يُفرَز في الجسم هرمون الميلاتونين المعروف باسم "هرمون النوم" بواسطة الدماغ استجابةً للظلام، مما يُنبئ بقية أعضاء الجسم أن الوقت قد حان للحصول على بعض الراحة والخلود إلى النوم.
ومن المثير للاهتمام أن باحثين من جامعة إديث كوان وجَدوا أن هذا الهرمون يمكن أن يساعد أيضاً في حفظ الفواكه والخضراوات طازجة، ومن هنا اكتشف العلماء تأثير هرمون النوم على الخضراوات والفواكه.
كشفت تلك الدراسة أن هرمون النوم قادر على تقليل الخسارة في كمية المنتَجات البستانية بسبب التبريد، فقام فريق علماء الزراعة في أستراليا بتجميع الأبحاث المنشورة في مجلات علمية معتَمدة على مدار العام الماضي من جميع أنحاء العالم، من أجل تقييم فوائد تطبيق الميلاتونين على الفواكه والخضراوات، وتحديد طريقة مثالية للمساعدة في الحفاظ على هذه الأطعمة طازجة لفترة أطول.
ستلاحِظ في كثير من الأحيان نُضْجاً غير طبيعي، ووجود بُقَع غائرة، وتحوُّلًا في لون القشرة واللب إلى اللون البُنّي في الفواكه المخزَّنة بالتبريد، بينما يتحوّل لون الأنسجة النباتية إلى اللون البُنّيّ الشّفاف، وتَظهَر كأنها مبلَّلة بالماء في الخضراوات، وهذا ما يُسمّى إصابة التبريد.
يتراوح متوسط درجة حرارة تخزين الفواكه والخضراوات شبه الاستوائية عادةً من 4 إلى 8 درجات مئوية، في حين أن 10 إلى 20 درجة مئوية هي درجة الحرارة المُثلى لتجنّب الإصابة بالبرودة في منتَجات البستَنة الاستوائية.
بشكل عام، يقول فريق البحث إن معظم الأدلة تشير إلى أن هرمون النمو هو من بين أفضل الوسائل لمنع أو تقليل آثار الإصابة بأضرار التبريد على الفواكه والخضروات المخزّنة بالتبريد.
ويضيف الباحث وطالب الدكتوراه شعيب شاه: "الميلاتونين هو هرمون نوم طبيعي موجود في الكائنات الحية، كما أنه مفيد في تقليل أعراض الأضرار وتسرب الأغشية الناتجة عن التبريد من خلال الحفاظ على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة ونَضَارة المنتجات البستانية".
وبينما يُعَدُّ هَدْر الطعام مشكلة خطيرة في جميع أنحاء العالم، وهذه المشكلة آخِذة في التفاقم مع ارتفاع خسائر الغذاء سنوياً، فإن هذا الهرمون يُعتَبر بديلاً آمناً للعلاجات الكيميائية الخطرة، دون أي آثار سلبية على صحة المستهلك.
ولكنّ الخبر السيء أن إنتاج المنتَجات الطازجة آخذ في الانخفاض، ويمكن أن يكون ذلك نتيجة عدد من العوامل، بما في ذلك تقلُّص مساحة الأراضي الزراعية، وانخفاض توافر إمدادات المياه، وتغيُّر المناخ، وتدهور التربة.
في الوقت نفسه، تُعَدّ الإصابة بالتبريد عاملاً مهمًا في كل هذا، إذ تشير التقديرات إلى أن 44% من الفواكه والخضراوات غير صالحة للاستهلاك البشري على مستوى العالم، نظرًا لأنها سريعة التَّلَف، وأن الفواكه الاستوائية وشبه الاستوائية هي الأكثر عرضة للخطر.
يمكن تخزين الفواكه مثل التفاح لمدة تصل إلى تسعة أشهر، بينما لا يمكن تبريد التوت إلا لمدة تتراوح بين 7 إلى 12 يومًا فقط.
ويوضح البروفيسور سينغ الباحِث الرئيسي قائلاً: "عندما يتعلّق الأمر بالحبوب وغيرها من منتجات الحَصاد، فهي أكثر مرونة من المنتجات البستانية الطازجة، ولا تمثّل الفاكهة والخضراوات تحدّيًا في النمو فحَسب، بل إنّ الحفاظ عليها أمرٌ بالِغ الصعوبة، وهذه أزمة تؤثّر على الدول في جميع أنحاء العالم، لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد الحل لمواصلة إنتاج الغذاء من الأرض بطريقة مستدامَة".
واليوم، يَهدف البروفيسور سينغ وفريقه إلى تقليل تحديات الأمن الغذائي العالمي من خلال العمل على تحسين تكنولوجيا الإنتاج، وتقليل خسائر ما بعد الحَصاد في المنتَجات البستانية الطازجة على طول الطريق من المزرعة إلى المائدة.
المصدر: