إذا كنتم تبحثون عن نظام غذائي يجمع بين الأغذية النباتية والأسماك والمأكولات البحرية (القشريات والرخويات)، فستجدون ضالّتكم في رجيم أو حمية بيسكاتاريان ، الذي ذاع صيته في الآونة الأخيرة، ويقال إن في بلاد العمة تاتشر (بريطانيا) ما يقرب من 2.5 مليون شخص يتبعون جيم أو حمية بيسكاتاريان . تعالوا نغوص سويًا في بحره بشيء من التفصيل.
ما هي حمية بيسكاتاريان؟
حمية بيسكاتاريان pescatarian diet هي نظام غذائي نباتي سمَكي في المقام الأول، لا مكان فيه للحوم الحمراء والدواجن، في المقابل؛ فإن منتجات الماشية والدواجن مثل البيض والألبان مسموحة. ولهذا؛ كثيراً ما تتم مقارنة هذه الحمية الغذائية بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط والنظام الغذائي المَرِن، إذ كلاهما يعتمدان على الحد من استهلاك اللحوم، وعلى زيادة تناول الخضراوات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة والمكسرات.
فوائد حمية بيسكاتاريان الصحية
هناك عدد من فوائد حمية بيسكاتاريان التي تميزها عن غيرها من الأنظمة الغذائية، نذكر منها ما يلي:
-
تؤمِّن صحةً أفضل للقلب والأوعية الدموية
أهم فوائد حمية بيسكاتاريان هي أنها تستبدل اللحوم الحمراء بالسَّمك والمأكولات البحرية، ما يمكّن الجسم من الحصول على كميات رائعة من الأحماض الدهنية أوميغا-3، التي تعتبر أحماضًا أساسية لا يستطيع الجسم صنعها، من هنا تأتي أهمية تأمينها في الغذاء.
وتُعتَبر المأكولات البحرية من أفضل المصادر للأحماض الدهنية أوميغا-3 التي أكدت الدراسات والبحوث أنها الصديق الصدوق للقلب والأوعية الدموية، لأنها تحمي من مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، والجلطات الدموية القاتلة، والموت القلبي المفاجئ.
أما الفواكه والخضراوات في حمية بيسكاتاريان، فحدِّث ولا حرج، إذ تشتهر هذه بأنها حبلى بمضادات الأكسدة، التي تقف بالمرصاد للمشتقات الكيميائية الحرة، مانعةً إياها من تحقيق مآربها في إلحاق الضرر بالقلب والأوعية الدموية.
وهناك نقطة مهمة في هذا النظام الغذائي، وهي التخلي عن اللحوم الحمراء لصالح السَّمك والمأكولات البحرية، والمعروف عن اللحوم الحمراء أنها تحتوي على نسبة أعلى من السعرات الحرارية والدهون المشبعة غير الصحية التي تشحن الكوليسترول الضار في الجسم، الأمر الذي يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.
-
تكبح الشهية
تضم حمية بيسكاتاريان مفردات غذائية من شأنها أن تعمل على ردع الشهية، خاصة في فترة ما بعد الظهر، فالبقوليات والبذور والمكسرات في هذا النظام الغذائي تضم نسبة عالية من الألياف والبروتينات التي تستغرق وقتًا أطول من أجل هضمها، بالمقارنة مع الكربوهيدرات البسيطة، فتكون النتيجة تناول كمية أقل من السعرات الحرارية على مدار اليوم، وبالتالي شعور أقل بالجوع.
وتؤمِّن الأسماك والبيض وفول الصويا والمكسرات والبقوليات باقة متنوعة وجيدة من البروتينات الصحية الخالية من الدهون، التي تساهم في بناء ونمو وإصلاح خلايا الجسم وأنسجته المختلفة، وكذلك في كبح الشهية ودعم فقدان الوزن.
-
تدعم صحة الأمعاء
إذا كانت خطتك الغذائية تتضمن الكثير من الأغذية النباتية، كما هي الحال في حمية بيسكاتاريان، فإن أمعاءك ستقول لك شكرًا شكرًا شكرًا، لأن مثل هذا النظام الغذائي الحافل بالألياف سيسهل عمل الأمعاء، ويمنع الإصابة بالإمساك، ولعل الأهم من هذا وذاك، هو أنه يغذي ميكروبيوم الأمعاء (جراثيم الأمعاء الطبيعية) التي تقوم بدور رئيسي في الهضم والمناعة والتمثيل الغذائي، وهناك مؤشرات تفيد أن الميكروبيوم الصحي يساهم في تعزيز الصحة الجسمية والعقلية.
-
تقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى
إن حمية بيسكاتاريان الغنية بالفواكه والخضراوات المتنوعة، تمد الجسم بعناصر ومغذيات نباتية تساعد على مقاومة التغيرات في الخلايا التي من شأنها أن تقود إلى الإصابة بالسرطان، وفي هذا الإطار؛ تقول الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري، إنه عند زيادة تناول تلك المنتجات، تقلُّ مخاطر التعرض لسرطانات الرأس والمريء والرقبة والرئة والبنكرياس والبروستاتة والمعدة.
وفي دراسة أميركية أُجريت عام 2015 شملت بيانات أكثر من 77600 شخص، وجَد المشرفون على الدراسة أن النظام الغذائي النباتي السمكي كان له تأثير وقائي قوي ضد سرطان القولون والمستقيم ومرض السكري والالتهابات.
وأظهرت الدراسات أن تناول كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه يقلل من خطر الإصابة بالداء السكري النوع الثاني والمتلازمة الاستقلابية (مقاومة الأنسولين، وارتفاع ضغط الدم، والسُّمنة).
عدا هذا، فقد نوَّهت بحوث عديدة إلى أن غِنى حمية بيسكاتاريان بالأحماض الدهنية أوميغا-3 ربما يقلل من أعراض الاكتئاب، ويخفف من الالتهابات، ويمنع تطور مرض الضمور البقعي المرتبط بالعمر في شبكية العين.
يقول مختص التغذية أنتوني دي مارينو لموقع كليفلاند كلينيك: "يمكن للجميع تقريبًا الاستفادة من إضافة المزيد من الفواكه والخضراوات إلى نظامهم الغذائي، فهذه الأغذية هي الأفضل لمحاربة الأمراض، والعيش حياة أكثر صحة بشكل عام".
-
صديقة للبيئة
تكمن أهمية حمية بيسكاتاريان بأنها تلعب دورًا في حماية البيئة من خلال تقليل استهلاك اللحوم، مما يحدّ من الانبعاثات الغازية والحرارية، ومن إزالة الغابات المرتبطة بتربية الماشية على نطاق واسع.
العيوب المحتملة لحمية بيسكاتاريان
على الرغم من المزايا التي تتمتع بها حمية بيسكاتاريان، فإنها لا تخلو من بعض العيوب:
-
إمكانية التسمم بالملوثات والمعادن الثقيلة
بعض أنواع الأسماك، خاصة الكبيرة منها، قد تحتوي على تراكيز عالية من الملوثات والمعادن الثقيلة، لهذا يوصى بالتنويع بين الأسماك، والحد من تناول تلك التي يُشتَبه بأنها ملوثة ومثقلة بالمعادن الثقيلة.
-
الحساسية
يعاني البعض من الحساسية تجاه الأسماك والمأكولات البحرية، لهذا فإن حمية بيسكاتاريان غير مناسبة لهم.
-
التكلفة
إن الأسماك والمأكولات البحرية والفواكه والخضار الطازجة باهظة الثمن عادة، مما يجعل حمية بيسكاتاريان غير ممكنة بالنسبة للفئات الفقيرة من الناس.
-
خطر الميل إلى استهلاك مزيد من الأطعمة غير الصحية
بما أن الخيارات الغذائية متروكة للشخص إلى حد كبير، فإن هناك خطراً من الانزلاق نحو تناول مزيد من الأطعمة غير الصحية. إن مجرد تجنب اللحوم في هذا النظام، لن يؤدي بالضرورة إلى نظام غذائي صحي في حال الانغماس في استهلاك أو الإكثار من الأطعمة غير الصحية، خاصة الأطعمة المصنَّعَة الغنية بالسعرات والسكريات والدهون، والفقيرة بالعناصر المغذية.
-
نقص محتمل في عدد من المغذيات المهمة
لا توجد إرشادات حول كمية الأسماك والبيض ومنتجات الألبان التي يجب تناولها في حمية بيسكاتاريان، لهذا فإذا لم يتم تناول تلك الأطعمة بانتظام، فإن النقص في المغذيات الآتية وارد للغاية:
- نقص الحديد.
- نقص الفيتامين ب12.
- نقص الزنك.
- نقص الكالسيوم.
- نقص البروتينات.
-
صعوبات تتعلق باختيار نوع السَّمك، وصعوبات على صعيد الطهي
إذا لم يكن الشخص معتادًا على تناول السمك، فإن هناك صعوبات قد تلوح في الأفق تتعلق باختيار نوع السمك، وصعوبات في طريقة طهيه. هناك حاجة للوقت لتعلم مهارات اختيار نوع السمك وكيفية طهيه.
-
غير مناسبة للأطفال الصغار والحوامل
نظرًا لأن الأطفال والحوامل والرضع معرَّضون بشدة للتسمم بالمعادن الثقيلة، خاصة الزئبق، فإن حمية بيسكاتاريان لا يُنصح بها لهذه الفئات العمرية، وحبذا لو تتم استشارة الطبيب قبل التفكير بتطبيق مثل هذا النوع من الريجيم، لتفادي الوقوع في مخاطر لا لزوم لها.
الأغذية التي يمكن تناولها في حمية بيسكاتاريان:
- الحبوب.
- البقوليات.
- الفواكه.
- الخضراوات.
- البذور.
- المكسرات.
- الحليب ومشتقاته.
- السَّمك.
- المأكولات البحرية.
- البيض.
- مصادر البروتينات النباتية، مثل التوفو والتيمبيه والأدامي وغيرها.
- الدهون الصحية، مثل زيت الزيتون وزيت الأفوكادو.
- الأعشاب والبهارات والتوابل.
الأغذية التي لا يُسمح بها في حمية بيسكاتاريان:
- لحم الدواجن، مثل الدجاج والديك الرومي والبط والإوز.
- لحم البقر.
- لحم الخاروف.
- لحم الخنزير.
- لحم الطرائد البرية.
- اللحوم المصنعة، مثل اللحم المقدد والنقانق.
- المنتجات الحيوانية، مثل الجيلاتين والدهون.
مثال على خطة يومية لحمية بيسكاتاريان:
- وجبة الفطور: عصير فواكه، بذور شيا، شوفان.
- وجبة الغداء: سلطة الكينوا مع الجمبري، أفوكادو، خضراوات مقرمشة.
- وجبة العشاء: سمك السلمون، بطاطا حلوة، خضراوات خضراء.
- وجبات خفيفة: فواكه، زبادي، مكسرات.
أيهما أفضل للصحة: حمية بيسكاتاريان أم حمية البحر الأبيض المتوسط؟
هناك أوجه تشابه بين حمية بيسكاتاريان وحمية البحر الأبيض المتوسط، وهناك أيضاً أوجه اختلاف:
- كلا النظامين الغذائيين يركّزان على الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة.
- في حمية البحر الأبيض المتوسط يمكن تناول لحم الدواجن واللحوم بكميات قليلة، أما في حمية بيسكاتاريان فاللحوم الحمراء والدواجن غير مسموحة البتة.
- إن زيت الزيتون مسموح في كلا النظامين الغذائيين، أما في حمية البحر الأبيض المتوسط فإن زيت الزيتون يعتبر بنداً أساسياً.
- كلا النظامين الغذائيين يركزان على اختيار الأطعمة الكاملة بدلاً من الأطعمة المصنعة.
هل من حاجة للمكملات الغذائية في حمية بيسكاتاريان؟
إذا كنت تتبع نظاماً غذائياً متوازناً ومنوَّعاً، يضم كل المجموعات الغذائية، ما عدا اللحوم الحمراء والدواجن، فإنك لن تحتاج إلى المكملات الغذائية. أما إذا كنت قلقاً من هذه الناحية، وشعرت أنك لا تأخذ كفايتك من بعض العناصر الغذائية، فقد تكون بحاجة إلى المكملات، وفي هذه الحالة؛ فإنه من الأفضل لك ولصحتك التحدث مع مقدم الرعاية الصحية لطرح مخاوفك عليه.
هل أنت مستعد لتطبيق حمية بيسكاتاريان؟
إذا كنت ترغب أن تصبح من أتباع حمية بيسكاتاريان لدواع دينية، أو صحية أو ثقافية أو بيئية، فحبذا لو تبدأ بتطبيقه تدريجياً، بحيث تقوم باستبدال وجبة اللحوم أو الدواجن الواحدة في كل مرة بوجبة من السمك ومأكولات البحر، أو بوجبة نباتية إلى أن تصل إلى اليوم الذي تتخلى فيه كلياً عن اللحوم والدواجن. ولكي يتم تحقيق التوازن في حمية بيسكاتاريان، فإنه عليك التقيد ببعض النصائح المهمة:
- أن تكون مصادر البروتينات متنوعة قادمة من الأسماك المختلفة والبقوليات والبيض ومنتجات الألبان.
- أن تكون مأكولات البحر والبذور والمكسرات موجودة دائما في الطعام للحصول على الأحماض الدهنية العالية الجودة.
- أن يتم تناول الفواكه والخضراوات في كل وجبة، خاصة الموسمية منها والغنية بمضادات الأكسدة.
- أن تحتوي الوجبات على الحبوب الكاملة والبقوليات لتوفير الكربوهيدرات المعقدة والألياف.
في المختصر عن حمية بيسكاتاريان
حمية بيسكاتاريان نظام غذائي نباتي سمَكي، يَسمح بتناول جميع الأطعمة ما عدا اللحوم، فهو نظام غذائي مَرِن لا يَفرض قواعد صارمة حول الكمية التي يجب تناولها من كل مجموعة غذائية، ويَجمع هذا النظام بين فوائد النظام الغذائي النباتي واستهلاك المأكولات البحرية، لهذا فهو غني بالعناصر الغذائية المهمة، خاصة البروتينات العالية الجودة التي تضم كل الأحماض الأمينية الأساسية، إلى جانب الدهنيات أوميغا-3، والفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة، فتأمين المستوى الأمثل من تلك العناصر من شأنه أن يعزز الصحة العامة، ويساهم في الوقاية من أمراض كثيرة.