قد يكون مفهوم "الغذاء كدواء" مفهومًا ناشئًا في العالم الغربي ولكنه موجود منذ قرون باعتباره حجر الزاوية للصحة للعديد من الثقافات حول العالم. ومع ذلك، فقد تم التشكيك في دور النظام الغذائي والغذاء في الوقاية من الأمراض وإدارتها مقارنة بالطب التقليدي.
حقيقة أن النظام الغذائي يمكن أن يؤثر على صحة الفرد معترف بها جيدًا من قبل مقدمي الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. من المرجح أن يتمتع الأشخاص الذين يحصلون على تغذية كافية بجهاز مناعي قوي، وحمل وولادة أكثر أمانًا، وخطر أقل للإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، ويعيشون لفترة أطول.
أسباب ذلك لا تعد ولا تحصى ومعقدة وغير مفهومة جيدًا حتى الآن. أظهرت بعض الأبحاث أن اتباع نظام غذائي غني بالسكريات المضافة والدهون المشبعة والمتحولة والصوديوم الزائد قد يؤدي إلى حدوث التهاب مزمن - وهو عامل خطر أساسي في الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع 2 وسوء صحة الأمعاء وأمراض مزمنة أخرى.
وبالمثل، قدمت جمعية القلب الأميركية مؤخرًا توصيات تتعلق بالنظام الغذائي ونمط الحياة تضمنت نظامًا غذائيًا غنيًا بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات ومنتجات الألبان قليلة الدسم والبروتينات الحيوانية أو النباتية لدعم صحة القلب والأوعية الدموية.
يعتقد الخبراء أن هذا النظام الغذائي يدعم الصحة الجيدة من خلال قدرته على تقليل عوامل الخطر الضارة لأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك الالتهاب وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وارتفاع ضغط الدم وقلة النوم.
كما تربط منظمة الصحة العالمية (WHO) الحالة التغذوية بصحة المناعة.
علاوة على ذلك، تظهر الأبحاث أيضًا أن الكاروتينات - مضادات الأكسدة الموجودة بشكل طبيعي في بعض الخضار والفواكه - في النظام الغذائي يمكن أن تحسن مستقلبات الدم لدى الأشخاص المصابين بأمراض الكبد.
عقود من النتائج العلمية تدعم الدور المتكامل للنظام الغذائي في إدارة الصحة، والذي لا ينبغي التقليل من شأنه.
وفقًا للإرشادات الغذائية 2020-2025 للأميركيين، فإن جوهر النظام الغذائي الصحي مبني على تناول كميات كبيرة من مجموعة متنوعة من الأطعمة والمشروبات الغنية بالعناصر الغذائية، بما في ذلك:
- الفاكهة
- خضروات
- كل الحبوب
- منتجات الألبان قليلة الدسم وخالية من الدسم
- البروتين الخالي من الدهون
- الدهون والزيوت الصحية
- يجب الحد من تناول السكر المضاف والملح والدهون المشبعة والكحول من أجل التمتع بصحة جيدة
تشمل بعض الأنظمة الغذائية التي قد تجلب فوائد صحية النظام الغذائي المتوسطي، والنظام الغذائي لوقف ارتفاع ضغط الدم (DASH)، وغيرها من النظم الصحية.
الغذاء كدواء
"الغذاء كدواء" هي ممارسة مبنية على المعرفة بأن الغذاء والنظام الغذائي يلعبان أدوارًا مهمة في الوقاية من الأمراض وإدارتها.
لا يوجد تعريف واحد لمفهوم "الغذاء كدواء"، ولكنه يشير عمومًا إلى إعطاء الأولوية للطعام والنظام الغذائي في الخطة الصحية للفرد، بهدف إما منع أو تقليل أعراض أو عكس حالة المرض.
إنه يركز على زيادة استهلاك مجموعة متنوعة من الأطعمة النباتية الكاملة المعالجة بالحد الأدنى، والمآخذ المحدودة من الأطعمة عالية المعالجة الغنية بالسكر المضاف والزيت والملح.
الأطعمة التي يزعم مؤيدوها أن لها خصائص طبية، غالبًا بسبب المستويات العالية المفترضة من مغذيات دقيقة أو جزيء حيوي معين - يشار إليها أحيانًا باسم الأطعمة الوظيفية - تعتبر ذات أهمية خاصة من قبل الأشخاص الذين يعتبرون الطعام دواء.
وتشمل هذه مجموعة متنوعة من الأعشاب والتوابل والبقوليات والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة والفواكه والخضروات.
يتحدى نهج "الغذاء كدواء" في إدارة الصحة بناء الطب التقليدي، الذي يعتمد بشكل أساسي على التطورات الطبية التكنولوجية لإدارة الصحة والمرض باستخدام الأدوية الصيدلانية.
من الجدير بالذكر أن الطب الغربي التقليدي يصف بالفعل تغييرات في النظام الغذائي ونمط الحياة كعلاج أولي لبعض الحالات، لا سيما متلازمة تكيس المبايض (PCOST Trusted Source).
ومع ذلك، ينصب التركيز على توازن المغذيات الكبيرة في النظام الغذائي، ولا يوجد حتى الآن وضوح يذكر فيما يتعلق بالشكل الذي يجب أن يبدو عليه عند البشر ، كما هو موضح في ورقة بحثية نُشرت في Nature.
فوائد نهج الرعاية الصحية "الغذاء كدواء"
إدارة المرض
يعد العلاج بالتغذية الطبية جزءًا من الممارسات الصحية المسندة بالبيّنات والتي تستخدم النظام الغذائي والطعام لدعم علاج الأمراض، وهو دليل واضح على الدور الذي يلعبه النظام الغذائي والطعام في إدارة الأمراض المزمنة.
على سبيل المثال، تؤدي زيادة الألياف الغذائية إلى انخفاض مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من iabetes أو مرض السكري، مما يقلل من حدوث تلف الأعصاب والأوعية الدموية المرتبط بارتفاع مستويات السكر في الدم.
يمكن أن تؤدي التحسينات في جودة النظام الغذائي أيضًا إلى تقليل أعراض المرض وتحسين نوعية الحياة.
تشير إحدى الدراسات إلى أن النظام الغذائي المتوسطي المعدل يمكن أن يقلل الألم والتعب وعدم الراحة لدى الأشخاص المصابين بالوذمة الشحمية، وهي حالة يكون فيها تراكم غير طبيعي للدهون في الأطراف السفلية.
وبالمثل، حددت الدراسات القائمة على الملاحظة أن اتباع نظام غذائي صحي أثناء علاج سرطان الثدي قد يقلل من الأعراض السلبية التي يسببها علاج السرطان، بما في ذلك الغثيان والقيء وفقدان الشهية.
فعالة من حيث التكلفة
زاد انتشار الأمراض المزمنة في جميع أنحاء العالم، إلى جانب تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بها.
في عام 2010، كان ما يقدر بنحو 86٪ أي أكثر من 400 مليار دولار - من تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة وحدها بسبب علاج المرضى الذين يعانون من مرض مزمن واحد على الأقل. يتم تقاسم هذه التكاليف بين الموارد العامة والإنفاق الشخصي.
يمكن أن يؤدي استخدام "الغذاء كدواء" إلى تقليل تكاليف الرعاية الصحية عن طريق تقليل شدة المرض بشكل محتمل من خلال العمل المخبري الأفضل، والأدوية الأقل، ودخول المستشفيات الأقل.
ومع ذلك، يجب باستمرار معالجة القضايا والسياسات المتعلقة بالفصل العنصري في الغذاء والوصول للأغذية الصحية بين المجتمعات منخفضة الدخل والتي تدعم تحسين الصحة وخفض تكاليف الرعاية الصحية.
جوانب قصور وقيود نهج الغذاء كدواء
"الغذاء كدواء" ليس نهجًا خاليًا من العيوب. فيما يلي بعض قيودها.
إنه ليس علاجًا للجميع
"الغذاء كدواء" ليس علاجًا قائمًا بذاته لجميع الحالات الصحية.
لا يزال تطور الأمراض المزمنة معقدًا ويمكن أن يُعزى إلى أسباب غير متعلقة بالنظام الغذائي، بما في ذلك المخاطر الوراثية، أو التعرض للسموم البيئية، أو مصادر المناعة الذاتية.
وهكذا، في حين أن "الغذاء كدواء" قد يدعم إدارة المرض عن طريق تحسين الأعراض وإبطاء تقدم المرض في بعض الأمراض، فلا يجب استخدامه كعلاج قائم بذاته، بل بالاقتران مع العلاج الطبي المناسب.
شيوع المعلومات المضللة
يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا فعالاً لتعزيز الصحة بين المهنيين الصحيين والمنظمات.
ومع ذلك، يمكن أن تكون أيضًا مصدرًا للمعلومات الخاطئة ومشاركة المعلومات التي لا يمكن التحقق منها، خاصةً عندما يتعلق الأمر "بالطعام كدواء" أو العلاجات الطبية البديلة.
التفاعلات الدوائية مع المغذيات
من المهم أيضًا التفكير في كيفية تفاعل الأطعمة مع الأدوية. يشار إلى هذا على أنه تفاعل بين المغذيات الدوائية، والذي قد يعزز أو يقطع تأثير الدواء في الجسم.
مثال شائع هو عصير الجريب فروت، والذي ينصح الأطباء في كثير من الأحيان أنه يجب تجنبه عند تناول بعض الأدوية، وعلى الرغم من أن بعض الأبحاث تظهر أنه قد يعزز تأثير الستاتينات المخفضة للكوليسترول.
يجب مراعاة التفاعلات بين الأدوية والمغذيات من أجل العلاقة السلسة بين "الغذاء كدواء" والتدخلات الطبية المناسبة في مصلحة رعاية المرضى.
الخلاصة
قد يكون "الغذاء كدواء" مفهومًا ناشئًا في العالم الغربي، لكن العديد من الثقافات حول العالم أدركت منذ فترة طويلة دور النظام الغذائي في الصحة.
يمكن للأنظمة الغذائية الصحية المتنوعة التي تحتوي على نسبة عالية من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان قليلة الدسم أن تقلل من المخاطر المرتبطة بتطور الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والسكري من النوع 2، ومع ذلك، فإن "الغذاء كدواء" ليس علاجًا للجميع ويجب استخدامه بالاقتران مع العلاج الطبي المناسب.
المصادر:
Can food be medicine? Pros and cons
Food as Medicine: Does What You Eat Influence Your Health?
Food is medicine: actions to integrate food and nutrition into healthcare