نَشر الجراح بارتلي غريفيث من جامعة ميريلاند الأميركية، يوم أمس 22 يونيو/حزيران، تقريراً في المجلة الطبية NEJM، أعلَن فيه تفاصيل وفاة أول مريض زرع له قلب خنزير معدّل وراثياً بعد شهرَين من العملية.
كان المريض ديفيد بينيت، وعمره 57 سنة، قد تلقّى عملية زرع قلب إسعافية من خنزير معدَّل وراثياً، بحيث يُخفَّف الرفضُ المناعي عند زرع هذا القلب في الإنسان.
وكانت هيئة الأغذية والأدوية الأميركية قد وافقتْ على إجراء العملية الإسعافية التي أجريت في 7 يناير/كانون الثاني. ونجحت العملية، وتلقى المريض علاجاً قوياً لتثبيط جهاز المناعة لديه، وتحسّن سريرياً بعد العملية، وفصِل عن الأجهزة الصناعية التي كانت تدعم القلب والتنفس.
وأُجري فحصٌ كامل للقلب المزروع بعد 34 يوماً من العملية، وظهَر عدم وجود علامات لرفض القلب المزروع، إنما بدأت تظهَر عليه تدريجياً علامات تضخم القلب وضعفه في اليوم الـ49 بعد العملية. وتدهورت حالته على الرغم من العلاجات المكثفة، حتى يوم وفاته في مارس/آذار 2022، بعد 60 يوماً من العملية.
وأظهَر تشريح الجثة وفحص القلب المزروع مجهرياً وجود علامات رفضٍ مناعي غير نموذجي. كان وزن القلب قد تضاعف بسبب وجود وَذمة شديدة فيه، مع علامات تموّت بعض الخلايا العضلية، والنزوف النُّقطِية بين خلايا عضلة القلب، من دون وجود بقية علامات الرفض المناعي المعتادة، مثل التخثر في الأوعية الدموية الصغيرة وكثرة وجود الخلايا المناعية في عضلة القلب.
مفاجأة فيروسية
كان اختبار وجود نوع من فيروسات الخنزير موجباً منذ اليوم الـ20 بعد العملية، على الرغم من أن هذه الاختبارات كانت سالبة قبل العملية في الخنزير الذي أُخِذ منه القلب، وإعطاء أدوية مضادة للفيروسات للمريض وقائياً. هل كان لهذه العدوى دور في فشل القلب المزروع؟
ما الذي استفاد منه الطب في إجراء هذه العملية؟
تظل عملية زرع قلب خنزيرٍ معدَّل وراثياً لإنسان عملية رائدة تُعتبر إنجاراً تاريخياً على الرغم من وفاة المريض، وهي تفتح أفقاً جديداً أمام تطوير عمليات زرع الأعضاء من الحيوانات إلى الإنسان، ومجالاً جديداً في علاج فشل أعضاء الإنسان في أداء وظائفها.
نجح القلب المزروع في أداء وظائفه عند هذا المريض فترة شهرَين، ولم تظهر علامات الرفض المناعي لفترة أكثر من شهر بعد عملية الزرع، ما يدعم استمرار القيام بأبحاث المناعة وعلوم الجنين والوراثة وزرع الأعضاء التي كانت تجرى على مدى عقود من الدراسات.
تصورات المستقبل
إذا تحسنت وسائل إجراء هذه العمليات وتحسنت العلاجات المتبعة فيها، فربما أصبح زرع الأعضاء من حيواناتٍ معدَّلة وراثياً طريقة مفيدة في علاج المرضى الذين يحتاجون إلى زرع الأعضاء، ولو بشكلٍ مؤقت، ريثما تتاح لهم فرصة الحصول على أعضاء بشرية أفضل.
يمكن أن تفيد التقنيات التي طُبقت في عملية زرع قلب الخنزير المعدّل وراثياً في تقنيات نقل أعضاء أو أنسجة أخرى في المستقبل، مثل إجراءات زرع الخلايا الجذعية، وتنمية أعضاء ذاتية في المختبر قبل زرعها في الإنسان المريض.
المصادر: