يعدّ الاعتناء بصحتكِ النفسية والعقلية أثناء علاج مشكلات الخصوبة أحدَ أهمَّ الأشياء التي يمكنكِ القيام بها في رحلة الأمومة.
تنقسم الدراسات حول أثر الصحة العقلية والنفسية على علاجات الخصوبة، تشير بعض الدراسات إلى أن كثرة الضغوطات قد تُخفِّض معدلات نجاح الحمل، بينما تشير دراسات أخرى إلى خلاف ذلك.
في هذا المقال سنُلقي نظرة فاحصة إلى ما قد تشعرين به أثناء خضوعكِ لعلاجات الخصوبة، وكيفية الحفاظ على صحتكِ العقلية والنفسية خلال هذا الوقت.
ما الذي قد تشعرين به أثناء خضوعكِ للتلقيح الصناعي؟
يمكن أن تخلق مخاوف الخصوبة وعدم الإنجاب قدراً هائلاً من الاضطرابات العاطفية للزوجَين، وفقاً لدراسة أجريت عام 2021، وهذا شيء متوقع، فأنتِ تتعاملين مع الضغط النفسي والقلق المرتبط بمستقبل مجهول، والضغط المتعلّق بالعلاقات مع الشركاء والعائلة والزملاء، والتكاليف المالية.
يمكن أن يؤدّي التوتر إلى مزيج من المشاعر، فمن الطبيعي الشعور بالاكتئاب والقلق، والشعور بالضيق الشديد. تشمل المشاعر التي قد تواجهينها أثناء علاج الخصوبة ما يلي:
-
الاكتئاب:
الاكتئاب هو أكثر من مجرد شعور بالإحباط أو الحزن، هو حالة صحية عقلية تُعانين فيها من مزاج منخفض حادّ ومستمر، فعندما تفكّرين في مراحل النجاح والفشل لعملية علاج الخصوبة قد يكون لديكِ احتمالية أكبر للإصابة بالاكتئاب.
-
القلق:
القلق هو الشعور بالرَّهبة الشديدة، سيكون من الصعب عليكِ التحكّم في هذا القلق والتصرّفات الناجمة عنه، وقد يكون قلقًا غير مبررٍ أحيانًا، وربما يتطوّر للأسوأ، حتى في حالة عدم وجود سبب واضح للقلق.
على الرغم من أن أقل من نصف الإجراءات في عملية التلقيح الصناعي تكون جراحية، فإنكِ قد تظلِّين خائفة وقلقة من الخضوع لهذه العملية. وفقاً لمراجعة أُجريت عام 2018، أظهرت أنه كلما تقدمْتِ في علاج العقم ازداد احتمال ظهور أعراض الاكتئاب والقلق لديكِ، كما وجد الباحثون أن النساء اللواتي يعانين من فشل واحد في علاج العقم لديهنّ مستويات أعلى من القلق بشكل ملحوظ.
تزداد المعاناة من الاكتئاب بشكل أكبر لدى النساء اللواتي يعانين من فشل إجراءات التلقيح الصناعي مقارنة باللواتي ليس لديهنّ تاريخ من العلاج.
-
سرعة الانفعال:
قد تجدين نفسكِ سريعة الانفعال والغضب أثناء الخضوع لعلاجات الخصوبة، قد تُشْعِرُكِ الإجراءات الطبية بالعجز والضعف، وقد تؤجِّج هذه المشاعر انزعاجَكِ وغضبكِ.
-
الغيرة:
قد تشعرين أن الحياة ليست عادلة، فعندما ترَيْن غيركِ من الأمّهات يصِلْنَ إلى مراحل مهمة في حياتهنّ، مثل الأمومة وتربية الأطفال، والتي قد تبدو بعيدة عنكِ، قد تطغى عليكِ مشاعر الغيرة الشديدة.
على الرغم من أنّ الغيرة عاطفة مؤلمة، فإنها عاطفة جيدة للتعرّف على مشاعركِ، وفهم القضايا الأساسية التي تحتاجين إلى حلِّها، والتي تعدّ جزءًا مهمًا من إدارة هذه المشاعر الصعبة.
-
الحزن:
قد تُعانِين من الإجهاض أو فشل عمليات أطفال الأنابيب، قد لا تكون هذه الخسائر مرئية دائماً للآخرين، لكنها قد تزيد من حزنكِ.
-
الانعزال:
خلال علاجات الخصوبة، يمكن لمشاعر الاكتئاب والقلق وسرعة الغضب والغيرة والحزن أن تجتمع معاً لتُشعركِ بالعزلة والوحدة. أثناء تلقّيكِ علاجاً للخصوبة قد تشعرين بأن هذه المشاعر الشديدة التي تنتابكِ ربما ستستمرّ معكِ للأبد.
تُظهِر الأبحاث أن مشاعر القلق والاكتئاب والغضب ليست مجرد أعراض نفسية، فالأدوية المستخدمة لعلاج العقم، مثل عقار كلوميفين وليوبروليد وجونادوتروبين، قد تؤدي إلى أعراض مثل القلق والاكتئاب والغضب.
كيف تحافظين على صحتكِ العقلية والنفسية عند الخضوع لعلاجات الخصوبة والعقم؟
لا تزال الأبحاث منقسمة حول ما إذا كان العلاج النفسي للأشخاص الذين يخضعون لعلاج الخصوبة يمكن أن يحسّن من معدلات الحمل أم لا. مع ذلك، تُظهِر دراسة أُجريت عام 2016 أدلةً على أن العلاج النفسي يحسِّن فرصتكِ في رحلة العلاج للخصوبة.
إذًا، ما الذي يمكنكِ فعله للحفاظ على صحتكِ العقلية والنفسية عند مواجهة مشكلات الخصوبة وعلاجها؟
-
العلاج السلوكي المعرفي:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يؤكّد على أهمية دور التفكير، ويعلّمكِ أنّ الأفكار يمكن أن تؤثّر على ما تشعرين به وما تفعلينه.
سيرشدكِ متخصّصُ العلاج السلوكي المعرفي إلى آلية تحدي أنماط التفكير التقليدية، مثل أفكار: لن أنجب طفلاً أبداً، أو: العقم هو ذنبي أنا. يمكنكِ من خلال العلاج السلوكي أن تتعلّمي كيفية تحدي هذه الأفكار، وكيفية استبدالها بأفكار إيجابية ومشجِّعة.
-
تقنيات الاسترخاء:
تقلِّل تقنيات الاسترخاء بشكل كبير من درجات القلق لدى النساء اللاتي يخضعْن لعلاج العقم، وتتوفر مجموعة من تقنيات الاسترخاء تتضمّن ما يلي:
-
التركيز الذهني الكامل:
أصبح استخدام تطبيقات التركيز واليقظة الذهنية شائعًا بشكل متزايد كأداة علاجية، تعلِّمكِ كيف تصبحين على دراية بالأحاسيس الموجودة في جسدكِ، ثم تعمل على زيادة الوعي لديكِ لتنظيم عواطفكِ وأفكاركِ.
بيَّنتْ الأبحاث التي أُجريت عام 2020، أنّ التركيز الذهني الجيد قد أظهر نتائج أفضل من العلاجات الأخرى للتخفيف من الضغوطات المصاحبة لمشكلات الخصوبة، لأنها تمسُّ مجموعة واسعة من المشكلات النفسية.
-
اليوجا:
تمّ استخدام اليوجا لأغراض الشفاء منذ آلاف السنين، فهي رياضة تجمع بين التمارين الجسدية وتمارين التنفّس لخلق تجربة تأمّل واسترخاء.
-
الصور الإرشادية:
تشبِه الصور الإرشادية نوعًا من أحلام اليقظة، يُوجِّهكِ المعالجُ إلى الاسترخاء مع تخيُّل مجموعة من الصور، مثل لون معيّن، أو مكان هادئ ومريح.
-
الكتابة التعبيرية:
تتضمّن الكتابة التعبيرية التدريبات والمذكّرات اليومية. وجد الباحثون أنه على الرغم من أن القلق والضيق المرتبطَين بالعقم لم ينخفضا بشكل ملحوظ، فإنّ الأشخاص الذين شاركوا في مجموعة الكتابة التعبيرية قد انخفضت لديهم أعراض الاكتئاب.
لا تترددي باستشارة الطبيب إذا انتابتك مثل هذه المشاعر أثناء الخضوع لإجراءات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب، فهناك دائماً حلول تساعدك على تخطيها، ومتابعة حياتك بإيجابية وتفاؤل.
المصادر:
