النظام الغذائي النباتي للحامل من الأنظمة الغذائية التي أصبح الإقبال عليها متزايداً بسبب شعبية الأنظمة الغذائية النباتية، إذ تستبعد الأنظمة الغذائية النباتية جميع المنتجات الحيوانية، وتركز عادة على الأطعمة الكاملة مثل الخضار والبقوليات. وتؤكد الدراسات العلمية أن النباتيين بالفعل أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 32%، ومع ذلك، يشعر بعض الناس بالقلق من أن النظام الغذائي النباتي قد يسبب نقصًا في العناصر الغذائية، مما قد يشكل خطورة خاصة على النساء الحوامل أو أطفالهن.
أظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة Acta Obstetricia et Gynecologica Scandinavica أن النظام الغذائي النباتي للحامل أثناء الحمل قد يسبب خطرًا متزايدًا للإصابة بتسمم الحمل (حالة ضغط الدم المرتبطة بالحمل) وإنجاب أطفال حديثي الولادة بوزن أقل عند الولادة، أوضحت النتائج بأن الأطفال حديثي الولادة لأمهات استخدمن نظامًا غذائيًا نباتيًا كان وزنهم في المتوسط أقل بمقدار 240 غرامًا.
ما هو تسمم الحمل؟
لتسمم الحمل العديد من الأسباب المحتملة، بما في ذلك بروتينات المشيمة التي تتحكم في صحة الأوعية الدموية الموجودة والمتكونة حديثًا، والوراثة، والعمر عند الحمل، وتاريخ ارتفاع ضغط الدم المزمن، والسمنة، و/أو نقص التغذية، ففي الولايات المتحدة، يحدث تسمم الحمل في حالة واحدة تقريبًا من كل 25 حالة حمل.
تسمم الحمل هو أحد مضاعفات الحمل، يحدث تسمم الحمل عندما تعاني الأنثى التي كانت لديها قراءات ضغط دم طبيعية في السابق من ارتفاع ضغط الدم فجأة بعد 20 أسبوعًا من الحمل، وحال ترك حالة تسمم الحمل دون علاج، يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، قد تصل إلى وفاة الأم والجنين، ولذلك يُوصى غالبًا بالولادة المبكرة في تلك الحالة.
أضرار تسمم الحمل على الجنين
التأثير الرئيسي على الجنين هو نقص التغذية نتيجة قصور الأوعية الدموية الرحمية المشيمية، مما يؤدي إلى تأخر النمو، وهناك تأثيرات قصيرة وطويلة المدى، ولكن التأثير المباشر الملحوظ هو تغير نمو الجنين، فتتعرض صحة الجنين وكذلك وزنه للخطر الشديد، مما يؤدي إلى درجات مختلفة من اعتلال الجنين، وقد يؤدي في أسوأ الاحتمالات إلى موت الجنين.
وأظهرت الدراسات على المدى البعيد أن الأطفال الذين عانوا من تأخر النمو داخل رحم الأم هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي والسكري في مرحلة البلوغ من حياتهم، وقد أثبتت الدراسات لاحقاً أن تأخر النمو داخل الرحم والذي قد يسببه تسمم الحمل يؤدي إلى انخفاض في عدد النيفرون، والذي يسبب اعتلال الكلى، والذي بدوره يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم الجهازي والكبيبي في حياة البالغين.
كيف ترتبط الأنظمة الغذائية النباتية بالظروف الصحية
وفق دراسة حديثة تبحث في صحة الأمهات قبل وبعد الحمل، فإن أكثر من 90% ممن يخططن للحمل يعانين من نقص في العناصر الغذائية الأساسية المتوفرة في اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، وترجح الدراسة ارتفاع هذه النسبة بسبب اتباع الأنظمة الغذائية النباتية، وبالأخص بين النساء، بما يؤثر على صحة الحوامل وأطفالهن.
وفي الدراسة التي نشرت في ديسمبر 2023، تابع الباحثون من جامعة ساوثهامبتون البريطانية وجامعة سنغافورة الوطنية أكثر من 1700 امرأة يخططن للحمل، وكان متوسط عمر المشاركات 28 عامًا، وكشفت فحوصات الدم عن انخفاض ملحوظ للفيتامينات الأساسية في أجسامهن، وأشارت الدراسة إلى أن 9 من كل 10 سيدات يفتقرن إلى هذه العناصر، والتي تشمل حمض الفوليك والريبوفلافين والفيتامين ب 6، وب 12، والفيتامين د. قد يعزز ذلك أن الوجبات الغذائية النباتية تخلو بشكل كبير من الفيتامين ب، كما أن الأطعمة النباتية تحتوي على كميات قليلة جدا من "الكولين"، وهو عنصر ضروري لنمو الجهاز العصبي للجنين.
في دراسة أخرى تم إجراء استبانة على 65872 امرأة في منتصف الحمل عرَّفن أنفسهن على أنهن يتناولن اللحوم، و666 على أنهن نباتيات الأسماك/الدواجن، و183 على أنهن نباتيات لاكتو/بيضة، و18 على أنهن نباتيات.
أظهرت النتائج أن استهلاك البروتين كان أقل بين المشارِكات النباتيات الألبان والبيض (13.3%) والنساء النباتيات (10.4%) مقارنة بالمشارِكات اللاتي يأكلن اللحوم (15.4%). بالإضافة إلى ذلك، كان استهلاك المغذيات الدقيقة أقل بين النباتيّات.
أظهر النظام الغذائي النباتي للحامل ارتفاعًا في معدل الإصابة بتسمم الحمل، وكان وزن أطفالهن حديثي الولادة أقل بشكل ملحوظ بمقدار 240 جرامًا في المتوسط، إذ كانت الأمهات النباتيات يتناولن كمية من البروتين والفيتامين ب 12 والفيتامين د والكالسيوم أقل من الموصى به، قد يكون هذا تفسيرًا معقولًا لانخفاض الوزن عند الولادة.
يجب أن ندرك أنه بالنسبة للنساء اللواتي يتبعن النظام الغذائي النباتي للحامل، فإن الحصول على كمية كافية من البروتين يمكن أن يمثل تحديًا. خلال فترة الحمل وفترة الرضاعة الطبيعية، ينبغي نُصحهنّ بتناول كمية كافية من البروتين، والنظر في تناول مكملات الفيتامينات المناسبة؛ وخاصة الفيتامين د والفيتامين ب12.
كيف يؤثر النظام الغذائي النباتي للحامل على صحتها؟
بالنظر إلى أن النظام الغذائي النباتي الذى يستبعد جميع المنتجات الحيوانية، والذي يؤدي إلى الفشل في التعويض بشكل كافٍ عن العناصر الغذائية الضرورية لصحتك وصحة طفلك، قد يؤدي إلى الإضرار بصحتك وصحة طفلك، خصوصاً أن جسم الحامل يحتاج إلى كميات مضاعفة من العناصر الغذائية، والتي تشمل الفيتامينات والمعادن، والتي تعتبر ضرورية لنمو جسم الطفل وتكوين الأعضاء مثل الأعصاب والعظام وإنزيمات الجسم وغيرها من الوظائف الحيوية المهمة في الجسم.
كما أن جسم الأم يكون بحاجة إلى دعم إضافي من المغذيات بسبب استفادة الجنين من جسم الأم الحامل، فهي تحتاج إلى دعم صحة العظام والأسنان والعضلات والأعصاب، والحفاظ على نسبة الهيموغلوبين. لذا؛ عليها تناول نظام غذائي متكامل قادر على سد احتياجاتها واحتياجات الجنين لتجنب حدوث أي مضاعفات صحية غير متوقعة. ومن العناصر الغذائية التي يسبب نقصها الإضرار بصحتك وصحة طفلك ما يلي:
-
الفيتامين ب 12: الوجبات الغذائية النباتية خالية بشكل طبيعي من هذا الفيتامين، وقد يزيد النقص من خطر الإجهاض، وسكري الحمل، والولادة المبكرة، والتشوهات.
-
الفيتامين د: تعاني العديد من النساء من انخفاض مستويات الفيتامين د أثناء الحمل، بغض النظر عن نظامهن الغذائي، قد تؤدي المستويات غير الكافية إلى زيادة خطر الإصابة بتسمم الحمل، وانخفاض الوزن عند الولادة، والإجهاض.
-
الحديد: لا يمتص جسمك الحديد من الأطعمة النباتية بنفس القدر والكفاءة التي يمتص بها الحديد الموجود في المنتجات الحيوانية، قد يزيد هذا من خطر نقص الحديد والمضاعفات ذات الصلة، مثل الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة.
-
اليود: قد تحتوي الأنظمة الغذائية النباتية الخالية من الملح المعالج باليود أو الأعشاب البحرية أو مكملات اليود على القليل جدًا من هذا العنصر الغذائي، يمكن أن يؤدي تناول كمية غير كافية من اليود إلى ضعف نمو الرضيع، بالإضافة إلى ضعف الغدة الدرقية والوظيفة العقلية.
-
الكالسيوم: قد يؤدي عدم تناول كمية كافية من الكالسيوم أثناء الحمل إلى زيادة خطر إصابة الأم بتسمم الحمل والكسور وأمراض العظام.
مكملات غذائية أخرى مهمة لصحة المرأة الحامل التي تتبع النظام الغذائي النباتي
من الممكن الحصول على كميات كافية من كل هذه العناصر الغذائية في النظام الغذائي النباتي للحامل، ولكنه يتطلب تخطيطا دقيقاً، على وجه الخصوص، قد تحتاج إلى تناول العديد من المكملات الغذائية.
إذا كنت ترغبين باتباع النظام الغذائي النباتي للحامل؛ ففكري في الاستعانة بأخصائي تغذية لمراجعة نظامك الغذائي ومستويات العناصر الغذائية، إذ يمكن أن يساعدك ذلك في تحديد أي نظام دون المستوى الأمثل والتعويض عنه.
- دهون أوميجا 3: يميل الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا إلى انخفاض مستويات حمض الإيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض الدوكوساهيكسانويك (DHA) في الدم، وهما اثنان من أحماض أوميجا 3 المهمة لعين طفلك ودماغه وجهازه العصبي.
-
البروتين: تحتاج النساء الحوامل إلى حوالي 70 جرامًا من البروتين يوميًا في الثلث الثاني والثالث، قد يؤدي تناول كمية غير كافية من البروتين إلى إبطاء نمو طفلك وتطوره، وقد يكون البروتين وفيرًا في النظام الغذائي النباتي ولكن يصعب هضمه، مما يزيد من متطلباتك اليومية من البروتين بحوالي 10٪.
-
الزنك: تحصل معظم النساء على كمية قليلة جدًا من الزنك أثناء الحمل، مما قد يؤدي إلى انخفاض الوزن عند الولادة، وطول فترة المخاض، والولادة المبكرة، و من الصعب امتصاص الزنك النباتي، مما يرفع الاحتياجات اليومية بنسبة 50٪ للنساء النباتيات.
-
الكولين: هذه المغذيات ضرورية لنمو الجهاز العصبي لطفلك. تحصل معظم النساء على كمية قليلة جدًا أثناء الحمل، وتحتوي الأطعمة النباتية على كميات صغيرة فقط.
توصيات عامة بشأن النظام الغذائي النباتي للحوامل وأطفالهن حديثي الولادة
إذا كنتِ تتبعين نظامًا غذائيًا نباتيا أثناء الحمل، يجب التخطيط الجيد لتناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية والأطعمة المدعمة والمكملات الغذائية، لذا يجب التأكد من تناول كميات كافية من الأطعمة الآتية:
- التوفو، والتيمبه: منتجات الصويا غنية بالبروتين، ويمكن أن تحل محل اللحوم في العديد من الوصفات.
- البقوليات: تعتبر الفاصوليا والبازيلاء والعدس مصادر جيدة للألياف والبروتين النباتي.
- المكسرات والبذور: معظمها مصادر جيدة للحديد والزنك. تناول حبة أو حبتين من الجوز البرازيلي كل يوم لتلبية احتياجاتك من السيلينيوم، وتناول الجوز والقنب أو الشيا أو بذور الكتان للحصول على حمض ألفا لينولينيك (ALA)، وهو أوميغا .3
- الزبادي المدعم بالكالسيوم والحليب النباتي: هذه الأطعمة تسهل عليك الحصول على ما يكفي من الكالسيوم.
- خميرة الغذاء: هي غنية بالبروتين وبالفيتامين ب 12
- الحبوب الكاملة: بالإضافة إلى كونها غنية بالألياف والفيتامينات ب، توفر هذه الأطعمة بعض الحديد والزنك. بعض الحبوب، مثل القطيفة والحنطة والكينوا، غنية بشكل خاص بالبروتين.
- الأطعمة النباتية المخمرة أو المنبتة: مثل المخللات، والكيمتشي، والمخلل الملفوف، والكومبوتشا التي توفر البروبيوتيك والفيتامين K2 والتي يمكن لجسمك أن يمتص هذه العناصر الغذائية بسهولة.
- الفواكه والخضراوات: تميل الفواكه والخضراوات ذات اللون الأرجواني والأحمر والبرتقالي، وكذلك الخضراوات الورقية، إلى أن تكون غنية بالمواد المغذية والمركبات النباتية المفيدة.
ما هي الأطعمة المفيدة في بداية الحمل
سيبدأ دماغ طفلك بالتطور في وقت مبكر من الأسبوع الثالث من الحمل، وذلك من خلال استفادته من مخزون العناصر الغذائية في جسمك والمدخول اليومي كعناصر بناء لنمو أمثل، لذا عليك اتباع نظام غذائي صحي وكامل يمكن أن يوفر كميات كافية من معظم الفيتامينات والمعادن أثناء الحمل، وقد تساعد أيضاً المكملات الغذائية الشاملة على ضمان حصولك أنت وطفلك على الدعم الكامل. لذا ننصح بتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن والبروتينات والكربوهيدرات الصحية، ومصادر الألياف مثل الفواكه والخضراوات، وأن يكون النظام الغذائي متكاملًا وشاملًا، مع الإكثار من شرب الماء، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة والمعالجة، والتي تحتوي على مواد حافظة، واستبدالها بأطعمة عضوية خالية من الكيماويات قدر الإمكان.
ختاماً، أظهرت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يتبعن النظام الغذائي النباتي للحامل قد يكون لديهن خطر أكبر للإصابة بتسمم الحمل، وولادة أطفال بوزن أقل عند الولادة. قد يكون من الصعب تلبية الاحتياجات الغذائية المناسبة للأم الحامل والطفل إذا كانت القيود الغذائية صارمة للغاية، ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن النظام الغذائي ليس هو المشكلة، بل القدرة على تعظيم فوائد النظام الغذائي النباتي.
في حين أن النظام الغذائي هو اختيار شخصي، فهناك إرشادات غذائية معينة حول الأنظمة الغذائية النباتية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، ويشمل ذلك تناول الفواكه والخضراوات والكربوهيدرات المعقدة والبروتينات النباتية والدهون الصحية.