أدمنت العادة السرية بسبب تعرضي للتحرش منذ الصغر
كنت أتعرّض للتحرش في صغري كلما كنت بعيدة عن أمي، منذ أن كان عمري 6 سنوات وحتى أصبح 18 عامًا، كان التحرش مقرف جدًا، لدرجة أنني كنت أخاف من إخبار أمي، وأشعر أنها ستوبّخني، ودائما ما أحاول الابتعاد أو منع المتحرِّش، لكنني صغيرة وضعيفة وليست لدي تلك الجرأة، كنت أخاف كثيرا، وأفشل في المقاومة دائما، وعندما أُصبِح وحدي أمارس العادة السرية، واستمرّ الأمر لمدة 8 سنوات، وإلى الآن أنا أمارسها، لا أعلم كيف أتركها لأنني بدأت أكتئب، ولا أستطيع التركيز في الدراسة، وأشعر بالذنب باستمرار، فما الحل؟
عزيزتي:
نعم يا ابنتي، كم هي مزعجة تجربة التحرش، خاصة مع تكرارها والخوف من البوح بها، وعدم القدرة على مقاومة المتحرش كما ذكرتِ، ولكن كما هي تجربة سيئة ومزعجة وموجعة هي كذلك تجربة يمكن أن تنتهي، وينتهي أثرها تماماً من داخل نفس الشخص الذي تعرَّض لها.
وما قمتُ بتجربته بنفسي لمثل مَنْ تعرضَّتْ لذلك كان عن طريق علاج رائع جداً يعرف باسم ) EMDR) Eye movements desensition re processing، فإنْ قرَّرْتِ أن تأخذي الموضوع بجديّة لتساعدي نفسك فلن تندمي أبداً، فهذا العلم المتطور يتعامل مع تلك الذكريات والخبرات بشكل سهل، لا يجعل الشخص حتى يتألم بسرد التفاصيل المزعجة له للمعالج، وحتى تجدي مَن يقوم بهذا النوع من العلاج يمكنني أن اترك لكِ تلك النقاط المهمّة جدًا لتستوعبينها.
أولا:
أهم نقطة في موضوع التحرّش يجب أن تدركيها؛ هي أن ما يحدث في تلك التجربة ليس مسؤولية الشخص نفسه حين نتحدث عن طفل، فتعهُد الطفل وتأمينه وتعليمه كيفية حماية نفسه، أو حتى إيجاد الأمان في الحديث مع أقرب الناس إليه، وهم الأبوان أو لأحدهما ليبوح ما يمرّ به من مخاوف أو تهديدات، أو تعدي أو أزمات، هي مسؤولية من يَرعاه فقط، ففي طفولتكِ كنتِ تحتاجين لهذا السند والدعم، أو المتابعة والحرص عليكِ، ولم يحدث ذلك لأسباب قد تعود لظروف تخص وضع الأسرة، أو لصفات في الأبوين ساذجة، مثل إعطاء الأمان التام مثلًا للأقرباء، فعلى أي حال هذا الأمر يجب أن يتضّح تمامًا في ذهنكِ.
ثانيا:
مشاعر الخزي من الاستمتاع بما يحدث أثناء التحرّش هي استجابة جسدية كرد فعل للجسم لهذه المداعبات التي تخص نظام اللذة الموجود فيه، ولكن نفسك وعقلك يشمئزّان ويكرهان ذلك، وهذا ما سينتهي بالعلاج بإذن الله، فالتفرقة بين الموافقة النفسية الراضية المُحبِّة في مساحة الشرع مع الزوج مثلاً تختلف تماماً عما حدث لك مما يُسمى علمياً بالإفاقة الجنسية المبكرة، والتي يشوبها التوتر والقلق والرفض مع استجابة الجسم لما يستفز اللذة.
ثالثا:
المتحرِّش هو الحلقة الأضعف بلا أدنى شك فيما يحدث، لأنه يسرق بالتهديد والتخويف ما يشفي غرائزه، فيختار وقت ومكان وطريقة تجعله يشعر بالأمان، ليفعل ما يفعل، ولا يتبقّى سوى أن يُخيف المتحرَّش بها، فحين يتم تهديده بالفضح، والاستغاثة بالصوت، أو الشكوى لمن هو أكبر، فإنه يخاف، لأنه سارق متلصص، ولكن حين يجد استكانة وخوفًا شديدًا من المتحرَّش بها يعتمد على ذلك تماماً في أن يُكْمِل ما بدأه، فالمتحرِّش هو الخائف في تلك المعادلة، وليس العكس.
رابعا:
الخوف الشديد وعدم القدرة على المقاومة لا يتعلق يا ابنتي بالتحرُّش وحده، ولكن هي صفات صارت موجودة عندكِ لأسباب أخرى، جعلت الجُّبْن موقفًا عندك في الحياة، وليس الخوف، فكلنا نخاف وسنظل نخاف من أمور تختلف فيما بيننا في موضوعها وحجمها، ولكن الجُّبْن هو موقف في الحياة مع أي تحديد، وهذا ما يحتاج لعلاج.
خامسا:
حاولي التدرب على ممارسة الرفض في مواقف بسيطة في البداية، وتدرجي في الأكبر منها مع من حولكِ حتى تصلي للقدرة على مواجهة من تحرّش بكِ، وأنتِ تنظرين في عينيه بتحدٍ لتقولي له أنكِ لا تريدين أن تجديه أمامك مرة أخرى، ولو بالصدفة، لأنك ستتعاملين معه بطريقة فظّة، عليه هو أن يشرح سببها لمن حولكم، وما أقوله هذا ليس محض خيال، فذلك حدث لفتيات كثيرات تمكنّ من التطور تدريجياً حتى وصلن له، وأنتِ يمكنكِ كذلك بمساعدة تُمكِّنكِ من أن تكوني نفسكِ الحقيقية، والتي ستكتشفين أنها ليست بهذا الضعف الذي تتصورينه عنها.
سادسا:
العلاج مهمتكِ الواجبة الآن، التي ستقدمينها لنفسكِ مهما لاقيتِ من مصاعب، بدءاً من ادّخار نقود له، ومروراً بطلب المساعدة لكِ من أهلك في تجاوز معاناة تمرّين بها تؤثِّر عليكِ، وانتهاءً بقيام خطوة العلاج حتى وإن تأخرتِ مهما تأخرتِ، فلديكِ نقاط تراجعينها مع نفسكِ حتى تتمكني من اتخاذ خطوة الشفاء مما حدث، وأُصِرُّ على تلك الخطوة ليس فقط لأجل راحتكِ من تلك المعاناة، ولكن لتتمكني من ممارسة حياتكِ كلها بشكل صحي، بعيدا عن الخوف والضعف، ولتتمكني من تمييز الحب عن أي شيء آخر، فتُحبِّي من يشارككِ حياتكِ وتنعمي بأمومة تقدمينها أفضل لأبنائك بإذن الله، بلا إفراط أو تفريط معهم، خاصة في هذا الجانب.
وأتركُ لكِ أن تتصفَّحي ما جاء في الموقع من استشارات أو مقالات تخصّ التعافي من ممارسة العادة السرية، دمت بخير.