أظهرت دراسة جديدة أن الأشخاص المصابين بأمراض القلب يستهلكون في المتوسط ضعف الكمية الموصى بها من الصوديوم الموجود في الملح، بغضّ النظر عن حالتهم الاجتماعية والاقتصادية. تم تقديم هذه الدراسة، التي لم يتم نشرها بعد في مجلة علمية معتمدة، في الجلسة العلمية السنوية للكلية الأمريكية لأمراض القلب في وقت سابق من شهر نيسان.
تكمن أهمية هذا البحث في تركيزه على مجموعة من البالغين المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهم على الأرجح متحمسون للالتزام بإرشادات تقليل تناول الصوديوم، ومن المحتمل أن يكونوا على دراية بالكمية الموصى بها من الصوديوم بسبب تحدثهم مع طبيب القلب مرارًا وتكرارًا عن أضراره لحالاتهم. لذا كان من الصادم أن نتائج الدراسة قد أظهرت أن ما يقرب من 90% من الأشخاص في هذه الفئة غالبًا ما يستهلكون الصوديوم بشكل زائد.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل من الصعب تقليل تناول الصوديوم حتى بين الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية تتفاقم بسببه. في حين أنه من المهم للأفراد اتخاذ خطوات لتقليل ما يتناولونه من الصوديوم، فمن الضروري أيضًا أن تصدر قوانين صارمة لتقليل محتوى الصوديوم في الأطعمة المعبأة مسبقًا.
دراسة جديدة: الصوديوم الزائد ومرضى القلب
إن تناول الكثير من الصوديوم يمكن أن يرفع ضغط الدم، مما قد يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية وسكتة دماغية، ولهذا السبب توصي جمعية القلب الأمريكية (AHA) بحد مثالي لا يزيد عن تناول 1500 ملليغرام من الصوديوم يوميًا.
في هذه الدراسة الجديدة، قام العلماء بتحليل بيانات من أكثر من 3100 شخص يعانون من مشكلات في القلب مسجَّلين في المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية (the National Health and Nutrition Examination Survey-NHANES) الذي تديره مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أمريكا (CDC)، وتم العمل به منذ الستينيات. استمرت عملية جمع البيانات لهذه الدراسة من عام 2009 إلى عام 2018.
تم تشخيص جميع المشاركين بأنهم مصابون بقصور القلب أو بنوبة قلبية أو بالذبحة الصدرية أو بمرض الشريان التاجي، وأكمل المشاركون استبيانات حول كمية الصوديوم التي يستهلكونها. وجد الباحثون أن 89% من المشاركين قد استهلكوا كميات كبيرة من الصوديوم، إذ وصل متوسط الاستهلاك بين المشاركين في الدراسة حوالي 3000 ملليغرام في اليوم، أي ضعف الكمية الموصى بها.
أراد القائمون على الدراسة أيضًا تقييم ما إذا كان الوضع الاجتماعي والاقتصادي يؤثر على تناول الصوديوم بين المشاركين في الدراسة، وكان من المثير للدهشة أنه لم يتم العثور على علاقة بين نسبة الدخل أو الفقر في تناول الصوديوم، مما يشير إلى التحدي الشامل بين المجموعات الاجتماعية والاقتصادية في الالتزام بالمبادئ التوجيهية لتحديد تناول الصوديوم.
أشار الباحثون الذين أعدوا التقرير إلى أن أحد قيود الدراسة هو أن البيانات التي استخدموها جاءت من استبانات، ولذلك ربما كانت البيانات عرضة للتحيز، أو بعبارة أخرى، ربما لم يتذكّر المشاركون في الدراسة مقدار الصوديوم الذي استهلكوه ولم يبلغوا عنه بطريقة دقيقة.
وينبغي أن تتضمن الدراسات المستقبلية حول هذا الموضوع بيانات عن اختبار كمية الصوديوم في البول على مدار 24 ساعة، والتي تعتبر المعيار الذهبي لتحليل مستويات الصوديوم لدى الشخص.
ما هي الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم ؟
قال الخبراء إن كميات الصوديوم الموجودة في الأطعمة يمكن أن تختلف بشكل كبير اعتمادًا على أنواع المكوّنات المستخدمة ومكان إعدادها، وغالبًا ما يمثل الطعام المجهَّز خارج المنزل معظم كمية الصوديوم التي يتناولها الشخص، فمثلًا إن 71% من الصوديوم الذي يستهلكه الأمريكيون يأتي من الأطعمة المصنَّعة وأطعمة المطاعم، و14% يأتي من الأطعمة الطبيعية، و6% تأتي من الأطعمة المطبوخة والمحضّرة في المنزل، ويتم إضافة 5% على المائدة، على سبيل المثال، عندما يملّح الناس طعامهم بكثرة. قد تشمل أهم 10 مصادر للصوديوم بما يلي:
- الخبز.
- البيتزا.
- السندويشات.
- اللحوم المعالجة.
- الحساء.
- الوجبات الخفيفة، مثل رقائق البطاطس والفشار والمعجنات والمقرمشات.
- مرق الدجاج.
- الجبنة.
- البيض
لماذا نجد صعوبة في تقليل كميات الملح في طعامنا؟
على الرغم من أن تناول الصوديوم قد لا يتأثر بالحالة الاجتماعية والاقتصادية، فإن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تجعل الناس يعانون من صعوبة من تقليل استهلاكه، وقد يكون تقليل تناول الملح أمرًا صعبًا لعدة أسباب، مثل:
- وجوده في أغلب الأطعمة، يوجد الصوديوم في مجموعة واسعة من الأطعمة بما في ذلك الأطعمة المصنّعة والسلع المعلّبة والتوابل، وحتى المشروبات مثل المشروبات الغازية. وجوده المنتشر يجعل من الصعب تجنبه تمامًا، خاصة في النظام الغذائي الحديث حيث تشيع الأطعمة الجاهزة.
- تحسين المذاق، غالبًا ما يُستخدم الملح في الطبخ وإعداد الطعام لتعزيز النكهة. لقد اعتاد الكثير من الناس على طعم الملح، وقد يجدون صعوبة في الاستمتاع بوجبات أقل ملوحة.
- السلوك المعتاد، البشر مخلوقات لها عادات، وقد يكون تغيير العادات الغذائية وخاصة تلك المرتبطة بالتذوق أمرًا صعبًا، حتى عندما يدرك الأفراد الفوائد الصحية لتقليل الصوديوم.
- العوامل النفسية، يمكن أن تكون هناك عوائق نفسية تحول دون تقليل تناول الملح، فقد يعاني بعض الأفراد من مشاعر الحرمان أو الشعور بالخسارة المرتبطة بالتقليل من تناول الأطعمة المالحة، بالإضافة إلى ذلك قد تؤدي الأصوات الداخلية أو الحديث الذاتي إلى تقويض جهود التغيير مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط أو الهزيمة.
- الأعراف الاجتماعية والثقافية، غالبًا ما تتأثر العادات الغذائية بالعوامل الاجتماعية والثقافية. قد تدور أنماط الأكل داخل الأسر والدوائر الاجتماعية والمجتمعات حول الأطعمة التي تحتوي بطبيعتها على نسبة عالية من الصوديوم، وإن الخروج عن هذه الأعراف يمكن أن يشكل تحديًا اجتماعيًا وعاطفيًا.
- قلة الوعي، قد لا يدرك بعض الأشخاص مدى سوء تناولهم للصوديوم، أو لا يعون الآثار الصحية المرتبطة باستهلاك كميات كبيرة من الملح. وبدون الوعي أو التثقيف بشأن محتوى الصوديوم في الأطعمة وتأثيره على الصحة؛ فقد يواجه الأفراد صعوبة في اتخاذ خيارات صحية صحيحة.
نهاية، يتطلب التصدي لهذه التحديات في كثير من الأحيان اتباع نهج متعدد الأوجه، بما في ذلك التثقيف حول محتوى الصوديوم في الأطعمة، ودعم تغيير السلوك، والتدخلات القانونية التي تهدف إلى خفض مستويات الصوديوم في الأغذية المصنَّعة.