من المعروف أن ضعف السمع يرتبط بتدهور القدرات الذهنية وحدوث الخَرف عند المسنين، غير أن طبيعة هذه العلاقة لم تكن واضحة، فهل يُعتبر ضعف السمع سببًا لحدوث وتطور الخَرف؟ أم أنه مجرد مُشعِر، أو مقياس يتناسب مع شدة الحالة؟ وهل يفيد وضع سماعة الأذن في تقليل حدوث الخَرف، أو إبطائه؟
دراسة أمريكية جديدة عن فائدة سماعة الأذن في تجنّب الخرف
نَشرت مجلة لانسيت العلمية الأمريكية بتاريخ 17 يوليو 2023 نتائج دراسة أجريت في أربع مراكز طبية أمريكية لتقييم حالة 977 شخصًا، تراوحت أعمارهم بين 70 إلى 84 سنة، ممن كان لديهم بعض التراجع في السمع دون وجود علامات للخَرف، أو لتدهور القدرات الذهنية. تمّ توزيع المشاركين عشوائيًّا إلى مجموعتَين، تمّ في أفراد المجموعة الأولى تقييم حالة السمع لديهم، واستخدام سماعة طبية مناسبة لحالة كل منهم. لم تُستخدم السماعات الطبية لدى أفراد المجموعة الثانية (مجموعة المقارَنة)، بل خضعوا لدورات تدريبية وتثقيفية حول الصحة العامة، والوقاية من الأمراض المزمنة. تمت متابعة جميع المشاركين كل ستة أشهر لتقييم قدراتهم الذهنية باستخدام عَشر اختبارات نظامية مُعتمدة في ذلك، مثل التأخّر في ترديد كلمات، متابعة خطّ محدّد في رسوم، تسمية بعض الحيوانات والأشكال ... كما طُبِّق امتحان خاص بالقدرات الذهنية، وفحص قدرات تنفيذية معينة، والمهارات اللغوية، والذاكرة. تمت متابعة جميع المشاركين على مدَى ثلاث سنوات.
ما هي نتائج الدراسة؟
أثبتت الدراسة وجود فرق مهمّ إحصائيًّا بين المجموعتَين، إذ كان متوسط تدهور القدرات الذهنية لدى أفراد المجموعة الذين استخدَموا السماعات الطبية 0.211 نقطة، بينما بلغ متوسط التدهور في مجموعة المقارَنة 0.402 نقطة. بلغ الفرق أعظَم مداه بين أفراد المجموعتَين في المهارات اللغوية. أي أن متوسط تدَهور القدرات الذهنية على مدى ثلاث سنوات قد تباطأ بنسبة 48% لدى الأفراد الذين استَخدموا السماعات الطبية مقارَنةً مع الذين لم يستخدِموها.
لوحِظ أن فائدة استخدام السماعات الطبية كانت أوضَح لدى الأفراد الذين كانت لديهم عوامل خطورة لحدوث الخَرف في بداية الدراسة، مثل إصابتهم بأمراض مزمنة (السكري وارتفاع ضغط الدم)، وانخفاض مستواهم التعليمي والمالي.
لم تسجَّل فائدة مهمة لاستخدام السماعات الطبية بين الأفراد الذين لم تكن لدَيهم هذه العوامل لخطورة للإصابة بالخرف في بداية الدراسة.
ما الذي يمكن الاستفادة منه في نتائج هذه الدراسة؟
- استِخدام السماعات الطبية مفيد في تأخير الخَرف عند المسنّين الذين بلغت أعمارهم فوق السبعين سنة، والذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، ونقص في السمع.
- ربما لا يفيد استخدام السماعات الطبية لدى المسنّين الذين لا يعانون من هذه المتاعب الصحية.
- لا بد من إجراء مزيد من الدراسات لمراعات الحالة النفسية والمزاج العام والحالة الاجتماعية والنشاط البدني ... ومتابعة نتائج هذه الدراسة الحالية لسنوات أطول، إذ قد تظهَر فوارق مهمة بعد فترة أطول من المتابعة.
المصادر:
This Common Device Can Slow Cognitive Decline, Trial Shows | MedPage Today