تعلقنا أنا وأمي تعلق مرضي.. الانفصال حتمي
أشكرك لسؤالك.. وأشكرك أيضاً لاختيار التوقيت المناسب لهذا السؤال الهام..
علاقتنا بالأب والأم من أهم علاقاتنا الحياتية على الإطلاق.. فنحن نقضي معهما سنين عمرنا الأولى، التي تتشكل فيها نفوسنا، وتنمو فيها أرواحنا وأجسادنا.. ومن الطبيعي أن تمر تلك العلاقة بعدة مراحل، من أهمها مرحلة الانفصال النفسي.. الذي يشبه تماماً الانفصال الجسدي عنها وقت الولادة، والانفصال التالي عند الفطام، ورغم أن ذلك مؤلم للطرفين، إلا أنه ضروري وهام جداً لتمام النمو النفسي، واكتمال النضج المعرفي والشعوري والسلوكي.
يبدو أنك يا أمل لم تنفصلي عن والدتك نفسياً حتى الآن، وإن جاز التشبيه، فأنت ما زلت لم تفطمي منها (وربما لم تفطم هي منك أيضاً) حتى لحظة كتابتك لهذه السطور، وما تشعرين به، وتشعر هي به الآن هي مقاومة نفسية شديدة لذلك الانفصال الحتمي قبل دخولك في علاقة زواج.
لا يعني الانفصال هنا المقاطعة أو الخصام، لكنه يعني قبول إحدى سنن الحياة، والاستقلالية النفسية، والسماح لدورة النضج والنمو الحياتية بالاكتمال في اتجاهها الصحيح.
لا أوافق أبداً على انتقال والدتك للمعيشة معك، فذلك - في حالتك - يغذي دائرة التعلق المرضي بينكما إلى الحد الذي يهدد زواجك من بدايته. يمكنها استمرار المعيشة مع والدك، أو إخوتك أو إخوتها أو أحد الحلول الأخرى، ويمكنها زيارتك من حين إلى آخر، وكذلك أنت كما هو معتاد في أي عائلة بعد الزواج.
عزيزتي.. أنت تبلغين من العمر اثنين وثلاثين عاماً.. مهم أن يكون عمرك النفسي بنفس القدر..
أنت كائن منفصل بذاته.. ووالدتك كائن منفصل بذاته.. ومهم أيضاً أن تصدقا أنتما، الإثنتين، ذلك، وتتعاملا مع بعضكما على أساسه..
نحن نكبر من خلال الفقد.. وننضج من خلال الألم.. وننمو من خلال تجارب الحياة الصعبة..
دعواتي معك.. وزواجاً سعيداً إن شاء الله.
اقرئي أيضاً:
أنا وحبيبي.. علاقة الحبل السري
زوجي بعيد عني كثيراً.. كيف ندير علاقة سوية؟