هل تجميد أنسجة المبيض يساعد في تأخير انقطاع الطمث أو منعه؟

لطالما كان تأخير انقطاع الطمث من الأمور التي تُشغِل بال العديد من السيدات. انقطاع الطمث هو النقطة في الحياة التي تحدث فيها الدورة الشهرية الأخيرة، والتي تحدث في سن الخمسين تقريباً عند النساء. وينضَبُ احتياطي المبيض في السنوات والعقود التي تسبق انقطاع الطمث.

إن انقطاع الطمث، والذي يحدث بالنسبة لمعظم النساء بين سن 40 و58 عاماً، يشير إلى نهاية سنوات الإنجاب. وعلى الرغم من أن انتهاء الدورة الشهرية والمخاوف بشأن تحديد النسل أمر مرحَّب به في كثير من الأحيان، فإن العديد من النساء سيواجِهنَ مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية.

ويمكن أن تبدأ هذه الأعراض، التي قد تشمل: الهبات الساخنة والتعرق الليلي وجفاف المهبل والقلق وانخفاض الدافع الجنسي، قبل فترة طويلة من انقطاع الطمث، وتستمر لعدة سنوات بعد ذلك. إذاً، هل يمكن أن يكون العلاج الذي يؤخّر انقطاع الطمث، أو حتى يمنعه، مفيداً؟

يعتقد الباحثون في كلية الطب بجامعة ييل أنه كان من الممكن أن يجدوا طريقة للقيام بذلك، ويشيرون إلى أنه من خلال تجميد أنسجة المبيض المأخوذة من المرأة خلال سنوات الإنجاب ثم إعادة زرعها في مرحلة لاحِقة، يمكنهم تأخير أو حتى منع انقطاع الطمث.

زراعة أنسجة المبيض من أجل تأخير انقطاع الطمث

يتم استخدام زراعة المبيض للمساعَدة في استعادة الخصوبة بعد علاجات السرطان التي يمكن أن تلحِق الضرر باحتياطي البويضات في المبيضين، إذ يقوم الجراحون بإزالة أنسجة قشرة المبيض قبل علاج السرطان، وتجميدها أو حِفظها بالتبريد، ثم زرعها مرة أخرى لدى المرأة نفسها بعد اكتمال علاج السرطان بنجاح.

قشرة المبيض هي الجزء الخارجي من المبيض، حيث توجد معظم الجُريبات، وهي الهياكل التي تنضج كل شهر لإطلاق بويضة عند الإباضة. وبالنسبة للتجميد والزرع، يمكن أن تكون القشرة من متبرع أو من الشخص الذي يخضع للعلاج.

الآن، اقترح العلماء بقيادة البروفيسور كوتلوك أوكتاي، دكتوراه في الطب، أنه يمكن استخدام هذه التقنية للحفاظ على الخصوبة ومنع الأعراض المزعجة لانقطاع الطمث عن طريق تأخير انقطاع الطمث أو حتى منعه.

استخدَم الباحثون بيانات من دراسات سابقة عن احتياطي المبيض في أعمار مختلفة، وعن كيفية تصرف بُصيلات المبيض في أنسجة المبيض. ومن هذا المنطلق، قاموا بإنشاء نموذج رياضي يتنبأ بالمدة التي قد تؤدي فيها عملية زرع المبيض إلى تأخير انقطاع الطمث لدى النساء الصحيحات.

وقاموا بدمج عدة عوامل، بما في ذلك العمر وبقاء الجُريبات، في نموذجهم لمعرفة المدة التي قد تؤخِّر فيها العوامل المختلفة وقت انقطاع الطمث.

ما مدى فعالية زراعة المبيض في تأخير انقطاع الطمث؟

توقَّع النموذج أنه بالنسبة لمعظم النساء في سن 40 عاماً أو أقل، فإن حفظ أنسجة المبيض وزراعتها من شأنه أن يؤخِّر انقطاع الطمث بشكل كبير. ويعتمد نجاح عملية الزرع على أربعة عوامل:

• العمر عند أخذ أنسجة المبيض (21-40 سنة).
• كمية أنسجة المبيض التي تم أخذها.
• عمليات زرع مفردة، مقابل عمليات زرع متعددة للأنسجة المحصودة.
• نسبة الجُريبات التي نجت بعد الزرع.

الأنسجة التي تم حصادها بعد سنّ الأربعين لم تؤخّر ظهور انقطاع الطمث، فقد بقي عدد قليل جداً من الجُريبات القابلة للحياة في أنسجة المتبرعة.

ولتوضيح نموذجهم، قدَّم الباحثون مثالاً لامرأة تبلغ من العمر 25 عاماً، تم حصاد 25% من أنسجة قشرة المبيض لديها، ثم تم زرعها في إجراء واحد. إذا نجَت 40٪ من الجُريبات، فقد يؤدي ذلك إلى تأخير انقطاع الطمث لمدة 12 عاماً تقريباً؛ وإذا نجا 80% منها، فسيكون التأخير نحو 15.5 سنة. ولاحَظ الباحثون أن إجراءات زراعة المبيض حالياً ترتبط بفقدان 60% من الجريبات، وأن بقاء الجريبات على قيد الحياة بنسبة 80% لا يمكن تحقيقه إلا إذا تقدمت التكنولوجيا والتقنيات في السنوات القادمة.

ومع ذلك، إذا قاموا بتقسيم الأنسجة وزرعها في عدة إجراءات، فقد زاد تأخير انقطاع الطمث. وعند بقاء الجُريبات على قيد الحياة بنسبة 40%، أدّت ثلاث عمليات زرع إلى تمديد التأخير إلى 23 عاماً، وستّ عمليات زرع إلى 31 عاماً. وإذا نجَت 80% من الجُريبات، توقَّع النموذج أن انقطاع الطمث قد يتأخر لمدة تصل إلى 47 عاماً، وهو ما يعني بالنسبة لمعظم النساء أنهن لن يعانينَ من انقطاع الطمث أبداً. وهذه كلها حسابات نظرية يجب اختبارها في تجارب عملية قبل اعتمادها كطريقة في تأخير انقطاع الطمث في المستقبل.