علاقة ملح الطعام بارتفاع ضغط الدم معروفة ومثبتة في دراسات علمية كثيرة منذ عقود، ويُنصح المصابون بارتفاع ضغط الدم دائمًا بتقليل تناول الملح (وهو كلور الصوديوم)، أو تقليل عنصر الصوديوم على وجه التحديد. غير أن كثيرًا من هؤلاء المرضى يصعب عليهم تقليل الملح في الطعام، فينصحهم الأطباء باستخدام بدائل الملح، أو الملح الطبي.
ما هو الملح الطبي ؟
تتوفر أنواع من الملح الطبي تجاريًّا بشكل مواد تشبه ملح الطعام في لونها وشكلها، ويدخل في تركيبها الكيميائي الأساسي مادة كلور البوتاسيوم. يتمتع الملح الطبي (كلور البوتاسيوم) بطعم مالح واضح، بل إن درجة ملوحته أقوى بنحو ضعف أو ضعفَين من ملح الطعام العادي. والمشكلة الوحيدة التي يشتكي منها المرضى عادة هي أن بعض أنواعه لها طعم مر، ويرجع ذلك غالبًا إلى استخدامهم كمية من الملح الطبي تماثل ما اعتادوا تناوله من ملح الطعام، في حين أنهم يجب أن يقللوا كمية الملح الطبي لأنه أشد ملوحة من ملح الطعام، على الرغم من أن لونه وشكله يشبه ملح الطعام تمامًا.
لكن السؤال هنا هو: هل يمكن أن يستفيد الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة وليس لديهم مرض ارتفاع ضغط الدم من استخدام الملح الطبي بدلًا من ملح الطعام العادي؟ أم أن ذلك قد يسبب لهم انخفاضًا في ضغط الدم؟ هذا ما حاولَت دراسة علمية حديثة أن تجيب عنه.
دراسة جديدة عن الملح الطبي
في فبراير 2024، نَشرت مجلة المعهد الأمريكي لأمراض القلب نتائج دراسة عن استخدام نوع من الملح الطبي يحتوي على 62.5% من ملح الطعام، و25% من كلور البوتاسيوم، و12.5% من المسوِّغات الذوقية. شارك في الدراسة 48 مركزًا طبيًّا على مدى سنتَين، تمت خلالها متابعة حالة أشخاص بالغين طبيعيين غير مصابين بارتفاع ضغط الدم، أو أي مرض في الكلية، أو في القلب.
شارك في الدراسة 611 شخصًا طبيعيًّا تم وضعهم عشوائيًّا ضمن مجموعتَين. استخدَم أفراد المجموعة الأولى (298 شخصًا) ملح الطعام العادي، بينما استخدم أفراد المجموعة الثانية (313 شخصًا) الملح المستخدَم في هذه الدراسة.
ما نتائج دراسة استخدام الملح الطبي لدى أشخاص طبيعيين؟
وجدت الدراسة النتائج المهمة الآتية:
1 – كانت نسبة حدوث ارتفاع ضغط الدم عند الأفراد الذين استخدموا الملح الطبي (11.7%) أقل من نسبة حدوث هذا المرض لدى الأفراد الذين استخدموا ملح الطعام (24.3%)، أي أقل بنحو النصف تقريبًا. وكان هذا الفارق مهم إحصائيًّا.
2 – لم يوجد فرق مهم إحصائيًّا في نسبة حدوث انخفاض ضغط الدم بين المجموعتَين.
3 – لم يرتفع متوسط ضغط الدم لدى الذين تناولوا الملح الطبي خلال فترة المتابعة على مدى سنتَين، بينما ارتفع متوسط ضغط الدم لدى الذين تناولوا ملح الطعام في الفترة ذاتها.
ما هي استنتاجات دراسة الملح الطبي ؟
1 – أظهرت الدراسة أن استخدام البالغين الأصحاء للملح الطبي بدلًا من ملح الطعام العادي يخفض احتمال حدوث ارتفاع ضغط الدم لديهم إلى النصف على مدى سنتَين على الأقل.
2 – لا يسبب استخدام الملح الطبي انخفاض ضغط الدم عند الأصحاء البالغين.
3 – ربما يكون من المفيد أن تقوم الهيئات الصحية بتعميم استخدام الملح الطبي في المجتمع لحماية أفراده من حدوث مرض ارتفاع ضغط الدم، وربما تحسين صحة القلب وسلامة الأوعية الدموية، خاصة لدى الكبار والمسنين.