم الغذائي، وزادوا من استهلاكهم للخضراوات والفواكه والتوت. كما لاحظ الباحثون فقدانًا في الوزن على الرغم من أن ذلك لم يكن محور الدراسة.

في بداية الدراسة، كان المشاركون يتمتعون بمستوى جيد من النشاط البدني، واستطاعوا الحفاظ على عاداتهم الجيدة في ممارسة التمارين الرياضية طوال فترة الدراسة. ساعدت هذه التغييرات في تقليل تدهور عملية التمثيل الغذائي للجلوكوز.

كانت نسبة الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في المجموعة الأولى أقل بكثير مقارنة بالمجموعة الثانية، كما كان تأثير التغييرات في نمط الحياة مهمًا لدى جميع المشاركين، بغض النظر عما إذا كانت لديهم مخاطر وراثية منخفضة أو عالية. أوضح الباحثون أن هذه النتائج تُشجع الجميع على إجراء تغييرات صحية في نمط حياتهم لتعزيز صحتهم، كما أنها تُظهر فعالية الإرشادات الصحية المتعلقة بنمط الحياة في الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني.