عقدة الناجي هي شعور الشخص بالذنب لأنه نجا من موقف يهدد حياته بينما لم يَنْجُ الآخرون، وهي رد فعل شائع للأحداث الصادمة، وأحد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
ما هي عقدة الناجي؟
يمكن أن تحدث عقدة الناجي بعد حدث صادم أو خسارة في الأرواح، وعندما ينجو شخص ما من حدث لم يَنْجُ منه الآخرون، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالذنب.
يتساءل الناجون عن سبب نجاتهم من الموت بينما فقد آخرون حياتهم، وقد يتساءلون أيضًا عما إذا كان هناك شيء كان يمكنهم القيام به لمنع الحدث الصادم، أو الحفاظ على حياة الأحباء.
على الرغم من أن هذه الحالة كانت في السابق تشخيصًا مَرَضيا في حد ذاتها، فإن متخصصي الصحة النفسية يعتبرون الآن عقدة الناجي أحد الأعراض المهمة لاضطراب ما بعد الصدمة.
الأشخاص الذين قد يتعرضون لعقدة الناجي هم:
- قدامى المحاربين.
- الناجون من الحروب كحروب غزة.
- الناجون من السرطان.
- المرضى المتلقّون لعملية زرع الأعضاء.
- الناجون من حادث مروري.
- الناجون من الكوارث الطبيعية.
- الشهود على حدث مؤلم.
- أفراد عائلة أصيبوا بحالة وراثية قاتلة.
- الذين فقدوا أحد أفراد أسرتهم بسبب الانتحار.
- الآباء الذين يعيشون بعد موت أطفالهم.
على الرغم من عدم معاناة الجميع من الشعور بالذنب، فإن الأبحاث تشير إلى أن الشعور بالذنب شائع بعد الأحداث المؤلمة، أو التي تهدد الحياة.
في دراسة أُجريت عام 2018، قام الباحثون باستطلاع آراء الأشخاص الذين كانوا يتلقون العلاج في عيادة الإجهاد الناتج عن الصدمات النفسية في المملكة المتحدة، ووجَدوا أن 90% من المشاركين الذين نجوا من حدث ما توفي فيه آخرون أفادوا بأنهم يشعرون بالذنب. تشير نتائج دراسة أخرى أُجريت عام 2019 إلى أن 55-63.9% من الأشخاص الذين نجوا من سرطان الرئة يشعرون بالذنب.
أعراض عقدة الناجي
عندما ينجو الأشخاص من حدث صادم، قد يشعرون بالذنب تجاه ما يلي:
- البقاء على قيد الحياة عندما لم يَنْجُ الآخرون.
- ما فعلوه خلال الحدث الصادم.
- ما لم يفعلوه خلال الحدث الصادم.
غالبًا ما يعاني الأشخاص الذين يعانون من عقدة ذنب الناجين من أعراض أخرى لاضطراب ما بعد الصدمة، بما في ذلك:
- ذكريات الماضي من الحدث المؤلم.
- هوس الأفكار حول الحدث.
- التهيج والغضب.
- مشاعر العجز.
- الخوف والارتباك.
- عدم وجود الحافز.
- مشكلات في النوم.
- الصداع.
- الغثيان أو آلام المعدة.
- الانعزال الاجتماعي.
- أفكار الانتحار.
كما هو الحال مع اضطراب ما بعد الصدمة؛ فإن عقدة الناجي قد تجعل الشخص يرى العالم كمكان غير عادل وغير آمن.
أسباب عقدة الناجي
يمكن أن يؤدي تاريخ الصدمة ومشكلات الصحة العقلية ونقص الدعم إلى زيادة خطر تعرُّض الشخص لعقدة الناجي، ويحدث الشعور بالذنب لدى بعض الناجين عند الأشخاص الذين تعرَّضوا لحدث صادم. ومع ذلك، ليس كل مَن يعيش مثل هذا الحدث يشعر بالذنب. تشمل العوامل التي تزيد من خطر شعور الشخص بالذنب بعد نجاته من حدث صادم ما يلي:
- وجود تاريخ من الصدمات، مثل التعرض للإساءة في فترة الطفولة.
- وجود مشكلات أخرى تتعلق بالصحة النفسية، مثل القلق أو الاكتئاب.
- تاريخ عائلي من المشكلات النفسية.
- نقص الدعم من الأصدقاء والعائلة.
- تعاطي المشروبات الكحولية أو المخدرات.
تشير الأبحاث إلى أن الناجين يمكن أن يكون لديهم معتقدات خاطئة حول دورهم في حدث ما، مما قد يؤدي إلى الشعور بالذنب. يمكن أن تتضمن هذه المعتقدات أفكارًا مبالغًا فيها أو مشوَّهة حول:
- قدرتهم على التنبؤ بنتيجة الحادث أو منعها.
- دَورهم في التسبب في نتائج سلبية.
- حدوث خطأ من جانبهم.
يزيد وجود هذه المعتقدات من شدة أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، بما في ذلك الشعور بالذنب والضيق. تشير دراسة أخرى إلى وجود صلة بين عقدة الناجي والانطواء، ويفترض الباحثون أن ذنب الناجي قد يكون آلية تطورية لدعم الحياة الجماعية.
نصائح للتعامل مع عقدة الناجي
تشير الأبحاث إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من عقدة الناجي والأعراض الأخرى لاضطراب ما بعد الصدمة يتعافون دون علاج خلال السنة الأولى التالية للحدث، ومع ذلك؛ تستمر معاناة ما لا يقل عن ثلث الأشخاص من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لمدة 3 سنوات أو أكثر.
قد تساعد النصائح الآتية الأشخاصَ على التعافي من ذنب الناجين والأعراض الأخرى المرتبطة بالصدمة. ومع ذلك، إذا شعر الشخص كما لو أنه لا يستطيع التأقلم بمفرده، أو إذا كانت الأعراض شديدة أو مستمرة، فمن المهم طلب العلاج الطبي.
جرِّب ممارسة الرعاية الذاتية، إذ يمكن للناجين الاستفادة من القيام بالأنشطة التي تُشعِرهم بالرضا، مثل:
- أخذ الحمّامات.
- القراءة.
- الراحة والاسترخاء.
- التأمُّل.
- كتابة اليوميات.
- ممارسة الفنون كالرسم.
- محاولة العلاج بالروائح.
ومن المهم أيضًا أن يقوم الشخص بما يلي:
- الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- تناول نظام غذائي متوازن.
- التمرين بانتظام.
أثناء فترة التعافي، قد يكون من المفيد تجنب المخدرات والكحول، إذ يمكن أن تسبب هذه المواد اضطرابات عاطفية، وهناك خطر أكبر لاضطراب تعاطي المخدرات بين الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
كما قد يشعر الأشخاص الذين نجوا من حدث صادم بتحسن إذا ساعدوا الآخرين بطريقة ما، قد يرغب الشخص في:
- تثقيف الناس حول تجربتهم.
- التطوع في جمعية خيرية محلية.
- التبرع بالدم.
- تقديم تبرعات خيرية.
- تقديم الدعم للآخرين.
متى يجب أن تحصل على المساعدة الطبيبة في حالة عقدة الناجي؟
يجب على الشخص أن يفكر في طلب المساعدة المهنية إذا شعر بالذنب الشديد، أو شعر بضغْط ذكريات الماضي، أو وجود أحلام مزعجة. كما يجب على الأشخاص الذين يستمرون في الشعور بالذنب الشديد، وذكريات الماضي، والأحلام المزعجة، وغيرها من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، أن يفكروا في الحصول على مساعدة مهنية، مثل استشارة طبيب أو معالِج نفسي متخصص في الصدمات.
يجب على الناجين الذين تراودهم أفكار الموت أو الانتحار، أو حاولوا الانتحار فعليًا، أن يطلبوا الرعاية الطبية الفورية. تشير الأبحاث إلى أن النجاة من حدث صادم أدى إلى فقدان الحياة يمكن أن يزيد من خطر الانتحار. إذا كنت تعرف شخصًا معرَّضًا لخطر مباشر لإيذاء نفسه أو الانتحار، أو إيذاء شخص آخر:
- اطرح السؤال الصعب: هل تفكر في الانتحار؟.
- استمع إلى الشخص دون إصدار أحكام.
- اتصل برقم الطوارئ.
- ابق مع الشخص حتى وصول المساعدة المتخصصة.
- حاول إزالة أي أسلحة أو أدوية أو أي أشياء أخرى قد تكون ضارة.
عقدة الناجي باختصار
قد يشعر الناس بالذنب بعد أن نجوا من موقف صعب تضرر فيه آخرون، شعور الناجي بالذنب هو رد فعل شائع للأحداث المؤلمة، ويمكن أن يكون مؤلمًا للغاية بالنسبة لمن يصابون به.
للتعامل مع عقدة الناجي بالذنب والأعراض الأخرى لاضطراب ما بعد الصدمة، قد يكون من المفيد التواصل مع الآخرين وممارسة الرعاية الذاتية، واستخدام اليقظة الذهنية.
تتضاءل مشاعر الذنب مع مرور الوقت عادة، إذا استمرت هذه المشاعر أو كانت خطرة، فمن المهم أن يطلب الشخص المساعدة المتخصصة.