صحــــتك

هل يشعر المصابون بالخرف بالألم؟

الخرف والألم

هل تعيش مع جدك أو جدتك أو أحد أقاربك البالغين من العمر ويعانون من قصور في تذكر الأمور اليومية والتفاصيل الحياتية؟ قد يصيبهم بعض الجروح أوالسقوط أوالكسور ولكنك قد تجد أنهم لا يعبرون بصورة تماثل ما يصابون به من مشاكل صحية، فهل يعاني كبار السن المصابون بالخرف من الألم؟ وهل تكون درجة الألم مماثلة لتلك التي يعاني منها الأصحاء؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في السطور القليلة القادمة

ما هو الخرف وما هي أعراضه؟

الخرف ليس مرضًا محددًا ولكنه مصطلح عام يشير إلى ضعف القدرة على التذكر أو التفكير أو اتخاذ القرارات مما يتعارض مع القيام بالأنشطة اليومية مثل ارتداء الملابس المناسبة والأكل بشكل طبيعي وغيرهما من ممارسات الحياة الطبيعية. لا يمكننا بأي حال التعامل مع الخرف على أنه جزء من الحياة الطبيعية لكبار السن، بل هو مشكلة صحية تؤثر على الوظائف الحياتية اليومية للمصاب بها. الزهايمر أحد أشكال الخرف وهو أكثر أنواعه شيوعًا.

مع التقدم العلمي والطبي و التطور الكبير في علاج الأمراض صار متوسط الاعمار أكثر من ذي قبل مما أدي إلى زيادة ظهور أمراض كبار السن حيث يصاب ما يزيد عن 55 مليون انسان حول العالم بالخرف، ومن المتوقع ان يزداد ذلك المعدل من الاصابات بحلول 2030 إلى نحو 110 مليون مصاب طبقاً لمنظمة الصحة العالمية.

 

ما هي أعراض الخرف؟

تختلف أعراض الخرف من شخص لآخر، ولكن يمكن الجمع على أن مرضى الخرف يعانون من مشاكل في:

  1. الذاكرة
  2. الانتباه
  3. التواصل
  4. التفكير والحكم على الأمور وحل المشكلات التي كانوا يعتادون حلها.
  5. الإدراك البصري يتجاوز التغيرات المنطقية المرتبطة بالعمر في الرؤية حيث أنه من المتعارف عليه أن حدة النظر تتأثر مع التقدم في العمر، لكن مرضى الخرف يعانون من تغيرات تختلف بشكل كبير مع من هم في نفس أعمارهم.

ما هو الألم؟

الألم هو تجربة حسية وعاطفية غير سارة مرتبطة بالضرر الفعلي أو المحتمل حدوثه للجسم مثل حرق في اليد أو كسر في العظام. الألم هو شعور شخصي للغاية أي أن "الألم هو ما يقوله الشخص إنه مؤلم". لا يمكن لأي شخص آخر أن يشعر بالألم أو يعرف كيف يشعر أو كيف يؤثر حقًا على الشخص الآخر جسديًا وعاطفيًا.

 

الشعور بالألم والقدرة على التعبير عنه

لا يستوجب شعورنا بالألم قدرتنا على التعبير به، فمثلاً يشعر الأطفال بالألم، لكن قدرتهم على التعبير عنه تختلف بشكل كبير عن البالغين، وكذلك مرضى الخرف، حيث أن أهم الأعراض فيه هو الضعف الشديد في الذاكرة قصيرة الأمد، وبالتالي قدرتهم على التذكر في حدوث مشكلة ما والتعبير عنها هي السمة الأهم في عند مرضى الخرف.

الألم وكبار السن

لسوء الحظ، فإن الشعور بالألم واسبابه تبدو أكثر حدة عند كبار السن، لا سيما فيما يتعلق بزيادة احتمالية حدوث المشاكل الصحية والتهابات المفاصل علاوة على ضعف الحياة الاجتماعية والمشاركة في النشاطات المجتمعية المختلفة مما يسبب آلام بدنية ونفسية وآلام نفسية جسدية psychosmomatic pain.

زيادة الألم علامة مبكرة لحدوث الخرف

في دراسة أجريت في المملكة المتحدة على ما يزيد عن 9 الاف فرد لملاحظة العلاقة بين الألم والخرف، تبين أن عدد كبير من مرضى الخرف يشعرون بالألم بصورة أكبر 16 عام قبل التشخيص بمرض الخرف ولم يتم الوصول لنتيجة قاطعة هل الألم هو أحد العوامل التي تسبب الخرف أو أن مرضى الخرف يصابون لسبب غير معروف بزيادة الشعور بالألم. من الجدير بالذكر ان الخرف تظهر علاماته قبل سنين كثيرة قد تصل لعشرات السنين قبل التشخيص بالخرف.

 

كيف يحدث الألم؟

نشعر بالألم عندما تكتشف أعصاب معينة تسمى مستقبلات الألم، توجد في جميع أنحاء الجسم تقريباً، تلف الأنسجة وتنقل المعلومات حول الضرر من خلال تلك النهايات العصبية امتداداً إلى الحبل الشوكي ممتدة على طوله حتى تصل إلى الدماغ.

على سبيل المثال، يؤدي لمس سطح ساخن إلى إرسال رسالة عبر قوس انعكاسي في الحبل الشوكي ويسبب تقلصًا فوريًا للعضلات. سيؤدي هذا الانكماش إلى سحب اليد بعيدًا عن السطح الساخن، مما يحد من المزيد من الضرر. وهذه هي الفائدة المهمة للألم، قد نشعر بالضرر اللحظي، ولكن ذلك الشعور يحمينا من العديد من المخاطر.

يحدث هذا المنعكس قبل وصول الرسالة إلى الدماغ. بمجرد وصول رسالة الألم ، فإنها تجعل الفرد يشعر بالألم.

يحدد تفسير الدماغ لهذه الإشارات، وكفاءة قناة الاتصال بين مستقبلات الألم والدماغ؛ كيف يشعر الفرد بالألم وهنا تكمن الفكرة المهمة التي تحدث لأولئك الذين يشعرون بألم أكثر من الطبيعي أو أقل من الطبيعي أو لا يشعرون بشكل كامل بالألم.

على سبيل المثال نجد مرضى السكري الذين يعانون من مشاكل في الإحساس بالأطراف نتيجة التهابات الأعصاب الطرفية وضعف كفاءة المستقبلات العصبية للألم، إلى حدوث جروح لا يشعر المريض بوجودها والتي تتفاقم مع الوقت إذا لم يتم ملاحظتها بمحض الصدفة.

الألم والذاكرة والجهاز العصبي المركزي

من المعروف أن الجهاز العصبي المركزي "يتذكر" التجارب المؤلمة، وأنها تترك أثرًا للذاكرة من الألم. وعندما يكون هناك مدخلات حسية جديدة، فإن أثر ذاكرة الألم في الدماغ يضخم الشعور حتى أن اللمسة اللطيفة يمكن أن تكون مؤلمة، وذلك يبدو واضحاً عندما نخوض تجربة ألم للمرة الأولى من نوع جديد، فقد تتذكر المرة الأولى التي شعرت فيها بالألم نتيجة حرق من الدرجة الأولى أو الثانية، أو المرة الأولى التي تم اعطاؤك أدوية عن طريق العضل أو غيرها، فالمرة الأولى تظل غالباً تعلق في الذاكرة ويظل الجهاز العصبي يعرفها ما دام يعمل بكفاءة.

 

هل مشكلة مرضى الخرف أنهم لا يشعرون بالألم أم أنهم لا يستطيعون التعبير عنه؟

يمكننا القول بشكل واضح أن الشعور بالألم لدى مرضى الخرف يختلف بشكل كبير عن الأشخاص غير المصابين بالخرف، وتعتبر التغيرات التي تحدث في الجهاز العصبي لدى الأشخاص المصابين بالخرف هي المسؤولة عن التغيرات في إدراك الألم.

تؤثر التغيرات المرضية العصبية التي تحدث في مرض الزهايمر (أكثر أنواع الخرف انتشاراً) بشكل انتقائي على المناطق المهمة المشاركة في المسار الإنسي للألم، وخاصة النوى الوسطى للمهاد، والوطاء، والحزامية، والجزيرة (مناطق في الجهاز العصبي تتعلق بمسار الألم)، في حين أن مناطق الدماغ المشاركة في المسار الجانبي للألم (أحد مسارات الألم الواصلة بين النهايات العصبية والجهاز العصبي المركزي) محفوظة بشكل جيد نسبيًا. وبالتالي، وفقًا لنظرية مقبولة على نطاق واسع، فإن الضعف النموذجي لمرض الزهايمر يتضمن المكون التحفيزي العاطفي للألم (المسار الإنسي، وهو أحد مسارات الألم الواصلة بين النهايات العصبية والجهاز العصبي المركزي) أكثر من البعد الحسي التمييزي (المسار الجانبي).

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤثر الضعف المعرفي لمرض الزهايمر، والذي يتميز بنقص الذاكرة والاستدلال على التقييم الفردي لتجربة مؤلمة والقدرة على وصفها فيعجز مريض الزهايمر عن مجرد وصف ما يشعر.  وفقًا لهذا البناء النظري السريري، يجب ملاحظة قدرة مرضى الزهايمر على تحمل الألم بصورة أكبر. وهو ما وجده بعض المؤلفين لدى مرضى الزهايمر مقارنة بغيرهم. واقترح البعض الآخر أنه في مرض الزهايمر يتم الحفاظ على إدراك الألم الحاد وأن تجربة الألم المزمن قد تتغير. كما تم الإبلاغ عن انخفاض في الاستجابة اللاإرادية نتيجة للألم المتوقع حدوثه، وهو ما يفسر خلل في ذاكرة الألم عند مرضى الزهايمر.

هناك دراسات اخرى تشير إلى نتائج قد تختلف بشكل ما عن هذه النتيجة، والتي تشير إلى عدم نقص الشعور بالألم، بل يزداد الشعور بالألم مع تقدم المرض وصعوبته. لكن العامل المشترك الثابت في كل الدراسات أن شعور مرضى الخرف بالألم يختلف بشكل كبير ويتفاوت من مرحلة لأخرى.

قد يزداد إدراك الألم في الخرف الوعائي vascular dementia بسبب ‪جروح في المادة البيضاء في الجهاز العصبي، ولكن  الحقيقة لا يوجد سوى عدد قليل من الدراسات حول الألم المزمن لمرضى الخرف الوعائي، ومستوى الألم الذي أبلغ عنه مرضى اضطراب نقص المناعة المكتسبة أعلى بكثير من مستوى الألم الذي أبلغ عنه الأشخاص غير المصابين بالخرف.

دراسة مهمة للمقارنة بين الشعور بالألم بين مختلف أنواع مرضى الخرف

علي الرغم من أن كلمة الخرف عند سماعها قد يتبادر إلى أذهاننا الزهايمر، ولكن على الرغم من أنه يمثل اكثر أنواع الخرف انتشاراً إلا أن هناك أنواع أخرى يشعرون بقدر مختلف من درجات الألم لنفس مسبب الألم.

في دراسة أجريت على 759 شخصا من مرضى الخرف لقياس درجة الألم، أوضحت ان الشعور بالألم  لدى مرضى الزهايمر والخرف الوعائي هي أقل من تلك التي يشعر بها المرضى الخرف الجبهي الصدغي، والخرف المصحوب بأجسام ليوي.

 

كيف يمكننا أن نتعرف على مدى معاناة مرضى الخرف من الألم؟

من الطبيعي جداً أن تكون الطريقة الأمثل والأوضح هو تعبير المريض عن نفسه عن مدى شعوره بالألم ومدى رغبته في التخلص منه، وهي الطريقة التي غالباً لا يشوبها شك خاصة إذا سبب الألم واضح من وجود جروح أو غيرها من مسببات الألم الظاهرة، لكن هناك بعض العلامات التي يمكننا من خلالها معرفة أن المريض يعاني من ألم، وتلك العلامات هي :

  1. الصراخ أو الأنين  - خاصة إذا كان هذا سلوكًا جديدًا أو متزايدا
  2. تغيرات في لغة الجسد، مثل التململ، والأرق، والوخز، وفرك جزء من الجسم أو الشد.
  3. تعابير الوجه مثل التجهم والعبوس
  4. أن يبدو المريض خائفًا أو حزينًا أثناء العناية الشخصية مثل الغسيل وارتداء الملابس
  5. خلل في النوم سواء أكثر أو أقل من المعتاد
  6. تغيرات جسدية مثل التعرق، وظهور احمرار أو شحوب، نبض سريع و / أو تغيرات في درجة الحرارة.
  7. أن يبدو المريض منسحبًا أو متدنيًا في المزاج.
  8. تغيرات في الشهية، مثل رفض الطعام.

كل تلك العلامات قد تكون ناقوس يجعلنا نبحث عن سبب ما يعد مصدراً للألم، ويستوجب حينها ان نستعين بطبيب مختص يقوم بعمل فحص للمريض لتبين سبب الألم الذي قد يكون:

  • هشاشة العظام (مرض يمكن أن يؤثر على بعض أو كل المفاصل)
  • تقرحات نتيجة الضغط
  • التهابات في الجلد
  • ضمادات قرحة الساق
  • تصلب المفاصل
  • تصلب العضلات
  • إمساك
  • التهابات في الحلق

كيف يتم التعامل مع ألم مرضى الخرف؟

من الأفضل أن نقوم بفحص المريض بشكل كامل ، فقد يكون سبب الألم هو عبارة عن برودة أو سخونة في الجو، قد يكون وضعية جسده تسبب له إزعاج دائم، قد تكون عدم الحركة هي السبب الرئيس في عدم شعوره بالارتياح. محاولة حل تلك المشاكل بصورة بسيطة وسهلة، قد تكون هي الطريقة المثلى للتخلص من الآلام التي تسبب مزيداً من عدم الارتياح.

لكن في حال عدم نجاح تلك الطرق أو عن طريق العلاج الطبيعي ومحاولة ممارسة بعض النشاطات الممكنة، فإن اللجوء للعلاج عن طريق الأدوية قد يكون الطريق الذي نسلكه لنخفف عنه الالام.

  1. يمكن البدء عن طريق الباراسيتامول أو عن طريق مضادات الإلتهاب خالية من الستيرود
  2. قد نلجأ لوصف المسكنات الأفيونية في حالة عدم نجاح الأدوية السابقة
  3. قد تكون مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للصرع لعلاج آلام الخرف أحد الطرق التي تساعد على تخفيف الآلام
  4. في حال عدم الاستجابة للطرق السابقة فخطة علاج شاملة يصير أمرًا ضروريًا لمرضى الخرف والتي تتضمن:
  • العلاج الدوائي.
  • إدارة الأدوية المتعددة.
  • التقييم والدعم النفسيين.
  • إعادة التأهيل البدني.
  • التدخلات والإجراءات التدخلية طبقاً للمشاكل التي تصيب المرضى.. مثلاً مثل المريض الذي قد يعاني من مشاكل في القنوات المرارية. 

يمثل الألم تحديًا للأشخاص المصابين بالخرف وأحبائهم. على الرغم من أنه في العقد الماضي تم تطوير ودراسة إجراءات تقييم أفضل بما في ذلك أدوات مراقبة الألم، إلا أن التنفيذ في الممارسة العملية لا يزال مخيبا للآمال. ونتطلع في الاوقات القليلة المقبلة للوصول إلى طرق علاج تجعل حياة مرضى الخرف أكثر راحة وسكينة.

 

المصادر

Dementia is linked to increased pain years before diagnosis

Pain in dementia

Pain and dementia - dementia UK

Pain in dementia - NIH

Pain in advanced dementia

Dementia - WHO

Pain in advanced dementia

Assessment and Understanding of Pain in Patients With Dementia

Chronic Pain in the Elderly with Cognitive Decline: A Narrative Review

Pain in Patients with Different Dementia Subtypes, Mild Cognitive Impairment, and Subjective Cognitive Impairment

Pain in People With Alzheimer Disease: Potential Applications for Psychophysical and Neurophysiological Research

Anatomy of Pathological Alterations in Alzheimer’s Disease

آخر تعديل بتاريخ
21 أكتوبر 2022
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.