التحدث أو الكلام أثناء النوم Somniloquy، هو اضطراب شائع في النوم يتميز بالتكلم دون قصد أو وعيٍ أثناء النوم. عادة ما يكون الكلام أثناء النوم غير ضار في حد ذاته، ولكن في بعض الحالات، قد يكون ذلك علامة على وجود مشكلة نوم أكثر خطورة، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم أو الصرع. تشرح هذه المقالة ما هي أسباب الكلام أثناء النوم، ولماذا يحدث، ومتى يجب عليك مراجعة الطبيب بشأن هذا الأمر.
الكلام أثناء النوم
يمكن أن يختلف الكلام أثناء النوم من الثرثرة التي لا معنى لها أو الصراخ أو الضحك إلى الكلام الذي يستخدمه الشخص أثناء استيقاظه، وقد يبدو المتحدثون أثناء النوم وكأنهم يتحدثون إلى أنفسهم، أو يُجْرون محادثة مع شخص آخر.
وما يميز الكلام أثناء النوم هو أن الأحداث لا يتذكرها المتكلم عندما يستيقظ. وما لم يسمعه شخص آخر كان بجواره، فلن يتم التعرف على الحالة.
يمكن أن يكون الكلام أثناء النوم عرَضيًا، ويحدث عندما يكون الشخص محرومًا من النوم أو في حالة سُكْر. بالنسبة للبعض، يمكن أن تكون حالة مزمنة ينام خلالها ويتحدث عدة مرات في الأسبوع أو حتى ليلًا.
لا يتحدث المتكلمون أثناء النوم بشكل عام لمدة أطول من تسع ثوانٍ في المرة الواحدة، وفي كثير من الأحيان أقل من ذلك بكثير. عادةً ما يكون المحتوى غير ضار وغير مفهوم، ولكنه قد يكون في بعض الأحيان مصورًا ومثيرًا للقلق، ومليئًا بالألفاظ النابية أو الإساءة اللفظية.
ما الذي يسبب الكلام أثناء النوم؟
الكلام أثناء النوم هو نوع من أنواع اضطرابات النوم (الباراسومنيا)، أي أنه شيء يحدث فقط أثناء النوم. يمكن أن يحدث من تلقاء نفسه، أو مع أنواع أخرى من اضطرابات النوم، مثل المشي أثناء النوم، والذعر الليلي، وتناول الطعام أثناء النوم، وشلل النوم، والنوم الجنسي.
مع أنه ليس من الواضح دائمًا أسباب الإصابة باضطرابات النوم، فإنه يُعتَقد أنها مرتبطة بحالة -غالبًا ما تكون عاطفية ولكن في بعض الأحيان جسدية- تثير مشاعر قوية. وهذا لا يشمل القلق والخوف فحسب، بل يشمل أيضًا أشياء مثل السعادة أو الإثارة الجنسية، وهناك أشياء معيّنة يمكن أن تثير الكلام أثناء النوم، بما في ذلك:
- تعاطي الكحول أو المخدرات.
- التعب أو الإرهاق.
- الاكتئاب.
- الأرق.
- القلق أو التوتر.
- مرض عام.
- أدوية معيّنة.
- الحرمان من النوم.
ما مدى شيوع الكلام أثناء النوم؟
تشير الدراسات إلى أن نحو 5% فقط من البالغين يتحدثون أثناء النوم، ومع ذلك، يُعتَقد أن نصف الأطفال يتحدثون أثناء نومهم، في حين أن نحو 66% من الأشخاص يتحدثون أثناء نومهم في مرحلة ما من حياتهم.
يمكن أن يحدث الكلام أثناء النوم لأي شخص في أي وقت، ولكن يبدو أنه أكثر شيوعًا عند الأطفال والرجال. وقد يكون هناك أيضًا رابط وراثي للتحدث أثناء النوم. لذا، إذا كان والداك أو أفراد آخرون من العائلة يتحدثون كثيرًا أثناء نومهم، فقد تكون معرَّضًا للخطر أيضًا. وبالمثل، إذا كنت تتحدث أثناء نومك وكان لديك أطفال، فقد تلاحظ أن أطفالك يتحدثون أثناء نومهم أيضًا.
الكلام أثناء النوم مقابل الحلم
الكلام أثناء النوم لا يكون مثل الحلم، لأن الأخير يحدث خلال مرحلة معيّنة من النوم، تسمى نوم حركة العين السريعة، بينما الكلام أثناء النوم يحدث خلال أي مرحلة من مراحل النوم الأربع.
يمكن أن تختلف خصائص الكلام حسب المرحلة:
- المراحل من 1 إلى 3: عندما ينتقل الشخص من الاستيقاظ إلى النوم، قد يُجري محادثة كاملة ومفهومة مع نفسه. وبينما يتحرك نحو نوم أعمق، قد يبدو حديثه مشوشًا أكثر أو غير واضح.
- المرحلة الرابعة (نوم حركة العين السريعة): وهي المرحلة التي يحلم فيها الشخص بنشاط. خلال هذه المرحلة، من المحتمل ألا تكون هذه الكلمات منطقية لأي شخص يسمعها.
يمكن أن يقع الحديث أثناء الحلم أيضًا مع نوع من اضطرابات النوم المعروف باسم اضطراب سلوك نوم حركة العين السريعة (RBD)، وفي هذا الاضطراب سوف يتجسد للشخص حلمًا، خاصة ذلك النوع الذي يكون مخيفًا جسديًا ولفظيًا.
وفي حين أن نوم حركة العين السريعة يرتبط بالوهن أثناء النوم (انخفاض في معدل حركة العضلات)، فإن اضطراب سلوك نوم حركة العين السريعة يتميز بحركات مفاجئة وحتى عنيفة، إنه ليس مثل حالة الرعب الليلي، الذي يحدث خارج مرحلة نوم حركة العين السريعة.
متى ترى الطبيب؟
لا يشكِّل الكلام أثناء النوم مشكلة عادة، إلا إذا كان يتداخل مع نوم شريكك ويزعجه. إذا كان الأمر يؤثر على علاقتك، أو كان شريكك قلقًا بشأن الكلام أثناء النوم، فتحدَّث مع طبيبك أو اطلب الإحالة إلى أخصائي نوم.
يجب عليك أيضًا تحديد موعد مع أخصائي نوم إذا لم تتحدث أبدًا أثناء نومك من قبل ولكنك بدأت فجأة في القيام بذلك كشخص بالغ. في مثل هذه الحالات، قد يكون الكلام أثناء النوم علامة على وجود مشكلة صحية أساسية، ومن المعروف أن الكلام أثناء النوم يصاحب بعض الحالات الطبية، بما في ذلك:
- الخَرَف.
- مرض الشلل الرعاش.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- نوبات الصرع.
- توقف التنفس أثناء النوم.
كل هذه الحالات خطيرة، وتتطلب عناية طبية. في بعض الحالات، قد يكون الكلام أثناء النوم هو العلامة الأولى أو الوحيدة لحالة صحية كامنة.
تشخيص الكلام أثناء النوم
يمكن أن يحدث الكلام أثناء النوم من تلقاء نفسه، أو يكون سِمة من سمات اضطراب آخر في النوم. إذا كانت أعراضك مزعجة أو مقلقة، فقد يوصي مقدم الرعاية الصحية بالاحتفاظ بمذكرة نوم و/أو الخضوع لدراسة النوم.
1. مذكرة النوم
يمكن أن يساعدك الاحتفاظ بمذكرة نوم في تحديد أنماط نومك من خلال تتبع وتسجيل:
- كم تنام.
- متى تنام.
- عندما تستيقظ.
- ما الذي يعوق نومك.
- العوامل التي تؤثر على النوم، مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة والأدوية والكحول والكافيين.
قد تساعد هذه المعلومات مقدِّمَ الخدمة على تحديد سبب الكلام أثناء النوم، وتقديم نصائح للمساعدة في تخفيف الأعراض. وهناك أيضًا تطبيقات وأجهزة تتبُّعٍ يمكن ارتداؤها تساعدك في مراقبة نومك. احتفظ بمذكرات نومك لمدة أسبوعين، ولاحِظ الأوقات التي تذهب فيها إلى السرير، والوقت الذي تعتقد فيه أنك نمت، والوقت الذي استيقظت فيه. ستحتاج أيضًا إلى كتابة ما يلي:
- الأدوية التي تتناولها، والوقت الذي تتناوله فيه خلال اليوم.
- ما تشربه كل يوم ومتى، وخاصة المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل الكولا والشاي والقهوة، وكذلك الكحول.
- وقت ممارسة الرياضة.
كيف يتم علاج الكلام أثناء النوم؟
عادة لا يحتاج الكلام أثناء النوم إلى العلاج. ومع ذلك، يمكن أن يكون جزءًا من حالة مَرَضية أخرى تحتاج إلى علاج. على سبيل المثال:
- بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الأرق المزمن أو الرعب الليلي، يمكن وصف الأدوية المعروفة لهم. قد تساعد في ذلك أيضًا إجراءات ما قبل النوم، مثل التأمل وتحسين النوم.
- بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو مشكلات النوم المرتبطة بالتوتر، قد يُنصَح بالعلاج السلوكي المعرفي (شكل من أشكال العلاج بالكلام).
- بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم، يمكن لجهاز تنفس يسمى ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) أن يضمن حصولهم على كمية كافية من الأكسجين أثناء النوم.
- إذا كان الكلام أثناء النوم يزعج شريكك في السرير، فقد تساعد في ذلك آلة الضوضاء البيضاء أو سدادات الأذن أو سماعات الرأس العازلة للضوضاء.
- النوم في أَسِرّة أو غرف مختلفة.
- تغييرات نمط الحياة مثل ما يلي قد تساعد أيضًا في التحكم في حديثك أثناء النوم:
- تجنَّب شرب الكحول نهائياً.
- تجنَّب الوجبات الثقيلة مع اقتراب وقت النوم.
- إعداد جدول نوم منتظم مع طقوس ليلية لإقناع عقلك بالنوم.
- تجنب ممارسة الرياضة قبل وقت قصير من النوم، وتناول الكثير من الكافيين، وتناول الدواء في المساء، لأنها كلها يمكن أن تؤثر على النوم المريح.
الخلاصة:
- الكلام أثناء النوم هو حالة غير ضارة، وهي أكثر شيوعًا عند الأطفال والرجال، وقد تحدث في فترات معينة من حياتك، ولا يتطلب الأمر أي علاج، وفي معظم الأحيان سوف يختفي الكلام أثناء النوم من تلقاء نفسه.
- يمكن أن تكون حالة مزمنة أو مؤقتة، وقد تختفي أيضًا لسنوات عديدة ثم تتكرر.
- تحدَّث إلى طبيبك إذا كان الكلام أثناء النوم يتعارض مع نومك أو نوم شريكك.
المصادر: