الحداد أمر مؤلم من الصعب تجاوزه، دعيني أخبرك أن ما تمرين به هو أمر من الأساس صعب، حتى وإن شجعك المحيط على العكس، وكون الفقدان بالنسبة لكِ مضاعفا جعل الأمر أشد وأطول من ناحية التأقلم. لكن، وهنا أنا لا أنفي أبدا قوة الأمر الذي تمرين به، بل أشد على يديكِ، وأطلب منكِ النظر من وجهة نظر أخرى، بنظارة أخرى لنشاهد الحقيقة بوضوح.
تعودنا كبشر أن نعتبر الموت نهاية وفراقا، لأن التفكير دائما حسي، ما نراه ونسمعه موجود، ولكن ما يغيب عن حواسنا إذا اختفى وغير موجود، لكن دعيني أطرح عليك أسئلة:
أليس الموت هو محطة أخرى ما بعد الحياة؟
الا يمكننا اعتبار الغياب مؤقتا واللقاء حتميا؟
هل من المُرضي لهم والمفرح أن يكونوا ذكرى مؤلمة، أم نستطيع استبدالها بأخرى أحب وأدفأ؟
هل آثارهم التي تركوها في حياتك متعلقة بوجودهم الجسدي فقط؟
من الأهم الوجود الجسدي أم المعنوي؟
أتمنى أن تتمعّني في الإجابة على هذه الأسئلة، فالتعاطي مع الموت لا يجب وليس بالضرورة أن يكون على أساس أنه سيئ. هو مؤلم نعم، لكن ليس كل مؤلم سيئا أليس كذلك؟ دعينا نبدأ بجعل ذكرياتك عنهم واقعية وحية، ومن ثم إيجاد طرق لإدامتها والاستمرار بإشعال جذوتها.
بالنسبة لتعاملك مع المحيط وبالذات أولادك، واضح أنه ناتج عن كبت مشاعرك وإجبار نفسك على لبس قناع وحجب الإحساس، ما نحتاجه هو أن نخرج المشاعر السلبية، إن شعرت بالرغبة في البكاء، لا تترددي، ابكي وأفرغي مكنوناتك، الحداد يحتاج أن يمر الشخص بجميع مراحله (الصدمة، الغضب، المساومة أو مرحلة ال "لو"، الاكتئاب، التقبل).. دعي المراحل تمر. وليس من الغريب أن تتأرجحي بين المراحل لكن دعيها تمر بصورة سليمة حتى وإن كانت مؤذية.
رزقك الله القوة وألهمك رؤية ما تملكين من هذه القوة..