تشير دراسة جديدة إلى أن استهلاك الصودا الدايت بكثرة قد يعزّز ظهور مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي عن طريق زيادة مؤشر كتلة الجسم (السُّمنة).
يُعدّ مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي أحد أكثر أمراض الكبد انتشاراً، وتشير التقديرات الحالية إلى أن هذا المرض يؤثّر على ما يصل إلى 46% من سكان العالم.
هذا المرض الذي يتميز بتراكم الدهون الزائدة في الكبد ليس له أعراض أولية، ويمكن أن يتطور إلى التهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي، وهي حالة أكثر خطورة يمكن أن تؤدي إلى تندّب وتليّف الكبد.
ما علاقة الصودا الدايت بمشكلات الكبد؟
اعتَبر خبراء الصحة منذ فترة طويلة أن استهلاك الصودا قد يزيد من خطر مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي عن طريق تحفيز مقاومة الأنسولين والتهاب الكبد.
وفي حين أن المشروبات الغازية الخاصة بالحمية غالباً ما تروّج لادّعاءات مثل "صفر سكر" و"صفر سعرات حرارية"، إلا أن الخبراء لا يعتبرونها مشروبات صحية.
الآن، شرع فريق بحث في دراسة العلاقة بين الاستهلاك الكبير للصودا الدايت ومخاطر مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي، وتشير أبحاثهم التي نُشرت مؤخراً في BMC Public Health، إلى وجود علاقة قوية بين المشروبات الغازية الخاصة بالحمية وهذا النوع من أمراض الكبد.
لماذا لا تُعدُّ الصودا الدايت خياراً صحياً؟
المشروبات الغازية شائعة جداً، وقام المسوّقون بالترويج للمشروبات الغازية الخاصة بالحمية استجابةً للمخاوف بشأن السُّمنة.
ازدادت شعبية المشروبات الخالية من السكر والقليلة السعرات الحرارية في السنوات الأخيرة، ولكنها غالباً ما تحتوي على مادة الأسبارتام أو المُحلِّيات الكيميائية الأخرى.
تستمر الأبحاث الحديثة في ربط الاستهلاك الكبير للمُحلِّيات الصناعية بزيادة مخاطر الإصابة بالسُّمنة والسكري من النوع الثاني، وعلامات أخرى لمتلازمة التمثيل الغذائي.
وفي مايو 2023، طرحت منظمة الصحة العالمية مبادئ توجيهية جديدة بعدم استخدام المحليات الصناعية غير السكرية لتقليل الدهون في الجسم. وفي يوليو 2023، صنَفت منظمة الصحة العالمية الأسبارتام على أنه من المحتمل أن يكون مادة مسرطنة للإنسان.
وأشارت بعض الأبحاث إلى أن المشروبات الغازية الخاصة بالحمية قد تساهم في زيادة مؤشر كتلة الجسم ونسبة الدهون في الجسم لدى المراهقين.
يرتبط تناول الصودا يومياً أيضاً بزيادة ارتفاع ضغط الدم لدى المراهقين. وعلاوة على ذلك، قد يكون الاستهلاك المفْرط للصودا الدايت مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني.
هل يمكن للصودا الدايت أن تسبب مشكلات في الكبد؟
أشارت الأبحاث السابقة إلى أن المُحلِّيات الصناعية قد تعزّز مقاومة الأنسولين وعدم تحمّل الجلوكوز (السكر) عن طريق تعطيل الكائنات الحية الدقيقة المعوية، ويرتبط كلا التفاعلين ارتباطاً وثيقاً بتطور مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي.
يتضمن محور الأمعاء-الدماغ اتصالاً ثنائي الاتجاه بين الجهاز الهضمي والجهاز العصبي المركزي، ويمكن للمُحلِّيات الصناعية الموجودة في المشروبات الغازية الخاصة بالحمية أن تؤثّر على تكوين الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء، والتي بدورها يمكن أن تؤثّر على هذا المحور، وهذا يمكن أن يؤثّر على عمليات التمثيل الغذائي، وربما يساهم في الحالات المرتبطة بالكبد.
ارتفاع مستوى استهلاك الصودا الدايت بين المصابين بأمراض الكبد
للعثور على العلاقة بين المشروبات الغازية الخاصة بالحمية ومرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي، قام مؤلفو الدراسة الحالية بتحليل البيانات من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، فقد درسوا إحصائيًا معلومات عن إجمالي 2378 مشاركاً، كان 1089 منهم مصاباً بهذا المرض.
ومن خلال الاطلاع على بيانات أولئك الأشخاص، مثل تفاصيل النظام الغذائي لديهم، وتفاصيل أخرى مثل العمر والجنس والحالة الصحية، تبيَّن أن الأشخاص الذين عانوا من مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي كانوا ممّن يستهلكون كميات كبيرة من المشروبات الغازية الدايت.
ولا يزال هناك حاجة للمزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين استهلاك الصودا الدايت والإصابة بأمراض الكبد، لأن معظم الحالات التي تم تشخيصها لم تخضع إلى الصور التشخيصية، وإنما تم الاعتماد على التشخيص عن طريق الفحص المخبري، الأمر الذي لا يقدّم تشخيصاً دقيقاً مئة بالمئة. كما أن هذه العلاقة الإحصائية لا تدل بالضرورة على وجود علاقة سببية بين المشروبات الغازية التي تحتوي على مُحلّيات صناعية ومرض الكبد الدهني، أي هل تسبب هذه المشروبات هذا المرض فعلًا؟.
المصدر: