أصبحت زراعة الأعضاء أمرا معتادا، زراعة الكلى والكبد والرئتين والقلب بل والوجه كذلك، لكن هل فكر أحد في إمكانية زراعة الرأس؟
قد تتذكرون الفيلم الكوميدي "اللي بالي بالك"، حيث تمت زراعة رأس اللمبي في جسد رياض بيه، ضابط الشرطة، ليبقى اللمبي لكن في جسد آخر (جسد رياض بيه).
إلا أن ذلك المسمى (زراعة الرأس) يعود إلى أطباء أجروا مثل هذه العمليات على الحيوانات في النصف الثاني من القرن الماضي، وأطلقوا عليها ذلك الاسم.
أما أول جراحة ناجحة لنقل الرأس فقد قام بها فريق يرأسه روبرت وايت عام 1970 في كليفلاند، أوهايو، حيث قام بنقل رأس قرد إلى جسد قرد آخر، إلا أنه لم يقم بتوصيل الحبل الشوكي، وعلى هذا فقد أصبح القرد مشلولا، إلا أنه كان قادرا على التنفس بمعونة أجهزة صناعية، ذلك القرد بقي حيا لتسعة أيام قبل أن يلفظ جهازه المناعي ذلك الرأس الغريب.
إلا أنه بالتأكيد يعرف أن هذه العملية هي عالية الخطورة، الموت ذاته محتمل، بل هناك من علق على ذلك الإجراء الجراحي مشيرا إلى أن هناك نهايات قد تنتظر ذلك المتطوع أفدح من الموت، كالشلل التام وعدم القدرة على التنفس إلا بمعونة أجهزة صناعية وغيرها.
نيك ريبيل نفسه، المدير التنفيذي لفرع الولايات المتحدة لكلية الجراحين الدولية، والذي استضافت مؤسسته كانافيرو في أول إعلان عن مشروعه وما ينويه، أكد أنهم فقط يمنحون كانافيرو منصة ويوفرون مناخا لمناقشة أفكاره لكنهم لا يرعون أفكاره تلك.
يرى كانافيرو أنه قد آن أوان إجراء تلك الجراحة، فقد تطور العلم والجراحة حتى بات من الممكن إجراؤها وبنسب نجاح معقولة.
أعلن كانافيرو أنه قرب نهاية هذا العام 2017 سيكون الموعد الذي سيقوم فيه بتلك الجراحة، وسيكون قد تم إعداد كل شيء.
أشارت مجلة نيوساينتيست إلى أنها وعندما حاولت تقصي آراء الخبراء حول تلك الجراحة لم تفاجئها ردود الفعل المتحفظة، والأغلبية التي رفضت التعليق، ووصف الكثيرين لذلك الأمر بأنه غريب للدرجة التي لا يمكن معها أبدا أن يكون جادا.
لكن كانافيرو يعلن البحث عن مكان لإجراء جراحته، على الرغم من التهديدات التي تطارده برفض أخلاقي لعملية كتلك، تفتح تساؤلات كثيرة حول مفهوم الروح والجسد، وحول أن يستيقظ أحدهم يوما ليجد وعيه وذكرياته وتاريخه قد حلت بجسد آخر.
- ثم سيقوم بتشريح الرقبة حتى يصل للأوعية الدموية والتي سيقوم بتوصيلها بأنابيب دقيقة، سيقوم بذلك قبل أن يتعامل مع الحبل الشوكي للشخصين.
- يعلن كانافيرو أن جل العملية تقبع في طريقة قطع الحبل الشوكي ووصله، ويشير إلى أن القطع يجب أن يكون دقيقا ونظيفا، ذلك هو مفتاح تلك العملية (القطع النظيف والدقيق)، سيتم بعد ذلك، بحسب كانافيرو، تقريب الحبل الشوكي للرأس وللجسد حيث سيتم لحمهما معا. وبحسب تعبير كانافيرو، يشبه الحبل الشوكي مجموعة من الألياف العصبية الكثيفة من الأسباغيتي، وسيستخدم كانافيرو البولي إيثيلين جليكول حيث سيعمد إلى ضخه كمادة كيميائية تساعد في التحام نهايتي الحبل الشوكي، وسيستمر في حقن البولي إيثيلين جليكول كذلك لعدة ساعات بعد العملية. يشبه كانافيرو الأمر بتأثير المياه الساخنة على الأسباغيتي حيث تساعد على التصاقه معا، كذلك قد يساعد البولي إيثيلين جليكول على تشابك الحبل الشوكي.
- ثم سيقوم بتوصيل العضلات والأوعية الدموية.
- وبعد أن ينتهي، سيبقي المريض في غيبوبة لثلاثة أو أربعة أسابيع حتى لا يتحرك، إلا أنه سيحافظ على تحفيز الحبل الشوكي بنبضات كهربية، حيث إن هناك أبحاثا تشير إلى أن ذلك سيساعد على تكوين وصلات عصبية جديدة.
يدعي كانافيرو أن مرضاه الذين سيخضعهم إلى عملية كتلك سيكونون قادرين على تحريك وجوههم والإحساس بها، وربما التحدث بصوتهم ذاته، بل سيقدرون على المشي مع العلاج الطبيعي في خلال عام.
سيستخدم كانافيرو أجساد أولئك الذين يعانون من موت جذع المخ كي ينقلها إلى رؤوس أولئك الذين يرغبون في أجساد لا تعاني من أمراض تمنع الحركة؛ مستعينا، كما أشرنا، باعتقاد أيدته بعض الأبحاث على الحيوانات أن البولي إيثيلين جليكول يساعد في نمو أعصاب الحبل الشوكي.
من يدرس الحبل الشوكي تشريحيا سيكتشف أن هناك العديد من المسارات العصبية المختلفة، كل منها تختص بنقل إشارات عصبية من مناطق مختلفة في المخ لمناطق مختلفة في الجسد بصورة غاية في التعقيد، حتى يبدو من المستحيل إعادة ربطها بشكل سليم بحيث يعيد التنظيم ذاته للمسارات المختلفة بشكل دقيق.
ربما يكون الطب قد تغلب بشكل كبير وبالأدوية الحديثة على أزمة رفض العضو المزروع عن طريق تثبيط الجهاز المناعي، لكن يبدو التعامل مع الأعصاب، خاصة تلك المركزية، أمرا في غاية التعقيد والصعوبة، فما بالنا بادعاء القدرة على وصلها معا بشكل وظيفي.
يعارض البعض الأمر من منظور أخلاقي، حيث يشيرون إلى أن الأمر سيثير العديد من المشاكل في ما يتعلق بالهوية وخصوصية الإنسان، لكن هناك من يشير إلى أن الهوية تقبع في القشرة المخية وبالتالي فطالما كنا بعيدين عنها فنحن لم نمس الهوية.
هناك من يعارض الفكرة من منظور أنه من المستحيل الاحتفاظ بشخص لأربعة أسابيع في غيبوبة تامة دون أي مضاعفات.
نحن نخشى أن يتهمنا أحدهم بالجهل، لذا نرفض في تحفظ، وننتظر ما ستسفر عنه الأيام.
إلا أن تاريخنا البشري في الخداع باستخدام حجج علمية فارغة هو سيئ كذلك، منذ أولئك الذين ادعوا يوما تمكّنهم من اختراع ماكينات دائبة (ما إن تعمل لا تتوقف)، مرورا بقامات علمية زورت نتائج أبحاثها وأبدت تحيزا نحو وجهات نظر فاسدة.
يبدو أن الحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة في الإعلان عن أن ما يدعيه كانافيرو قد يكون ممكنا لكننا لا نملك معطياته الآن، يبدو فيه خرقا لكثير من الحقائق الطبية التي نعرفها، وهناك بالطبع إمكانية لخرقها مستقبلا لكنها بمعطيات اللحظة تبدو بعيدة بعيدة المنال، وكل الأمر لا يخرج عن كونه جعجعة بلا طحن.
اقرأ أيضا:
التبرع بأعضاء الجسم.. ومن أحياها
أغذية مرضى الكبد المزروع
المصادر
First human head transplant could happen in two years
6 things you’re dying to ask about head transplants
First human head transplant coming this winter and it's as wild as it sounds
- زراعة الرأس
قد تتذكرون الفيلم الكوميدي "اللي بالي بالك"، حيث تمت زراعة رأس اللمبي في جسد رياض بيه، ضابط الشرطة، ليبقى اللمبي لكن في جسد آخر (جسد رياض بيه).
إلا أن ذلك المسمى (زراعة الرأس) يعود إلى أطباء أجروا مثل هذه العمليات على الحيوانات في النصف الثاني من القرن الماضي، وأطلقوا عليها ذلك الاسم.
- تاريخ زراعة الرأس
أما أول جراحة ناجحة لنقل الرأس فقد قام بها فريق يرأسه روبرت وايت عام 1970 في كليفلاند، أوهايو، حيث قام بنقل رأس قرد إلى جسد قرد آخر، إلا أنه لم يقم بتوصيل الحبل الشوكي، وعلى هذا فقد أصبح القرد مشلولا، إلا أنه كان قادرا على التنفس بمعونة أجهزة صناعية، ذلك القرد بقي حيا لتسعة أيام قبل أن يلفظ جهازه المناعي ذلك الرأس الغريب.
- سيرجيو كانافيرو
إلا أنه بالتأكيد يعرف أن هذه العملية هي عالية الخطورة، الموت ذاته محتمل، بل هناك من علق على ذلك الإجراء الجراحي مشيرا إلى أن هناك نهايات قد تنتظر ذلك المتطوع أفدح من الموت، كالشلل التام وعدم القدرة على التنفس إلا بمعونة أجهزة صناعية وغيرها.
نيك ريبيل نفسه، المدير التنفيذي لفرع الولايات المتحدة لكلية الجراحين الدولية، والذي استضافت مؤسسته كانافيرو في أول إعلان عن مشروعه وما ينويه، أكد أنهم فقط يمنحون كانافيرو منصة ويوفرون مناخا لمناقشة أفكاره لكنهم لا يرعون أفكاره تلك.
يرى كانافيرو أنه قد آن أوان إجراء تلك الجراحة، فقد تطور العلم والجراحة حتى بات من الممكن إجراؤها وبنسب نجاح معقولة.
أعلن كانافيرو أنه قرب نهاية هذا العام 2017 سيكون الموعد الذي سيقوم فيه بتلك الجراحة، وسيكون قد تم إعداد كل شيء.
أشارت مجلة نيوساينتيست إلى أنها وعندما حاولت تقصي آراء الخبراء حول تلك الجراحة لم تفاجئها ردود الفعل المتحفظة، والأغلبية التي رفضت التعليق، ووصف الكثيرين لذلك الأمر بأنه غريب للدرجة التي لا يمكن معها أبدا أن يكون جادا.
لكن كانافيرو يعلن البحث عن مكان لإجراء جراحته، على الرغم من التهديدات التي تطارده برفض أخلاقي لعملية كتلك، تفتح تساؤلات كثيرة حول مفهوم الروح والجسد، وحول أن يستيقظ أحدهم يوما ليجد وعيه وذكرياته وتاريخه قد حلت بجسد آخر.
- خطوات جراحة كانافيرو كما خطط لها
- ثم سيقوم بتشريح الرقبة حتى يصل للأوعية الدموية والتي سيقوم بتوصيلها بأنابيب دقيقة، سيقوم بذلك قبل أن يتعامل مع الحبل الشوكي للشخصين.
- يعلن كانافيرو أن جل العملية تقبع في طريقة قطع الحبل الشوكي ووصله، ويشير إلى أن القطع يجب أن يكون دقيقا ونظيفا، ذلك هو مفتاح تلك العملية (القطع النظيف والدقيق)، سيتم بعد ذلك، بحسب كانافيرو، تقريب الحبل الشوكي للرأس وللجسد حيث سيتم لحمهما معا. وبحسب تعبير كانافيرو، يشبه الحبل الشوكي مجموعة من الألياف العصبية الكثيفة من الأسباغيتي، وسيستخدم كانافيرو البولي إيثيلين جليكول حيث سيعمد إلى ضخه كمادة كيميائية تساعد في التحام نهايتي الحبل الشوكي، وسيستمر في حقن البولي إيثيلين جليكول كذلك لعدة ساعات بعد العملية. يشبه كانافيرو الأمر بتأثير المياه الساخنة على الأسباغيتي حيث تساعد على التصاقه معا، كذلك قد يساعد البولي إيثيلين جليكول على تشابك الحبل الشوكي.
- ثم سيقوم بتوصيل العضلات والأوعية الدموية.
- وبعد أن ينتهي، سيبقي المريض في غيبوبة لثلاثة أو أربعة أسابيع حتى لا يتحرك، إلا أنه سيحافظ على تحفيز الحبل الشوكي بنبضات كهربية، حيث إن هناك أبحاثا تشير إلى أن ذلك سيساعد على تكوين وصلات عصبية جديدة.
يدعي كانافيرو أن مرضاه الذين سيخضعهم إلى عملية كتلك سيكونون قادرين على تحريك وجوههم والإحساس بها، وربما التحدث بصوتهم ذاته، بل سيقدرون على المشي مع العلاج الطبيعي في خلال عام.
سيستخدم كانافيرو أجساد أولئك الذين يعانون من موت جذع المخ كي ينقلها إلى رؤوس أولئك الذين يرغبون في أجساد لا تعاني من أمراض تمنع الحركة؛ مستعينا، كما أشرنا، باعتقاد أيدته بعض الأبحاث على الحيوانات أن البولي إيثيلين جليكول يساعد في نمو أعصاب الحبل الشوكي.
- الأصوات المعارضة
من يدرس الحبل الشوكي تشريحيا سيكتشف أن هناك العديد من المسارات العصبية المختلفة، كل منها تختص بنقل إشارات عصبية من مناطق مختلفة في المخ لمناطق مختلفة في الجسد بصورة غاية في التعقيد، حتى يبدو من المستحيل إعادة ربطها بشكل سليم بحيث يعيد التنظيم ذاته للمسارات المختلفة بشكل دقيق.
ربما يكون الطب قد تغلب بشكل كبير وبالأدوية الحديثة على أزمة رفض العضو المزروع عن طريق تثبيط الجهاز المناعي، لكن يبدو التعامل مع الأعصاب، خاصة تلك المركزية، أمرا في غاية التعقيد والصعوبة، فما بالنا بادعاء القدرة على وصلها معا بشكل وظيفي.
يعارض البعض الأمر من منظور أخلاقي، حيث يشيرون إلى أن الأمر سيثير العديد من المشاكل في ما يتعلق بالهوية وخصوصية الإنسان، لكن هناك من يشير إلى أن الهوية تقبع في القشرة المخية وبالتالي فطالما كنا بعيدين عنها فنحن لم نمس الهوية.
هناك من يعارض الفكرة من منظور أنه من المستحيل الاحتفاظ بشخص لأربعة أسابيع في غيبوبة تامة دون أي مضاعفات.
- هل نصدق كانافيرو؟
نحن نخشى أن يتهمنا أحدهم بالجهل، لذا نرفض في تحفظ، وننتظر ما ستسفر عنه الأيام.
إلا أن تاريخنا البشري في الخداع باستخدام حجج علمية فارغة هو سيئ كذلك، منذ أولئك الذين ادعوا يوما تمكّنهم من اختراع ماكينات دائبة (ما إن تعمل لا تتوقف)، مرورا بقامات علمية زورت نتائج أبحاثها وأبدت تحيزا نحو وجهات نظر فاسدة.
يبدو أن الحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة في الإعلان عن أن ما يدعيه كانافيرو قد يكون ممكنا لكننا لا نملك معطياته الآن، يبدو فيه خرقا لكثير من الحقائق الطبية التي نعرفها، وهناك بالطبع إمكانية لخرقها مستقبلا لكنها بمعطيات اللحظة تبدو بعيدة بعيدة المنال، وكل الأمر لا يخرج عن كونه جعجعة بلا طحن.
اقرأ أيضا:
التبرع بأعضاء الجسم.. ومن أحياها
أغذية مرضى الكبد المزروع
المصادر
First human head transplant could happen in two years
6 things you’re dying to ask about head transplants
First human head transplant coming this winter and it's as wild as it sounds